تجددت أفراح محبي أهل بيت النبوة "عليهم السلام" في يوم العهد المعهود، والميثاق المأخوذ والجمع المشهود، يوم إكمال الدين وإتمام النعمة والتنصيب الإلهي، يوم الغدير الأغر الذي أشرقت فيه شمس الحقيقة وتجلّى نور ولاية القيم والمُثل العُليا وتحقيق العدالة الإنسانية بتتويج الوصي الأول بعد النبي الخاتم "صلّى الله عليه وآله " أميراً للمؤمنين وإماماً لهم وعَلماً هادياً للأمة، وبهذه المناسبة العظيمة والذكرى العطرة أقامت الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة حفلها البهيج في ظل الظروف الوقائية والصحية وتحقيق التباعد الاجتماعي، بحضور الأمين العام للعتبة الكاظمية المقدسة الأستاذ الدكتور حيدر حسن الشمّري، وأعضاء مجلس الإدارة الموقّر، وعدد من خدّام الإمامين الكاظمين الجوادين "عليهما السلام" .
استهل الحفل بتلاوة آيات من الذكر الحكيم شنّف بها قارئ العتبة المقدسة الدكتور رافع العامري أسماع الحاضرين، تلتها كلمة الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة وألقاها أمينها العام جاء فيها قائلاً: (حتما أن هذه البيعة تلقي على عاتقنا الكثير من المسؤوليات فهي إلزام والتزام .. وأهمها : التأسي بصاحبَي هذه الذكرى العطرة رسول الله محمد "صلّى الله عليه وآله"، وأمير المؤمنين علي "عليه السلام" ، فالرسول "صلّى الله عليه وآله" هو من دعا إلى هذا التتويج الإلهي بأمر من الله تعالى بأن الإمام علي "عليه السلام" هو من اختاره الله ليكون امتدادا للرسالة الإلهية وبه كَمُلَ الدينُ وتمت النعمة إذ قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز : (اليومَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا )، وقال النبي الأعظم محمد "صلّى الله عليه وآله": (تمام نبوتي ، وتمام دين الله في ولاية علي بعدي)، ففي هذا اليوم الشريف اكتمل الدين بإعلان الرسول الأعظم أمام الأمة الإسلامية بأن علياً ولي الله وبذلك تمت النعمة الإلهية الكبرى باكتمال الولاية الحقّة لأمير المؤمنين علي "عليه السلام" .
وأضاف: فلنجعل من عيد الغدير الأغر عيد ولاية أمير المؤمنين علي "عليه السلام" محطة سنوية لمراجعة أنفسنا وعلاقاتنا وتصرفاتنا والتزاماتنا وعهودنا وكل أعمالنا لتصحيح وتصويب مسارنا على نهج محمد وآل محمد "صلّى الله عليه وآله"، وليكن هذا اليوم يوماً لتقويم الأنفس وتنقيتها من الذنوب والدنس والآثام، ولنرتقي بها إلى ما يُليق بصاحبي الذكرى وشأنهما العظيم عند الله تعالى وعند المسلمين، ولندخل السرور على قلب النبي وآله وقائمهم "عجل الله فرجه الشريف" بأن نستغفر الله ونتوب إليه من ذنوبنا وسيئات أعمالنا وان نعاهده سبحانه وتعالى ونعاهد رسوله وآله على ان نسير على سيرة وسنة النبي وآله الطاهرين "عليهم السلام"، وان نعمل على طاعته وخدمة عباده لننال الفوز برضاه ورضا النبي وآله "عليهم السلام" ) .
بعدها ارتقى المنصة عضو مجلس الإدارة فضيلة الشيخ منير العامري وألقى محاضرة بهذه المناسبة استعرض فيها بعض الإشارات التاريخية لبيعة الغدير، مستشهداً ببعض النصوص والأحداث، كما قدم شيئاً من السيرة المباركة لأمير المؤمنين "عليه السلام"، موضحاً أن عيد بيعة الغدير هو منطلقاً لبناء الذات والمجتمع، ولا يمكن أن نجعلها تمر مروراً عابراً ليس لها تأثير على نفوسنا وسرائرنا .
وكان للشعر نصيب في الحفل المبارك حيث أجاد الشاعر عامر عزيز الأنباري بقصيدة ولائية غرّاء، كما شهد الحفل مشاركة لفرقة إنشاد العتبة المقدسة صدحت حناجر منشديها بموشحات إسلامية ترنّمت في حُبّ الوصي وآله الأطهار "عليهم السلام" .
وتعالت أصوات الحاضرين بالأهازيج الجميلة التي شارك فيها خادم الإمامين الكاظمين الرادود كرار الكاظمي الذي أضفى روح البهجة في نفوس من أحيا هذه المناسبة في هذه البقعة المقدسة .
واختتم الحفل البهيج بقراءة دعاء الفرج لإمامنا مهدي الأمم وجامع الكَلِم "عجل الله فرجه الشريف"، والدعاء لجميع المؤمنين بالخير واليمن والبركة، وأن يكشف هذه الغمة عن هذه الأمة، ويحفظ العباد والبلاد والمقدسات، والشفاء العاجل للمرضى والمصابين بوباء كورونا، ثم قراءة سورة الفاتحة المباركة ترحماً على أرواح أموات المسلمين لا سيما الشهداء الأبرار .