كلمة الأمانة العامة للعتبة الكاظمية الـمـقـدسـة
بمناسبة عيد الله الاكبر
عيد الغدير الأغر في الصحن الكاظمي الشريف
18 /ذو الحجة/ 1441 هجري الموافق 08 / 08 / 2020 ميلادي
أعوذ بالله السميع العليم من شر الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لو لا أن هدانا الله، والصلاة والسلام على من اجتباه.. محمد المصطفى وعلى آله المهديين الهداة لا سيما من قال فيه رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله وسلم): "من كنت مولاه فهذا علي مولاه"..
السلام على الإمامين الهمامين موسى بنِ جعفرٍ الكاظمِ ومحمدِ بنِ عليٍّ الجوادِ ورحمة الله وبركاته..
السلام على الإمام صاحب العصر والزمان المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه ورحمة الله وبركاته..
السادةُ الحضور.. السلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته..
إنه لمن دواعي السرور في هذا اليوم المبارك أن أرفع باسمي وباسمكم ومن هذه الرحاب الطاهرة أزكى آيات التهاني والتبريكات لمقام صاحب العصر والزمان الحجة بن الحسن المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف وإلى علمائنا الأعلام وجميع المؤمنين الموالين في العالم الإسلامي والعالم الإنساني بمناسبة عيد الغدير الأغر عيد الولاء، فالحمد لله الذي جعلنا من المتمسكين بولاية سيد الوصيين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، وهي فرصة مباركة لتجديد عهدنا وولائنا لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ونبايعه من جوار مَن نحن بخدمتهما الإمامين الكاظمين الجوادين عليهما السلام ليكونا شاهدَيْنِ علينا بعد أن بايعناه ونحن في الأصلاب وكل عام وأنتم بخير.
حتما أن هذه البيعة تلقي على عاتقنا الكثير من المسؤوليات فهي إلزام والتزام.. وأهمها: التأسي بصاحبَي هذه الذكرى العطرة رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأمير المؤمنين علي عليه السلام، فالرسول صلى الله عليه وآله وسلم هو مَن دعا إلى هذا التتويج الإلهي بأمرٍ من الله تعالى، والإمام علي عليه السلام هو مَن اختاره الله ليكون امتداداً للرسالة الإلهية وبه كَمُلَ الدينُ وتمت النعمة إذ قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز: (اليومَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)، وقال النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم: "تمام نبوّتي، وتمام دين الله في ولاية علي بعدي"، ففي هذا اليوم الشريف اكتمل الدين بإعلان الرسول الاعظم أمام الأمة الإسلامية بأنّ علياً وليّ الله وبذلك تمت النعمة الإلهية الكبرى باكتمال الولاية الحقة لأمير المؤمنين علي عليه السلام.
أيها الإخوة الأعزاء، علينا جميعا أن نكون بمستوى هذه المناسبة الشريفة وأشرافها، وأن نحاول أن نرتقي إلى مقام من اجتمعنا للاحتفاء بتتويجه بالولاية.. فأمير المؤمنين عليه السلام كان مثالا للعدل والرحمة، والاستقامة والحق، والعبادة والزهد، والورع والتقى، والشجاعة والإقدام، ونصرة الحق ومحاربة الباطل وكل أنواع الفساد، ورعايته للأرامل والأيتام.
فعندما نحاول إرساء سيرة عليّ عليه السلام وانعكاسها على سلوكنا كلّما اقتربنا من الواقع العَلَوي أكثر، وبالتالي نعزّز المفهوم الحقيقي للتمسك بولاية أميرالمؤمنين عليه السلام، علينا أن نجعل هذه المناسبة محطة لمراجعة النفس وأن ننصره من خلال الاقتداء به وأن لا نخذله بسيئات أعمالنا وبعدم التمسك بنهجه القويم الذي هو نهج النبي الأكرم ذاته ولنضع نصب أعيننا دعاء النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم في يوم غدير خم عندما قال: (ألا من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله).
جعلنا الله وإياكم وكل المؤمنين والمنصفين من أبناء الإنسانية جمعاء من السالكين لنهج النبي محمد المختار صلى الله عليه وآله وسلم وهو ذات نهج أخيه وابن عمه وصهره أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام الذي قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعلي : (أنت وشيعتك تَرِدون عليّ الحوض رواة مرويين مبيضة وجوهكم).
ولله در الشاعر حينما قال:
ومَدَدْتُ كفِّي نحو حَوضِكَ أنتَ لي ... - لِجلاءِ هَمِّي- شافِعٌ ومُشَفَّعُ
يا ساقياً قتَّالَهُ اللبَنَ، اسقِني ... لا لن أخيبَ وحَوضُ جُودِكَ مُترَعُ
سأظَلُّ أهتِفُ يا "عليٌ" كُلَّما ... جَثتِ الخُطوبُ على دُروبيَ تَقبَعُ
وأظَلُّ بينَ عِداكَ أشْنَأُ بغيَهم ... وأَصُفُّ مَدْحَكَ لُؤْلُؤاً يتَرَصَّعُ
أكَل التُرابُ الشانِئِينَ وحِقدَهم ... و"أبو تُرابٍ" مجدُهُ يتَرعرعُ
إن علياً هو نفس رسول الله وخير الخلق من بعده هو وولده الأئمة الاطهار عليهم السلام والذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حديث المنزلة : ”ياعلي انت مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي".
ونؤكد أن نهج الإمام علي عليه السلام هو نفس نهج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فعلى كل مَن يدّعي أنه ينتسب إلى هذا النهج وقائده وإنه من شيعة علي عليه السلام عليه لزاماً أن يكون له زَيناً ولا يكون عليه شَيناً، وأن يتمسك بتعاليم الدين الإسلامي الحنيف تمسكا عاليا ومتميزا وخالصا وصادقا قولا وعملا وأن يحفظ حرمة الإسلام والمسلمين الخلَّص ويبذل الغالي والنفيس لتعزيز وحدة المسلمين ورص صفوفهم ضد كل من يريد بالإسلام والمسلمين سوءاً باعتبارهم كالجسد الواحد، وأن ينبذ الفتن والطائفية والتفرقة والتكفير لكل من ينتسب إلى أمة النبي الخاتم محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ويشهد الشهادتين بأن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وأن نحسّن العلاقة فيما بيننا وبين ربنا سبحانه وتعالى، وفيما بيننا وبين بعضنا من أمة الإسلام وكذلك فيما بيننا وبين الأمم الأخرى وأن نجتهد في التقوى وإطاعة الله ورسوله وآله عليهم السلام وكما قال عز من قائل : بسم الله الرحمن الرحيم (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) صدق الله العلي العظيم.
فلنجعل من عيد الغدير الأغر عيد ولاية أمير المؤمنين علي عليه السلام يوماً للتآخي بين كل المسلمين والإنسانية ومحطة سنوية لمراجعة أنفسنا وعلاقاتنا وتصرفاتنا والتزاماتنا وعهودنا وكل أعمالنا لتصحيح وتصويب مسارنا على نهج محمد وآل محمد صلى الله عليه وآله، وليكن هذا اليوم يوماً لتقويم الأنفس وتنقيتها من الذنوب والدنس والآثام ولنرتقي بها إلى ما يليق بصاحبَي الذكرى وشأنهما العظيم عند الله تعالى وعند المسلمين، ولندخل السرور على قلب النبي وآله وقائمهم عجل الله تعالى فرجه الشريف بأن نستغفر الله ونتوب إليه من ذنوبنا وسيئات أعمالنا وأن نعاهده سبحانه وتعالى ونعاهد رسوله وآله على أن نتمسك بالثقلين كتاب الله وعترة نبيه فإنهما لن يفترقا كما جاء في الحديث النبوي الشريف "إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا، ولن يفترقا حتى يَرِدا عليّ الحوضَ" وأن نحفظ ونحيي سُنّة النبي وآله الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين، ونعمل بها طاعةً لله تعالى ولرسوله وآله وخدمةً لعباده لننال الفوز برضاه ورضا النبي وآله صلوات الله عليهم أجمعين.
ولله در الشاعر إبراهيم بن أحمد بن محمد الحضراني اليمني حينما قال:
لاعذّب الله امي انها شربت .... حب الوصي وغذتنيه باللبن ِ
وكان لي والد يهوى ابا حسن .... فصرت من ذي وذا اهوى ابا حسن ِ
نفسي بحب علي المرتضى طربت .... والناس من فرط اخلاصي له عجبت
رضعت ثدي الولاء من حرة ٍ نجبت .... لاعذب الله امي انها شربت
حب الوصي وغذتنيه باللبن ِ..
الحمد لله في سر وفي علنِ .... وكم حقوق لها عندي ومن منن ِ
طابت وطبتُ فيا لله من لبنِ .... وكان لي والد يهوى ابا حسن ِ
فصرت من ذي وذا اهوى ابا حسنِ
نسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم وكل المسلمين لخدمة النبي محمد المصطفى والامام علي المرتضى واهل بيت النبوة وموضع الرسالة ومختلف الملائكة في هذه البقعة المباركة وكل البقاع المقدسة وأن يعجل فرج إمامنا صاحب العصر والزمان ارواحنا لتراب مقدمه الفداء
اللهم صل على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين أئمة المسلمين خاصة والإنسانية عامة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام والسيدة فاطمة الزهراء عليها السلام والإمام الحسن المجتبى عليه السلام والإمام الحسين سيد الشهداء عليه السلام والإمام علي السجاد عليه السلام والإمام محمد الباقر عليه السلام والإمام جعفر الصادق عليه السلام والإمام موسى الكاظم عليه السلام والإمام علي الرضا عليه السلام والإمام محمد الجواد عليه السلام والإمام علي الهادي عليه السلام والإمام الحسن العسكري عليه السلام والإمام الحجة المنتظر المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف.
اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة من ساعات الليل والنهار وليا وحافظا وقائدا وناصرا ودليلا وعينا حتى تسكنه أرضك طوعا وتمتعه فيها طويلا برحمتك يا أرحم الراحمين.
حفظ الله العراق ارضاً وشعباً وعِرضاَ ومقدساتٍ وسائر بلاد المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها من كل سوء ومن كل بلاء ووباء إنه سميع مجيب الدعاء والحمد لله أولاً وآخر والصلاة والسلام على رسوله وآله أبداً ونسالكم الدعاء والسلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته.