المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


نقد الشعر  
  
3031   01:37 مساءً   التاريخ: 23-3-2018
المؤلف : د. عبد الرسول الغفاري
الكتاب أو المصدر : النقد الأدبي بين النظرية والتطبيق
الجزء والصفحة : ص: 131-134
القسم : الأدب الــعربــي / النقد / النقد القديم /

 

الأديب الناقد أبي الفرج قدامة بن جعفر.

عاش قدامة في النصف الثاني من القرن الثالث الهجري ونبغ في هذه الفترة وتوفي في العقد الثالث من القرن الرابع، وقيل كانت وفاته عام 310 هـ

أوّل ما يطالعنا قدامة في كتابه ((نقد الشعر)) هي المقدمة التي وضعها ليقسّم الشعر ومكوناته " فجعله محصوراً في أقسام خمسة هي:

قسم يُنسب الى علم عروض الشعر ووزنه.

قسم ينسب إلى علم قوافي الشعر ومقاطعه.

قسم ينسب إلى علم غريب الشعر ولغته.

قسم ينسب إلى علم معاني الشعر وما قصد به.

قسم يُنسب إلى علم جيد الشعر ورديئه.

ثم يؤكد عمل الادباء ومن سبقه من نقاد وشعراء ونحاة في تصنيفهم للأقسام الاربعة، اما قسم النقد والذي جعله في القسم الخامس، وهو القسم الذي ينسب الى علم جيد الشعر ورديئه، فيقول:

ولم أجد احداً وضع في نقد الشعر وتخليص جيده من رديئه كتاباً، وكان الكلام عندي في هذا القسم أولى بالشعر من سائر الأقسام المعدودة...

ثم يقول:... فأما علم جيد الشعر ورديئه فان الناس يخيطون في ذلك منذ تفقهوا في العلوم، فقليلاً ما يصيبون، ولما وجدت الأمر على ذلك تبينت أن الكلام في هذا الأمر أخص بالشعر من سائر الاسباب الأخر وأن الناس قد قصروا في وضع كتاب فيه.. رأيت أن اتكلّم في ذلك بما يبلغه الوسع.. (1).

أقول وقد تقدم ان ذلك وهم من قدامة اذ سبقه الى التصنيف في النقد الأصمعي  المتوفى عام 216 هـ وكتابه فحولة الشعراء.

ثم انك تجد بعض هذه الأقسام الخمسة متداخلة بعضها في البعض الآخر؟ فالعلم بالشعر لا يحتاج الى هذه التقسيمات، فالقسم الأول والثاني من مختصات علم العروض والقافية، وان الخليل بن أحمد الفراهيدي قد وضع اسسه وقواعده وهو مبتكر علم العروض والأوزان بلا منازع.

ولو تجاوزنا هذه النكتة، فسوف نجد ان قدامة ربط تلك الأقسام بعلوم لها طابعها الادبي كالنحو واللغة والبلاغة، فالقسم الثالث- مثلاً- من مختصات علم النحو واللغة، والقسم الرابع مرتبط بعلم البلاغة، فمن السمات البارزة لكتاب نقد الشعر:

أولاً: الاهتمام بعناصر الشكل المرتبطة بالنحو واللغة والبلاغة، والدراسات البلاغية، وقد لا يختلف عمن سبقه وبالخصوص ما يرتبط بالبلاغة إذ كان لها الاثر العميق في ارساء قواعد النقد الأدبي.

ثانياً: عرّف الشعر أنه قول موزون مقفّى يدل على معنى، ثم جعل هذا صِناعة لها طرفان، احدها يمثل الجودة والحسن والبراعة، والطرف الآخر يمثل منتهى الرداءة، ثم بين هذين الطرفين وسائط متعددة، وعلى موجب هذا التقسيم يتميّز الشاعر الحذق عن غيره.

ويبدو أن قدامة بن جعفر لا يرى للشعر من ملكة وموهبة، بل جعلها صناعة، وكما تعلم ان الصناعة مكتسبة. بينما قول الشعر الجيد العذب ما كان صادراً عن طبع والهام، امّا الصناعة فغالباً تقرن بالتكلّف.

ثالثاً: تأثّر قدامة بالفلسفة والمنطق، مما ساقه الى استعمال مصطلحات من تلك المعارف اليونانية، فهو يستعمل الحد والجنس والفصل، ويعرّف الانسان انه حيوان ناطق ميت، ويختار في حد الانسان الموت أو بمعنى قبول بطلان الحركة... واشباه ذلك.

هذه الالفاظ والمصطلحات لا تغرب عن البال من انها من بحوث الفلسفة، وقد اقحمها قدامة في نقده.

رابعاً: جعل حدود الشعر اربعة، اللفظ والمعنى والوزن والقافية. ثم صاغ من هذه الحدود أضرباً ومن تلك الأضرب استخلص اجناس الشعر وقد جنح الى التأليف بين تلك الحدود لاستخلاص بعض اجناس الشعر، فقد جعل اللفظ والمعنى والوزن في إئتلاف واحد، بينما جعل القافية وحدها إذْ لم يجد لها ما يناسبها فتأتلف معه، ثم جعل الوزن مأخوذاً في جميع لفظ الشعر الدال على معنى، اما القافية فشيء عرضي على حد تعبيره، لذا لا تأتلف مع غيرها من الحدود، ثم لخّص فكرته- في حد الائتلاف فيما بين الحدود- في أربعة أقسام هي:

ائتلاف اللفظ مع المعنى.

ائتلاف اللفظ مع الوزن.

ائتلاف المعنى مع الوزن.

ائتلاف المعنى مع القافية.

وهذا القسم- الرابع- أوعز الائتلاف فيه الى المعنى- فحسب- دون ائتلاف القافية، وهذا مما يؤاخذ عليه.

وقد استخلص من هذا التقسيم ثمانية اجناس للشعر، وعليه فان جودة الشعر انما اذا توفرت صفات المدح في كل واحد من هذا الائتلاف. واذا عيب في واحد منها أو أكثر خرج من حد الجودة الى الرداءة، وبين ذلك مراتب تعدو وراء العيوب، فما زادت عيوبه فهو الى الرداءة أقرب، وما زادت صفات المدح فيه فهو الى الجودة أقرب.

خامساً: تأثّر قدامة بكتاب فن الشعر لأرسطو.

سادساً: يُعد كتابه "نقد الشعر" من المصادر المهمة في البلاغة والنقد، وقد تأثر به معاصروه كما استفاد منه المتأخرون. وعلى سبيل المثال- لا الحصر- تأثر به أبو هلال العسكري وابن رشيق القيرواني، وابن سنان الخفاجي.

سابعاً: اولى المصنف اهتمامه بالأجناس الثمانية فبدا أوّلاً بنعت اللفظ، ثم نعت الوزن، ثم نعت القوافي، ثم باب المعاني الدال عليها الشعر.

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مقدمة نقد الشعر.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.