أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-4-2016
2329
التاريخ: 10-4-2016
1546
التاريخ: 6-8-2017
8474
التاريخ: 8-4-2016
4661
|
هي مواد يتعاطاها الانسان فتؤدي الى حالة نوم عميق تستمر فترة لا تتجاوز العشرين دقيقة ثم تعقبها اليقظة ويبقى الجانب الادراكي سليماً فترة التخدير على الرغم من فقد الانسان القدرة على الاختيار والتحكم الارادي مما يجعله اكثر قابلية للايحاء ورغبة في المصارحة والتعبير عن مشاعره الداخلية(1) وتسمى هذه الطريقة من طرق التخدير بالتحليل العقاري وهو الاسم الشائع لما يسمى بـ (مصل الحقيقة)(2) ، وكثيراً من هذه العقاقير يستعمل في علاج الاضطرابات العقلية ولكن قلة منها هي يمكن ان تولد في الشخص الحالة التي تعين على استخراج الحقيقة من المتهم عند الاستجواب(3) ، فضلاً عن ان استجابة الاشخاص لهذه العقاقير على درجات متفاوتة وليست على نمط واحد فقد دلت التجارب على انه حينما يستجيب بعض الاشخاص لتلك العقاقير بسهولة وتكتسي المعلومات التي يفضون بها بالحقيقة فان بعضهم الاخر ولا سيما من اعتاد الكذب يبقى دائماً قادراً عليه رغم وقوعه تحت تأثير العقار(4). اذن فطريقة التخدير بالتحليل العقاري او مصل الحقيقة هي نمط خاص من التحليل النفسي تستخدم فيه العقاقير المخدرة في سبيل اكتشاف العالم الذاتي الفردي للحصول على بيانات تطابق الحقيقة ماكان الشخص المستجوب ليدلي بها او يقررها لو لم يستعمل معه المخدر(5).
وعليه فقد ثار خلاف في الفقه حول مشروعية استعمال العقاقير المخدرة في التحقيق الجنائي بين مؤيد ومعارض لاستعماله فبعضهم(6) يؤيد امكانية استعماله في حالات معينة خاصة ، اذ ان تحقيق العدالة يعد من اهم المسائل التي تهدف اليها الخصومة الجنائية ، ونظرا الى خطورة هذا الاجراء يتضح ان انصار الاتجاه المؤيد قد حددوا الحالات التي يجوز فيها اللجوء الى هذه الوسيلة وهي : حالة الجرائم الخطرة التي تتقدم فيها مصلحة المجتمع على مصلحة الفرد كجرائم الاغتيال وقطع الطريق والقتل والحريق … الخ ، شريطة الا يكون هدف المحقق من استجواب المتهم الحصول على اعتراف بالادانة وهو تحت تأثير المخدر(7) وبمعنى آخر يجب الا يلجأ اليه الا في حالات الضرورة ولا يطلق للجهة القائمة على استخدامه الحرية المطلقة في ذلك انما يلزم ان يصرح بذلك بمقتضى قرار مسبب يقبل الطعن به امام جهة قضائية وان يقوم به خبير متخصص وذلك في حضور قاضي التحقيق او عضو النيابة العامة او محامي المتهم(8). كما يجيز الاتجاه المؤيد اللجوء الى استعمال العقاقير المخدرة اذا كان استعمال المخدر بقصد التشخيص(9) وخصوصاً للتعرف ما اذا كان في حالة عضوية او نفسية او حالة تصنع بمعنى انه لا يقصد من التحليل الحصول على اعتراف المتهم بل يدون في التقرير نتائج التشخيص دون سائر الاسرار والاعترافات التي توصل اليها(10) فاستخدام المخدر على حد تعبير الاتجاه المؤيد لايختلف في شيء عن مجرد آخذ عينة من الدم لفحصها ، او استعمال الموجات الكهربائية للمخ او الدق على الجسم لاختبار الاعصاب ، فكلها اجراءات يجوز اللجوء اليها ولم ينازع احد في تقرير مشروعيتها (11)ويضيف مؤيدو استخدام العقاقير المخدرة - فضلاً عن ما تقدم - العديد من الحجج نورد اهمها بالاتي :
1 – ان استخدام العقار المخدر لايترتب عليه دائما المساس بحرية الشخص وحقوقه اذا ما قورن بالضغط النفسي الذي يوقعه المحقق على المتهم عادة ابتداءاً من استقدامه والقبض عليه الى حين احالته الى المحاكمة (12).
2 – ان استخدام العقار المخدر لغرض استجواب المتهم لم يعد هدفه قاصراً على البحث عن ادلة الاتهام بل يتعداه الى مساعدة المتهم في تأكيد براءته فالاستجواب ليس وسيلة ادانة فحسب بل هو اساساً وسيلة دفاع ، فالمتهم بريء يجب ان تتاح له فرصة لاثبات براءته بكل الطرق المشروعة ، ويعد اجحافا بحقه منعه من اللجؤ الى وسائل البحث العلمي الحديثة التي توفر له هذه الحماية فلا يوجد ما يحول دون بلوغه هذه الغاية استناداً الى عدم وجود نص قانوني يسمح بذلك اذ ان التحليل العقاري يتساوى مع الوسائل الطبية الحديثة التي تساعد في البحث الفني المعترف بشرعيتها دون حاجة الى نص قانوني يقررها صراحة(13).
3 – ان استخدام العقار المخدر له اهميته بالنسبة الى المتهم نفسه لما تكشف عنه من اضطرابات نفسية وعضوية مما يؤدي الى معرفة البواعث على اقتراف الجريمة ومن ثم يكون من الميسور تحديد مسؤوليته(14).
4 - كما يرى انصار هذا الاتجاه انه يمكن الالتجاء الى هذه الوسيلة دون حاجة لاخذ موافقة المتهم ، انطلاقاً من مبدأ تغليب مصلحة المجتمع على مصلحة الافراد خصوصاً اننا في عصر يشهد تطوراً هائلاً في كل مجالات العلم والتكنولوجيا ، وان الوسائل العلمية الحديثة التي يستفيد منها المجرمون في ارتكاب جرائمهم يجب ان يقابلها حق المجتمع في ان يستفيد هو ايضاً من نتائج التطور العلمي بما يحقق آمن المجتمع واستقراره(15). ويجد الاتجاه المؤيد لاستخدام العقار المخدر تأييداً لدى بعض الفقهاء المصريين(16) شريطة ان يتم الحصول على موافقة المتهم بذلك دون حاجة الى النص يضفي عليه صفة الشرعية لان القانون لم يذكر اجراءات جمع الادلة او الاستدلال على سبيل الحصر بل ترك للمحقق تقدير مناسبة مايرى القيام به منها في ضوء الظروف ووفقا لما تقضي به مصلحة الدعوى ويعزز بعضهم الاخر(17) ذلك قائلاً : انه اذا رضي المتهم بالاجراء رضاء صحيحا عالما بالموضوع قياسا على الرضاء بالتفتيش فانه بذلك يكون قد تنازل عن الضمانات المقررة لمصلحته بمحض ارادته ومن ثم ليس هناك ما يمنع من استخدام هذه الوسيلة . ونخلص مما تقدم ان مؤيدي استخدام العقاقير المخدرة في الاثبات الجنائي لا يجعلون ذلك حلاً من كل قيد وشرط ، وانما يضعون مجموعة من الشروط والضمانات التي تكفل صون الحرية الشخصية للفرد وحماية حقوقهم في الدفاع.
اما الاتجاه المعارض في الفقه(18) فيرى ان استخدام العقاقير المخدرة في مجال الاثبات الجنائي اجراء غير مشروع لانه غير قانوني حتى لو تم برضاء المتهم باعتبار ان الشرعية لا تكتسب من رضاء المتهم بالاجراء وانما تكتسب من نص المشرع عليها ، ومن جهة ثانية يعد استخدام العقاقير المخدرة ضرباً من ضروب الاكراه المادي لما ينطوي عليه من اعتداء على حرية العقل الباطن للمتهم وشل لحريته في الدفاع ولاسيما ان الابحاث الطبية الحديثة اكدت خطورة هذه المواد على جسم الانسان وعلى سلامته الجسدية(19). ومن جهة ثالثة يرى الاتجاه المعارض لاستخدام العقاقير المخدرة في الاثبات الجنائي ان استخدام هذه الوسيلة يشكل اعتداء على الحقوق الانسانية الاساسية التي ضمنتها وثيقة حقوق الانسان وكذلك معظم الدساتير في دول العالم التي نصت على ان لكل فرد الحق في الحياة والحرية والامن ولايجوز اخضاعه للتعذيب ويبقى المتهم بريئاً حتى تثبت ادانته في دعوى عامة تكون له فيها كل الضمانات الضرورية للدفاع عنه(20) لذلك يرى مؤيدو الاتجاه المعارض انه لا جدال في عدم مشروعية هذا الاجراء في اية مرحلة من مراحل التحقيق سواء تم ذلك بموافقة الشخص المستجوب ام دون موافقته وسواء استخدم مع المتهم ام مع الشاهد(21) وينبغي التنويه بان هذه الوسيلة لم تستخدم في الاقطار العربية ومنها العراق في مجال التحقيق الجنائي(22) ولكن في تقديرنا المتواضع نرى امكانية استخدام العقار المخدر لا بصفته وسيلة لاستكشاف الحقيقة في مسائل الاثبات الجنائي بل بوصفه وسيلة علاجية مشروعة تساعد على التشخيص الطبي الفني لمعرفة ما اذا كان المتهم يخفي مرضا نفسيا ام عقليا ام لا .
________________
1- ينظر: د. أمال عبد الرحيم عثمان ، الخبرة في المسائل الجنائية ، مصدر سابق ، ص162.
2- ينظر: حسن علي حسن السمني ، شرعية الادلة المستمدة من الوسائل العلمية ، مصدر سابق ، ص298.
3- ينظر: محمد صالح عثمان ، عقاقير الحقيقة ، مجلة الامن العام ، العدد (59) ، القاهرة ، 1965) ،
ص79 ومابعدها.
4- ينظر: سامي حمدان ، مصدر سابق ، ص153 .
5- ينظر: د . فريد القاضي ، الاستجواب اللاشعوري ، المجلة الجنائية القومية ، المجلد الثاني ، العدد (3)،
القاهرة ، 1965) ، ص515.
6- ينظر: د. ممدوح خليل ، مصدر سابق ، ص497 ، وكذلك د. قدري عبد الفتاح الشهاوي ، مصدر سابق،
ص188 وما بعدها .
7- ينظر: سامي حمدان ، مصدر سابق ، ص154 .
8- ينظر: د. ممدوح خليل ، مصدر سابق ، ص497.
9- ففي فرنسا شكلت الجمعية الفرنسية للطب الشرعي عام 1945م ، لجنة برئاسة (هوجني Hugny) لدراسة
مدى مشروعية استخدام العقاقير المخدرة في مجال الطب الشرعي ، وانتهت الى جواز استخدامها في هذا
المجال لتحقيق اهداف طبية بحتة .
ينظر: محمد فالح حسن ، مشروعية استخدام الوسائل العلمية الحديثة في الاثبات الجنائي ، دراسة مقارنة،
رسالة ماجستير مقدمة الى كلية القانون في جامعة بغداد ، 1978م ، ص89 – 90.
10- ينظر: د. ممدوح خليل ، مصدر سابق ، ص498.
11- ينظر: د. سامي صادق الملا ، اعتراف المتهم ، ط(2) ، المطبعة العالمية ، القاهرة ، 1975 م ،ص185 .
12- ينظر: د. ممدوح خليل ، مصدر سابق ، ص499.
13- ينظر: د. محمد سامي النبراوي ، استجواب المتهم ، رسالة دكتوراه منشورة ، دار النهضة العربية، القاهرة، 68 –1969 م ، ص473.
14- ينظر: د. ممدوح خليل ، مصدر سابق ، 499 .
15- ينظر: محمد فالح حسن ، مصدر سابق ، ص99.
16- ينظر: د. محمد سامي النبراوي ، مصدر سابق ، ص478.
17 - ينظر: د. محمود محمود مصطفى ، الاثبات في المواد الجنائية ، ج(1) دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1977م ، ص90.
18 - ينظر: رأي الفقيه (مانزيني Manzini) وقد اشار اليه د. محمد ابراهيم زيد ، مشروعية استخدام الاساليب
الفنية الحديثة ، مجلة الامن العام ، العدد (54) ، القاهرة ، 1971) ، ص78 . وينظر كذلك : د. محمود
محمود مصطفى ، شرح قانون الاجراءات الجنائية ، مصدر سابق ، ص300.
19 - ينظر: د. ممدوح خليل ، مصدر سابق ، ص502، وينظر كذلك : د. سامي صادق الملا ، مصدر سابق ،
ص180 .
20 - ينظر: المادة (43) من الدستور المصري ، وكذلك المادة (22/أ) من الدستور العراقي المؤقت لسنة 1970م. كما اكدت ذلك المؤتمرات الدولية والحلقات الدراسية واهمها المؤتمر الدولي للطب الشرعي الذي انعقد في بلدودان عام 1945م والمؤتمر الدولي للطب الشرعي والاجتماعي الذي عقد في بلجيكا عام 1947م والحلقة الدراسية التي عقدت في فينا عام 1960م اكدت رفض فكرة استخدام العقاقير المخدرة في مجال الخبرة القضائية لما فيها من اعتداء على حرية المتهم كما تعد شكلا من اشكال الاكراه ، فضلا عن ماتشكله من ضرر يمس سلامة الجسد والنفس ، ينظر : محمد فالح حسن ، مشروعية استخدام الوسائل العلمية الحديثة في الاثبات الجنائي ، مصدر سابق ، ص89 ومابعدها
21- ينظر : المادة (126، 127) اصولية عراقي
22- ينظر : د. سامي النصراوي ، دراسة في اصول المحاكمات الجزائية ، ج(1) مطبعة دار السلام ، بغداد ، 1976م ، ص450.
وكذلك عبد الامير العكيلي ، اصول المحاكمات الجنائية في قانون اصول المحاكمات الجزائية ج(1) ، ط(1) ، مطبعة المعارف ، بغداد ، 1975م ، ص405.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
أولياء أمور الطلبة يشيدون بمبادرة العتبة العباسية بتكريم الأوائل في المراحل المنتهية
|
|
|