كان الفينيقيون هم الرواد في ذلك، وهم شعب من التجار كانوا يرحلون في كل الاتجاهات برا وبحرا يبيعون ويشترون المنتجات التي كان يعرفها العالم القديم اذ ذاك وبقدرها، وربما قام هيرودوت برحلاته الشهيرة بقصد وهي انه برئ اتجهت اليه وارتادته، وبدا انطلاقهم حول عام 1200ق.م.

ومن مراكزهم على ساحل الشام (فينيقيا) ومن أهمها تاير، سيدون، بيلوس، ارقاد وكانت المراكز الرئيسية للتجارة في العالم ارتحلوا الى انحاء البحر المتوسط خاصة الحوض الغربي واسسوا قرطاجنة عام 840ق.م. وهم لم يستقروا او يزرعوا الأرض كنشاط أساسي كما فعل الاغريق والاتروسكان حيث كانت التجارة بالنسبة لهم لها الأولوية وكان الزراعة واجب العبيد, وقد احتفظوا بأسرار المنابع البعيدة لثرواتهم.

ويقال انهم يتولون تجارة الكهرمان الذي كان يجلبه التجار الاوربيون من شواطئ البحر البلطي، وكذلك القصدير من كورنوال، والذهب وغيره من الهدايا التي كانت تجلب للملك سليمان في القرن العاشر السابق على الميلاد من مناطق غير معروفة لابد وان كانت تقع الى الجنوب في مكان ما من افريقيا, حيث كانوا يهتمون بطرق القوافل الافريقية عبر الصحراء الى ثنية النيجر.

ومع انتشارهم بنوا مدنا على سواحل افريقيا، وغرب صقلية وعلى جزيرة سردينيا ووصلوا جنوب غرب إنجلترا وايبيريا وساحل شمال غرب افريقيا بعدما عبروا مضيق جبل طارق, وكان اهم مراكزهم في ايبيريا - جاديس, وابحر اسطول لهم بقيادة هانو على سواحل غرب افريقيا لمسافة تزيد عن المسافة بين قرطاجنة واعمدة هرقل، وشاهد مجموعة من الأنهار والبحيرات والجبال ومناطق للغابات وعديدا من الجماعات الغربية.

ومن المرجح ان الرحلة ارتادت مناطق من غرب افريقيا هي راس كانتين - جزيرة ارجون - نهر السنغال - مصب جامبيا - خليج بيساجو - جبل ساجرس - جزيرة شيريرو, وكانت لهم رحلاتهم مع مصر والبحر الأحمر والمحيط الهندي والهند. وأشار (هيرودوت) الى رحلة قام بها الفينيقيون حول افريقيا في عهد الملك تخاو (600ق.م) من الشرق الى الغرب وعادوا سالمين عن طريق أعمدة هرقل بعد ثلاث سنوات. ولم تتم رحلات مماثلة حتى أيام فاسكوا دي جاما في أواخر القرن 15 للميلاد.