أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-8-2017
1367
التاريخ: 22-8-2017
1338
التاريخ: 15-12-2017
2681
التاريخ: 22-8-2017
1071
|
روي أنه لما حج سليمان بن عبد الملك في ولاية عهده ، ودخل المدينة زائراً لقبر رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ومعه ابن شهاب الزهري ، فأقام بها ثلاثة أيام فقال : أما ههنا رجل ممن أدرك أصحاب رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)؟؛ فقيل له : بلى ههنا رجل يقال له ابو حازم.
فبعث اليه فجاءة وهو أقور أعرج.
فدخل عليه فوقف منتظراً للإذن ، فلما طال عليه الإذن وضع عصبته ثم جلس.
فلما نظر اليه سليمان ازدرته عينه ، فقال له : يا ابا حازم ما هذا الجفاء الذي ظهر منك ، وأنت توصف برؤية أصحاب رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) مع فضل ودين تذكر به.
فقال ابو حازم : وأي جفاء رأيت مني يا أمير المؤمنين؟
فقال سليمان : انه اتاني وجوه اهل المدينة وعلماؤها وخيارها وانت معدود فيهم ، ولم تأتني!.
فقال ابو حازم : أعيذك بالله أن تقول ما لم يكن ، ما جرى بيني وبينك معرفة آتيك عليها.
قال سليمان : صدق الشيخ ...
ثم قال : يا ابا حازم : ما لنا نكره الموت؟!؛ فقال ابو حازم : لأنكم اخربتم آخرتكم وعمرتم دنياكم ، فأنتم تكرهون النقلة من العمران الى الخراب.
قال سليمان : صدقت يا ابا حازم.
فكيف القدوم على الاخرة؟
قال : نعم ، اما المحسن فانه يقدم على الاخرة كالغائب يقدم على اهله من سفر بعيد ، واما قدوم المسيء فكالعبد الآبق يؤخذ فيشد كتافه ، فيؤتى به الى سيد فظ غليظ ؛ فإن شاء عفا وإن شاء عذب.
فبكى سليمان بكاء شديداً وبكى من حوله ، ثم قال : ليت شعري ما لنا عند الله يا ابا حازم؟
فقال : اعرِض نفسك على كتاب الله ، فإنك تعلم ما لك عند الله.
قال سليمان : يا أبا حازم ، وأين أصيب تلك المعرفة في كتاب الله؟
قال : عند قوله تعالى: { إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ } [الانفطار : 13، 14].
قال سليمان : يا ابا حازم ، فأين رحمة الله؟
قال : رحمة الله قريبة من المحسنين.
قال سليمان : يا ابا حازم ، من اعقل الناس؟
قال : اعقل الناس من تعلم العلم والحكمة وعلّمها الناس.
قال سليمان : فمن احق الناس؟
قال : من حط في هوى رجل وهو ظالم ، فباع آخرته بدنيا غيره.
قال سليمان : فما اسمع الدعاء؟
قال : دعاء الخائفين القانتين.
قال سليمان : فما ازكى الصدقة عند الله؟
قال : جهد المقل.
قال : فما تقول فيما ابتلينا به؟
قال ابو حازم : اعفنا عن هذا وعن الكلام فيه اصلحك الله.
قال سليمان : نصيحة تلقيها
فقال : ما اقول في سلطان استولى عنوة بلا مشورة من المؤمنين ، ولا إجماع من المسلمين ، فسفكت فيه الدماء الحرام ، وقطّعت به الارحام ، وعطلت به الحدود، ونكثت به العهود ، وكل ذلك على تنفيذ الطينة ، والجمع لمتاع الدنيا المشينة.
ثم لم يلبثوا ان ارتحلوا عنها ، فيا ليت شعري ما تقولون وماذا يقال لكم؟!
قال سليمان : فكيف لنا يا ابا حازم ان نصلح ما فسد منا ؟
فقال : المأخذ في ذلك قريب يسير يا امير المؤمنين.
فاستوى سليمان جالسا من اتكائه ، فقال : كيف ذلك؟
قال : تأخذ المال من حله ، وتضعه في اهله ، وتكف الأكف عما نهيت ، وتمضيا فيما امرت به.
قال سليمان: ومن يطيق ذلكم يا ابا حازم؟!
فقال : من هرب من النار الى الجنة ، ونبذ سوء العادة الى خير العبادة.
فقال سليمان: اصحبنا يا ابا حازم ، وتوجه معنا تصب منا ونصب منك ؛ قال أبو حازم : أعوذ بالله من ذلك.
قال سليمان : ولِمَ يا ابا حازم؟
قال : اخاف ان اركن الى الذين ظلموا ، فيذيقني الله ضعف الحياة وضعف الممات.
فقال سليمان : فتزورنا يا ابا حازم؟
قال : إنا عهدنا الملوك يأتون الى العلماء ، ولم يكن العلماء يأتون الملوك ، فصار في ذلك صلاح الفريقين.
ثم صرنا الآن في زمان صار العلماء يأتون الملوك والملوك تقعد عن العلماء، فصار في ذلك فساد الفريقين جميعاً.
قال سليمان : فأوصنا يا ابا حازم واوجز ؛ قال : اتق الله ، ان لا يراك حيث نهاك ، ولا يفقدك حيث امرك.
فقال سليمان بن عبد الملك : هاتِ يا غلام الف دينار ، فأتاه بها.
فقال : خذها يا ابا حازم ؛ فقال : لا حاجة لي بها ، لأني وغيري في هذا المال سواء ، فإن سويت بيننا وعدلت أخذت ، وإلا فلا ؛ لأني أخاف ان يكون ذلك ثمناً لما سمعت من كلامي.
فأعجب سليمان بأمره عجباً شديداً.
فقال بعض جلسائه : يا امير المؤمنين ، ان الناس كلهم مثله.
قال : لا (1).
_________________
(1) العقد الفريد : ج2، ص107.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|