أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-5-2016
4731
التاريخ: 18-8-2021
2721
التاريخ: 5-11-2021
5756
التاريخ: 2024-08-11
397
|
الأصل أن جميع الحقوق الشخصية مدنية كانت أم تجارية قابلة للحوالة، سواء كان محلها مبلغا من النقود، أم أشياء مثلية، لأن حوالة الحق محلها حق الدائن وهذا الحق ينتقل بالحوالة، من الدائن الأصلي إلى الدائن الجديد (1) وبذلك فالحقوق الشخصية تقبل الحوالة، سواء كانت بسيطة أم موصوفة، بشرط أو بأجل، وسواء كانت مقررة أم حاضرة، أم مستقبلية متوقعه الحصول، ومن الأمثلة على حوالة الحقوق المستقبلية، متوقعة الحصول، "الاستحقاق في ريع الوقف، قبل حلول الموسم (2)، أو ايراد عقار مستقبل، شريطة أن تكون الغلة متحصلة في يد المتولي وإلا فلا تقبل الحوالة بدون ذلك . ولا تصح (3) ويجوز أن يكون محل الحوالة حقا شخصيا، ولا يجوز إن كان عينيا، ولتوضيح ذلك أبين مفهوم كل من الحقين وطبيعته.
أولا: الحق العيني: سلطة مباشرة لشخص ما، على شيء معين، يمنحه القانون سلطة وصلاحية التصرف بهذا الشيء ويقسم هذا الحق إلى:
1- حق عيني أصلي: ويمثل له بحق الملكية وحق التصرف في العقار على وجه الخصوص، ويتميز هذا الحق بأنه لا يستند في وجوده أو بقائه إلى حق آخر، يترتب عليه، بل يوجد هذا الحق مستقلا بذاته.
2- حق عيني تبعي: ويمثل لهذا الحق بحق الدائن المرتهن على الشيء المرهون لديه، ويعطي هذا الحق للدائن المرتهن حق التقدم على سائر الدائنين الآخرين عند بيعه . والرهن إما أن يكون حيازيا أو تأمنيا، ويقع الأول على المنقول والعقار، ولا يقع الثاني إلا على عقار، أو ما يقوم مقام العقار كالسيارات، والحق العيني التبعي يستند في وجوده إلى حق شخصي ويتبع هذا الحق وجودا وعدما، فحق الدائن المرتهن في المرهون يستند إلى عقد الرهن ويبقى ما بقي هذا العقد قائمًا، ولارتباط هذا الحق بحق شخصي آخر فإن حوالته تصح (4) كما أن هناك فرقا جوهريا بين الحقين، وهو أن الحق العيني لا يتعلق بذمة مدين معين بالذات، ومن ثم يتم نقله وينفذ بالاتفاق بين صاحب الحق، ومن يتعاقد معه أما النفاذ في حق الغير فلا يمكن أن يكون ذلك بإعلان الاتفاق إلى مدين معين كما هو الشأن في حوالة الحق، بل يتم ذلك بإجراءات أخرى، فإذا كان الحق العيني واقعا على عقار، حلت إجراءات التسجيل محل إجراءات الإعلان، أما إذا كان الحق العيني واقعا على منقول، فإن القاعدة تقضي بأن الحيازة بالمنقول سند ملكية من شأنها أن تكفل لمن حاز المنقول حقه قبل الغير (5)
ثانيا: الحق الشخصي: "رابطة قانونية بين شخصين، يلتزم بمقتضاها أحد طرفيها بأن يقوم بعمل أو بالامتناع عن عمل، ويسمى الحق الشخصي حقا إذا نظر إليه من جهة الدائن، ويسمى التزاما إذا نظر إليه من جهة المدين"، لذلك فإن مناط تطبيق الحق الشخصي هو وجود التزامين متقابلين، ومرد اعتبار هذا الحق محلا للحوالة طبيعته التبادلية والتي يشترك فيها طرفين متقابلين، لذا فإن فكرة الإحالة فيه تكون قائمة دون حاجة إلى إجراءات معينة، وبذلك تجوز حوالة هذا الحق (6) ولأن الحق الشخصي يعد محلا صحيحًا للحوالة، فإنه يجوز أن يكون محل الحوالة نقودا أو أشياء مثلية، وقد يكون المحل عملا أو امتناعا عن عمل كالتمكين من العين المؤجرة، فيجوز للمستأجر التنازل عنها إلى شخص آخر باعتبار حقه بالتمكين من العين المؤجرة حقا شخصيًا يجوز تحويله (7)، ويجوز كذلك لمشتري المتجر إذا اشترط على باعئه عدم المنافسة وهو التزام بالامتناع عن عمل، أن ينزل عن المتجر الذي اشتراه لشخص آخر ويعتبر أنه قد نزل في الوقت ذاته عن حقه الشخصي قبل البائع بعدم المنافسة (8) وأكدت محكمة النقض المصرية بأن حق المستأجر حقًا شخصيًا تجوز حوالته، حيث قضت بأن: "مفاد المادة ( 558 ) مدني يعني أن حق المستأجر حقًا شخصيًا، وليس حقا عينيا، وهو بهذه المثابة يعتبر مالا منقولا ولو كان محل الإجارة عقارًا وبالتالي تجوز حوالته" (9) ويستوي فيما سبق بيانه أن يكون الحق الذي ترد عليه الحوالة مقدر القيمة أم غير مقدر خاليا من النزاع أم لا أم حقا مقدرا بذاته، أم مرتبطا بالالتزام آخر ناشئ معه من عقد ملزم للجانبين أو أن يكون حقا ثابتا بالكتابة أو بورقة رسمية أو بورقة عرفية، ففي كل هذه الأحوال تجوز حوالة الحق الشخصي (10) وذهبت محكمة النقض المصرية إلى جواز أن يكون محل الحوالة حقًا شخصيًا فقضت بأن: "الأصل وطبقا لما تقضي به المادة 303 من القانون المدني المصري "إن الحق الشخصي أيا كان محله قابل للحوالة كأصل ويستوي في ذلك أن يكون الحق منجزا أو معلقا على شرط أو مقترنا بأجل أو أن يكون حقا مستقبليا" (11) ويثور التساؤل حول الحق الاحتمالي أو المستقبلي وهل يصلح أن يكون محلا لحوالة؟ للإجابة على ذلك يجب التمييز بين فرضين:
الفرض الأول: أن يكون الحق احتماليا بسبب عدم توافر أي عنصر من عناصر وجوده، ففي هذا الفرض لا تجوز حوالة هذا الحق، لأنه معدوم، والمعدوم لا يرتب حقا ولا ينتج أثرا.
الفرض الثاني: أن يكون الحق احتماليا بسبب عدم توافر أحد أركانه فحسب لا كل أركانه فتجوز الحوالة فيه، ويصلح أن يكون محلا لها، ذلك لأن تحقق الواقعة المستقبلية فيه لا تتحقق على محض إرادة المدين، وإنما على العديد من الظروف والوقائع وكل ما هنالك هو تنظيم هذا الحق لينفذ في مواجهة الغير، ولكن حوالته لا تتعارض مع النظام العام (12)
مثال ذلك: جواز أن يحول المقاول إلى أحد المصارف الأجرة التي تستحق في نظير الأعمال التي سيعهد إليه بها من قبل صاحب العمل وذلك ضمانا لحساب جار يفتحه له المصرف (13) واستقر قضاء محكمة النقض على جواز حوالة الحق الاحتمالي أو المستقبلي حيث أجازت حلول شركة التأمين محل المؤمن له في الرجوع بما دفعته على المسؤول عن الضرر، فقضت أن هذا الشرط في حقيقته حوالة حق احتمالية مشروطة بتحقق الخطر المؤمن منه فإنه يكون خاضعا لأحكام حوالة الحق في القانون المدني" (14)، ويأتي قرار محكمة النقض المصرية متفقًا مع موقف فقهاء القانون في مصر حول تحقق أحد أركان الحق المستقبلي لجواز حوالته (15)
اما عن موقف الفقه الإسلامي من الحق الاحتمالي فالقاعدة الفقهية أوجزت في ذلك بما يحقق الغاية ويوضح المراد، حيث جاء النص على النحو التالي "غلبة الظن تقوم مقام اليقين "، فإذا كان الحق الاحتمالي وجد به من العناصر التي تجعله ممكن الوجود، أي يغلب على الظن وجوده وإنطبقت صفته ومقداره جازت حوالته، وهو ما ذهب إليه موقف الفقه الإسلامي بالمقصود "بغلبة الظن" على تحقيق الأمر المستقبلي (16) إذًا فالحق الاحتمالي إذا تحققت صفته ومقداره وغلب الظن على وجوده فحوالته جائزة وإذا لم يكن هذا الحق محدد الصفة والمقدار فإنه يعد مستحيلا والمستحيل لا تجوز حوالته لأنه عدم والعدم لا وجود له، وبذلك حددت القاعدة الفقهية ضوابط حوالة الحق الاحتمالي بتحقق صفته ومقداره لجواز حوالته.
______________
1- الفضل، منذر، النظرية العامة للالتزامات في القانون المدني، دراسة مقارنة بين الفقه الإسلامي والقوانين الوضعية الحديثة، ج 2، أحكام الالتزام، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، 1995 ، ص 226
2- المادة 998 / مدني أردني "تصح احالة المستحق في الوقف غريمة، حوالة مقيده باستحقاقه على متولي الوقف إذا كانت غلة الوقف متحصلة في يده وقبل الحوالة، ولا تصح الحوالة بالاستحقاق إذا لم تكن الغلة متحصلة في يد المتولي".
3- الذنون، حسن، شرح القانون المدني العراقي، أحكام الالتزام، بدون ط، مطبعة المعارف، بغداد، 1952 ، ص 257
4- الناهي، صلاح الدين، عبد اللطيف، الوجيز، الوافي في القوانين المرعية، في الجمهورية العربية العراقية، والمملكة الأردنية الهاشمية، والكويت، دراسة تحليلية انتقادية تاريخية، موازنة بين الفقه الإسلامي، وأهم القوانين المدنية، الوضعية، والعربية والغربية، مصادر الحقوق الشخصية، مصادر الالتزامات، المصادر الادارية، بدون ط، بدون دار نشر، عمان، 1983 ، ص 22
5- السنهوري، عبد الرزاق، الوسيط في شرح القانون المدني، ج 3، نظرية التزام بوجه عام، الأوصاف، الحوالة، الانقضاء، تنقيح أحمد المراغي، طبعة تحتوي على آخر المستجدات في التشريع والقضاء والفقه، الناشر منشأة المعارف، الإسكندرية، مصر، 2004 ، ص 399
6- العدوي، جلال، وأبو السعود رمضان، الحقوق وغيرها من المراكز القانونية، بدون ط، الناشر منشأة المعارف بالاسكندرية، 1996 ، ص 364
7- طلبة أنور، انتقال وانقضاء الحقوق والالتزامات، بدون ط، المكتب الجامعي الحديث للنشر، 2006 ، ص 6
8- السنهوري، عبد الرزاق، الوسيط، ج 3، المرجع السابق، ص 391
9- نقض مدني، جلسة 21/6/1978رقم 598/س44ق مجموعة المكتب الفني، لسنة 44 ق. رقم 598 . طلبة أنور، انتقال وانقضاء الحقوق والالتزامات، بدون ط، المكتب الجامعي الحديث للنشر، 2006 ، ص 8
10- مرقس، سليمان، الوافي في شرح القانون المدني، ج 2، في الالتزامات، المجلد الرابع، أحكام الالتزام، ويشمل آثار الالتزام وأوصافه وانتقاله، وانقضائه، ط 3، أسهم في تنقيحها وتزويدها بأحدث الآراء والأحكام الدكتور حبيب إبراهيم الخليلي، لبنان، دار الكتب القانونية، شتات، مصر، المنشورات الحقوقية، صادر 1992 ، ص 630
11- نقض مدني رقم 352 لسنة 41 ق، جلسة 22/ 3/1977عبد التواب معوض، المرجع في التعليق، على نصوص القانون المدني، ويشتمل على نصوص القانون المدني معلقا عليها بالمذكرة الايضاحية، والأعمال التحضيرية، وأحكام النقض، من عام 1931 وحتى عام 1997 ، بالمقارنة بالتشريعات العربية، ج 2، أوصاف الالتزام، انتقال الالتزام، انقضاء الالتزام، البيع، الهبة، الشركة، القرض الصلح، ط 4، منشأة المعارف بالاسكندرية، 1998 ، ص 96.
12- العمروسي، أنور، حوالة الحق وحوالة الدين، في القانون المدني، معلقا على النصوص بالفقه وقضاء النقض ، ط 1 مكتبة دار الفكر العربية، 2003 ، ص 14 . الاهواني، حسام الدين كامل، النظرية العامة للالتزامات، ج 2، أحكام الالتزام، بدون ط، بدون دار نشر، 1996 ، ص 314
13- السنهوري، عبد الرزاق، الوسيط، ج 3، تنقيح أحمد المراغي، المرجع السابق، ص 394
14- نقض مدني، جلسة 12/5/1974 مجموعة المكتب الفني، لسنة 25 ق، رقم 139 الاهواني، حسام الدين كامل، مرجع سابق، ص 314
15- انظر: العمروسي، أنور، المرجع السابق، ص 15 ، والأهواني، حسام، مرجع سابق، ص 314، طلبة أنور، انتقال وانقضاء الحقوق والالتزامات، مرجع سابق، ص 6
16- قاعدة "غلبة الظن تقوم مقام اليقين" مستثناه من القاعدة الأصل "اليقين لا يزول بالشك" فالشك يعني التردد بين النقيضين بلا ترجيح لأحدهما على الآخر، فإن ترجح أحدهما على الآخر بدليل ووصل ترجيحه إلى درجة الظهور الذي يبني عليه العاقل أموره لكن لم يطرح الاحتمال الآخر فهو الظن. فإن طرح الاحتمال الآخر، بمعنى أنه لم يبق له إعتبار في النظر لشدة ضعفه فهو غالب الظن، وهو معتبر شرعًا بمنزلة اليقين في بناء الأحكام عليه في أكثر المسائل إذا كان مستندًا إلى دليل أما إذا كانت غلبة الظن غير مستنده إلى دليل فلا كلام في عدم اعتبارها مطلقًا لأنها من مجرد التوهم ولا عبرة بالتوهم" المادة 74 / مجلة. الزرقا، أحمد ابن الشيخ محمد، شرح القواعد الفقهية، ط 3، دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق، سوريا، 1993 ، ص80.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|