أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-8-2017
2428
التاريخ: 21-8-2017
2702
التاريخ: 21-8-2017
3036
التاريخ: 3-9-2017
2620
|
هلمّ معي أيّها القارئ لنقرأ صحيفة بيضاء مختصرة من حياة أعمام أبي الفضل، الّذين هُم أغصان تلك الشجرة التي أصلها ثابت وفرعها في السماء، فإنّ للعمّومة عِرقاً يضرب في نفسيّات المولّود من فضائل وفواضل، وقد جاء في الحديث: " الولّد كما يشبه أخواله يشبه أعمامه " .
وقبل الإتيان على ما حباهم به المولّى من الآلاء نستعرض اليسير من حياة عَمِّ الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، الّذي لم يزل يفتخر به في مواطن شتّى، ألا وهو الحمزة بن عبد المطلب.
وما أدراك ما حمزة؟ وما هو! وهل تعلم ماذا عنى نبيّ العظمة من وصفه " بأسد اللّه وأسد رسوله " ؟ وهل أنّه أراد الشدّة والبسالة فحسب؟!
لا ; لأنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) أفصح من نطق بالضّاد، وكلامه فوق كلام البلغاء، فلو كان يريد خصوص الشجاعة لكان حق التعبير أن يأتي بلفظ " الأسد " مجرّداً عن الإضافة إلى اللّه سبحانّه وإلى رسولّه، كما هو المطّرد في التشبيه به نظماً ونثراً.
وحيث أضافه الرسول إلى ذات الجلاّلة والرسالة فلا بدّ أن يكون لغاية هناك أُخرى، وليست هي إلاّ إفادة أنّ ما فيه من كرّ وإقدام وبطش وتنمّر مخصوص في نصرة كلمة اللّه العليا ودعوة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهذا أربى من غيره وأرقى، فكان سلام اللّه عليه من عمد الدّين، وأعلام الهداية، ولذلك وجب عليه الاعتراف بفضله، وبما حباه المولّى سبحانه من النزاهة التي لا ينالها أحد من الشهداء، وكان ذلك من مكمّلات الإيمان، ومتمّمات العقائد الحقّة.
يشهد له ما في كتاب " الطرف " للسيد ابن طاووس: أنّ رسول اللّه قال لحمزة في الليلة التي أُصيب في يومها: " إنّك ستغيب غيبة بعيدة، فما تقول لو سألك اللّه عن شرائع الإسلام وشروط الإيمان "؟
فبكى حمزة وقال: أرشدني وفهّمني.
فقال النّبي: " تشهد للّه بالوحدانية، ولمحمّد بالرسالة، ولعليّ بالولاية، وأنّ الأئمة من ذرية الحسين، وأنّ فاطمة سيدة نساء العالمين، وأنّ جعفر الطيار مع الملائكة في الجنّة ابن أخيك، وأنّ محمّداً وآله خير البريّة ".
قال حمزة: آمنت وصدّقت.
ثُمّ قال رسول اللّه: " وتشهد بأنّك سيّد الشهداء، وأسد اللّه وأسد رسوله ".
فلمّا سمع ذلك حمزة أدهش وسقط لوجهه، ثُمّ قبّل عيني رسول اللّه وقال: أشهدَك على ذلك وأُشهِدُ اللّه وكفى باللّه شهيداً .
وإنّ التأمّل في الحديث يفيدنا منزلة كبرى لحمزة من الّدين والإيمان لا تحدّ، وإلاّ فما الفائدة في هذه البيعة والاعتراف بعد ما صدر منه بمكة من الشهادة للّه بالوحدانية ولرسوله بالنبوّة؟! ولكنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أراد لهذه الذات الطاهرة، التي حلّقت بصاحبها إلى ذروة اليقين التحلّي بأفضل صفات الكمال، وهو التسليّم لأمير المؤمنين بالولاية العامّة، ولأبنائه المعصومين بالخلافة عن جدّهم الأمين.
وهناك مرتبة أُخرى لا يبلغ مداها أحد، وهي اعتراف حمزة وشهادته بأنّه سيّد الشهداء، وأنّه أسد اللّه وأسد رسوله، وأنّ ابن أخيه الطيار مع الملائكة في الجنّة. وهذه خاصّة لم يكلّف بها العباد فوق ما عرفوه من منازل أهل البيت المعصومين، وإنمّا هي من مراتب السلوك والكشف واليقين.
وإذا نظرنا الى إكبار الأئمة لمقامه ـ وهم أعرف بنفسيات الرجال، حتّى إنّهم احتجوا على خصومهم بعمومته وشهادته دون الدين، كما احتجّوا بنسبتهم إلى الرسول الأقدس، مع أنّ هناك رجالاً بذلوا أنفسهم دون مرضاة اللّه تعالّى. استفدنا درجة عالّية تقرب من درجاتهم (عليهم السلام) فهذا أمير المؤمنين يقول: " إنّ قوماً استشهدوا في سبيل اللّه من المهاجرين، ولكلّ فضل، حتّى إذا استشهد شهيدنا قيل: سيّد الشهداء، وخصّه رسول اللّه بسبعين تكبيرة عند صلاته عليه " .
وفي يوم الشورى احتجّ عليهم به فقال: " أنشدكم اللّه هل فيكم أحد له مثل عمّي حمزة أسد اللّه وأسد رسوله " ؟!
وقال الإمام المجتبى في بعض خطبه: " وكان ممّن استجاب لرسول اللّه عمّه حمزة وابن عمّه جعفر، فقتلا شهيدين في قتلى كثيرة معهما من أصحاب رسول اللّه، فجعل حمزة سيّد الشهداء " .
وقال سيّد الشهداء أبو عبد اللّه يوم الطفّ: " أوليس حمزة سيّد الشهداء عمّ أبي " ؟!
إلى غير ذلك ممّا جاء عنهم في الإشادة بذكره حتّى إنّ رسول اللّه لم يزل يكرّر الهتاف بفضله، ويعرّف المهاجرين والأنصار بما امتاز به أسدُ اللّه وأسد رسوله من بينهم، كي لا يقول قائل ولا يتردّد مسلم عن الإذعان بما حبا اللّه تعالّى سيّد الشهداء من الكرامة، فيقول (صلى الله عليه وآله وسلم): " يا معشر الأنصار، يا معشر بني هاشم، يا معشر بني عبد المطلب، أنا محمّد رسول اللّه، ألا أنّي خلقت من طيّنة مرحومة في أربعة من أهل بيتي: أنا، وعلي، وحمزة، وجعفر " .
والغرض من هذا ليس إلاّ التعريف بخصوص فضلّ عمّه وابن عمّه، فلذلك لم يتعرّض لخلق الأئمة، بل ولا شيعتهم المخلوقين من فاضل طينتهم ـ كما في صحيح الآثار ـ وإنّما ذكر نفسه ووصيّه لكونهما من أُصولّ الإسلام والإيمان.
كما أنّ أمير المؤمنين يوم فتح البصرة لمّا صرّح بفضل سبعة من ولد عبد المطلب قال: " لا ينكر فضلهم إلاّ كافر، ولا يجحده إلاّ جاحد، وهم: النّبي محمّد، ووصيّه، والسبطان، والمهدي، وسيّد الشهداء حمزة، والطيّار في الجنان جعفر " ، لم يقصد بذلك إلاّ التنويه بفضل عمّه وأخيه، فقرن شهادتهما بمن نهض في سبيل الدّعوة الإلهية وهم أركان الإسلام والإيمان.
ولو لم تكن لسيّد الشهداء حمزة وابن أخيه الطيار كلّ فضيّلة سوى شهادتهما للأنبيّاء بالتبلّيغ وأداء الرسالة، لكفى أن لا يتطلب الإنسان غيرهم.
قال أبو عبد اللّه الصادق (عليه السلام): " إذا كان يوم القيامة وجمع اللّه ـ تبارك وتعالّى ـ الخلائق كان نوح (صلّى اللّه عليه) أوّل من يدعى به فيقال له: هل بلّغت؟
فيقول: نعم.
فيقال له: من يشهد لك؟!
فيقول: محمّد بن عبد اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم).
قال: فيخرج نوح (صلّى اللّه عليه) ويتخطّى الناس حتّى يأتي إلى محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهو على كثيّب المسّك، ومعه علي (عليه السلام)، وهو قول اللّه عزّ وجلّ: {فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [الملك: 27] ، فيقول نوح لمحمّد (صلى الله عليه وآله وسلم): يا محمّد إنّ اللّه ـ تبارك وتعالّى ـ سألني هل بلغت؟ فقلت: نعم، فقال: من يشهد لك؟ قلت: محمّد! فيقول: يا جعفر، يا حمزة اذهبا واشهدا أنّه قد بلّغ.
فقال أبو عبد اللّه (عليه السلام) فحمزة وجعفر هما الشاهدان للأنبياء (عليهم السلام) بما بلّغوا
فقال الراوي: جعلت فداك فعلي (عليه السلام) أين هو؟
فقال: هو " أعظم منزلة من ذلك " .
وهذه الشهادة لا بدّ أن تكون حقيقية، بمعنى أنّها تكون عن وقوف بمعالّم دين نوح (عليه السلام) وأديان الأنبياء الّذين هما الشاهدان لهم بنصّ الحديث، وإحاطة شهودية بها، وبمعارفها، وبمواقعها، وبوضعها في الموضع المقرّر له، وإلاّ لما صحّت الشهادة. وهذا المعنى هو المتبادر إلى الذهن من الشهادة عند إطلاقها، فهي ليست شهادة علميّة، بمعنى حصول العلم لهما من عصمة الأنبياء بأنّهم وضعوا ودائع نبواتهم في مواضعها، ولو كان ذلك كافياً لما طُولبوا بمن يشهد لهم، فإنّ جاعل العصمة فيهم ـ جلّ شأنه ـ أعرف بأمانتهم، لكنّه لضرب من الحكمة أراد سبحانه وتعالّى أن يجري الأمر على أُصول الحكم يوم فصل القضاء.
ثُمّ إنّ هذه الشهادة ليست فرعيّة، بمعنى إنّهما يشهدان عن شهادة رسول اللّه، فإنّ المطلوب في المحاكم هي الشهادة الوجدانية فحسب.
فإذا تقرّر ذلك فحسب حمزة وجعفر من العلم المتدفق خبرتهما بنواميس الأديان كُلّها، والنواميس الإلّهية جمعاء، أو وقوفهما بحقِّ اليقين، أو بالمعايّنة في عالم الأنوار، أو المشاهدة في عالم الأظلة والذكر لها في عالم الشهود والوجود، ومن المستحيل بعد تلك الإحاطة أن يكونا جاهلين بشيء من نواميس الإسلام.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|