أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-7-2017
2043
التاريخ: 4-10-2015
3736
التاريخ: 2-1-2020
3385
التاريخ: 19-1-2020
3021
|
إن طبيعة الاحكام النقدية في العصر الجاهلي تتمثل في الأمور الآتية :
1- الذوق الفطري :
إن طبيعة الأحكام النقدية في العصر الجاهلي اتسمت بالذوق الفطري، فلم تكن للنقد أصول معروفة، ولا مقاييس مقررة، " بل كانت مجرد لمحات ذوقية، ونظرات شخصية، وتقوم على ما تلهمهم به طبائعهم الأدبية، وسليقتهم العربية، وأذواقهم الشاعرة، وحسهم اللغوي الدقيق بلغتهم، وإحاطتهم بأسرارها، ووقوفهم على ما للألفاظ من دلالات وإيحاءات في شتى صورها (1)
وحينما نحاول تطبيق هذه السمة الذوقية الفطرية التي على أساسها كان الناقد الجاهلي يستلهم أحكامه، ويبني نقده .... حينما نحاول تطبيق ذلك على ما تقدم من لمحات نقدية، نجد ذلك واضحا تمام الوضوح.
فنقد النابغة لشعر حسان بن ثابت – والذي أوردناه من قبل – كان مستمدا من فهم النابغة لطبيعة اللغة العربية، ومعرفته التامة بدلالات الألفاظ، وما توحي به أبنية الكلمات من معان وايحاءات.
ونقد أهل المدينة لشعر النابغة، لما فيه من إقواء، كان نابعاً من فهم العربي لطبيعة الشعر العربي، ولما ينبغي أن يكون عليه من انسجام في الوزن، واتساق في النغم، والأمر الذي يتطلب – ضمن ما تتطلبه قواعد الشعر العربي – وحدة حركة الروى التي تكسب الشعر اتساقا وانسجاما، ولذا كان اختلاف حركة الروى – الإقواء – في شعر النابغة مذهبا لروعة الوزن، واتساقه، بل محدثاً لنوع من التنافر في النغم، مما جعله غير متسق ولا منسجم.
ونقد طرفة لشعر المتلمس لوصفه الجمل بصفة الناقة، كان مبنيا على فهم واع بطبيعة البيئة العربية ومعرفة تامة بالسمات والصفات، والتي تتميز بها الحيوانات العربية، لا سيما الحيوانات التي كانت مرتبطة بحياة العربي، وكان العربي مرتبطاً بها.
2- الارتجال في الأحكام :
وهذه السمة تتصل اتصالاً مباشراً بالذوق الفطري الذي يعد أساساً هاماً في صدور الأحكام النقدية .. غير أن هذه الظاهرة تعد أثراً من آثار التذوق .. فبعد أن يتذوق الناقد الشعر يصدر حكمه إما ارتجالاً وإما بعد إناة وروية، ودراسة موضوعية لنواحي الجودة أو الرداءة، ولكن السمة الغالبة في النقد الجاهلي هي سمة الارتجال، والبعد عن الدراسة التفصيلية للقصيدة وتحليلها (2).
والذي ينظر في تلك الأقوال المأثورة في النقد الجاهلي يرى لأول وهلة أنها متسمة بالارتجال، وأنه ليس في أكثر تلك الأحكام ما ينبئ عن النظرة الفاحصة، أن الدراسة الممعنة التي ينشأ عنها الرأي الذي يدعمه البرهان، وتؤيده الحجة، ويستعان عليه بالخبرة الواسعة، والعقلية المستنيرة ، والتفكير المثقف (3).
3- الجزئية :
ونقصد بها تناول الناقد لجزئيات من الجوانب الفنية للقصيدة، كجانب الفاظ أو جانب المعاني، أو جانب الوزن، مثلا، دون تناوله للقصيدة كلها تناولاً متكاملاً يتجه الى ذلك النقد الحديث (4).
فيتناول الناقد الجاهلي لفظه، أو ألفاظاً، فيصفها – مثلا – بالسلاسة او الجزالة، أو يتناول معنى او معاني وردت في القصيدة، فيسمها بالصحة أو الخطأ، او بالوضوح او الغموض، وخير ما يمثل ذلك مما قدمنا من أمثلة : نقد طرفة لشعر المتلمس، فقد استهدف فيه طرفة جانب المعنى، ونظر فيه فوجد خطأ.
ومنه – أيضاً – نقد أهل المدينة لشعر النابغة، فهو نقد استهدف جانب الوزن – او الشكل الموسيقي – ورأى فيه نشازاً في الوزن، حيث اختلفت حركة الروى في الأبيات، فأحدثت هذا النشاز في الوزن، والتنافر في النغم، مما آذى السمع، وأذهب بشيء غير يسير من روعة الوزن. وكذلك نقد النابغة لبيت حسان السابق الذكر، كله منصرف إلى ألفاظ وكلمات دون تناول النقد للنص كعمل فني متكامل.
والملاحظ ان الناقد الجاهلي أما أن يتعرض للشعر او للشاعر، هذان هما الميدانان اللذان جال فيهما النقد جولات خفيفة في العصر الجاهلي : الحكم على الشعر والتنويه بمكانة الشعراء، فأما غير ذلك من البحث في طريقة الشاعر، أو مذهبه الأدبي، أو صلة الشعر بالحياة الاجتماعية، فذلك ما لم يعرفه العصر الجاهلي.
4- العموم :
ونعني به أن يطلق الناقد – في أحيان كثيرة – أحكامه، ويرسل آراءه، دون أن يذكر سبباً، او يردف علة، وخير مثل لذلك قول الحطيئة – وقد سئل عن أشعر العرب : - أشعر العرب الذي يقول :
ومن يجعل المعروف من دون عرضه يفره ومن لا يتق الشتم يشتم
يقصد زهيراً، ثم سئل : ثم من؟ قال : الذي يقول :
من يسأل الناس يحرموه وسائل الله لا يخيب
يعني عبيد الأبرص (5).
ومن ذلك حكمهم على بعض القصائد بأنها بالغة منزلة عليا في الجودة بالموازنة بغيرها، كقولهم في قصيدة سويد بن أبي كاهل اليشكري التي مطلعها :
بسطت رابعة الحبل لنا فوصلنا الحبل منها ما اتسع
قولهم عنها أنها من خير القصائد ودعوها اليتيمة (6).
5- الايجاز :
ونعني به أن الناقد كثيراً ما يغلف حكمة النقدي بعبارة موجزة، يفهم منها ما يراد ولكن دون شرح أو تفصيل، وذلك يتضح من نقد طرفة لشعر المتلمس السابق، حينما قال : " استنوق الجمل " فهذه عبارة موجزة تحمل حكما نقديا عيب به على الشعر المتلمس الذي وصف الجمل بسمة الناقة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) يرجع مقال الدكتور محمد عارف محمود حسين السابق بمجلة الجامعة الإسلامية ص 291.
2) النقد الأدبي د / محمد إبراهيم نصر ص 83.
3) دراسات في نقد الأدب العربي د / بدوي طبانة ص 61.
4) مقال الدكتور محمد عارف محمود حسين السابق بمجلة الجامعة الإسلامية ص295 ، ويرجع أيضاً النقد الأدبي د / سعد ظلام ص 31.
5) الشعر والشعراء 1/330/331 .
6) المفضليات هامش 190 .
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ندوات وأنشطة قرآنية مختلفة يقيمها المجمَع العلمي في محافظتي النجف وكربلاء
|
|
|