أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-5-2017
3343
التاريخ: 4-5-2017
3236
التاريخ: 5-11-2015
3684
التاريخ: 11-5-2017
2845
|
والآن ينبغي أن نجيب بالتفصيل على السؤال الّذي يطرح نفسه هنا وهو : ما الّذي دعى أهل يثرب الذين كانوا بعيدين عن مركز ظهور الإسلام إلى أن يستجيبوا لنداء الرسول (صـلى الله علـيه وآله) ويأخذوا بتعاليمه اسرع من المكيين مع ما كان بين المكيين وبين رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) من القرابة القريبة؟!
وكيف تركت تلك اللقاءاتُ المعدودةُ القصيرةُ بأهل يثرب آثاراً تفوق الآثار الّتي تركتها الدعوةُ المحمّدية خلال ثلاثة عشر عاماً في مكة؟!
إن علة هذا التقدم يمكن اختصارها وحصرها في أمرين :
أوّلا : أن اليثربيّين جاوروا اليهودَ سنيناً عديدة وطويلة قبل الإسلام وكثيراً ما كانوا يتحدّثون في مجالسهم وأنديتهم عن النبيّ العربيّ الّذي يظهر ويأتي بدين جديد.
حتّى أن اليهود كانوا يقولون : للوثنيين إنَّ هذا النبيّ سيقيم دينَ اليهود وينشره ويمحي الوثنية ويقضي عليها بالمرة.
فتركت هذه الكلماتُ أثراً عجيباً في نفوس أهل يثرب وهيّأت قلوبهم لقبول الدين الّذي كان يخبر عنه يهودُ وينتظرونه بحيث عند ما التقى الانفار الستة من اهل المدينة إلى الايمان برسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) لأوّل مرّة بادروا إلى الايمان به من غير إبطال ولا تأخير بعد أن قال بعضهم لبعض : واللّه إنَّه للنبيّ الّذي توعَّدكم به يهود فلا تسبقنكم إليه.
ومن هنا فان مما يأخذه القرآن على اليهود هو : أنكم كنتم تهددون الوثنيين بالنبيّ العربيّ وتبشرون الناس بانه سيظهر وانهم قرأوا أوصافه وعلائمه في التوراة فلماذا رفضوا الإيمان به لمّا جاء (صـلى الله علـيه وآله).
يقول تعالى : وَلَمّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلى الّذيْنَ كَفَرُوا فَلَمّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللّهِ عَلى الكافِرين .
ثانياً : إنّ العامل الأخير الّذي يمكن اعتبارهُ دخيلا في التأثير في نفوس اليثربيين وسرعة إقبالهم على الإسلام وتقبّلهم لدعوة النبيّ (صـلى الله علـيه وآله) هو التعب والارهاق الّذي كان اهل يثرب قد اُصيبوا به من جرّاء الحروب الطويلة الدامية فيما بينهم والّتي استمرّت مائة وعشرين عاماً والّتي انهكتهم وكادت أن تذهب بما تبقّى من رَمقهم وجعلتهم يملون الحياة ويفقدون كلّ أمَل في تحسّن الأحوال والاوضاع.
وإن مطالعة وقعة بُعاث وهي ـ حرب وقعت بين الأوس والخزرج ـ وحدها كفيلة بأن تجسد لنا الوجهَ الواقعي الّذي كان عليه سكان تلك الديار.
ففي هذه الوقعة انهزم الاوسيّون على يد الخزرجيين فهربوا إلى نجد فعيّرهم الخزرجيّون بذلك فَغضب الحضير سيد الأوس لذلك غضباً شديداً فطعن فخذه برمحه لشدة انزعاجه وغضبه وترجّل عن فرسه وصاح بقومه قائلا : واللّه لا أقوم من مكاني هذا حتّى اُقتل!! فأوقد صمود الحضير وثباته نار الحمية والغيرة واشعل روح الشهامة والبسالة في قومه فقرروا الدفاع عن حقهم مهما كلفهم الامر فقاتلوا أعداءهم مستميتين والمستميت منتصر لا محالة فانتصر الأوسويون المغلوبون هذه المرة وهزموا الخزرج هزيمة نكراء واحرقت مزارعهم ونزل بهم ما نزل على يد الاوسيين!! .
ثم تتابعت الحروب والمصالحات بعد ذلك وكانت القبيلتان تتحملان في كل مرة خسائر كبرى جعلتهم يواجهون عشرات المشاكل الّتي حوّلت حياتهم إلى حياة مضنية متعبة جداً.
من هنا لم تكن كلتا القبيلتين راضيتين على أوضاعهما وكانتا تبحثان عن مخلص مما هما فيه من الحالة السيئة وتفتشان عن نافذة أمل ومخرج من تلك المشاكل.
ولهذا وجد الخزرجيون الستة ضالّتهم المنشودة عندما التقوا ـ ولأول مرّة ـ رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) وسمعوا منه ما سمعوا فتمنّوا أن يضعوا به حداً لأوضاعهم المتردية إذ قالوا له :عسى أن يجمعهم اللّه بك فان جمعهم اللّه بك فلا رَجلَ أعزّ منك.
كانت هذه هي بعض الأسباب الّتي دعت اليثربيين إلى تقبّل الإسلام بشوق ورغبة وحماس.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|