أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-3-2018
2129
التاريخ: 20-4-2017
2207
التاريخ: 24-3-2016
3555
التاريخ: 19-4-2017
2936
|
يكون التجاوز نتيجةً لعدم مراعاة حدود الحق ، وحسب اتجاه نية الفاعل أما عمديا" أو غير عمدي .
أولا": التجاوز العمدي
يتحقق التجاوز العمدي في استعمال الحق ، إذا قصد الفاعل إحداث الفعل ونتيجته عن حسن نية كأن يكون قصد الزوج من تأديب زوجته اصلاح حالها فقط ، لا الانتقام منها ، فإذا كان التأديب بالوعظ يصل إلى حد الاهانة والتحقير كالشتم والسب مثلا ، فذلك يعد تجاوزا" عمديا" ، لكن قد لا يقصد به اذلال الزوجة او اهانتها ، بل يعتقد ان ذلك هو وسيلة لاصلاح حال الزوجة ، والا عد متعسفا في استعمال حقه (1) . وتطبيقا لذلك قضت محكمة التمييز في العراق ( ادانة الزوج الذي سب زوجته بقوله ان لها علاقة غير شرعية مع شخص ما ، وانطباق فعله على المادة (434) من قانون العقوبات العراقي لان السب ليس من الحقوق الشرعية التي تدخل ضمن حدود التأديب المسموح به للزوج على زوجته)(2) .
وكذا الحال في الهجر اذا زاد على اربعة اشهر ، وهي مدة الايلاء(3) , وفي الضرب اذا زاد عن حده ، وهو الضرب الخفيف او غير المبرح الذي لا يترك اثرا" او يكسر عظما ، فيعد ذلك خروجا" عمديا" على حدود حق التأديب ، فاذا ما تجاوز الزوج هذا الحد واعتدى على زوجته بالضرب واحدث بها كدمات في فخذها الايسر فان هذا كاف لأعتبار ان ما وقع منه خارجا عن حدود حقه المقرر بمقتضى الشريعة ومستوجبا للعقاب (4) . وتطبيقا" لذلك قضت محكمة التمييز في العراق (بان اعتداء المتهم على زوجته بالضرب بيده على وجهها ، و جر شعرها في الشارع العام امام المارين يخرج عن حدود التأديب المسموح به للزوج على زوجته ، ويشكل جريمة تنطبق على المادة ( 415) من قانون العقوبات العراقي )(5) . وذلك ما قضت به محكمة النقض المصرية ايضا" بقولها ( انه وان ابيح للزوج تأديب زوجته تأديبا" خفيفا" عن كل معصية لم يرد بشأنها حد مقرر ، الا انه لا يجوز له اصلا" ان يضربها ضربا" فاحشا" و لو بحق ، وحد الضرب الفاحش هو الذي يؤثر في الجسم ويغير لون الجلد )(6) . ومن صور التجاوز العمدي ايضا" ان يقتل الطبيب المريض بقصد اراحته من آلام مبرحة ، او ان يجري الطبيب تجربة علمية لم يقصد بها علاج المريض ، وانما اشباع شهوه علميه ، او لخدمة الطب(7) ، او ان يستخدم مادة معينة لعلاج عين المريض رغم مابها من حساسية خاصة يمكن ان تتعارض مع استخدام هذه المادة الفعالة ، فيترتب على ذلك فقد المريض لعينه . وكذلك من صوره ان يسدد الملاكم ضربة الى اللاعب الخصم في مكان ممنوع الضرب فيه فيؤدي إلى وفاته ، او وضع اللاعب قطعة حديدية في قفاز الملاكمة ، ويضرب خصمه في المناطق المسموح بها الضرب فيؤدي ذلك إلى وفاته او اصابته بعاهة مستديمة ، او ان يضع فيه مادة او مسحوق من شانه ان يعجز خصمه عن الابصار (8) . اما في حالة القبض على متهم بجناية او جنحة مشهودة ، فيعد تجاوزا" عمديا" استعمال العنف مع المتهم الذي انصاع لأمر الشخص القائم بالقبض و لم يقاوم او يحاول الهرب(9) ، ما دامت ارادة القائم بالقبض لم تنصرف إلى اكثر من القبض ، او كما لو عذب المتهم بقصد اكراهه على الاعتراف بما هو منسوب اليه(10) ، و كذلك لو دخل شخص مكان ما عنوة من اجل القبض على متهم دون ان يطلب من صاحب المكان تسليم المتهم إليه ، او تقديم التسهيلات التي تمكنه من القبض عليه .
ثانيا": التجاوز غير العمدي
كثيرا" ما يحصل تجاوز حدود استعمال الحق بناءا" على اهمال و عدم احتياط و هو ما يطلق عليه بالخطأ غير العمدي ، فالفاعل يباشر نشاطه عن ارادة واختيار غير قاصد نتيجته ، وعدم حيلولته دون ان يفضي تصرفه إلى حدوث النتيجة ، كأن يجهل الزوج ، للتدرج او الخطوات المنصوص عليها في الشريعة الإسلامية ، فيلجأ إلى هجر زوجته دون وعظها وإرشادها أولا" ، او ان يقوم بضربها قبل ان يهجر مضجعها ، وكذا الحال لو ضربها بقصد التأديب ولكن تعدى ذلك إلى حدوث عاهة او تلف عضو ، او افضى إلى الموت (11) . وتطبيقا" لذلك قضت محكمة التمييز في العراق بأن (ما أورده المدان بلائحته التمييزية في انه استعمل حقه في التأديب غير صحيح لأنه تجاوز الحد المقرر شرعا" , لان الضرب المباح للتأديب يجب ان لا يترك أثرا" او يصيب الوجه مطلقا"(12) . وفي مجال التأديب أيضا" ، اذا أدب الأب الولد الصغير او القاصر بقصد إصلاحه ، لكنه تجاوز الحد المألوف ، كما لو أراد الأب تأديب ابنته القاصر بتقييد حريتها داخل المنزل تهذيبا" لاخلاقها وتقويم سلوكها ، بأن ربطها من عضديها ربطا" محكما" , فاحدث عندها غنغرينا سببت وفاتها (13) . ومن صور التجاوز الخاطئ ايضا" ان ينسى الطبيب احدى ادوات الجراحة في جسم المريض بعد اجراء العملية الجراحية ، او ان يغفل بعد اجراء عملية استخراج الحصوة من المثانة عمل الدرنغة اللازمة ، مما سهل امتداد التقيح من المثانة إلى البريتون ، فنشأت عنه الوفاة (14) . وكذلك عدم احتياط الطبيب المخدر ومراعاته قواعد الفن الطبي بأجراء الفحوص والتحليلات المختبرية قبل اجراء العملية الجراحية للتأكد من قابلية المريض واستعداده لتحمل المخدر . وفي هذا الاطار قضت محكمة التمييز الكويتية(ان عملية الختان التي اجراهـــا الطبيب الجراح كانت جذرية ازال بها على خلاف الاصول الفنية والقواعد العلمية كامل الجلد المغلف للذكر ، ولم يقتصر على ازالة الجزء الزائد من جلد مقدمة القضيب مما ترتب عليه تشويه القضيب ، فان هذا الامر يفيد ان الطبيب قد ارتكب خطأ" مهينا" يوجب المسائلة المدنية)(15). وفي مجال الالعاب الرياضية ، فان التزام اللاعب بقواعد اللعب لا يعفيه من الالتزام بواجب الحيطة و الحذر ، فاهمال اللاعب بقذف الكرة ، قبل البدء في اللعب ، ولم يكن منافسه منتبها" اليه ، فأصابه على حين غفله ، او كما لو قذف لاعب الرمح قبل خلو الميدان امامه من الناس وقبل ان يأذن له الحكم في بدأ اللعب ، فأصاب شخصا" برمحه ، فأنه يسأل عن اصابة غير عمدية ناشئة عن اهمال وعدم احتياط ، اذا لم يثبت انه تعمد ، الاصابة (16) . واخيرا" فأن من صور التجاوز الخاطىء ، ان يتم استجواب المقبوض عليه من قبل الشخص المكلف بالقبض ، ذلك ان الاستجواب هو الاجراء الوحيد من بين اجراءات جمع الادلة الذي احتفظ به المشرع للسلطات القضائية ، كاجراء لاستقصاء ادلة الجريمة ، ودفاع يعطي المتهم فرصة تفنيد ما احاط به من الشبهات(17) ، لذا فان القانون حصر حق مباشرته بقاضي التحقيق والمحقق ، ومن ثم فلا يجوز لعضو الضبط القضائي القيام به ( 18) ، ومن امثلة ذلك ايضا ان يقوم الشخص المكلف بالقبض بوضع المقبوض عليه في مكان ما تمهيدا" لتسليمه إلى السلطات ، مما ادى ذلك الى ان يصاب المقبوض عليه بأذى .
__________________
1- ينظر ص 27 من الرسالة .
2- قرار رقم 44و172 / تمييزية / 976 في 14/2/1976 - مجموعة الإحكام العدلية ،ع 1 ، س7 ، 1976 ، ص 294 .
3- الايلاء هو حلف الزوج بالله تعالى على ترك وطأ زوجته ، بقصد هجرها والإضرار بها ، وإغضابها بشرط ان تكون المدة التي يحلف على ترك الوطأ فيها أكثر من أربعة أشهر ، فإذا مضت أربعة أشهر يوقف حتى يطلق .وقد أشار القرآن الكريم لذك بقوله } لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ { سورة البقرة / آية 226 . وعن ابن عباس والحسن انه لا ايلاء الا في غضب , فان حلف على ان لا يطأ الزوجة بسبب الخوف على الولد من الغيلة ، فلا يكون ايلاء . وعن عثمان وابي الدرداء وعائشة واثنى عشر من اصحاب النبي e ( يوقف المولي بعد الاربعة فاما يفيء واما ان يطلق) ، وعن ابن عثمان ( اذا مضت اربعة اشهر فهي تطليقة بائنه ) .الشوكاني / ج6 ، مج3 ، بيروت ، دار الجليل ، دون تاريخ ، ص256 و ما بعدها ؛ الحكيم ، محمد سعيد الطباطبائي / الاحكام الفقهية ، ط7 ، النجف ، دار الهلال ، 2003 ، ص 438 ؛ السرخسي ، شمس الدين الوكيل / كتاب المبسوط ، ط1 ، ج7 ، بيروت ، دار الكتب العلمية ، 1993 ، ص 19 .
4-نقض رقم 1132 / 45 ق في 2/11/1975- معوض عبد التواب / الوسيط في احكام النقض الجنائية ، الاسكندريه ، دون ناشر ، 1985 ، ص 26 .
5- قرار رقم 452 / تمييزية/ 976 في 9/5/ 1976- مجموعة الاحكام العدلية ،ع2 ، س7،1977 ، ص352 .
6- نقض رقم 110 في 7/6 / 1965- اشار اليه احمد سمير ابوشادي / مجموعة المبادئ القانونية ، القاهرة ، دار الكتاب العربي ، دون تاريخ ، ص395 .
7- محمود محمود مصطفى - شرح قانون العقوبات - القسم العام ، القاهرة ، مطبعة جامعة القاهرة ، 1983، ص181 ؛ اكرم محمود حسين البدو - المسؤولية المدنية للمستشفيات الخاصة ، ط 1 ، الاردن ، دار الحامد للنشر والتوزيع ، 2003 ،ص143 .
8- محمد مصطفى القللي - في المسؤولية الجنائية ، مصر ، مكتبة عبدالله وهبه ، 1945، ص 266 .
9- د. قدري عبد الفتاح الشهاوي - السلطة الشرطية ومناط شرعيتها جنائيا" واداريا" ، الاسكندريه ، منشأة المعارف ، 1973 ، ص434 .
11- أ. عبد الأمير العكيلي ، د. سليم حربة / اصول المحاكمات الجزائية ، ج1 ، بغداد ، دار الكتب ، 1988 ، ص145 وما بعدها .
12- د. محمد سلام مدكور - احكام الاسرة في الاسلام ، ج1 ، القاهرة ، دار النهضة العربية ، 1967 ، ص 409 ؛ احمد فتحي بهنسي المسؤولية الجنائية في الفقه الاسلامي ، ط 2 ، مؤسسة الحلبي،1969، ص 475.
13- قرار رقم 501 / تمييزية /76 في 11/5/1976- مجموعة الاحكام العدلية / المرجع السابق ، ص 372 .
14- نقض مصري رقم 136 في 5/6/1933- محمود احمد عمر / مجموعة القواعد القانونية ، ج3 ، 1936 ، ص 190 .
15- نقض مصري رقم 216 في 26/يناير/1935 - نقابة المحامين الاهلية / المحاماة ، ع 1 ، س15 ، القاهرة ، مطبعة حجازي /1935 ، ص 471 .
16- تميز كويتي رقم 100 ، 108 / 79 تجاري ـ اشار اليه د. احمد شرف الدين / مسؤولية الطبيب وادارة المرفق الصحي العام ـ مجلة ادارة الفتوى والتشريع ، ع2 ، س2 ، الكويت ، ادارة الفتوى والتشريع ،1982 ، ص 143 .
17- د. محمد مصطفى القللي / المرجع السابق ، ص259 .
18- سامي النصراوي - المبادىء العامة في قانون العقوبات ، بغداد ، مطبعة دار السلام ، 1977 ، ص 377 وما بعدها .
19- د. محمد سامي النبراوي - شرح الاحكام العامة لقانون العقوبات الليبي ، بيروت ، مطابع دار الكتب ، 1972، ص100 ؛ سعيد حسب الله عبد الله - شرح قانون اصول المحاكمات الجزائية ، الموصل ، دار الحكمة للطباعة والنشر ، 1990 ،ص211 .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|