أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-6-2018
2344
التاريخ: 8-6-2016
6090
التاريخ: 12-4-2017
3126
التاريخ: 15-10-2017
2463
|
تحرص الدساتير في العديد من الاحوال على النص على سلطة الادارة في اصدار اللوائح المختلفة(القرارات الادارية التنظيمية) مما ادى الى تزايد دور اللوائح في الدولة الحديثة بشكل مطرد بوصفها مصدرا لاغنى عنه من مصادر القاعدة القانونية . ولا يهمنا في هذا المجال من البحث القرارات التنفيذية لكونها لاتمنح الادارة سلطة في التدخل لحماية الاخلاق العامة وانما تكون منفذة ومفسرة للتشريع فقط ومن ثم فان الادارة تستمد سلطتها في التدخل من التشريع لا منها ،ولكن اختصاص الادارة في التدخل من الممكن ان تستمد من القرارات المستقلة بشكلها الضبطي ولايخفى ان المقصود بالقرارات الادارية المستقلة هي القرارات التي تصدرها الادارة من دون ان يوجد قانون تستند اليه. وتلجأ الادارة الى اصدار لوائح الضبط بقصد المحافظة على النظام العام بعناصره المختلفة مقيدة في ذلك بتوافر جميع اركان القرار الاداري من اختصاص وشكل وسبب ومحل وغاية. واذا كان اختصاص الادارة في اصدار اللوائح المستقلة في مصر يعد اختصاصا استثنائيا من قاعدة تولي السلطة التشريعية لوحدها الوظيفة التشريعية ومن ثم يجب ان يستند الى نص دستوري ،فان الامر على نقيضه في فرنسا اذ يعد هذا الاختصاص بموجب دستورها لعام 1958 النافذ اختصاصا اصيلا للادارة اذ ان المادة (34) منه حددت اختصاصات السلطة التشريعية على سبيل الحصر وتركت ماعدا ذلك للادارة تنظمها عن طريق اللوائح(1). ومن الامثلة التي تذكر على سلطة الادارة في اصدار القرارات المستقلة في مصر قرار وزير التعليم العالي المصري رقم (208) لسنة 1994 الذي جاء مفسرا لقراره المرقم(113)للسنة ذاتها وقد بين البند ثانيا من القرار المفسر بان المقصود بالزي المناسب الذي يجب ارتداؤه في المدارس الرسمية والخاصة هو المحافظة في الزي على مراعاة الاحتشام بما يتفق مع تقاليد المجتمع واخلاقه وكل زي يخرج على هذا الاحتشام يكون مخالفا للزي المدرسي ولايسمح للتلميذة التي ترتديه بدخول المدرسة(2). ومن الطبيعي ان لايحدد القرار المقصود بالزي الذي يخرج عن الاحتشام لصعوبة ذلك واختلاف تقديره من محافظة لاخرى وان يعهد بذلك الى ادارات المدارس ،وقد ثار التساؤل عن اختصاص الادارة باصدار لوائح ضبطية مستقلة (انظمة ضبط مستقلة) في ظل عدم وجود نص صريح يخولها ذلك؟ يرى البعض عدم امكانية الادارة اصدار لوائح ضبطية مستقلة الا عند وجود نص يخولها ذلك وان دورها يقتصر على تنفيذ القوانين(3). ولكننا نميل الى الراي الراجح في الفقه القائل بامكانية ذلك وجوازه باعتبار ان المحافظة على النظام العام من الاختصاصات الطبيعية للسلطة التنفيذية من دون الحاجة الى وجود نص بذلك وان ذلك يساعد الادارة في حل الاشكاليات التي تفرزها الممارسة العملية في ادارة المرافق العامة بغية ضمان حسن سيرها على اكمل وجه فضلا عن ان المبادى العامة تقرر للادارة هذا الاختصاص(4) . وفي العراق نشير بهذا الصدد الى بيان وزارة الداخلية بشأن منع التبرج رقم (7456)لسنة 1968 الذي نص على ان (بناء على ماتقتضيه الاداب العامة وتمسكا بالاخلاق العربية الاسلامية وتاكيدا على ضرورة بناء جيل قوي متين يؤمن بالفضيلة ويتمسك بالقيم الخلقية الرفيعة بعيدا عن الميوعة والرذيلة، وبالنظر لما لمسناه من التسيب الزائد لدى الجيل بالوقت الحاضر ،ولغرض درء المفاسد عنهم قبل استفحالها قررنا منع التبرج وارتداء الملابس القصيرة (الميني جوب )منعا باتا في انحاء العراق كافة (عدا السواح الاجانب) وان يكون اللباس النسائي المحتشم لايقل عن عقدة واحدة تحت الركبة وعلى مدراء التربية والتعليم ومديرات المدارس اتخاذ الاجراءات الفورية لمعاقبة اية معلمة او طالبة تخالف ذلك وترتدي الملابس القصيرة (فوق الركبة)وسيكون المدراء عرضة للمحاسبة والعقاب في حالة تقصيرهم او اهمالهم في تنفيذ هذا البيان وكذلك سنطلب الى رجال الامن والشرطة القاء القبض على كل من تخالف ذلك وتتبرج او ترتدي الملابس غير المحتشمة على ان ينفذ هذا البيان بدءا من 1/ 12 /1968 )(5). ويلاحظ على هذا القرار انه كان يبتغي المحافظة على الاخلاق العامة الموجودة في المجتمع ومنع لبس مايخالفها ولكنه استثنى من ذلك-بلا مبرر مقبول- السياح الاجانب اذ ان الاصل في القوانين والقرارات ان تطبق على المقيمين في البلد كافة سواء اكانوا وطنيين ام اجانب كما ان الاجانب يجب ان يتقيدوا باخلاق المجتمع الذي يوجدون فيه ، وبالسياق نفسه اصدر ديوان رئاسة الجمهورية البرقية المرقمة (824/28)في 30/10/1972 معنونة الى الوزارات كافة منع فيها مظاهر التخنث كافة في المظهر والملبس على الموظفين والمستخدمين والعاملين في الدوائر الرسمية وشبه الرسمية وطلاب المدارس والمعاهد والجامعات(6). وبيان وزارة الداخلية السابق لايختلف كثيرا عن كتاب ( قرار ) رئاسة جامعة بغداد بالعدد 20705 في 8/10/2002 المعنون الى عمادات كليات الجامعة كافة والمتضمن منع التطرف في اللبس وكذلك الحال بالنسبة لكتابها المرقم 20231 في 27/11/2004 الذي امرت فيه تشكيل لجنة تربوية تكون مسؤولة عن تنفيذ تعليمات الزي الموحد مع مراعاة الحشمة وعدم تبرج الطالبات. وتقدير كون الملبس محتشما من عدمه يعود تقديره الى ادارات الكليات وقرارها في ذلك يعد قرارا اداريا خاضعا للطعن امام محكمة القضاء الاداري ويرى جانب من الفقه العراقي وجود اختلاف بين الانظمة من جهة والبيانات والتعليمات من جهة اخرى فتختص الاولى بايضاح وتفصيل القانون مباشرة وتقوم به السلطة الادارية العليا ،اما البيانات والتعليمات فتكون من اختصاص الرؤساء الاداريين ولاتعدو ان تكون عبارة عن قواعد عامة تعالج نصوص النظام وتحتل مرتبة ادنى من النظام متوصلا من كل ذلك الى عدم امكان وصفها بلائحة مستقلة او نظام مستقل وان كان هذا الراي يقر بعدم استناد البيان لقواعد تشريعية سابقة(7). الا اننا نرى انه مهما اختلفت التسميات (انظمة(8) ،تعليمات،بيانات،توجيهات )فلا يوجد ادنى شك بانها قرارات ادارية مادامت صادرة من السلطة التنفيذية وانها قرارات تنظيمية مادامت تتضمن قواعد عامة ومرتبة لاثار قانونية تؤثر في حقوق او واجبات الافراد او موظفي الادارة او كليهما وهي بهذا تختلف عن المنشورات او التعليمات المرفقية(9). وان القرارات التنظيمية الضبطية تكون حصرا اما قرارات تنفيذية او قرارات مستقلة ومعيار التمييز بينهما هو وجود نص تشريعي تستند عليه من عدمه،ففي حالة وجود نص تشريعي يستند اليه القرار التنظيمي فانه يكون قرارا تنفيذيا وبعكس ذلك يكون القرار التنظيمي مستقلا . ونستنتج من كل ذلك عد البيان وكتاب(قرار) وزارة التعليم العالي المشار اليهما اعلاه قرارا اداريا تنظيميا مستقلا مرتديا زيا ضبطيا وهادفا الى المحافظة على النظام العام الخلقي ماداما متضمنين احداث اثر قانوني متمثلا بتقييد حرية المواطنين في الملبس دون ان يوجد نص تشريعي يتكئان اليه ، وتثير هذه النتيجة موضوع مدى دستورية هذا القرار فيما يتضمنه من تقييد للحرية التي كفلها الدستور ... ومن المسلم به في كل الاحوال ان القرارات التنظيمية المستقلة التي ترتدي زيا ضبطيا يجب ان تخضع لقواعد المشروعية فلا يكون لها ان تخالف التشريع او الدستور بوصفها في مرتبة ادنى منهما سواء اتخذت المخالفة شكل الغاء او تعديل او تعطيل لحكمهما فضلا عن جواز اصدار تشريع يلغي هذه القرارات كليا او جزئيا بتعديل احكامها او التدخل بتنظيم المسائل التي يجوز للقرارات التنظيمية تنظيمها مستقلة(10).
____________________
1- الموسوعة العربية للدساتير العالمية – ص87-203.
2- اشار اليه د.رفعت عبد سيد- حرية الملبس في مرفق التعليم –دراسة تحليلية ونقدية لاحكام القضاء الاداري في فرنسا ومصر بخصوص مسالة الزي الاسلامي- الطبعة الاولى- دار النهضة العربية – القاهرة – 2004- ص160-161 .
3- محمد يعقوب السعيدي – مبادئ القانون الاداري – مطبعة الزهراء – بغداد -1965-ص95.
4- انظر في ذلك د. علي محمد بدير و د.عصام البرزنجي و د.مهدي ياسين السلامي – تاليف مشترك –مبادئ واحكام القانون الاداري – مديرية دار الكتب للطباعة والنشر - بغداد- 1993- ص222-223، د.ماهر صالح علاوي الجبوري – النظام في القانون العراقي –مدلوله طبيعته القانونية ورقابة القضاء عليه –بحث منشور في مجلة العلوم القانونية – تصدر عن كلية القانون –جامعة بغداد –المجلد الثامن عشر – العدد الاول -2004-ص29.
5- تعاميم رئاسة ديوان رئاسة الجمهورية (1968-1977)- مكان الطبع غير مذكور- سنة الطبع غير مذكورة-ص67،وقد تم تأكيد مضمون هذا البيان بالبيان الصادر من رئاسة ديوان مجلس الوزراء المرقم (11155)في 27/10/1968- المصدر نفسه – ص66.
6- المصدر السابق- ص70،وتم تاكيد مضمون هذه البرقية بالبرقية الصادرة من الجهة نفسها المرقمة (6312)في 19/5/1975 – المصدر نفسه – ص71.
7- عامر احمد المختار – تنظيم سلطة الضبط الاداري في العراق – مكان الطبع غير مذكور - 1975 – ص82.
8- فقد اعتاد االمشرع العراقي على استخدام كلمة النظام في العديد من التشريعات – انظر في ذلك مفصلا د. ماهر صالح علاوي الجبوري – النظام في القانون العراقي –مدلوله طبيعته القانونية ورقابة القضاء عليه –بحث منشور في مجلة العلوم القانونية – تصدر عن كلية القانون –جامعة بغداد –المجلد الثامن عشر – العدد الاول -2004–ص 1 ومابعدها
9- انظر د. سامي جمال الدين – المصدر السابق –ص40.
10- الا ان الوضع في فرنسا مختلف بعد صدور دستور (1958) الذي حدد للقانون مجالا محددا على سبيل الحصر وفق المادة(34)منه واطلق مجال اللائحة على وفق المادة (37)منه فضلا عن حمايته للائحة من تعدي القانون .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|