أقرأ أيضاً
التاريخ: 9/9/2022
892
التاريخ: 27-8-2019
1546
التاريخ: 8-9-2019
2324
التاريخ: 7/9/2022
1095
|
يعزى التصريف النهري العشوائي في بعض الحالات الى النضال النهري وفه ينبغي اعتبار امرين:
الأول: معدل الارتفاع الذي اصاب المنطقة.
الثاني: معدل النحت الرأسي للنهر.
ومن الممكن اعتبار النضال (السبق) النهري بمثابة تفسير معقول للتصريف العشوائي حينما يكون النهر كبيرا، ومعدل الرفع صغيرا أذا في الحالات التي تقطع فيها أنهار صغيرة مناطق التواءات كبيرة نسبيا، فإن تفسير التصريف العشوائي عن طريق السبق النهري يصبح أمرا بعيد الاحتمال كما هي الحال مثلا في أقليم وبى ماوث Weymouth وجزيرة وايت.
ونجد أمثلة واضحة للسبق النهري كالجزء الخانقي من نهر الراين، واختراق نهر كولومبيا لسلسلة جبال كاسكيد Cascade،وفي منطقة اهيمالايا، ومنها حالة نهر تيستا Tista ونهر آرون Arun والاخير من خير الامثلة للنضال النهري، ففي الاجزاء العليا من مجراه يتدفق النهر من الغرب الى الشرق متوافقا مع تراكيب المنطقة، لكنه ما يلبث بعد ذلك ان ينحني جنوبا ويشق طريق خلال جبال الهيمالايا في سلسلة من الخوانق العميقة ولا يمكن تفسير هذه الظاهرة إلا عن طريق السبق النهرين نظرا لأنه لم يعثر على شواهد لتأثير الجليد كما ان الدلائل تشير الى استبعاد الانطباع النهري والأسر النهري.
وخلاصة القول ان الحركات الارضية الرافعة قد تحدث تغيرات عظيمة وعلى نطاق واسع في أودية الانهار التي يتجدد شبابها بسببها. وقد تستمر عمليات الرفع والنحت الراسي لدرجة ان النهر الذي كان يجري بالمنطقة قبل حدوثها، والذي استطاع ان يحتفظ باتجاه مجراه الاصلي (عن طريق النحت الراسي الذي سار بمعدل يساوي معدل الرفع) يصبح الآن ف واد لا تربطه صلة بالتراكيب الصخرية السطحية، ويعرف هذا النمط كما أسلفنا بالتصريف النهري المناضل او السالف.
ورغم وجود هذه الامثلة الواضحة، فإن كثيرا من الجيومورفولوجيين يعرضون عن الاستشهاد بالسبق النهري كتفسير للتصريف النهري العشوائي الذي يتجاهل التراكيب الصخرية ويعتبرونه أمرا محتملا حينما يتأكد استبعاد الانطباع النهري الذي قد يؤدي أيضا الى عدم التوافق كما ذكرنا.
وفي هذا يقول ينبغي ان يكون السبق النهري آخر ما يلجأ غليه الجيومورفولوجي لتفسير نمط التصريف النهري العشوائي ذلك لأن السبق يصعب جدا اثباته واقامة الدليل عليه الا في الحالات النموذجية، ويوغل الجيومورفولوجيون ف الابتعاد عن السبق النهري، ويفضلون عليه الانطباع النهري حتى ولو أنبنى الاخير على أدلة واهية للغاية لكن ينبغي لنا ان نشير الى أنه لا يشترط بالضرورة عدم حدوث عملية معلومة كالسبق النهري، لمجرد اننا لا نستطيع الاستدلال عليها بسهولة فالسبق النهري بطبيعته لا يترك سوى أدلة طفيفة ومؤقتة، ويصعب استقراؤها.
ومن الممكن أحيانا استبعاد السبق النهري بسهولة لتفسير نمط نهري غير متوافق، وانهار جنوب ويلز التي تشق مجاريها غير متوافقة مع خطوط الالتواءات والانكسارات الهرسينية المكونة لحقل الفحم خير مثال على ذلك. واهم ظاهرة يتميز بها هذا النمط النهري شبابه الواضح، كما ان المجاري التابعة بقيت سليمة، رغم ان الخصائص الجيولوجية تناسب تكوين انهار تالية وعمليات أسر نهري، ومن تلك الخصائص المناسبة مكاشف الصخور الضعيفة الممتدة في اتجاه غربي شرقي، فإذا ما رأينا ان هذا التصريف النهري تصريف سالف، فإن عمره ينبغي ان يبدأ بالعصر الفحمي او ما قبله، أي منذ نحو 250 مليون سنة، وهذا مستحيل. فقد توالت على المنطقة عصور طغيان وانحسار بحري متعاقبة، علاوة على تغير الظروف المناخية من الرطوبة الى الجفاف.
ولهذا فإننا ينبغي ان نفسر التصريف النهري بجنوب ويلز أما بالانطباع النهري من طبقة طباشيرية كانت ترتكز غير متوافقة على صخور الزمن الاول ف حقل الفحم، او نتيجة للنحت الصاعد بواسطة انهار كانت تنحت ابتداء من الساحل صوب الداخل. وما يقال عن التصريف النهري في جنوب ويلز، ينطبق على المناطق الاخرى من بريطانيا حيث يكون التصريف النهري غير متوافق مع التراكيب الجيولوجية المنتمية للفترة الهرسينية وما قبلها.
ويختلف الوضع عن ذلك إذا ما درسنا تصريفا نهريا في منطقة حديثة التراكيب الصخرية، ففي منطقة الويل Weald الانجليزية يوجد عدد من الانهار غر المتوافق، تقطع الالتواءات الالبية المكونة لتلال الساوث داونس South Downs وما يليها شمالا.
وهنا يمكن ان نجد أمثلة للنضال او السبق النهري على أسس معلومة نوردها فيما يلي:
1- أنه من الممكن تقدير معدل نمو الالتواءات الابية، التي يرجح بدء حدوثها في عصر الايوسين ثم اكتملت ف عصري الاوليجوسين واليموسين. ولا تزيد ذرى الالتواءات التي تقطعها أنهار مثل أرون Arun، وأدور Adur واوس Ouse على 350 مترا. وإذا ما وزعنا هذا الرقم على الفاصل الزمني منذ نشأتها حتى وقتنا الحالي، وهو حوالي 35 مليون سنة. ومن الواضح ان هذا الرقم ربما تضاعف أثناء عنفوان حركة الرفع ف عصر الميوسين، لكن رغم هذا يعطينا نوعا من القيام لتوضيح بطء نمو الالتواءات.
2- من الممكن تكوين فكرة عن معدل سرعة النحت الرأسي الممكنة في أقليم الويلد weald من خلال حقيقة ان انهار الاقليم تمكنت خلال الزمن ارابع من أن تعادل قطاعاتها لمستوى القاعدة الذي هبط حينذاك بما يناهز 200 متر وإذا ما فترضنا دوام الزمن الرابع مليون سنة، فإننا يمكن ان نحسب معدل النحت الراسي لأنها الويلد بما يوازي مترا واحدا كل 5000 سنة على وجه التقريب، او ما يساوي 20 مثلا لمعدل ارتفاع الالتواءات. وفضلا عن ذلك، فإن معدل التعرية هذا لا بد وأن تعاظم أثناء فترات انخفاض منسوب البحر اي عند حلول كل فترة جليدية. ومن الواضح ان هذه الارقام تستند على افتراضات كثيرة، وهي لا تبرهن بالدليل القاطع على ان أنهار الويلد مناضلة، لكنها ترجح انها من النمط المناضل، ولابد من الدراسة الحقلية لتجميع الشواهد والادلة الحقيقية للوصول الى رأي قاطع في هذا السبيل.
ولعل أهم دليل يحسم حالة السبق النهري هو وجود مدرجات نهرية مقوسة في وادي النهر. وحينئذ ترتبط التقوسات بمحاور بنيوية الثنية محدبة (أوعيب)، التي على امتدادها حدثت حركات أرضية نشطة حديثة. ومن الواضح، حينئذ، أنه ما دامت المصاطب النهرية ما هي الا بقايا قيعان أودية سالفة، فإن ما يعتريها من انحدارات وتقوسات لا يمكن تفسيرها الا بحركة رفع معدلها لا يزيد عن معدل النحت النهري.
وإذا لم يتوفر وجود الدليل السابق الذكر، فقد يوجد شاهد آخر يتعلق بالارساب أمام محور التقوس. أذ يحدث ان ينطمر القاع الصخري للوادي بغطاء سميك من الرواسب النهرية التي أرسبها النهر حينما أعاق جريانه بروز الحاجز التركيبي. ففي مثل هذه الحالة قد لا يغير النهر مجراه ويتدفق في مسلك جديد، وإنما يتوازن الارساب والاطماء مع معدل رفع الحاجز البنيوي. وهنا تصبح عملية الارساب كدليل على النضال النهري.
والواقع ان مثل هذه الشواهد نادرة الوجود. وتعد المصاطب النهرية والتراكمات الارسابية النهرية ظواهر حديثة في معظم البيئات الطبيعية. ذلك ان كل المدرجات النهرية على وجه التقريب رباعية العمر (بلايوستوسينية – هولوسينية) وكلها ذات صلة بالتغيرات العديدة التي حدثت لمستوى القاعدة أثناء الزمن الرابع. ومن ثم يكون من العبث ان نحاول البرهنة على ان نهرا معلومات يقطع مجراه في التواء البي ميوسيني العمر كان سابقا في وجوده للالتواء، لان المدرجات التي نشأت حينذاك لاشك قد اختفت منذ زمن طويل. ولهذا فإننا لا نعجب حينما نرى أمثلة النضال النهري التي ثبتت صحتها بالبراهين الحقلية هي في الواقع حديثة جدا من وجهة النظر الجيولوجية.
مثال ذلك دراسة كولمان Coleman (1958) في وادي نهر سالتساخ Salzach بجبال الالب، فقد اثبت ان النهر تمكن من الحفاظ على مجراه رغم ارتفاع المنطقة التي يجري بها نحو 43 مترا خلال التسعة آلاف سنة الاخيرة. وبالمثل تتصف أمثلة التصريف النهري السالف الشهيرة في جبال الهيمالايا، ومنها نهر آرون Arun وروافده، بالحداثة وذلك عن طريق الحصى النهري. وحركة الرفع التي بلغت نحو 35 مترا ف مجرى نهر دزاكاشو Dzadar Chou رافد أرون ما هي الا جزء من استمرار النشاط التكتوني لجبال الهمالايا. ولاشك ان حركة الرفع كانت فيما مضى أقوى وأعنف، يدل عليها العمق الذي بلغته الخوانق التي شقها نهر آرون وغيره من الانهر التي تقطع بنيان مرتفعات الهيمالايا. ومن المؤكد ان عدم توافق هذه الانهار مع التراكيب الصخرية لا يمكن تفسيره عن طريق الانطباع النهري.
ومع هذا ينبغي الحرص الشديد عند تقويم الادلة المحددة لنوعية الانهار هنا. ذلك ان مجاري أنهار الهيمالايا قد تكون نتيجة للنحت الصاعد او التراجعي بواسطة انهار يتجدد نشاطها وتعظم قواها التحاتية بسبب الانحدارات الشديدة التي تجري فوقها وهي في طريقها الى سهول الجانج، وبناء على ذلك فإن أنهار مثل نهر آرون يحتمل أنها مجاريها تراجعيا في عصر حديث نسبيا خلال كتلة الهيمالايا التي ما تزال تعاني الرفع والالتواء، ومن ثم تمكنت من الحفاظ على مجاريها رغم استمرار رفع ولوي الكتلة الجلية. ومن هذا نرى ان أدلة نجاح النهر في الحفاظ على مجراه رغم تأثره بحركة رفع حديثة ومحدودة، تختلف عن أدلة البرهنة على ان النهر كان موجودا بالفعل قبل جميع البينات والتراكيب الجيولوجية التي يشقها حاليا.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
قسم الشؤون الفكرية يقيم عددًا من الفعاليات الثقافية المتنوعة في جامعة العميد
|
|
|