أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-07-2015
771
التاريخ: 2-07-2015
911
التاريخ: 24-10-2014
1192
التاريخ: 24-10-2014
948
|
كونه عالماً بمعنى انكشاف الأشياء له، وكونها غير غائبة عنه، لأنّه مختار كما تقدّم(1) ، وكلّ مختار عالم، لتبعيّة فعله لداعيه الذي هو العلم الفعلي بما انعقد عليه الباعث على إيجاده. ولأنّه فعل فعلًا محكماً أي مستتبعاً لخواصّ كثيرةٍ ومنافع عظيمة، وكلّ من كان كذلك فهو عالم؛ أمّا الصغرى فحسّيّة ننبّه عليها بوجوه:
1- العالم الفلكيّ، من نظر فيه وعرف كيفيّة نظام أفلاكه، وكيفيّة نضدها وسيرها على مدارات مختلفة، وحصول الأوجات والحضيضات لخوارج مراكز، وأفلاك ممثّلات بتداوير، وما يترتّب على الحركات المخصوصة من الفوائد، فإنّ قرب الشمس من رؤوسنا يترتّب عليه نضج الثمار بالسخونة، وبُعدها عنّا يترتّب عليه حصول البرد في الجوّ، فتحتقن الحرارة في باطن الأرض، فتتكوّن الأبخرة، والمحلّ الخارجي ضعيف فتحدث الغيوم والأمطار، فيحصل النبات؛ وبالجملة: جميع الأحوال الفلكية من نظر في علم تشريحها علم ضرورة أنّها لا تصدر إلّامن لطيف خبير.
2- خلق العالم العنصري، ووضع استقصّاته(2) بعضها فوق بعض، وكيفية تكوّن المركّبات الثلاث: المعدن والحيوان والنبات منها؛ وحصول الخواصّ والفوائد فيها، كما هو مذكور في مظانّه، دليل ظاهر على فاعل عليم حكيم.
3- بدن الانسان، وكيفية خلقه ونشأته، وفوائد اعضائه وآلاته. فخلق المعدة للهضم وجعل القوة الهاضمة فيها وخوادمها من الجاذبة والماسكة والدافعة. وكذلك قرب المرارة منها لتصفي الدم مما غلظ من المرّة الصفراء، لئلّا يسري في جميع البدن، فيحصل اليَرَقان الأصفر، فهو يتغذّى بالبعض، ويقذف بالباقي إلى الأمعاء لتغسل ما فيها من الأثفال.
وكذا الطحال تجذب من المرّة السوداء لئلّا يسري في البدن كلّه فيستولي اليَرَقان الأسود عليه. ثم الكليتان الجاذبتان لمائيّة الدم، إذ لولا ذلك لسرى في البدن فيحصل الاستسقاء الرقي. وكذا الدماغ وما يشتمل عليه من القوى الخمس كما تقدّم ذكره (3) ، برهانٌ قاطعٌ بوجود مدبّر قدير.
وأمّا الكبرى: فضروريّة. وإنْ نقضت بالنحل، لأنّه يبني بيتاً مسدّساً يعجز حذّاق المهندسين عنه مع عدم علمه، وبالمحتذي بغيره في نقش من النقوش التزمنا العلم في كلٍّ منهما ومنعنا عدمه، أو نقول إنّهما ليسا فاعلين: أمّا النحل فلكونه يفعل بالطبيعة، وأمّا المحتذي فلعدم استقلاله.
خاتمة: حيث إنّ صفاته تعالى ذاتيّة كما يجيء، فكلّما صحّ له وصف وجب له، وإلّا لم يكن ذاتياً، هذا خلف؛ وهو تعالى يصحّ أن يعلم كلّ معلوم لأنّه حيّ، فيجب له ذلك، وهو المطلوب.
وخالف هنا أقوام:
فمنهم(4) من منع علمه بذاته، وإلّا لزم التكثّر في ذاته، لكون العلم نسبة بين العالم والمعلوم، ولا يحصل إلّا بين شيئين. واجيب: بأنّه منقوض بعلم الواحد منّا بنفسه؛ على أنّا نقول: إنّ التغاير بالإعتبار كافٍ، فالذات من حيث إنّها عالمة مغايرة لها من حيث إنّها معلومة؛ قيل: يلزم الدور ولأنّ العلم يتوقف على التغاير، فلو حصل التغاير باعتباره دار.
اجيب: بأنّ التغاير يحصل بكون الذات عالمةً ومعلومة بالقوة، والذي يتوقف على العلم هو حصولها بالفعل.
ومنهم: من منع علمه بغيره؛ وإلّا لزم اجتماع الصور في ذاته، فتجتمع الأمثال(5).
وأُجيب: بأنّه مبنيّ على أنّ العلم هو الصورة، وهو ممنوع، بل هو إمّا إضافة، أو صفة تلزمها الإضافة، أو ليس بواحد منهما بل هو الكشف كما قرّرناه.
ومنهم: من منع علمه بالجزئيات على أنّها واقعة الآن (أو وقعت) ، أو ستقع، بل يعلمها مقرونةً بأسبابها وأزمانها لا من حيث التقييد. قالوا: لو كان عالماً بها كذلك، تغيّر علمه الذاتي بتغيّرها، وإلّا لزم الجهل(6). وأُجيب: بأنّ التغيير في المتعلّقات، أمّا العلم الّذي هو صفة حقيقية تستلزم التعلّق بالمعلوم فلا(7). وهو ضعيف، للزوم زيادة صفة على ذاته.
والأجود جواباً: أنّ جميع الأشياء من الأزل إلى الأبد- كلٌّ منها على ما هو عليه- منكشف له أزلًا وأبداً، ولا يتغيّر ذلك الإنكشاف، ولا شيء منه أصلًا، فيعلم الثابت ثابتاً، والمتغيّر حاصلًا في حينه غير حاصل في غيره، {لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ} [سبأ: 3].
ومنهم: من منع علمه بما لا يتناهى، لأنّ المعلوم متميّز عن غيره، وإلّا لم يتعلق به العلم دون غيره، والمتميّز عن غيره محصور، فلا يكون غير متناه.
واجيب: بأنّه يعلمه على ما هو عليه، فإن كان متناهياً علمه كذلك، وإنْ كان غير متناهٍ علمه كذلك، والتميّز يحصل في غير المتناهي، وهو ظاهر.
__________
(1) في الصفحة 172.
(2) ضبطت هذه الكلمة في المصادر الأُخر هكذا:( اسطقس) وجمعها( اسطقسات) وهي كلمة يونانية بمعنى الأصل وتسمى العناصر الأربع التي هي الماء والأرض والهواء والنار( راجع التعريفات: 10).
(3) في الصفحة 92.
(4) وهم الدهرية، راجع شرح المواقف 8: 71.
(5) انظر شرح المواقف 8: 73.
(6) شرح المقاصد 4: 126.
(7) انظر شرح المواقف 8: 75.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|