أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-11-2016
3002
التاريخ: 2024-10-14
239
التاريخ: 2024-11-03
446
التاريخ: 1-11-2016
5736
|
تتعدد الوحدات السياسية في اوربا بصورة لا يوجد مثيل لها في اية قارة أخرى بالعالم, فرغم صغر مساحتها التي لا تتجاوز 10،5 مليون كيلو مترا مربعا الا انها تضم 46 وحدة سياسية، لذلك لا يتجاوز متوسط مساحة الوحدة السياسية في اوربا 228،7 كيلو مترا مربعا فقط، ويعد هذا المتوسط هو الأصغر على مستوى قارات العالم.
ونتج عن ذلك عدة حقائق جغرافية لعل أهمها تقارب المسافات بين الوحدات السياسية في القارة وحتى بين الوحدات غير المتجاورة منها يستثنى من ذلك دولتي ايسلندا في اقصى الشمال الغربي، ومالطة في اقصى الجنوب، وتتألف كل منهما من جزيرة منفردة الأولى في شمالي المحيط الأطلسي والثانية في جنوبي النطاق الأوسط من حوض البحر المتوسط.
ولتأكيد هذه الظاهرة نذكر ان المانيا يجاورها تسع دول (بولندا، التشيك، النمسا، سويسرا، فرنسا، لوكسمبورج، بلجيكا، هولندا، الدنمارك)، والنمسا يجاورها سبع دول (المانيا، التشيك، سلوفاكيا، المجر، سلوفينيا، إيطاليا، سويسرا)، والمجر يجاورها سبع دول (سلوفاكيا، أوكرانيا، رومانيا، صربيا، كرواتيا، سلوفينيا، النمسا).
وتبع تعدد الوحدات السياسية في القارة، بالإضافة الى شدة تقاربها مكانيا كثرة تعرجات خطوط الحدود السياسية وبالتالي تزايد اطوالها بشكل كبير وبصورة لا يوجد مثيل لها في أي قارة أخرى رغم ان اوربا تعد اصغر قارات العالم مساحة بعد استراليا, ويمكن تفسير هذه الظاهرة السياسية من خلال بعدين رئيسيين هما البعد الجغرافي والبعد التاريخي.
البعد الجغرافي :
يشتمل على عدة عناصر يأتي الموقع الجغرافي وشكل القارة في مقدمتها حيث تقع اوربا كما سبق ان ذكرنا في العروض الوسطى المعتدلة باستثناء أطرافها الشمالية، كما سبق ان ذكرنا في العروض الوسطى المعتدلة باستثناء أطرافها الشمالية، كما تمتد في شكل شبه جزيرة من اليابس الاوراسي تتصف بكثرة تعرجات خط ساحلها وتداخل عدة اذرع بحرية من اليابس الأوربي مكونة بحارا وخلجانا، وكلها حقائق أسهمت في اعتدال مناخ نطاقات واسعة من القارة بتأثير كل من سيادة المؤثرات البحرية والموقع الفكي، بالإضافة الى التوجه البحري لاوربا وسهولة اتصالها بالعالم الخارجي مما زاد من الأهمية الاستراتيجية لكل من المسطحات البحرية المحيطة بالقارة وخاصة ان معظمها مفتوح للملاحة طول العام، والمضايق والممرات البحرية مثل مضيق دوفر، والقنال الإنجليزي، مضيق جبل طارق، مضيق مسينا، القنال الصقلي (بين السواحل الجنوبية لجزيرة صقلية والسواحل الشمالية الشرقية لتونس)، ومضايق البسفور والدردنيل واوترانتو، بالإضافة الى الممرات البحرية، في نطاق بحر ايجه، وقناتي كورينثوس وكييل، وقد اثارت هذه المضايق والممرات البحرية الاوربية الكثير من المشاكل بين دول القارة وكانت من أسباب الاحتكاك والتصادم بين بعض الدول الاوربية خلال تاريخها السياسي الطويل، كما أسهمت خصائص الموقع والشكل السابقالاشارة الى اهم ملامحها في اهتمام الدول الاوربية وخاصة الغربية منها ببناء اساطيل بحرية قوية كان لها تاثيرا مباشرا في نشاطها البحري والاستعماري على مستوى العالم، وتشييدها امبراطوريات واسعة ضمت مستعمرات عديدة في قارات العالم الجديد (الامريكتين والاوقيانوسية) وافريقيا واسيا.
وجدير بالذكر ان التوجه البحري كان واضحا وصريحا في التاريخ السياسي لدول شمالي وغربي اوربا، عكس الوضع بالنسبة لدول شرقي ووسط اوربا، فقد كان توجهها قاري يستثنى من ذلك المانيا التي كان توجهها قاري داخل اوربا في البداية وبعد ان توحدت عام 1871 وتزايدت قوتها الاقتصادية والسياسية غيرت اتجاهها واهتماماتها السياسية صوب البحر لتدخل دائرة الدول الاستعمارية في وقت متأخر خلال القرن التاسع عشر، لذلك كان نصيبها من المستعمرات في أعالي البحار محدودا في افريقيا وعالم المحيط الهادي على حد سواء.
ولعب التركيب الصخري والتاريخ الجيولوجي دورا مباشرا في توزيع الخامات والرواسب المعدنية في أقاليم القارة المختلفة بصورة غير متجانسة من حيث الكمية والنوعية وخاصة فيما يتعلق بالفحم والحديد – أساس الحضارة الصناعية المعاصرة – وهما من المعادن التي برزت أهميتها بعد الثورة الصناعية في منتصف القرن الثامن عشر، وكانت سببا في نشوب العديد من المشكلات السياسية بالقارة كمشكلات الالزاس واللورين، السار، سيليزيا. واسهم تركز الجانب الأكبر من الخامات المعدنية في غربي اوربا في تطور دولها حضاريا وتزايد ثقلها الاقتصادي وسرعة نضوجها سياسيا بصورة تفوق مثيلتها في شرقي اوربا الأقل حظا في الموارد المعدنية.
وفيما يتعلق باشكال السطح فقد ساعد استواء سطح مساحات واسعة من القارة (1) وخاصة الامتداد الكبير للسهل الأوربي العظيم بين غربي القارة وشرقها على سهولة تحرك وهجرة القبائل والشعوب الاوربية بين نطاقات عديدة من القارة طوال التاريخ وخاصة جماعات القوت والهون والسوفيان والجيرمان وغيرها واختلاطها أحيانا ببعضها البعض في مواقع محددة مما اثار العديد من المشكلات بعد ذلك وكانت سببا في عدم استقرار الحدود السياسية في جهات مختلفة من اوربا نتيجة لتقسيم بعض الدول والتي كان اخرها في ديسمبر عام 1992 حين تم تقسيم تشيكوسلوفاكيا في وسط اوربا الى دولتي التشيك وسلوفاكيا.
وفي بعض الأحيان كان الامتداد السهلي سببا في سرعة نمو الدولة ووحدة أراضيها وقوة سلطة الحكومة المركزية بتاثير سهولة الربط والاتصال ينطبق ذلك على فرنسا (حولة حوض بروكسل) وهولندا، وفي احسان أخرى كان الامتداد السهلي لاراضي بعض الدولة سببا في سهولة اجتياح أراضيها بمعرفة قوي عسكرية لدول مجاورة كما هي الحال بالنسبة لدول هولندا وبلجيكا ولوكسمبورج وبولندا التي اجتاحتها الجيوش الألمانية خلال الحرب العالمية الثانية.
وساعدت النطاقات الجبلية عالية المنسوب على احتفاظ بعض الجماعات التي تقطنها بشخصيتها الحضارية والثقافية المستقلة كما هي الحال بالنسبة لجماعات الباسك في نطاق جبال البرانس شمالي اسبانيا، والجماعات النمساوية التي تتحدث الألمانية في إقليم التيرول الجنوبي بين النمسا وإيطاليا في نطاق جبال الالب. وبالمثل ساعد الموقع الجبلي لبعض الوحدات السياسية قزمية المساحة على الاحتفاظ باستقلالها السياسي بعيدا عن الدول الكبرى المتاخمة لها كما هي الحال بالنسبة لدولة أندورا في نطاق مرتفعات البرانس بين فرنسا واسبانيا، وامارة ليختنشتين في نطاق مرتفعات الالب بين النمسا وسويسرا وقرب الحدود الالمانيا.
وساعد الموقع الجبلي لسويسرا في نطاق مرتفعات الب وسيطرتها على العديد من الممرات الجبلية بهذا النطاق في الحفاظ على وحدة وترابط التراب الوطني رغم ان هذه الطبيعة الجبلية أسهمت في تعدد العناصر السكانية التي يتالف منها الشعب السويسري مما أدى كما سبق ان اشرنا الى تعدد اللغات الرسمية في الدولة والتي تشمل الألمانية والفرنسية والإيطالية والرومانش.
وقبل الانتهاء من دراسة تاثير البعد الجغرافي على الأوضاع السياسية لدول اوربا لابد من الإشارة الى ان تباين الملامح البيئية للاقاليم الجغرافية تبعه تعدد وتنوع الموارد والإمكانات المتاحة في دول القارة المختلفة والتي انعكس مستوى استغلالها مع عوامل أخرى على تحديد درجات الثقل الاقتصادي والقوة السياسية لدول القارة والتي تبلغ أقصاها في دول الشمال والغرب، وادناها في دول الشرق الجنوب الشرقي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) لا يتجاوز منسوب اكثر من 60% من مساحة قارة اوربا 650 قدما (198 مترا) فوق مستوى سطح البحر.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|