التسمية:

بدأت في عصور فجر السلالات أولى السلالات الحاكمة المعروفة لدينا من خلال النصوص المسمارية التي يختلف الباحثون في تحديد بدايتها بين الأعوام (3000-2800 ق.م), ولكنهم يتفقون على أن نهايتها كانت بقيام الدولة الأكدية التي اختلفوا في تحديد بدايتها أيضا ، فمنهم من يرى أن قيامها كانت في عام (2371 ق.م)(1) .

وهناك من يرى بأن قيامها كان في عام ( 2340 ق. م )(2)  .وهناك من يرى أن قيامها كان في عام (2334 ق.م )(3) . ومنهم من يرى بأن قيامها كان في عام ( 2350 ق.م)(4) .  كل بحسب ما تناوله من دراسة في تحديد العصر من معطيات عامة فنية أو عمارية أو سياسية.

هناك عدة تسميات أطلقت على عصر فجر السلالات ، اختلفت من باحث إلى آخر بحسب طبيعة تناوله للموضوع ، إن كان سياسيا أو حضاريا ، ومن تلك التسميات:

1. عصر ما قبل سرجون(5): وهي تسمية شائعة لدى الباحثين البريطانيين والأمريكيين لعصور فجر السلالات، ذلك لأنه لم توجد سلالة واحدة حاكمة في أي مدينة كانت قد نجحت في الاحتفاظ كثيرا في سيطرتها على البلاد من شماله إلى جنوبه ، وإن هذه المنطقة بقيت باستمرار مقسمة بين القوى المتنازعة ، وبقيت كذلك حتى ظهر الملك سرجون الأكدي. الذي كان ظهوره وتأسيس دولته تعد أول حادثة حاسمة في تاريخ بلاد الرافدين(6) .

2. عصر فجر السلالات : وهي التسمية التي شاعت في كتابات الباحث (هنري فرانكفورت) ، وذلك بالاستناد إلى نتائج تنقيباته في مواقع ديالى، التي قام بها المعهد الشرقي التابع لجامعة شيكاغو بين الأعوام ( 1930-1937م )(7) .

3. عصر لجش : تسمية أطلقت نسبة إلى مدينة لجش – المدينة السومرية الشهيرة(8) . وذلك لأن معلوماتنا عن العصور السابقة للعصر الأكدي كانت في البداية مستخلصة من أعمال التنقيب التي أنجزها الفرنسيون بين الأعوام (1877-1907م ) في لجش ( تلو حاليا)(9) . فضلا عن الكشف عن الأعمال الفنية فقد زودتنا هذه الحفريات بعدد من النصوص المسمارية التي ساعدت في وضع قائمة لحكام حكموا في تاريخ مبكر في الألف الثالث قبل الميلاد(10) .

4. عصر ميسيلم ( ميسالم ) : وتطلق هذه التسمية على الدور الثاني من عصر فجر السلالات ، ولم يرد أسم هذا الملك في قائمة الملوك السومرية ، ولكن الكتابات المكتشفة في مدينة ( لجش ) بينت أنه كان حاكماً على مدينة (كيش) وأنه كان حكماً ناجحاً في النزاع بين مدينتي ( أوما ولجش )(11) .

5. عصر الحضارة السومرية المبكرة: وهي تسمية غير صحيحة لأن أقواماً  من غير السومريين قد ساهموا في تكوين الحضارة وفي مقدمتهم "الجزريون" ، الذين شاركوا السومريين في استيطان السهل الرسوبي منذ عصور مبكرة(12) .

6. عصر دويلات المدن:  وهي من التسميات التي ظهرت في كتابات عدد من الباحثين (13). وتضم كل دويلة مدينة مركزاً وضواحي وقرى تابعة لها، ولكل مدينة إله خاص بها ، كما تعود عائدات دويلة المدينة إلى المعبد الرئيس بها(14) .

7.عصر اللبن المستوي المحدب: أطلقت هذه التسمية لشيوع استخدام هذا النوع من اللبن في مباني هذا العصر, وهذا اللبن مضلع الشكل قاعدته مستوية وسطحه العلوي محدب, وقد ظهر وأستخدم في مباني هذا العصر فقط ولم يستخدم بعد ذلك في العصور اللاحقة(15) .

التقسيم الزمني:

تقسم العصور التاريخية في بلاد الرافدين ولا سيما العصور الزمنية الطويلة منها إلى ادوار أو تقسيمات ثانوية ، تتميز كل منها بسمات خاصة كأن تكون سياسية أو بتطورات في النواحي الاجتماعية أو الاقتصادية أو الحضارية . والحال نفسها ينطبق على عصر فجر السلالات الذي يغطي جزءاً من الإلف الثالث ق. م و ينتهي بوصول سرجون الاكدي إلى الحكم و توحيده لبلاد الرافدين و تأسيس أول مملكة موحدة في البلاد في حدود عام ( 2370 ق . م ), و يتفق اغلب الباحثين على تقسيم عصر فجر السلالات إلى ثلاثة أدوار أو أقسام رئيسة أطلق عليها تسمية عصر فجر السلالات الأول وعصر فجر السلالات الثاني وعصر فجر  السلالات الثالث، مع وجود اختلاف فيما بينهم كل حسب وجهة نظره، وما قام بدراسته و ما قدمه من أدلة لإثبات رأيه . و منهم الباحث هنري فرانكفورت الذي حدد عصر فجر السلالات الأول بين الأعوام (2900- 2750 ق.م) ، وعصر فجر السلالات الثاني بين الأعوام ( 2750-2600 ق.م ) ، و عصر فجر السلالات الثالث بين الأعوام (2600-2371 ق.م) و قد عدّ فرانكفورت عصر فجر السلالات الثالث عصر ازدهار ونضج تطورت فيه المدن و شهدت فيه نمواً  جوهرياً في عددها واتساعها وعدد سكانها بمرور الوقت ، و قد حدد تقسيماته هذه على أساس التنقيبات التي قام بها المعهد الشرقي لجامعة شيكاغو في منطقة ديالى بين الأعوام (1930-1937 ) م . وما أسفرت عنه التنقيبات من دراسة للمخلفات الأثرية(16) .

 أما الباحثة دومينيك كولون فقد قسمت العصر نسبة إلى دراستها إلى الأختام الأسطوانية العائدة لهذا العصر إلى حقبتين : أطلقت على الأولى عصر فجر السلالات ( أ ) ، ويتزامن مع عصر فجر السلالات الأول ، وبداية عصر فجر السلالات الثاني ، وأطلقت على الحقبة الثانية عصر فجر السلالات (ب) ، ويتزامن مع نهاية عصر فجر السلالات الثاني وبداية عصر فجر السلالات الثالث(17) .

في حين قسم الباحث أنطون مورتكات عصر فجر السلالات إلى ثلاثة أدوار وعدّ عصر فجر السلالات الأول هو الدور الانتقالي الأول ، ولكنه أيد في الوقت نفسه ظهور بداية عصر فجر السلالات في منطقة ديالى(18) . ثم  عصر ميسيلم وهي التسمية التي أطلقها على الدور أو العصر الثاني من عصر فجر السلالات نسبة إلى حاكم كيش المسمى ( ميسيلم أو ميسالم), ثم مدة الانتقال الثانية  عصر أمدكود سوكرو وسلالة أور الأولى(19) . وتبعه الباحث   ( روودا ) مستعملاً تقسيماته لعصر فجر السلالات ، وعدّ عصر فجر السلالات الأول مرحلة أولى وأنه يمثل دوراً قصيرا جداً ، وان عصر فجر السلالات الثاني عصر (ميسيلم, أو ميسالم)، ومدة سجلات فارة هي طويلة على وجه الخصوص(20) .

في حين أعتمد الباحث أوتو إدزارد في تقسيمه لعصر فجر السلالات على النصوص الكتابية بالشكل الآتي :

1) عصر فجر السلالات الأول: حدده من العصر الشبيه بالكتابي إلى زمن الألواح القديمة في أور. 

2) عصر فجر السلالات الثاني: يبدأ بظهور أسوار المدن بمعناها الحقيقي في بلاد سومر.

3) عصر فجر السلالات الثالث:  يبدأ مع فترة سجلات فارة(21) .

أما عن رأي أصحاب المدرسة العراقية فنجد أن الأستاذ طه باقر قد قسم  عصر فجر السلالات إلى ثلاثة عصور أو أدوار رئيسة هي : عصر فجر السلالات الأول وعصر فجر السلالات الثاني وعصر فجر السلالات الثالث ويتفق في ذلك مع العديد من الباحثين، وعدّ كل منها فترة حضارية تمتاز بمجموعة من العناصر الحضارية كالأختام الأسطوانية والأواني الفخارية والبقايا البنائية وفن النحت(22) .

    في حين يتفق فرج بصمة جي كذلك في تقسيم عصر فجر السلالات إلى ثلاثة عصور أو أدوار رئيسة مع اختلاف في تحديد بداية العصر ، إذ تبدأ تقسيماته عام ( 2850ق.م)  بدلاً من عام ( 2900 ق.م) ، وذلك استناداً إلى دراسته أختاماً تعود إلى هذا العصر(23).

____________

(1)  ساكز، هاري.  عظمة بابل،  ترجمة: عامر سليمان، الموصل، 1979، ص ,68؛ باقر, طه . مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة،  الجزء الأول: الوجيز في تاريخ حضارة وادي الرافدين،  بغداد، 1986، ص, 354.

(2). بوتيرو،  جين,  وآخرون.  الشرق الأدنى الحضارات المبكرة، ترجمة: عامر سليمان، الموصل، 1986، ص, 101.

(3) Brinkman, J.A., Mesopotamia chronology of the historical period, Chicago, 1977, P. 33 ,؛  Roaf, M., Cultural Atlas of Mesopotamia and the Ancient Near East , Oxford, 2003, P. 78.

 (4) Postgate, J.N., Early Mesopotamia, New York, 2003, P. 22. ؛            Kurt, Amelie ., The Ancient near East, New York, 2002, P.27.

(5). لامبرت ، موريس . عصر ما قبل سرجون ، ترجمة: فرج بصمة جي، مجلة سومر، عدد 8،1952،  ص, 88؛ وكذلك ينظر:                                                                                         Charpin, D.,The History of Ancient Mesopotamia : Civilizations of the       Ancient Near East , New York , 2000, V.2, Part ,5.P.808.                                

(6). بارو، أندريه . سومر فنونها وحضارتها ، ترجمة: عيسى سلمان وسليم طه التكريتي ، بغداد ، 1977 ، ص 146 .

(7) Frankfort, H., More Sculpture from Diyala Region, OIP, Vol.LX, Chicago, 1943, P. 12.

(8)  Ganoulloc, H., Fouilles de Telloh, Tome I, Paris , 1934 , P.1

(9) حول مدينة لجش ينظر الفصل الثاني من الأطروحة .

(10)  رو ، جورج . العراق القديم ، ترجمة: حسين علوان حسين ، بغداد ، 1986  ، ص 178 .

(11) مورتكات ، أنطون . تاريخ الشرق الأدنى القديم ، ترجمة: توفيق سلمان وآخرون ، دمشق ، 1967 ، ص, 44.

(12) كريمر، صموئيل . السومريون تاريخهم وحضارتهم وخصائصهم ، ترجمة: فيصل الوائلي، الكويت ، 1973 ، ص 70 ؛ وكذلك ينظر: مورتكارت, أنطون. 1967 ، ص, 44.

(13) باقر،طه1986،ص, 255.؛ وكذلك ينظر:                                                                            Henry, S. Lucas. A Short History of Civilization, London, 1943, P.66.               

(14) رو, جورج. 1986, ص, 179.

(15) . مورتكات, أنطوان.  الفن في العراق القديم. ترجمة: عيسى سلمان وسليم طه التكريتي ، بغداد ، 1975، ص 64؛ باقر, طه.  1986 ، ص 255 ؛ لويد ، سيتون. آثار بلاد الرافدين، ترجمة: سامي سعيد الأحمد، بغداد، 1980، ص138.

(16)  Saggs, H.W.F., People of the past Babylonians,1995,PP.182-183 ؛  Frankfort, 1943, P. 12.

(17)ollon, D., First Impression cylinder seals in the Ancient Near East , London, 1987.P.20

(18)Mortgat, A., Vordersiatische Rollsieget. Ein Beitrag Zur Geschichte der Steischneide Kunst, Berlin, 1940, PP. 8ff.

(19) مورتكات, أنطون. 1975, ص, 63, 80, 119.

(20)  بوتيرو, جين, وآخرون.  1986، ص 101. 

(21) Hrouda, B., Vorderasienl Mesopotamian , Babylonian, Iran und Anatolien,  Handbuch der Archueologie, Band, 2, Neue Fogle,  1971, Table 2.

(22)   باقر، طه. 1986، ص, 256.

(23)  ، بصمة جي, فرج.  نظرة جديدة في تحديد عصور فجر السلالات السومرية،  مجلة سومر، عدد, 46، 1990،  ص, 59.