أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-10-2014
5453
التاريخ: 2-6-2022
1700
التاريخ: 15-6-2022
1832
التاريخ: 6-4-2016
5314
|
1 - ذكر اللَّه سبحانه في كتابه العزيز الشيطان بعبارات شتى ، فتارة يقول عز من قائل : ان الشياطين من نوع الإنس والجن كما في الآية 112 من سورة الأنعام : {شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ} [الأنعام : 112].
وتومئ هذه الآية إلى ان كل قول ظاهره الرحمة وباطنه فيه العذاب فهو من عمل الشيطان أيا كان قائله . وتارة يقول : ان للشيطان جنودا وقبيلا كما في الآية 95 من سورة الشعراء : {وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ}. والآية 27 من سورة الأعراف : {إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ } وتدل هذه الآية ان الشياطين لا يحصى لهم عد ، وانهم ليسوا من الأشياء التي ترى بالعين ، وتلمس باليد . وثالثا يقول : ان للشيطان قرناء وأولياء كما في الآية 38 من سورة النساء :
{ وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا} وفي الآية 75 من سورة النساء :
« فقاتلوا أولياء الشيطان » وهذا اللفظ بمفرده يدل على ان قتال الزائغين وجهادهم فرض وحتم ، حتى ولو كانوا « مسلمين » . ورابعا يقول جلت حكمته وكلمته :
{هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ * تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ} [الشعراء : 221، 222] وتدل هذه الآية ان الشياطين هم الكذابون الأفاكون .
أما وظيفة الشيطان وجنوده كما حددها القرآن فهي الإضلال والإغواء للصد عن سبيل الحق والخير ، لا بالجبر والإكراه ، بل بالوسوسة والتزيين ، وبالإغواء والتمويه . . ومن أجل هذا قلنا ونكرر القول : ان أي شيء يزين للإنسان عمل السوء ، ويرغبه في الشر والفساد عن طريق المغريات والمشوقات فهو شيطان رجيم وإبليس اللعين ، سواء أكان هذا الشيء المزين المضلل إنسانا أم مالا أم جاها أم كتابا أم صحيفة أم وسوسة وحديث نفس أم شيئا آخر يرى أو لا يرى . .
هذه هي صورة الشيطان التي انعكست في ذهننا ، ونحن نتابع ونتدبر آيات اللَّه في كتابه ، ونؤمن بها أيماننا به وبرسوله . . وما عدا ذلك من الجزئيات والتفاصيل ندعه لعلم اللَّه ، وما نحن بمسؤولين عنه ، ولا مكلفين به ، وكل ما يجب علينا هو ان لا ننخدع بالمغريات ، ولا نندفع وراء الشهوات ، ولا نستمع للزائغين والمضللين ، وإذا حدثتنا أنفسنا بشيء من ذلك ، أو حاول مخادع أن يغرينا بالانحراف عن قصد السبيل تذكرنا اللَّه ووعده ووعيده ووقفنا عند حدوده ، بحيث نكون المثل الصالح لقوله : {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} [الأعراف : 201]. انظر ج 3 ص 440 .
2 - ان في نفس الإنسان شهوات وغرائز ، وهي أقوى من أي عامل يدفع به إلى معصية اللَّه ومخالفة أمره ، لأنها تأتي من الداخل لا من الخارج ، ومن الباطن لا من الظاهر ، فإذا لم يكن في داخل الإنسان وباطنه قوة أعظم وأصلب تردع الميول الشيطانية ، وتكبح جماحها وقع الإنسان صريع الأهواء والمطامع لا محالة . . وليست هذه القوة الرادعة هي العبادة والصلاة ، ولا العلم والتحقيقات ، ولا الفضائل والشمائل ، لا شيء إلا التقوى مع الوعي على ان ينظر المتقي الواعي إلى كل شيء من خلالهما معا ، فالتقوى بلا وعي ، والوعي بلا تقوى كلاهما ليسا بشيء يقاوم المغريات ، ويقف في طريق الشهوات . . فلقد رأينا الكثير من المتقين يجهلون أنفسهم وواقعهم ، ويحسبون الهوى دينا ، والغرض ايمانا ، ويصور لهم الوهم أو أبالسة الانس الحلال حراما والحرام حلالا ، والى هؤلاء أشار سبحانه بقوله : {الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} [الكهف : 104]. أما العلم والعقل بلا تقوى فهما المصدر الأول لكل رذيلة وفساد في الأرض . . والنتيجة الحتمية لذلك ان الواعي بلا تقوى ، والمتقي بلا وعي كلاهما من مصائد الشيطان وشبائكه ، وهذا الأخير أحب إلى قلب إبليس وأعلى لديه مقاما .
3 - ( وقالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ ) . كل شيء ما عدا اللَّه سبحانه له بداية ونهاية ، وقد تكون بدايته خيرا في ظاهرها ، ونهايته شرا في حقيقتها ، وبالعكس . . ومن أجل هذا لا يسوغ الحكم على شيء عند ظهوره وبدايته ما دامت الغاية في عالم الغيب . . فلقد غبط الناس « قارون » لما خرج عليهم في زينته ، وقالوا : انه سعيد وعظيم ، حتى إذا انخسفت الأرض به وبداره وماله قالوا :
انه شقي وذميم . . والدنيا بداية ، والآخرة نهاية ، وفيها ينكشف القناع والغطاء ، ويعرف كل إنسان مصيره ومآله ، حيث لا تزييف ولا تحريف ، وهذا هو معنى قوله تعالى : ( لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ ) .
4 - ( إِنَّ اللَّهً وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ ووَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ) . أما وعد اللَّه فهو البعث والحساب والجزاء : « فَوَرَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ - 93 الحجر » . أما وعد الشيطان فهو على النقيض من وعد اللَّه : لا بعث ولا حساب ولا جنة ولا نار : « إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا وما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ - 29 الأنعام » .
هذا ما كان يقوله الشيطان لأوليائه في الحياة الدنيا حيث التزوير والتمويه ، أما في اليوم الآخر حيث لا شيء إلا الحق والعدل فإن الشيطان يظهر على حقيقته ، ويصدق في قوله ولهجته ، وكان من قبل يعلم الناس الكذب والإفك .
5 - ( وما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ) أبدا لا حول ولا طول للشيطان باعترافه الا دعوة الباطل والضلال والمكر والخداع ، ولا يستجيب له ولدعوته إلا ضعفاء العقول والنفوس والإيمان ، وقوله : وما كان لي عليكم من سلطان هو بالحرف ما قاله اللَّه له : {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ} [الحجر : 42] .
6 - ( فَلا تَلُومُونِي ولُومُوا أَنْفُسَكُمْ ) . وإذا كان الويل لمن كفّره النمرود فكيف بمن كفّره إبليس ؟ . وإذا تعوذ الناس من الشيطان فكيف بمن وبخه وتعوذ منه الشيطان ؟ . . هذا هو مصير من يخذل الحق والصالحين ، ويناصر الفساد والمفسدين ، وينعق مع كل ناعق . . وقد رأينا كثيرا من شياطين الإنس يغررون بالمراهقين وضعاف العقول ، ويغرونهم بالتخريب وإشاعة الفوضى ، حتى إذا لقوا ما كسبت أيديهم قال لهم شياطينهم عين ما قاله إبليس لأتباعه وأوليائه عند الحساب والجزاء .
( ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ ) الصارخ هو المستغيث ، والمصرخ هو المغيث ، والمعنى ان الشيطان يقول غدا لأتباعه : ما أنا بمغن عنكم شيئا ، ولا أنتم مغنون عني شيئا ، وليست بيني وبينكم أية صلة ( إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ ) . يقول إبليس لمن استجاب له : لقد أطعتموني فيما دعوتكم إليه ،
وجعلتموني شريكا للَّه في وجوب الطاعة ، وأنا بريء من الشرك وممن يشرك ، حتى ولو جعلني للَّه شريكا في شيء ، أي شيء ( إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ ) .
هذه جملة مستأنفة وليست من كلام الشيطان ، والمراد بها الوعد والوعيد ، ويجوز أن تكون الخاتمة لخطبة إبليس . . ومن الطريف ما جاء في بعض التفاسير من ان إبليس ألقى خطبته هذه على أهل النار من على منبر نصب له . . ولا بد - بطبيعة الحال - أن يكون قد ألقاها بمكبر عظيم ، لأن المستمعين ، وهم جميع جنوده وأتباعه أكثر من عدد الرمل والحصى والتراب .
{وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ } [إبراهيم : 23]. بعد أن ذكر سبحانه الزائغين وعذابهم ذكر المستقيمين وثوابهم كما هي طريقة القرآن الكريم . ومر نظير هذه الآية في سورة يونس الآية 10 .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|