الطاقة المائية

الماء مركب كيميائي ناتج من اتحاد ذرتي هيدروجين وذرة أكسجين، ومن أهم خواصه أنه عديم اللون والطعم والرائحة، ويتجمد عند درجة حرارة صفر مئوي ويغلي عند 100 درجة مئوية، وهو المركب الوحيد الذي يتواجد في الطبيعة في الحالة الصلبة والسائلة والغازية ويتحول من حالة لأخرى باكتساب أو فقد كمية من الطاقة الحرارية، ويُكُون الماء 71% من مساحة سطح الكرة الأرضية.

تتجمع المياه في أعالي الجبال نتيجة للأمطار، ثم تنساب بعد ذلك إلى البحار والمحيطات وهو ما يجعل الجبال تعمل كمساقط للمياه وبالتالي نحصل منها على شغل، وسبق أن بينا أن الطاقة هي القدرة على بذل شغل، وحيث أن المياه المتساقطة أو المنحدرة من مكان مرتفع تحتوي على طاقة حركة فإننا يمكن أن نحولها إلى كهرباء. فإذا كان مجري النهر ذو انحدار خفيف فإن الأمر يقتضي إنشاء سد يسمح بتخزين المياه، حيث تُنشأ محطات التوليد بالقرب من هذه السدود، كما هو الحال في مجري نهر النيل، حيث بُني السد العالي. أما في حالة أن يكون مجري النهر ذو انحدار كبير، فيمكن تحوير مجري النهر باتجاه أحد الوديان القريبة وعمل شلال صناعي، هذا بالإضافة إلى الشلالات الطبيعية والتي من أشهرها شلالات "نياجرا" بأمريكا، وشلالات "فيكتوريا" بإثيوبيا، وشلالات "أكواكو" بأمريكا الشمالية.

تتساقط المياه من ارتفاعات شاهقة تبلغ 120 متر في شلالات "فيكتوريا"، وتصل سرعة هبوطها إلي 1000 كيلومتر/ساعة، لتجرف الهواء في طريقها فيظهر الرذاذ الذي يساعد بدوره على ظهور قوس قزح فوق مناطق الشلالات. في مناطق الشلالات ترتفع درجة الحرارة والرطوبة وهو ما يسمح بنمو نوعيات خاصة من النباتات المائية والطحالب والزهور الملونة.

قديما استخدمت مساقط المياه في تدوير الطواحين لطحن الحبوب مثل القمح والذرة، وتتكون هذه الطواحين من عجلات خشبية مسننة كتلك المبينة في شكل (1) توضع في مجرى نهر ليقوم الماء المنساب بتدويرها، وقد أطلق على هذه الطواحين اسم طواحين المياه "Water Mills".

في عام 1086 صدر في لندن كتاب بعنوان "Domesday Book" في عدة أجزاء وبخط اليد (حيث لم تكن المطبعة قد اخترعت بعد) يصور الكتاب الحياة في بريطانيا -في ذلك الوقت- من منازل وشوارع ومحلات وأنشطه مختلفة وغيرها من صور الحياة، ومن ضمن ما ذكره الكتاب وجود 5642 طاحونة مياه في منطقة جنوب بريطانيا، أي بمعدل طاحونة لكل 400 شخص في ذلك الوقت.

حيث أننا نستطيع تحويل الطاقة الحركية إلى كهرباء، والطاقة المائية من أرخص وأنظف المصادر لتوليد الطاقة الكهربية، لذا فهي تستخدم حاليا في العديد من بلدان العالم التي يتوافر فيها مصادر لهذه الطاقة، ويبلغ مشاركة الطاقة المائية 20% من الإنتاج العالمي الكلي من الطاقة الكهربية، وشهدت تكنولوجيا توليد الكهرباء تطورا كبيرا تدرج من استخدام معدات بسيطة بدائية إلى استخدام توربينات ومولدات تصل سرعة دورانها إلى 1500 دورة في الدقيقة وينتج عنها طاقة كهربية بكفاءة تصل إلى 90%.

تقوم الأشعة الشمسية الساقطة على المحيطات والبحار والتي تُمثل 75% من الإشعاع الشمسي الكلي الواصل إلى سطح الأرض بتبخير الماء مكونا السحب، وجزء كبير من هذه الكمية يسقط مرة أخرى على شكل أمطار أو ثلوج فتسبب جريان الماء في الأنهار والجداول التي تصب بعد ذلك في المحيطات والبحار. وتتوقف كمية الطاقة التي يمكن الحصول عليها من المصدر المائي على ظروف الموقع وكميات المطر التي تسقط عليه وكذلك منسوب الفيضان إن وجد وهو ما يعبر عنه باقتصاديات انتاج الطاقة.