المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
من هم المحسنين؟
2024-11-23
ما هي المغفرة؟
2024-11-23
{ليس لك من الامر شيء}
2024-11-23
سبب غزوة أحد
2024-11-23
خير أئمة
2024-11-23
يجوز ان يشترك في الاضحية اكثر من واحد
2024-11-23



بناتنا كيف نربيهن ؟  
  
2362   09:18 صباحاً   التاريخ: 11-9-2016
المؤلف : الشيخ عباس أمين حرب العاملي
الكتاب أو المصدر : الحياة الزوجية السعيدة
الجزء والصفحة : ص120-125
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / التربية الروحية والدينية /

لم تقتصر الشريعة الإسلامية الحقة في تربيتها للإنسان على تربية الولد فقط , بل شملت البنت كذلك, وربما اهتمت بتربية البنت أكثر, لأنها الوعاء الذي يحفظ الأجنة وينميها, والحضن الذي يكتنف الإنسان الوليد ويرعاه ويربيه ويؤدبه, والصديق الذي يلازم الإنسان طفلاً وحدثاً وشاباً , ويعينه في أموره , ويرشده برأيه المجرب حينما يلزم . وحقاً قيل وراء كل رجل عظيم امرأة , مكانة المرأة في الإسلام: قال الله عز وجل في كتابه :{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم: 21]، وقال رسوله الكريم (صلى الله عليه وآله): (خير أولادكم البنات) , وورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: (البنات حسنات, والبنون نعمة, فإنما يثاب على الحسنات ويسأل عن النعمة) (1), تربية البنت: إن التربية الإسلامية تحث الوالدين على حب البنت وإكرامها , لتمتلئ نفسها ارتياحا واطمئنانا ووثوقا , ولتنشأ في ظل أجواء نفسية وتربوية طيبة , تعدها وتؤهلها للحياة الاجتماعية المستقبلية, وتمكنها من التعامل مع الآخرين بوحي من تلك القيم , وتكون سليمة من الأمراض النفسية , والعقد الاجتماعية , فتكون بذلك الأم الصالحة لتربية أولاد صالحين , تخرجهم الى المجتمع أفاردا نافعين وعناصر خيرين , إن القرآن الكريم حينما يتحدث عن المرأة والرجل, والانسان والناس, والذين آمنوا , إنما قصد بذلك الجنس البشري الواحد , بعنصرية الرجل والمرأة, وفي نظره أنهما يقومان على أساس التكامل ونظام الزوجية العام في عالم الطبيعة والحياة, وهو في آيات مباركة كثيرة يعلم عن هذه الحقيقة العلمية الثابتة (وحدة الجنس البشري) ومن هذه الآيات قوله سبحانه وتعالى: {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ}[النساء: 1].

واما ما تختلف المرأة عن الرجل انما هو لتركبها العضوي والفيسيولوجي, وتكوينها النفسي ووظيفتها الحياتية كأنثى تلد وترضع وتربي, وتحمل غريزة الامومة والميل الانثوي, وانما هي التي تسير ادارة البيت وشؤون الزوج والاولاد , لذا تعين ان يتلاءم اعداد الانثى مع تركيبها النفسي والجسمي ودورها في الحياة , لذا نرى ان هناك عناصر تربوية مشتركة بين الجنسين كما ان هناك نمطا تربويا خاصا بكل منهما, يتلاءم وأوضاعه.. الخاصة, ولذا صار التوجه والاهتمام بالفوارق بين الجنسين أساسا لوضع المنهج التربوي الإسلامي المتكامل, ودراسة السلوك في بعديه الايجابي والسلبي, على أن هذه الفوارق التربوية لا تكون على أساس النيل من انسانية وكرامة المرأة, او تهدف الى اضعافها, بل هي ترمي الى اعداد الطبيعة الانسانية ضمن النوع والانتماء النوعي, كي تنسجم تربيتها واعدادها مع الطبيعة وقوانينها, وقد اكدت الدراسات والتجارب العلمية التي اجراها العلماء المتخصصون في شؤون النفس, والعلاج النفسي, والطب, والاجتماع, ان هناك فوارق نوعية بين الرجل والمرأة وفق طبيعة تكوينه النفسي والعضوي لتحمل مسئوليته في الحياة المستقبلية .

وقد اعتنى الإسلام بتربية الانثى ومساواتها مع الرجل واشعارها بإنسانيتها, قال سعد بن سعد الاشعري: سالت الإمام الرضا (عليه السلام): (الرجل تكون بناته احب اليه من بنيه, فقال الرضا (عليه السلام) : البنات والبنون في ذلك سواء , انما هو بقدر ما ينزل الله عز جل) (2) وبما ان للمرأة مكانتها السامية ودورها المهم في تربية واعداد جيل صالح مؤمن مقتدر, لذا فان الاسلام العظيم يكرمها بتوجيه هذه المسؤولية الكبرى اليها, ويوصيها باعتبارها منبع الحب والحنان, ومستودع الكرامات, ومصدر الاستقرار والطمأنينة في البيت, بان تحرص على خلق جو عائلي مفعم بروح طيبة وعلاقة حسنة, فقد جاء رجل الى الرسول الأكرم, فقال: وان لي زوجة, اذا دخلت تلقتني, واذا خرجت شيعتني, واذا رأتني مهموما قالت لي ما يهمك ؟ ان كنت تهتم لرزقك فقد تكفل به غيرك, وان كنت تهتم لأمر اخرتك فزادك الله هما, فقال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) : ان لله عمالا وهذه من عماله, لها نصف اجر الشهيد)(3) على ما تقدم يتعين احترام المرأة واكرامها, واعزازها وتقديرها حق قدرها, والنظر اليها من خلال مكانتها الكريمة, ومنزلتها العظيمة التي وضع الإسلام الحنيف فيها, من عفة وطهر وادب ومثل سام, ومسئولية مقدسة كبرى في بناء جيل صالح مؤمن بالله جلت عظمته  وبرسوله واوصيائه وخلفائه الأئمة الاثني عشر المعصومين (عليهم السلام) لا كما هي حالها في الغرب المتحلل مثلا, مفرغا لشهوات المستهترين, وتسلية لعبث المفسدين, ولا شك ان هذا الاستعمال مفيد من عدة نواحي, فهو مفيد للآلات نفسها إذ إن الحركة افضل لها من الوقوف كما هو مفيد بالنسبة للإنتاج إذ إن العامل الذي يتخصص في ادارة الة معينة يستطيع ان يحصل على اكبر فائدة مرجوة منها ; وبذلك تصل قوة الانتاج الى اقصى درجتها, وحتى على الصعيد الدولي فإنا نجد ان تقسيم العمل قد انتشر بين الدول والأقاليم بل وحتى في الدولة الواحدة نفسها وذلك تبعا لصفات السكان فيها واستعدادهم الذاتي لأي نوع من أنواع العمل, وبحسب تربتها ومناخها ونوع المعادن الموجودة فيها ونوعية المحصولات التي تنتجها والقوى المتحركة وتوزيعها, فقد تتخصص بعض الدول في صناعة المنسوجات وبعضها في صناعة المواد الكيميائية مثلا وقد تتخصص غيرها في تربية الاغنام او زراعة القطن او انتاج النفط بناء على استعداد الدولة وامكانياتها.

ولا شك ان تقسيم العمل بين الأفراد في جميع المجالات له اثر كبير في حياتنا الاجتماعية فعلاوة على المزايا العديدة التي يضمنها فانه يحك الروابط بين الافراد ويشعر الانسان بحاجته الى أخيه الانسان وبانه لن يستطيع ان ينتج بنفسه كافة الأشياء اللازمة له فهو مضطر الى ان يعتمد على غيره في الحصول عليها, وعلى هذا فان كل واحد من المجموعة البشرية يشعر بانه مشدود جذريا الى اخيه الانسان وهذا الشعور يولد التقارب اللا اختياري في المجتمع. فاذا كان تقسيم العمل شاملا لكل المجالات في جميع الأحوال, واذا كانت الحياة قائمة على أساس تقسيم العمل في جميع نواحيها, فمن الطبيعي جدا ان يأخذ الإسلام بهذا المبدأ في تقسيم العمل بين المرأة والرجل فيسند لكل منهما الدور الذي يتناسب وكفاءته به, فان لكل من المرأة والرجل مزاجا خاصا وتكوينا معينا لا ينبغي لأي منهما ان ينحرف عنه أو ينفصل منه, فتوزيع المهام اذا بين الرجل والمرأة لا يقوم على أساس تسخير احدهما للأخر بل على أساس تقسيم العمل واعطاء كل منهما الدور الذي ينسجم مع طبعه ومزاجه, ولولا توزيع هذه الوظائف والتهيئة التكوينية لهذا التوزيع لما امكن للبشرية ان تعيش على وجه الأرض فكما ان على المرأة ان تقوم بوظائفها الطبيعية في الحياة كذلك على الرجل ايضا ان يقوم بمهامه بالنسبة للمجتمع والحياة, ويكون انجاز هذه الوظائف الطبيعية على سبيل التعاون والتكافؤ لا على سبيل التسخير والاستخدام .

هذا هو التقسيم السماوي للوظائف البشرية دون استغلال من احد الطرفين, وهكذا شاءت العدالة الربانية ان تجعل البشر متساوين في الوظائف متكافئين في الأعمال دون ظلم او اجحاف  وتقسيم الوظائف على هذا النحو يحفظ لكل من الطرفين مكانته الاجتماعية ويحافظ في الوقت نفسه على كيانه الخاص, ويجعلهما معا خادمين للمجتمع على صعيدين متساويين, وكل حسبما تفرضه عليه طبيعته ويدله اليه تكوينه, ولذلك فقد اسند للمرأة خدمة المجتمع في داخل البيت واسند للرجل خدمة المجتمع في خارج البيت, وذلك لان المرأة بطبيعتها الانثوية الرقيقة اجدر بإدارة البيت الذي يقوم على الحب والعطف والحنان, ولكن هذا التوزيع العادل للوظائف اخذ يستغل من قبل بعض دعاة الشر لإبرازه في صورة معاكسة تماما للواقع تنتج عنه تصورات خاطئة عن ان المرأة في الإسلام لا تعد الا كونها اداة عمل و آلة انتاج تحت سيطرة الرجل .

وكان نتيجة لهذه الدعايات السامة ان اخذت المرأة المسلمة تستشعر بنقطة ضعف موهومة وصارت تحاول ان تمحو عنها هذا النقص, وبما ان الوسيلة الوحيدة التي تمكنها من ذلك هي عدالة السماء وتفهمها الواقعي للحكمة العادلة في هذا التوزيع, وبما انها قد انصرفت عن هذه الناحية بعد ان توهمت الياس منها , فإنها لن تتمكن من الاهتداء الى ما تسعى, مهما حاولت ذلك ومهما بذلت في سبيل ذلك الغالي والرخيص من عزتها وكرامتها وطهرها الغالي الثمين .

______________

1ـ بحار الانوارج6 ص58.

2ـ بحار الانوارج5 ص98.

3ـ نفس المصدر.




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.