المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8222 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تـشكيـل اتـجاهات المـستـهلك والعوامـل المؤثـرة عليـها
2024-11-27
النـماذج النـظريـة لاتـجاهـات المـستـهلـك
2024-11-27
{اصبروا وصابروا ورابطوا }
2024-11-27
الله لا يضيع اجر عامل
2024-11-27
ذكر الله
2024-11-27
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27

تنفيذ الخطّة التفسيريّة
2024-09-06
Cyclic Forms of Monosaccharides
20-7-2018
INTRODUCTION-THE BASIC PROBLEM
10-7-2016
حلبة Trigonella foenum- graceum L
25-1-2021
علم المسلمين بإفلات قافلة قريش
11-5-2017
التوسل بالحلم والعفو عن الناس
8-2-2022


الإطلاق وما اختلفوا فيه  
  
1703   08:14 صباحاً   التاريخ: 28-8-2016
المؤلف : السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي
الكتاب أو المصدر : أجود التقريرات
الجزء والصفحة : ص 515-533.
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / علم اصول الفقه / المباحث اللفظية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-8-2016 1111
التاريخ: 31-8-2016 1707
التاريخ: 1-9-2016 1192
التاريخ: 11-6-2020 1197

اختلفوا في ان الاطلاق هل هو مما يدل عليه اللفظ بالوضع أو أنه مما تقتضيه مقدمات الحكمة وقبل التكلم في ذلك لا بأس بتقديم امور:

(الاول) انهم عرفوا المطلق بانه ما دل على شايع في جنسه (واورد) على هذا التعريف بانه لا يصدق الا على بعض افراد المطلق اعني به النكرة ولا يصدق على اسم الجنس الذي يكون هو الاكثر وجودا من غيره في المطلقات.

(واجيب عنه) بان الاختصاص بالنكرة انما يكون على تقدير ان يراد بلفظ الشايع الواقع في التعريف الفرد المردد (واما) إذا اريد به المعنى الساري في الجنس كما هو الظاهر لان معنى الشيوع هو السريان فينطبق التعريف على اسم الجنس والنكرة كليهما وربما يعتذر عن الاختصاص بالنكرة بان هذا التعريف انما هو من التفتازاني وغيره ممن يقولون بعدم وجود الكلى الطبيعي في الخارج فلذا عرفوه على نحو لا يكون منطبقا الا على النكرة (وكيف كان) فالظاهر انه ليس لهم اصطلاح جديد في ذلك وانما المراد بالإطلاق عندهم هو المعنى اللغوي اعني به الارسال فالمطلق عندهم حينئذ هو المرسل الذي لم يقيد بشيء مما يكون قابلا للتقييد به و عليه فلا يترتب على التكلم في التعاريف بالنقض أو بعدم الطرد اثر اصلا (ثم الظاهر) ان الاطلاق والتقييد انما يعرضان المفهوم أولا وبالذات باعتبار تقيده بشيء وعدمه واما اتصاف اللفظ بهما فهو انما يكون بتبع مدلوله والتعريف السابق وان كان يوهم كونهما من صفات اللفظ الدال على المعنى لكن الظاهر انهم ارادوا بذلك اتصاف اللفظ بهما بالتبع (ثم) ان محل الكلام في المقام انما هو الاطلاق المتصف به المعنى الأفرادي اعني به لحاظ المفهوم غير مقيد ببعض اصنافه أو افراده ومثل هذا الاطلاق يوجب سعة دائرة المعنى دائما (واما) الاطلاق المتصف به الجملة التركيبية اعني به ما يقتضيه طبق نفس القضية الموجب لسعة مدلول القضية تارة ولتضييقه اخرى فلا يقع البحث عنه في المقام إذ ليس لإطلاق الجمل التركيبية ضابط كلى يعرف به احوالها من حيث ما يترتب على اطلاقها من الاحكام ضرورة ان اطلاق كل جملة له حكم يخصه ولا يعم غيره ولأجل ذلك لزم البحث عن اطلاق كل جملة بخصوصها في المورد المناسب له كما يبحث عما يقتضيه اطلاق صيغة الامر في مباحث الاوامر وعما يقتضيه اطلاق القضية الشرطية مثلا في مباحث المفاهيم وهكذا.

الثاني ان المتصف بالإطلاق قد يكون معنى من المعاني المد لول عليها بأحد اسماء الاجناس اعني به نفس الطبيعة غير المقيدة بشيء من الخصوصيات المنصفة أو المفردة المعبر عنها باللابشرط المقسمي وقد ذكرنا ان اكثر المطلقات الواردة في المحاورات العرفية انما هي من هذا القبيل (وقد يكون) المتصف بالإطلاق المعنى المستفاد من النكرة اعني به الطبيعة المقيدة بالوحدة المعبر عنها بالحصة في كلمات بعضهم (ثم ان) كلا من اسم الجنس والنكرة اما ان لا يكون واقعا في سياق النهى أو النفي أو يكون واقعا في سياق احدهما اما على الثاني فلا اشكال في دلالتهما على العموم والاستيعاب على ما تقدم بيان ذلك في مباحث العام والخاص واما على الاول اعني به عدم وقوعهما في سياق النهى أو النفي فان كانت هناك قرينة تدل على اعتبار متعلق الحكم أو موضوعه على نحو العموم البدلي فهو والا فالإطلاق يقتضى سراية الحكم إلى كل ما يمكن ان ينطبق عليه معروضه وذلك يستلزم كون العموم استيعابيا كما هو ظاهر (ثم ان) القرينة الدالة على اعتبار العموم بدليا قد تكون في ناحية المادة كما في النكرة الدالة بالوضع على اعتبار الوحدة في المعنى المستعمل فيه اللفظ وقد تكون في ناحية الهيئة كما في موارد تعلق الامر بشيء فان متعلق الامر وان لم تؤخذ فيه الوحدة بحسب الوضع بل هو نفس المعنى الموضوع له احد اسماء الاجناس اعني بها مواد الافعال الدالة على المعاني الحدثية الا ان هيئته الامر لما دلت على طلب ايجاد صرف الطبيعة اجتزء بالفرد الواحد منها في مقام الامتثال. الثالث انه قد ذكرنا سابقا ان سريان الحكم في العام الاصولي إلى جميع افراده بعد جريان مقدمات الحكمة (1) في مدخول الاداة انما هو بالدلالة اللفظية وهذا بخلاف السريان في المطلقات الشمولية فانه انما يكون بحكم العقل لأجل تساوى افراد الطبيعة في الوفاء بالغرض المترتب عليها ومن ثم يتقدم العام الاصولي على المطلق الشمولي عند تعارضهما ولأجل ذلك ايضا يتقدم المطلق الشمولي على المطلق البدلي لان التخيير الثابت بين افراد المطلق البدلي بحكم العقل انما يكون عند تساوى افراد الطبيعة الواحدة في الوفاء بالغرض المترتب عليها فمع فرض كون احد الافراد محكوما بحكم المطلق الشمولي يخرج هذا الفرد عن التساوي المزبور فيختص التخيير بغيره من الافراد لا محالة وقد بينا تفصيل ذلك (2) في بحث مقدمة الواجب عند التعرض لكلام العلامة الأنصاري (قدس سره )في تعارض اطلاق المادة والهيئة فراجع. الرابع انه لا اشكال في ان التقابل بين الاطلاق والتقييد على تقدير كون الاطلاق مأخوذا في الموضوع له كما نسب ذلك إلى المشهور يكون من قبيل تقابل التضاد لان كلا منهما على ذلك امر وجودي يمتنع اجتماعه مع الاخر في موضوع واحد (واما) على تقدير خروج الاطلاق عن الموضوع له كما ذهب إليه سلطان العلماء ومن تبعه من المحققين المتأخرين قدس الله تعالى اسرارهم فلا محالة يكون الاطلاق امرا عد ميا اعني به عدم التقييد وعليه فهل التقابل بينه وبين التقييد من تقابل الايجاب والسلب (أو) انه من تقابل العدم والملكة.

(الحق) هو الثاني فان تقابل الايجاب والسلب انما يختص بالعدم والوجود المحمولين بالإضافة إلى كل مهية في حد ذاتها ولذلك يستحيل اجتماعهما و ارتفاعهما (واما) العدم الخاص اعني به العدم الذي اخذ معه قابلية موصوفه للاتصاف بوجود ما اضيف إليه العدم كالعمى بالإضافة إلى الحيوان وكذلك كل عدم ناعتي اعني به العدم المأخوذ نعتا لموصوفه على ما تقدم بيانه في بعض مباحث العموم والخصوص فليس تقابله مع الوجود الا تقابل العدم والملكة ولأجل ذلك يمكن ارتفاعهما عن مورد لا يكون قابلا لشيء منهما ومن الواضح ان تقابل الاطلاق والتقييد انما هو من هذا القبيل لان معنى كون متعلق الحكم أو موضوعه مطلقا انما هو ورود الحكم عليه غير مقيد بخصوصية من خصوصيات اصنافه أو افراده فالمقسم بين الاقسام التي يمكن انقسام ذات متعلق التكليف أو موضوعه بالإضافة إليها هو الذي تعلق به الحكم عند الاطلاق كما ان معنى تقييده انما هو ورود الحكم عليه بما انه متخصص بخصوصية خاصة وعليه فإذا فرضنا امتناع تقييد متعلق الحكم أو موضوعه بشيء كتقييد متعلق الامر بقصد الامر و تقييد موضوع الحكم بكونه عالما بالحكم امتنع الاطلاق ايضا (3) إذ المفروض ان كون المتعلق قابلا للانقسام إلى ما يقصد به الامر وما لا يقصد فيه ذلك ككون موضوع الحكم قابلا للانقسام إلى كونه عالما بالحكم وغير عالم به انما يتوقف على ثبوت الحكم و تحققه فمع قطع النظر عن الحكم لا يتصور هناك انقسام كي يرد الحكم على المقسم تارة وعلى احد اقسامه اخرى وعليه فما يكون موجبا لاستحالة التقييد فهو بعينه موجب لاستحالة الاطلاق ايضا ومن ذلك يظهر انه لا وجه لما افاده العلامة الأنصاري (قدس سره )من ان استحالة التقييد بشيء تستلزم الاطلاق بالإضافة إلى ذلك الشيء وقد استند (قدس سره )لأثبات الاطلاق في عدة موارد إلى ما افاده في المقام من استلزام امتناع التقييد بشيء للإطلاق بالإضافة إلى ذلك الشيء (منها) انه قده جعل امتناع تقييد متعلق الامر بقصد القربة مستلزما لإطلاق المأمور به ولأجل ذلك ذهب إلى ان مقتضى الاصل هو كون الواجب توصليا فما لم تقم قرينة من الخارج على اعتبار قصد القربة يدفع الشك في اعتباره بالأطلاق (ومنها) انه قده ذهب إلى ان معروض الوجوب الغيرى انما هو مطلق المقدمة سواء في ذلك الموصلة وغيرها واستدل على ذلك باستحالة اختصاص الوجوب الغيرى بالموصلة فيثبت الاطلاق (ومنها) انه قده استدل على اشتراك التكليف بين العالم والجاهل به بامتناع تقييد موضوعه بالعالم بالتكليف وانت بعد ما عرفت من ان امتناع التقييد بشيء يستلزم امتناع الاطلاق بالإضافة إلى ذلك الشيء لا محالة تعرف فساد جميع ذلك وقد ذكرنا في بحث التعبدي والتوصلي وفي بحث مقدمة الواجب انه لا مناص في هذه الموارد من الالتزام بكون متعلق الحكم أو موضوعه مهملا (4) في مقام الجعل والتشريع وانه لابد في اثبات نتيجة الاطلاق أو التقييد في تلك الموارد من رعاية الدليل الخارجي فراجع الخامس في تحرير محل النزاع في ان الاطلاق هل هو داخل في الموضوع له أو انه خارج عنه ومستفاد من القرائن الخارجية كمقدمات الحكمة على ما ستعرف الحال فيها (فنقول) ان الاطلاق قد يتصف به الاعلام الشخصية باعتبار ما يطرء عليها من الحالات والصفات لا باعتبار صدقها وانطباقها على كثيرين لان ذلك مستحيل فيها على الفرض وقد تتصف به الجمل التركيبية وقد تتصف به اسماء الاجناس (اما) الاطلاق في الاعلام الشخصية فهو خارج عن محل الكلام في المقام بداهة انه لم توضع الاعلام الشخصية لمعانيها باعتبار ما يطرء عليها من الحالات والصفات فيتعين كون الاطلاق فيها مستفادا من القرينة الخارجية كمقدمات الحكمة (واما) الاطلاق في الجمل التركيبية فان قلنا بانه لا وضع للمركبات كما هو الحق فحاله حال الاطلاق في الاعلام الشخصية والا فللنزاع المذكور فيه مجال كما وقع النزاع في اسماء الاجناس فما هو القدر المتيقن في كونه محلا للكلام في المقام انما هو خصوص اسماء الاجناس (واما) المعاني الحرفية والمفاهيم الادوية فهي غير قابلة للإطلاق والتقييد (5) حتى بناء على القول بكون الموضوع له فيها عاما وذلك لما عرفت في محله من ان الحروف انما وضعت لان تكون روابط كلامية وموجدة للنسب في الكلام وان معانيها غير قابلة للصدق على ما في الخارج لتكون قابلة للإطلاق والتقييد واما كون تلك المعاني كلية فهو وان كان صحيحا كما مر في محله إلا أن معنى الكلية في المعاني الحرفية غير معنى الكلية في المعاني الاسمية وقد اوضحنا ذلك كله في محله بما لا مزيد عليه فراجع السادس في بيان ان المراد بالمطلق في محل الكلام هي المهية المعتبرة على نحو اللابشرط القسمي بيان ذلك ان المهية (قد تعتبر) بشرط لا بمعنى انها تعتبر على نحو لا تتحد مع ما يكون معها فتكون في هذا الاعتبار مغايرة لما هي متحدة معه باعتبار آخر والمهية المعتبرة على هذا النحو تقابلها المهية المعتبرة لا بشرط بالإضافة إلى الاتحاد و هذا كما في المشتقات بالإضافة إلى مباديها وكما في الجنس والفصل بالإضافة إلى المادة والصورة فانك قد عرفت في مباحث المشتق ان المباديء مأخوذة بشرط لا كما هو الحال في المادة والصورة فهي آبية عن حمل بعضها على بعضها الاخر وعلى الذوات المعروضة لها كما ان المادة والصورة آبيتان عن حمل احديهما على الاخرى وعلب المركب منهما و اما المشتقات فهي قابلة لحمل بعضها على الاخر وعلى الذوات الموصوفة بها كما ان الجنس والفصل قابلان لحمل احدهما على الاخر وعلى النوع المركب منهما واللابشرط بهذا المعنى خارج عما هو محل الكلام في المقام (وقد تعتبر) المهية بشرط لا بمعنى انها تعتبر على نحو لا يكون معها شيء من الخصوصيات اللاحقة لها ويعبر عنها بالمهية المجردة فهي بهذا الاعتبار تكون من الكليات العقلية التي يمتنع صدقها على الموجودات الخارجية والمهية المأخوذة بشرط لا بهذا المعنى يقابلها امران :

(احدهما) المهية المعتبرة بشرط شيء اعني بها المهية الملحوظ معها اقترانها بخصوصية من خصوصياتها اللاحقة لها سواء كانت تلك الخصوصية وجودية ام كانت عدمية ويعبر عنها بالمهية المخلوطة و المهية بهذا الاعتبار ينحصر صدقها بالأفراد الواجدة لتلك الخصوصية ويمتنع صدقها على الفاقد لها.

(وثانيهما) المهية المعتبرة لا بشرط اعني بها ما لا يعتبر فيه شيء من الخصوصيتين المعتبرتين في المهية المجردة والمخلوطة ويعتبر عنها بالمهية المطلقة والمهية المأخوذة على نحو اللابشرط القسمي وهو المراد بلفظ المطلق حيثما اطلق في هذه المباحث والمهية بهذا الاعتبار قابلة للصدق على جميع الافراد المقترن كل منها بخصوصية تغاير خصوصية الفرد الاخر فظهر بذلك ان الكلى الطبيعي الصادق على كثيرين انما هو اللابشرط القسمي دون المقسمي وذلك لان اللابشرط المقسمي اعني به نفس الطبيعة (6) من حيث هي جامعة بين الكلى المعبر عنه باللابشرط القسمي الممكن صدقه على كثيرين والكلى المعبر عنه بالمهية المأخوذة بشرط لا الممتنع صدقه على الافراد الخارجية والكلى المعبر عنه بالمهية بشرط شيء الذي لا يصدق الاعلى الافراد الواحدة لما اعتبر فيه من الخصوصية ومن الواضح انه يستحيل أن يكون الجامع بين هذه الاقسام هو الكلى الطبيعي لان الكلى الطبيعي هو الكلى الجامع بين الافراد الخارجية الممكن صدقه عليها فهو حينئذ قسيم للكلى العقلي الممتنع صدقه على الافراد الخارجية ولا يعقل ان يكون قسيم الشيء مقسما له ولنفسه ضرورة ان المقسم لا بد من أن يكون متحققا في ضمن جميع اقسامه ولا يعقل أن تكون المهية المعتبرة على نحو تصدق على الافراد الخارجية متحققة في ضمن المهية المعتبرة على نحو يمتنع صدقها على ما في الخارج وعليه فلا مناص من الالتزام بكون الجامع بين الاقسام هي المهية الجامعة بين ما يصح صدقه على ما في الخارج وما يمتنع صدقه عليه فالمقسم ايضا وان كان قبالا للصدق على الافراد الخارجية لأنه متحقق في ضمن المهية المأخوذة على نحو اللابشرط القسمي والمفروض انها صادقة على ما في الخارج فالمقسم ايضا يكون قابلا للصدق لا محالة إلا أنه قابل للصدق على الكلى العقلي ايضا فيستحيل أن يكون الجامع بين الاقسام هي نفس الجهة الجامعة بين الافراد الخارجية المعبر عنها بالكلى الطبيعي.

(وبالجملة) المهية المأخوذة بشرط لا لو كانت فردا من افراد الكلى الطبيعي ومتخصصة بخصوصية فردية نظير الافراد الخارجية المجردة المسماة بالمثل الافلاطونية التي ذهب جمع من الفلاسفة إلى وجودها والى كون كل فرد منها مربيا لنوعه لكان لتوهم كون الكلى الطبيعي جامعا بين المهية المأخوذة لا بشرط الجامعة بين الافراد الخارجية والمهية المأخوذة بشرط لا التي هي فرد عقلاني مجال واسع ولكن ذلك خلاف التحقيق ضرورة ان المهية بأخذها مجردة عن الخصوصيات الخارجية لا تخرج عن حد المفهومية إلى كونها مصداقا بل هي تبقى على ما هي عليه من كونها مفهوما غاية الامر انه لو حظ على نحو الموضوعية اعني به لحاظه على نحو لا يكون فانيا في مصاديقه كما في مثل قضية الإنسان نوع وعليه فلا يعقل ان يكون الكلى الطبيعي هو الجامع بين المهية المجردة والافراد الخارجية التي يحمل عليها ذلك الكلى بالحمل الشايع ضرورة ان الجامع بين المفهوم والافراد الخارجية امر يستحيل (7) وجوده فلا معنى للنزاع في كونه كليا طبيعيا أو غيره فلا مناص حينئذ من الالتزام بكون الكلى الطبيعي متمحضا في كونه جهة جامعة بين جميع الافراد الخارجية وحقيقة مشتركة بينها المعبر عنها باللابشرط القسمي وقسيما للمهية المأخوذة بشرط لا الممتنع صدقها على الافراد الخارجية المعبر عنها بالكلى العقلي في كلمات بعضهم وعليه فيكون الجامع بينهما وبين المهية المأخوذة بشرط شيء التي اخذ فيها خصوصية من خصوصيات افرادها هي المهية المأخوذة على نحو اللابشرط المقسمي وبذلك اتضح ان الفرق بين اللابشرط القسمي واللابشرط المقسمي هو ان اللابشرط المقسمي قد اخذ لا بشرط بالإضافة إلى خصوصيات الاقسام الثلاثة الممتاز كل منها عن الاخر باختصاصه بلحظ المهية على نحو يغاير لحاظها في القسم الاخر واما اللابشرط القسمي فهو قد اخذ لا بشرط بالإضافة إلى الخصوصيات والاوصاف اللاحقة لها باعتبار اتصاف افرادها بها كالعلم والجهل بالإضافة إلى الإنسان فما تضاف إليه اللابشرطية في كل منهما مغاير لما تضاف إليه اللابشرطية في الاخر.

(ومن ذلك) يظهر انه يمكن تقسيم المهية إلى اقسامها الثلاثة بوجه اخر وهو ان يقال ان المهية اما ان تلاحظ على نحو الموضوعية وغير فانية في مصاديقها الخارجية فهي المهية المجردة المأخوذة بشرط لا واما ان تلاحظ على نحو الطريقية وفانية في مصاديقها وعليه فان لو حظت فانية في جميع المصاديق بحيث يكون المحمول الثابت لها ثابتا لجميعها فهي المهية المطلقة المأخوذة على نحو اللابشرط القسمي وان لو حظت فانية في قسم خاص دون غيره فهى المهية المخلوطة المأخوذة بشرط شيء (فقد تحصل مما ذكرناه) فساد ما ذهب إليه المحقق السبزواري وتبعه عليه جملة من المتأخرين كصاحب التقريرات والمحقق صاحب الكفاية (قدس الله اسرارهم) من ان الكلى الطبيعي هو نفس المقسم وان اللابشرط القسمي كلى عقلي قابل لان يكون صادقا على الافراد الخارجية ومن الغريب انه (قدس سره )توهم اختصاص القول بكون الكلى الطبيعي هو نفس اللابشرط القسمي ببعضهم مع ان صريح جل المحققين كشيخ الرئيس والمحقق الطوسي وشراح التجريد وغيرهم هو ذلك وليت شعرى كيف غفل هو ومن تبعه عما ذكرناه مع وضوحه وتصريح اهل الفن به ومن الغريب ايضا ما ذهب إليه المحقق صاحب الكفاية قده من ان المهية إذا اخذت مقيدة بالإرسال والسريان كانت من اقسام المهية بشرط شيء وذلك لأنه ان اراد من التقييد بالإرسال اخذ المهية على نحو لا يكون معها خصوصية اعني به اعتبارها مجردة عن كل خصوصية فقد عرفت ان هذا النحو من الاعتبار هو اعتبار كون المهية بشرط لا وهو اجنبي عن اعتبار المهية بشرط شيء كما هو ظاهر وان اراد منه ان الالفاظ وان كانت موضوعة لنفس المهيات بما هي الا ان الواضع اشترط ان لا تستعمل هذه الالفاظ الا عند لحاظ تلك المهيات سارية في افراد ها فهو واضح البطلان ولعل الذي اوقعه فيما ذهب إليه انه تخيل ان المهية السارية هي التي اخذ السريان فيها قيد اوان المقيد بكل امر وجودي يكون من قبيل المهية بشرط شيء مع غفلته عن ان المهية السارية هي التي يكون السريان ثابتا لها في حد ذاتها المعبر عنها باللابشرط القسمي وبالكلي الطبيعي وعن ان المهية بشرط شيء هي المهية المقيدة بخصوصية خاصة من خصوصيات افراده واما المقيد بما هو وصف ثابت لنفس المهية فليس من المهية بشرط شيء في شيء اصلا والحاصل انا مهما شككنا في شيء لا نشك في ان الاطلاق مساوق لأخذ المهية على نحو يسرى الحكم الثابت لها إلى جميع افرادها فيكون مفاد اعتق رقبة مثلا بعد فرض تمامية الاطلاق في الكلام مساوقا لمفاد اعتق أي رقبة وهذا المعنى لا يتحقق في فرض كون اللابشرط القسمي كليا عقليا ولا يفرق في ذلك بين القول بكون الاطلاق مأخوذا في المعنى الموضوع له والقول بكونه مستفادا من قرينة خارجية كمقدمات الحكمة هذا مضافا إلى ان كون اللابشرط القسمي كليا عقليا يستلزم تداخل اللابشرط القسمي والمهية المأخوذة بشرط لا وذلك غير معقول.

إذا عرفت ذلك فاعلم انه قد وقع النزاع في ان الاطلاق بالمعنى المزبور هل هو داخل في المعنى الموضوع له اوانه خارج عن حريم الوضع ولابد في استفادته من الكلام من وجود دال آخر عليه كمقدمات الحكمة وبعبارة اخرى لا اشكال في ان الموجب لسراية الحكم إلى جميع افراد طبيعة ما انما هو لحاظ تلك الطبيعة في مقام الحكم عليه على نحو الاطلاق وغير مقيد بقيد خاص اعني به لحاظها على نحو اللابشرط القسمي وانما الاشكال في كون الاطلاق بهذا المعنى جزء من الموضوع له ليكون ما وضعت له اسماء الاجناس هي الماهيات المأخوذة على نحو اللابشرط القسمي أو خارجا عنه ومستفادا من دال آخر كمقدمات الحكمة ليكون ما وضعت له اسماء الاجناس هي نفس الطبائع المعبر عنها باللابشرط المقسى كما مرت الاشارة إلى ذلك في الامر الثاني (والحق) هو القول الثاني وفاقا لسلطان العلماء ومن تأخر عنه قدس الله تعالى اسرارهم وخلافا لما نسب إلى المشهور قبله ويدل على المختار انا نرى وجدانا صحة استعمال اسماء الاجناس في جميع الاقسام المنقسمة إليها المهية باعتبار ما يطرء عليها من الاعتبارات الثلث المتقدمة بلا عناية في استعمالها في شيء منها فكما يصح ان يقال الإنسان ضاحك كذلك يصح ان يقال الإنسان نوع والانسان العالم خير من الإنسان الجاهل فإذا كان استعمال اللفظ في المهية المأخوذة بشرط شيء أو بشرط لا على نحو استعماله في المهية المأخوذة بنحو اللابشرط القسمي في عدم الحاجة إلى اعمال عناية ورعاية علاقة كشف ذلك بدليل الان عن كون الموضوع له هي الجهة الجامعة بين جميع هذه الاقسام اعني بها نفس الطبيعة المعبر عنها باللابشرط المقسمي (هذا مضافا) إلى انا كما نحتاج احيانا إلى افادة كل قسم من الاقسام المزبورة للمهية كذلك نحتاج إلى افادة نفس المهية التي هي جهة جامعة بين اقسامها فالحكمة الداعية إلى وضع الالفاظ بإزاء معانيها نقتضى وضع لفظ ما بإزاء نفس المهية واذ ليس في البين لفظ موضوع لها غير اسماء الاجناس لزم القول بوضعها لنفس الطبيعة الجامعة ليصح افادة كل من المقسم واقسامه بنفس تلك الالفاظ ولو كان ذلك بنحو تعدد الدال والمدلول فيما إذا تعلق غرض المتكلم بإفادة شيء من اقسامه وبذلك يستغنى من تعدد الوضع بتعدد الاقسام (وإذا ثبت) ان اللفظ موضوع بإزاء نفس المقسم فلا بد في اثبات ان المتعلق أو الموضوع في القضية اريد به المهية المعتبرة على نحو اللابشرط القسمي ليسرى الحكم الثابت لذلك المتعلق أو الموضوع إلى تمام افراده ومصاديقه من دلالة قرينة اخرى كمقدمات الحكمة الكاشفة عن تعلق ارادة المتكلم بإثبات الحكم للطبيعة السارية إلى جميع افرادها (ولا يخفى) ان مقدمات الحكمة انما يحتاج إليها لنفى احتمال ان يراد بموضوع القضية المهية المأخوذة بشرط شيء (واما) احتمال ان يراد به المهية المأخوذة بشط لا (فهو مندفع) بنفس المحمول في القضية فان ما اريد بلفظ الرقبة في قضية اعتق رقبة مثلا بما انه موضوع لوجوب العتق يمتنع ان يكون مأخوذا بشرط لا فان المهية بهذا الاعتبار من الكليات العقلية التى يمتنع صدقها على ما في الخارج فلا يعقل تعلق وجوب العتق ونحوه بها فنفس تعلق وجوب العتق مثلا بطبيعة الرقبة كاشف عن عدم اخذها بشرط لا كما ان المحمول في قضية الإنسان نوع مثلا بنفسه كاشفا عن كون الموضوع فيها مأخوذا بنحو المهية بشرط لا (ثم انه) إذا تحقق ان اثبات كون موضوع الحكم أو متعلقه هي المهية المطلقة اعني بها اللابشرط القسمي يحتاج إلى دلالة قرينة على ذلك فاعلم ان القرينة ربما تكون خاصة بمورد مخصوص فلا كلام لنا فيها لان ذلك امر يختلف باختلاف موارده وليس له ضابط كلى وربما تكون القرينة عامة تشترك فيها جميع موارد المحاورات العرفية وهى التي لا بد لنا من التكلم فيها في المقام (فنقول) ان القرينة العامة التي تكشف عن ارادة الاطلاق مؤلفة من مقدمات ثلاث وهي المقدمات المسماة بمقدمات الحكمة.

(الاولى) ان يكون متعلق الحكم أو موضوعه قابلا للانقسام إلى قسمين مع قطع النظر عن تعلق الحكم به إذ مع عدم قبوله للانقسام في مرتبة سابقة على الحكم كانقسام الواجب إلى ما يقصد به امتثال امره وما لا يقصد فيه ذلك وانقسام المكلف إلى العالم والجاهل بالحكم يستحيل فيه الاطلاق (8) كما يستحيل فيه التقييد على ما اوضحنا بيان ذلك فيما تقدم.

(الثانية) ان يكون المتكلم في مقام البيان من الجهة التي نحاول التمسك بإطلاق كلامه في مقام الاثبات لكشف الاطلاق من تلك الجهة في مقام الثبوت ضرورة انه مع عدم كونه في مقام البيان اصلا كما إذا كان في مقام التشريع فقط أو كان في مقام بيان حكم اخر كما في قوله تعالى {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ} [المائدة: 4] الوارد في مقام بيان عدم كون ما افترسه الكلب المعلم باصطياده ميتة لا يمكن التمسك بالإطلاق قطعا (بداهة) ان كون المولى في مقام التشريع يكون قرينة على انه ليس في مقام بيان تمام مراده فكيف يمكن ان يتمسك في اثبات مرامه بإطلاق كلامه (واما) إذا كان المتكلم في مقام بيان حكم اخر فلا يكون هناك دليل على كونه في مقام البيان من الجهة التي نريد ان نتمسك بالإطلاق لإثباتها كإثبات طهارة موضع الامساك من الصيد بإطلاق الكلام وعدم تقييد جواز الاكل بغسل ذلك الموضع.

(فان قلت) ان بناء العقلاء انما هو على حمل كلام المتكلم على انه في مقام البيان عند الشك فيه إذ على ذلك يدور التمسك بالإطلاقات في المحاورات العرفية ضرورة انه قل ما يتفق مورد يحرز فيه كون المولى في مقام البيان مع قطع النظر عن هذا الاصل العقلائي وعليه فتكون الجهة التي نشك في كون المتكلم في مقام البيان من تلك الجهة مع احراز كونه في مقام بيان حكم آخر من موارد الاصل العقلائي فيثبت بذلك كونه في مقام البيان من كلتا الجهتين فيصح التمسك بالإطلاق بلحاظ كل منهما.

(قلت) بناء العقلاء وان استقر على ذلك الا انه يختص بما إذا احتمل كون المتكلم في مقام الاهمال والاجمال وعدم كونه في مقام البيان اصلا كما إذا دار الامر بين كون المولى في مقام البيان أو كونه في مقام التشريع فقط (واما) إذا كان المولى في مقام بيان حكم اخر فليس من العقلاء بناء على كونه في مقام البيان في غير ما ثبت كونه في مقام بيان لان كونه في مقام بيان حكم ما يكفى في كونه فائدة لكلامه ومخرجا له عن الاهمال فيحتاج اثبات انه في مقام بيان حكم اخر غير هذا الحكم المعلوم كونه في مقام بيانه إلى دليل مفقود في المقام على الفرض.

(الثالثة) ان لا يأتي المتكلم في كلامه ما يدل على اعتبار خصوصية وجودية أو عدمية في متعلق حكمه أو موضوعه لا متصلا بكلا مه ولا منفصلا عنه ضرورة انه مع الاتيان بالقرينة المتصلة لا ينعقد ظهور للكلام من اول الامر الا في المهية المأخوذة بشرط شيء ومع الاتيان بالقرينة المنفصلة لا ينعقد الظهور التصديقي الكاشف عن مراد المتكلم وقد بينا سابقا ان مراتب الدلالة ثلاث:

 (الاولى) الدلالة التصورية الناشئة من سماع اللفظ عند العالم بالوضع.

(الثانية) الدلالة التصديقية اعني بها انعقاد الظهور فيما قاله المتكلم بحيث يكون قابلا للنقل بالمعنى وهذه الدلالة تتوقف على عدم وجود القرينة المتصلة ولا يضربها وجود القرينة المنفصلة.

(الثالثة) الدلالة التصديقية الكاشفة عن مراد المتكلم واقعا وهذه الدلالة تتوقف على عدم وجود القرينة مطلقا سواء كانت متصلة أم كانت منفصلة وعلى ذلك يبتنى لزوم الفحص عن المقيدات والمخصصات المنفصلة فيما إذا كان دأب المولى جاريا على افادة مرامه بقرائن منفصلة وبلحاظ هذه المرتبة من دلالة بنينا في محله على كون المقيد والمخصص المنفصلين واردين على اصالتي العموم والاطلاق والا فبلحاظ المرتبة الثانية من الدلالة يكونان حاكمين عليهما على ما يأتي بيان ذلك في بحث التعادل والتراجيح انشاء الله تعالى وإذا تمت هذه المقدمات الثلاثة فبطريق الان يستكشف تعلق الارادة بالمطلق وعدم تقيد المراد الواقعي بخصوصية خاصة فعدم التقييد في عالم الاثبات يكون دليلا على عدم التقييد في عالم الثبوت (واما) ما جعله بعض المحققين من مقدمات التمسك بالإطلاق وهو ان تعين بعض الافراد دون بعضها الاخر بلا مرجح وكون الحكم ثابتا لبعض الافراد من دون تعينه عند المكلف اغراء بالجهل (فهو) مما لا يحتاج إليه في المقام بعد ما عرفت من ان عدم التقييد في مقام الاثبات يكشف عن عدم التقييد في مقام الثبوت بنحو الان (واما) ما جعله المحقق صاحب الكفاية قده من المقدمات وهو ان لا يكون هناك قدر متيقن في مقام التخاطب وان كان هناك قدر متيقن من الخارج (فالحق) انه ليس من المقدمات وان وجود القدر المتيقن مطلقا لا يضر بالتمسك بالإطلاق.

(توضيح ذلك) انك قد عرفت ان المراد من كون المتكلم في مقام البيان هو كونه في مقام بيان ما تعلقت به ارادته واقعا وعليه فالمتكلم الحكيم الملتفت لا بد له من القاء كلامه على طبق مرامه اطلاقا وتقييدا فإذا كانت ارادته مختصة بقسم خاص من المطلق المذكور في كلا مه لزمه ان ينصب عليه قرينة متصلة أو منفصلة ومجرد اليقين بد خول ذلك القسم في موضوع حكمه أو في متعلقه لا يصلح لا يكون قرينة على اختصاص الحكم به فإذا علم كون بعض افراد المطلق الذي تعلق به الامر مجزيا في مقام الامتثال لم يكن ذلك قرينة على اختصاص الامر به لئلا يجوز الاتيان بغيره من افراد الطبيعة المأمور بها في مقام الامتثال وعليه فإذا كان المتكلم في مقام البيان ولم يأت بما يكشف عن اختصاص ارادته بقسم خاص كشف ذلك كشفا انيا عن عدم اختصاص ارادته بذلك القسم سواء كان هناك قدر متيقن في مقام التخاطب ام لم يكن كيف ولو كان وجود القدر المتيقن في مقام التخاطب مضرا بالتمسك بالإطلاق لما جاز التمسك بالمطلقات في غير موارد ورودها إذ المورد من اظهر موارد وجود القدر المتيقن في مقام التخاطب والمحقق المزبور (قدس سره)وان التزم بذلك في بعض الموارد فلم يأخذ بأطلاق المطلق فيه في غير مورد وروده الا انه لم يلتزم به في جميع الموارد بل تمسك في كثير منها بالإطلاق في غير موارد ورودها (هذا) مع ان وجود القدر المتيقن في مقام التخاطب وجواز الامتثال به يقينا لو كان مانعا من جواز التمسك بالإطلاق لكان وجود القدر المتيقن من الخارج ايضا كذلك ضرورة ان كون شيء قدرا متيقنا في مقام التخاطب لا خصوصية له توجب اختصاصه بالمنع من التمسك بالإطلاق فلو كان ذلك مانعا لكان منعه بملاك كونه قدرا متيقنا في ثبوت الحكم له فيلزم القول بكون وجود القدر المتيقن ولو كان من الخارج مانعا من الاخذ بالإطلاق وعليه فلا يبقى مورد للتمسك بالإطلاق الا نادرا ومن جمع ذلك يظهران الامر كما ذكرناه ولو بنينا على ان المراد كون المتكلم في مقام البيان هو كو نه في مقام بيان ضرب القانون و القاعدة كما هو مختاره (قدس سره )بداهة ان اليقين بكون قسم خاص مشمولا لحكم القاعدة لا يوجب انحصار القاعدة به فإذا كان المتكلم في مقام بيان الكبرى الكلية ومع ذلك سكت عن بيان قيد خاص ولم ينبه عليه كشف ذلك بطريق الان عن عدم دخل ذلك القيد في الكبرى الكلية واقعا سواء في ذلك وجود القدر المتيقن في مقام التخاطب أو من الخارج وعدمه نعم لو كان المراد من كون المتكلم في مقام البيان هو كونه في مقام افهام المخاطب بكلامه شيئا ما بحيث لا يبقى متحيرا في مقام المحاورة بالكلية لكان وجود القدر المتيقن على اطلاقه مانعا من التمسك بالإطلاق ضرورة انه مع وجود القدر المتيقن ولو كان ذلك من الخارج يستفيد المخاطب من كلام المتكلم شيئا ما ويخرج بذلك عن التحير لا محاله فلا يمكن التمسك بالإطلاق حينئذ (لكنه قدس سره) ايضا لا يلتزم بكون المراد من مقام البيان هو ذلك.

(وينبغي التنبيه في المقام على امور):

الاول: ان الانصراف وان كان مانعا من جواز التمسك بالإطلاق الا أنه يختص ببعض اقسام الانصراف ولا يعم جميعها.

(توضيح ذلك) ان الانصراف قد ينشأ من غلبة الوجود في الخارج كانصراف لفظ الماء في بغداد إلى ماء الدجلة وفي مكان آخر إلى غيره ويسمى هذا الانصراف بدويا يزول بأدنى التفات وهذا لم يتوهم كونه مانعا من التمسك بالإطلاق وقد ينشأ من التشكيك في الماهية في متفاهم العرف وهذا يكون على قسمين فان التشكيك تارة يكون بحيث يرى العرف بعض المصاديق خارجا عن كونه فردا لما يفهم من اللفظ فينصرف اللفظ عنه لا محالة كانصراف لفظ ما لا يؤكل لحمه عن الإنسان واخرى يكون بحيث يشك العرف في كون فرد مصداقا لمفهوم اللفظ عند اطلاقه فينصرف اللفظ إلى غيره كانصراف لفظ الماء إلى غير ماء الزاج والكبريت.

(اما القسم الاول) فلا ريب في ان اللفظ المطلق فيه يكون من قبيل الكلام المحفوف بالقرينة المتصلة فلا ينعقد له ظهور الا في غير ما ينصرف عنه اللفظ.

(واما القسم الثاني) فالانصراف فيه وان لم يوجب ظهور المطلق في ارادة خصوص ما ينصرف إليه الا ان المطلق مع هذا الانصراف يكون في حكم الكلام المحفوف بما يصلح لكونه قرينة فلا ينعقد له ظهور في الاطلاق فالانصراف الناشئ عن التشكيك في الماهية يمنع من انعقاد الظهور في الاطلاق على كل حال واما تقسيم الانصراف في كلام بعض المحققين إلى ما يزيد على عشرة اقسام فلا فائدة تترتب عليه وانما المهم منها هو ما ذكرناه.

(الثاني): ان استفادة الكبرى الكلية من العام وان كانت تتوقف (9) على اجراء مقدمات الحكمة في متعلق العموم كما اشرنا إليه مرارا الا ان المطلق يفترق عن العام بأمرين:

(الاول): ان كون المتكلم في مقام البيان في موارد التمسك بالإطلاق لا بد من ان يحرز من الخارج ولو كان ذلك من جهة بناء العقلاء على ذلك وهذا بخلاف موارد التمسك بالعموم فان اداة العموم بنفسها متكفلة بإفادة كون المتكلم في مقام البيان ضرورة انه لا معنى لكونه في مقام الاهمال والاجمال ومع ذلك يلقى كلامه على نحو العموم والاستيعاب وعليه فلا يتوقف احراز كونه في مقام البيان على دليل خارجي.

(الثاني): ان سراية الحكم إلى جميع افراد المطلق انما تكون لأجل تساوى افراد الطبيعة في صدقها عليها واما سراية الحكم إلى جميع افراد العام فهي مستفادة من اداة العموم بالدلالة اللفظية وقد بينا سابقا ان هذا هو السر في تقديم العام على المطلق في مورد تعارضهما مع ان كلا منهما يحتاج إلى اجراء مقدمات الحكمة في استفادة الكبرى الكلية منه.

(الثالث): ان كل مطلق يمكن تقسيمه بتقسيمات عديدة باعتبار ما يلحقه من الخصوصيات الوجودية والعدمية مثلا يقسم الإنسان إلى بالغ وغير بالغ والى عالم وغير عالم وهكذا فتقييد المطلق بدليل منفصل ورفع اليد عن اطلاقه بلحاظ بعض تقسيماته لا يوجب رفع اليد عن الاطلاق في غيره من التقسيمات إذ غاية ما يترتب على دليل التقييد بقيد ما هو كون ذلك القيد دخيلا في مراد المولى وجزء منه قد اخر بيا نه لمصلحة فيه ولا يستكشف به عدم كون المولى في مقام البيان بالإضافة إلى عدم دخل القيود الاخر في مراده لعدم الملازمة بين تأخير بيان قيد ما وعدم كون المتكلم في مقام البيان من الجهات الاخرى فلو شك في دخل شيء من تلك القيود في مراده مع عدم دليل عليه لا متصلا ولا منفصلا لكان اطلاق كلام المولى رافعا له نعم إذا بلغ التقييد إلى حد يستلزم القبح والاستهجان في فرض كون المتكلم في مقام البيان كشف ذلك عن عدم كونه في مقام البيان من اول الامر فلا يمكن التمسك بأطلاق كلا مه مطلقا لكن اين ذلك من العثور على تقييد أو تقييدين .

________________
(1) قد ذكرنا غير مرة ان التمسك بالإطلاق لا يتوقف على جريان مقدمات الحكمة في مدخول الاداة وان نفس الاداة وافية بأثبات عدم اختصاص الحكم المذكور في القضية بقسم خاص من اقسام مدخولها.

(2) وقد بينا في ذلك المبحث انه لا وجه لتقديم احد الاطلاقين على الاخر بمجرد كونه شموليا والاخر بدليا فراجع .

(3) قد تقدم في مبحث التعبدي والتوصلى تفصيل الكلام في ان استحالة التقييد لا يستلزم استحالة الاطلاق وبالعكس فراجع وتدبر .

(4) قد تقدم في مبحث التعبدي والتوصلى بيان استحالة ثبوت الاهمال في الواقع من دون فرق في ذلك بين الانقسامات الاولية وغيرها وعليه فلا مناص في هذه الموارد من الالتزام بالتقييد أو الاطلاق وقد مر تحقيق الحال في ذلك فراجع .

(5) المعاني الحرفية وان لم تكن قابلة للاتصاف بالإطلاق والتقييد بمعنى سعة المفهوم وضيقه الا انها قابلة للاتصاف بهما بمعنى آخر وقد تقدم الكلام في تحقيق ذلك في مبحث المعاني الحرفية فراجع .

(6) كون اللابشرط المقسمي هو نفس الماهية من حيث هي وان كان هو المعروف بينهم إلا ان الصحيح انه غيرها بيان ذلك انه ربما تلاحظ الماهية من حيث هي فيكون النظر مقصورا على الذات ولا يلاحظ معها شيء آخر خارج عن مقام ذات الماهية فلا يصح حمل شيء عليها في هذا اللحاظ الا الذات أو الذاتي فيقال الإنسان حيوان ناطق أو حيوان أو ناطق وربما تلاحظ الماهية بلا قصر النظر على مقام ذاتها فيلاحظ معها شيء آخر خارج عن مقام ذاتها والماهية الملحوظة بهذا اللحاظ تنقسم إلى اقسام ثلاثة لان الامر الخارج عن مقام الذات الملحوظ معها (قد يكون) تجرد الماهية عن كل خصوصية يمكن ان تلحقها في الخارج من خصوصيات افرادها واصنافها فلا يحمل عليها في هذا اللحاظ الا المعقولات الثانوية فيقال الإنسان نوع والحيوان جنس والناطق فصل والماشي عرض عام للإنسان وعرض خاص للحيوان ولا يسرى الحكم الثابت لها إلى الافراد الخارجية ويعبر عنه الماهية الملحوظة بهذا اللحاظ بالماهية المجردة (وقد يكون) ذلك الامر الخارج اعتبار خصوصية من الخصوصيات المزبورة فيصح حمل الاوصاف الخارجية أو الانتزاعية عليها فيقال الإنسان العالم خير من الإنسان الجاهل ويسرى الحاكم الثابت لها إلى الافراد الخارجية الواجدة للخصوصية المعتبرة فيها ويعبر عن الماهية الملحوظة بهذا اللحاظ بالماهية المخلوطة (وقد يكون) الامر الخارج المزبور لحاظ عدم دخل شيء من الخصوصيات المزبورة في نظر الملاحظ وعدم كون شيء منها معتبرا في الماهية فيقال الإنسان ضاحك بالقوة ويسرى الحكم الثابت لها إلى جميع الافراد الخارجية ويعبر عن الماهية الملحوظة بهذا اللحاظ بالماهية المطلقة فظهر بذلك ان الماهية الملحوظة من حيث هي مغايرة للماهية الملحوظة على نحو اللابشرط المقسمي وان ما هو المقسم بين المجردة والمخلوطة والمطلقة المعبر عنها باللابشرط القسمي لا تحقق له الا في ضمن احد اقسامه كما هو الحال في كل مقسم بالإضافة إلى اقسامه كما ظهران الماهية المهملة اعني بها نفس الماهية من دون تقيدها بلحاظ خاص حتى لحاظها بقصر النظر على مقام الذات هو نفس الكلى الطبيعي الذي يعرضه احد اللحاظات المتقدمة وقابل للصدق على الافراد الخارجية وجهة جامعة بينها فكما لا يتم ما افاده المحقق السبزواري (قدس سره )من ان الكلى الطبيعي انما هو نفس اللابشرط المقسمي لا يتم ما افاده شيخنا الاستاد (قدس سره )من كونه هو اللابشرط القسمي لان اللابشرط القسمي على ما عرفت متقوم بلحاظه على نحو يكون بالفعل فانيا في جميع مصاديقه واما الكلى الطبيعي فهو قابل لان يصدق على الخارجيات لا انه هو الصادق بالفعل عليها بلحاظ فنائه فيها فافهم وتدبر ذلك وبما ذكرناه يظهر الخلل في جملة ما افاده شيخنا الاستاذ(قدس سره ) فلا حاجة إلى التعرض لكل فقرة بخصوصها .

(7) الغرض من هذا الكلام هو بيان استحالة الجامع المقولي بين نفس المفهوم والمصاديق الخارجية واما الجامع الانتزاعي فوقوعه فضلا عن امكانه من اوضح الواضحات لكنك قد عرفت ان الكلى الطبيعي انما هو نفس الماهية المتحققة بنفسها في الخارج وفي كل قسم من اقسام الماهية الملحوظ بلحاظ يختص به .

(8) استحالة التقييد وان كانت لا يستلزم استحالة الاطلاق كما اشرنا إليه آنفا الا انه يعتبر في صحة التمسك بالإطلاق في مقام الاثبات من ان يكون التقييد بلحاظ ذلك المقام امرا ممكنا ليكون تركه الاختياري كاشفا عن ان القيد المحتمل دخله في متعلق الحكم أو موضوعه غير دخيل فيه واقعا وقد مر الكلام في ذلك في بحث التعبدي والتوصلي فراجع .

(9) قد مر الكلام في عدم توقف استفادة الكبرى الكلية من العام على جريان مقدمات الحكمة في انه هو السر في تقديم العام على المطلق في مقام المعارضة فراجع .




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.