المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 7541 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


تقسيم الواجب إلى النفسي والغيري  
  
991   09:13 صباحاً   التاريخ: 26-8-2016
المؤلف : السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي
الكتاب أو المصدر : أجود التقريرات
الجزء والصفحة : ص 167-181.
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / علم اصول الفقه / المباحث العقلية /

الواجب ينقسم إلى نفسي وغيري والمشهور في تعريفهما ان الواجب النفسي هو الواجب لا لأجل واجب آخر والواجب الغيرى ما وجب لواجب آخر (واورد عليه) بان لازمه ان يكون جل الواجبات غيرية بداهة انها انما وجبت لما يترتب عليها من المصالح اللازم تحصيلها ولولاه لم تكن واجبة ومن ثم عدل المحقق صاحب الكفاية

(قدس سره) عن هذا التعريف وذهب إلى ان ايجاب الفعل إذا كان منشأه حسن الفعل في حد ذاته فالواجب نفسي ولو فرض كونه مقدمة لما يلزم تحصيله ايضا واما إذا كان منشأه مقدمية الفعل لواجب آخر فالواجب غيرى ولو فرض كونه مع ذلك مشتملا على الحسن الذاتي كما هو الحال في الطهارات الثلاث (والتحقيق) عدم صحة الاشكال في نفسه و عدم صحة ما اختاره المحقق صاحب الكفاية (قدس سره)

(اما الاول) فلما ذكرنا سابقا من ان الافعال بالإضافة إلى ما يترتب عليها المصالح من قبيل المعدات (1) التي يتوسط بينها وبين المعلول امور غير اختيارية فلا يمكن الارادة التكوينية بها فكذلك التشريعية لما بينا من الملازمة بينهما امكانا وامتناعا فهي من قبيل الدواعي لتعلق الارادة بالأفعال لا انها بأنفسها تحت التكلف حتى يكون الامر المتعلق بالأفعال مترشحا من الامر المتعلق بها وما قيل من انها مقدورة بالواسطة ولافرق في القدرة بين ان تكون بلا واسطة وان تكون بالواسطة قد عرفت ما فيه من انه انما يتم في الافعال التوليدية لا في العلل المعدة،

(واما الثاني) فلان حسن الافعال المقتضى لإيجابها ان كان ناشئا من كونها مقدمة لما يترتب عليها من المصالح فإشكال لزوم كون جل الواجبات واجبات غيرية قد بقى على حاله وان كان الحسن ثابتا لها في حد ذواتها مع قطع النظر عن ما يترتب عليها من المصالح فلازمه (2) ان لا يكون الوجوب المتعلق بها متمحضا في النفسية ولا في الغيرية لثوبت ملاكهما حينئذ كما في افعال الحج فان المتقدم منها واجب لنفسه ومقدمة للمتأخر فلا يكون وقع للتقسيم حيئنذ اصلا (نعم) يرد على تعريف المشهور النقض بوجوب المقدمات  التي يترتب على تركها فوت الواجب في ظرفه فانه داخل في تعريف الوجوب الغيرى على تعريف المشهور مع أنه من اقسام الوجوب النفسي (فالأولى) ان يقال ان الوجوب النفسي ما كان وجوبه غير مترشح من وجوب آخر بخلاف الوجوب الغيرى فانه هو الوجوب الذى يترشح من وجوب آخر فلا اشكال (ثم انه) إذا شك في واجب أنه نفسي أو غيرى فقد افاد صاحب التقريرات (قدس سره) عدم امكان التمسك بالإطلاق لأثبات كون الواجب نفسيا لان مفاد الهيئة جزئي غير قابل للتقييد حتى يمكن التمسك بإطلاقه (واشكل عليه) المحقق صاحب الكفاية (قدس سره) بأن مفاد الهيئة ليس الا مفهوم الطلب وهو المنشأ ومن البديهي امكان تقييده واما الطلب الحقيقي فهو وان كان جزئيا الا انه غير قابل للإنشاء حتى يمكن اطلاقه أو تقييده فتسرية احكام الحقيقة إلى المفهوم من باب اشتباه المفهوم بالمصداق (وانت) خبير بفساد اصل الاستدلال والاشكال عليه (اما فساد الاشكال) فلما ذكرنا سابقا من أن المفهوم الاسمى القابل لا يكون محمولا ومحمولا عليه غير قابل للإنشاء (3) وأن المنشأ ليس الا النسبة الايقاعية (نعم) انشاء النسبة مصداق للطلب فانه عبارة عن التصدي نحو المراد والانشاء ايضا نحو من التصدي فالإنشاء بنفسه مصداق للطلب لان المنشأ هو مفهومه فالخلط بين المفهوم والمصداق منه (قدس سره) (واما فساد) اصل الاستدلال فلان مفاد الهيئة وان لم يكن قابلا للإطلاق والتقييد حتى على القول بعموم الموضوع له والمستعمل فيه لأنه معنى حرفي وملحوظ إلى والاطلاق والتقييد من شؤن المفاهيم الاستقلالية كما اوضحناه في مبحث المشروط والمطلق الا أنه لا اشكال في وجود الواجب الغيرى في الاحكام الشرعية وغيرها ولم ينسب احد إلى الشيخ (قدس سره) انكاره وان نسب إليه (قدس سره) انكار المشروط على خلاف الواقع وعليه فيمكن استكشاف كون الواجب غيريا من احد وجهين:

(احدهما) تقييد الواجب النفسي بقيد في مقام الطلب كما في قولنا صل عن طهارة فيستكشف منه مطلوبية الطهارة بالطلب الغيرى.

(وثانيهما) تقييد وجوبه بوجوب ذى المقدمة كما في الاية المباركة (إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا - الاية) فانه يستكشف منها ان الغسل مطلوب مقدمة للصلاة ومطلوبية مقيدة بمطلوبية الصلاة والتقييد حيث لا يمكن ان يرجع إلى مفاد الهيئة فلابد وان يرجع إلى نتيجة الجملة وهو وجوب الغسل أو إلى المادة المنتسبة كما في كل واجب مشروط والفرق بين الوجهين ان التقييد في الوجه الاول كان راجعا إلى المعنى الأفرادي وفى الوجه الثاني كان راجعا إلى المعنى التركيبي المتحصل من الجملة وعلى كل تقدير فإذا شك في التقييد فيرجع إلى الاطلاق اما إلى اطلاق المعنى الأفرادي اوالى اطلاق المعنى التركيبي فيستكشف عدم تقييد الصلاة بالطهارة وعدم تقييد وجوب الطهارة بوجوب الصلاة كما في كل مورد شك فيه في اطلاق الوجوب واشتراطه (ثم انه) لو كان لاحد الدليلين اطلاق دون الاخر فيتمسك به لنفى كلا التقييدين احدهما بالمطابقة والآخر بالملازمة واصالة الاطلاق لكونها من الاصول اللفظية لا يفرق فيها بين المثبت وغيره (هذا) فيما إذا كان هناك اطلاق وقد تمت معه مقدمات الحكمة واما فيما إذا لم يكن ذلك فالمرجع فيه هو الاصل العملي وهو يختلف باختلاف الموارد (توضيح ذلك) ان الشك في كون الواجب نفسيا أو غيريا يمكن ان يقع على وجهين:

(الاول) ان يعلم معه بتعلق الوجوب النفسي بما يشك في تقييده بما علم وجوبه مرددا بين كونه نفسيا وغيريا ، (الثاني) ان لا يعلم الا وجوب ما يحتمل كونه نفسيا أو غيريا مع احتمال ان يكون في الواقع واجب آخر مقيد بما علم وجوبه في الجملة ثم ان الوجه الاول قد يعلم فيه تماثل الوجوبين المفروضين من جهة الاطلاق والاشتراط بشيء كما إذا علم اشتراط كل من وجوبي الطهارة والصلاة بدخول الوقت أو علم اطلاق كل منهما بالقياس إليه وقد لا يعلم ذلك وانما يعلم اشتراط وجوب الواجب المفروض كونه نفسيا بشيء واما الواجب الاخر المجهول حاله فيحتمل فيه كل من الاطلاق والاشتراط من جهة الشك في كون وجوبه نفسيا أو غيريا وهذا كما إذا احتملنا في المثال المتقدم ان يكون وجوب الطهارة مطلقا بالقياس إلى دخول الوقت المشروط به وجوب الصلاة قطعا فهناك صور:

(اما الصورة الاولى) وهى ما علم فيه تماثل الوجوبين فالشك فيها متمحض في خصوص تقييد متعلق ما علم كونه نفسيا بالواجب الآخر فتجرى البراءة (4) عن التقييد ويثبت بذلك نتيجة الاطلاق  ففي مفروض المثال يكون المكلف مخيرا بين الاتيان بالصلاة قبل الطهارة والاتيان بها بعدها.

(واما الصورة الثانية) وهى ما علم فيه اشتراط خصوص الوجوب المعلوم كونه نفسيا فالشك فيها من جهة تقيد ما علم كونه نفسيا بالآخر يكون مجرى للبرائة كما ان الشك فيها من جهة الشك في الوجوب النفسي قبل حصول ما هو شرط للوجوب الآخر مجرى للبرائة (5) ايضا فتكون النتيجة من هذه الجهة نتيجة الغيرية فيختص وجوب الطهارة في مفروض المثال بما بعد الوقت الذى هو شرط لوجوب الصلاة (نعم) هناك جهة اخرى للشك والنتيجة معها للنفسية وهى جهة الشك في ان الوضوء مثلا إذا اتى به قبل الوقت يسقط به الوضوء فيما بعد الوقت اولا وبعبارة اخرى يكون الشك في ان وجوب الوضوء بعد الوقت مطلق أو مختص بمن لم يتوضأ قبله ومقتضى البراءة هو عدم الوجوب بالإضافة إلى المتوضئ قبله فيكون النتيجة مع الوجوب النفسي (وبالجملة) اصالة البراءة بالإضافة إلى تقيد الصلاة بالوضوء وبالإضافة إلى وجوبه قبل الوقت ووجوبه بعد الوقت توضأ قبل الوقت بلا معارض فان اصل وجوبه لمن لم يتوضأ قبل الوقت وان كان معلوما بعد دخوله الا انه اعم من ان تكون الصلاة متقيدة به حتى لا يجوز الاتيان به بعدها.

(واما الصورة الثالثة) وهى مالا يعلم فيه الا وجوب ما يدور امره بين كونه واجبا نفسيا أو غيريا لاحتمال ان يكون في الواقع واجب آخر فعلى يتوقف حصوله على ما علم وجوبه اجمالا فالحق فيها انه يلزم الاتيان بما علم وجبه فانه يعلم حينئذ باستحقاق العقاب على تركه اما لنفسه أو لكونه مقدمة لواجب فعلى فأن ترك ما يحتمل وجوبه النفسي المستند إلى ترك معلوم الوجوب مما يوجب العقاب واما تركه من غير ناحيته فالمكلف لجهله في سعة منه وتشمله ادلة البراءة واما ما في الكفاية (6) من التمسك بالبراءة في المقام فغير سديد بعد الباء على صحة التفكيك في التنجز في مبحث الاقل والاكثر وما نحن فيه ايضا من هذا القبل فان استحقاق العقاب على ترك معلوم الوجوب اما لنفسه أو لتوقف واجب فعلى عليه معلوم تفصيلا فيكون منجزا وان لم يكن ذاك الوجوب المحتمل ثبوته في الواقع منجزا من جهات أخر فان عدم تنجزه من جهة لا ينافى تنجزه من جهة واصالة البراءة لا تنافي فعليته واقعا وتنجزه بمقدار العلم فتدبر جيدا بقي هناك أمران الاول ان الثواب كما يترتب على امتثال الواجب النفسي فهل يترتب على امتثال الواجب الغيرى ايضا اولا وقبل الخوض في ذلك لا بأس ببيان ان الثواب المترتب على امتثال الواجبات النفسية هل هو بالاستحقاق أو بالتفصيل (المعروف) بين الاصحاب هو الاول وخالف في ذلك شيخنا المفيد (قدس سره) وتبعه جماعة من المحققين فذهبوا إلى الثاني وهو الاقوى فان اطاعة المولى والعمل على وفق العبودية لازم بحكم العقل و امتثال العبد لأوامر مولاه جرى منه على وظيفته لئلا يكون ظالما له وليس هو في عمله اجيرا للمولى حتى يستحق عليه شيئا (ومنه) يظهر حال التوبة فان كون التائب كمن لا ذنب له انما هو من باب التفضل فقط لان توبته من جملة الواجبات عليه فيكون ظالما على تقدير تركها وتركه الظلم لنفسه فعلا بالتوبة عما صدر منه لا يوجب سقوط ما استحقه من العقاب قبلا وبعبارة اخرى لا بدوان يكون العبد في جميع حالاته منقادا للمولى وتحت سلطانه فرجوعه إلى الطاعة بعد الاباق له بحكم العقل وهو غير موجب لسقوط عقاب اباقه السابق إذا عرفت ذلك (فاعلم) انه بعد الاتفاق على ترتب الثواب على امتثال الواجبات النفسية سواء كان بالاستحقاق أو بالتفضل وقع الخلاف في ان امتثال الواجبات الغيرية هل يترتب عليه الثواب كما يترتب على امتثال الواجبات النفسية اولا على اقوال ثالثها التفصيل بين كون الواجب الغيرى اصليا مدلولا لخطاب مستقلا وكونه تبعيا غير مدلول لخطاب مستقل كما عن المحقق القمي (قدس سره) والحق في المقام ان يقال ان الواجب الغيرى ان اتى به بداعي التوصل به إلى الواجب النفسي فيترتب عليه الثواب والا فلا.

(توضيح ذلك انه) لا اشكال في ان الثواب يفترق عن العقاب في ان الثاني مترتب على نفس المخالفة العمدية بخلاف الاول فانه غير مترتب على الموافقة فقط بل على الموافقة المضافة إلى المولى فهو مترتب على الاطاعة بالمعنى الاخص اما على القول بالاستحقاق فواضح واما على القول بالتفضل فلعدم الدليل على التفضل بدون قصد الاطاعة (وكذا) لا اشكال في ان الامر الغيرى بما هو امر غيرى لا حقيقة له الا كونه واقعا في طريق التوصل إلى الواجب النفسي فلا اطاعة له الا مع قصد الامر النفسي وح فالاتي بالواجب الغيرى ان قصد به التوصل إلى الواجب النفسي فهو شارع في امتثال الامر النفسي فيثاب على اطاعته والا فلا و لا يفرق في ذلك بين القول بعدم وجوب المقدمة والقول بوجوبها تبعيا كان الوجوب أو اصليا اما على القول بعدم وجوبها أو القول بوجوبها مع كونه تبعيا فما ذكرناه ظاهر واما على القول بالوجوب وفرض كونه اصليا فلان الاوامر الشرعية المتعلقة بالأجزاء (7) والشرائط اما ان تكون اوامر ارشادية لبيان الشرطية أو الجزئية واما ان تكون اوامر نفسية مفصلة للأمر الواحد المتعلق بالمركب أو بالمقيد فكأنها قطعات لذلك الامر الواحد النفسي وعلى كل حال فالامتثال والثواب انما هو للواجب النفسي كما هو الحال في المقدمات العقلية والعادية  التي لا يتفاوت فيها وجود الاوامر الغيرية وعدمها إذا لملاك في ترتب الثواب هو قصد امتثال الامر النفسي المتعلق بذي المقدمة هذا في غير المقدمات السببية واما فيها فقد عرفت سابقا ان الامر المتعلق بالمسبب يكون بنفسه (8) متعلقا بالسبب وكذلك الامر المتعلق بالسبب انما يتعلق به بما انه معنون بعنوان المسبب ولذا كان النزاع في وجوب المقدمة السببية قليل الجدوى كما افاده السيد المرتضى (قدس سره) ثم ان الظاهر ان الثواب المترتب على اتيان الواجب الغيرى بقصد التوصل متحد (9) مع الثواب المترتب على نفس الواجب النفسي غاية الامر ان الثواب يزيد عند اتيان المقدمة بقصد التوصل وتكون الاطاعة من حين الشروع بالمقدمة (وتوهم) تعدد الثواب من جهة المقدمة وذيها تمسكا بالآية المباركة الدالة على ترتب الثواب على المسافرة مع النبي (صلى الله عليه وآله )مقدمة للجهاد في وقعة تبوك مع انه لم يترتب الجهاد على المسافرة في تلك الوقعة (فاسد) فان اظهار جلالته (صلى الله عليه وآله )بالمسافرة معه من اعظم العبادات في حد نفسه ولا د خل لكون المسافرة مقدمة للجهاد في ذلك اصلا فالثواب عليها من قبيل الثواب على العبادة النفسية لا الغيرية الامر الثاني ربما يشكل الامر في الطهارات الثلاث من وجهين:

(الاول) انه لا اشكال في ترتب الثواب على الطهارات الثلاث وفى كونها عبادة مع ان الامر الغيرى المتعلق بالمقدمة لا يكون الا توصليا ولا يترتب ثواب على امتثاله (وفيه) ما عرفت من ان المقدمة إذا اتى بها بداعي التوصل إلى ذي المقدمة وامتثالا لأمره فلا محالة يكون عبادة ويترتب عليه الثواب (الثاني) انه لا اشكال في ان الطهارات الثلاث بما انها عبادة اخذت مقدمة للصلاة مثلا وليس حالها حال بقية المقدمات في كون مطلق وجودها في الخارج مقدمة سواء اتى بها عبادة ام لا فلا اشكال في توقف الامر الغيرى على عباديتها وحينئذ فحيث ان العبادية تحتاج إلى وجود الامر فاما ان يكون الموجب لها تعلق الامر الغيرى بها فيلزم الدور أو يكون الموجب لها تعلق الامر النفسي بأنفسها في حد ذواتها وهو ايضا باطل لأنه لا يتم في خصوص التيمم الذى لم يدل (10) دليل على كونه مطلوبا في حد ذاته اولا مع ان الامر النفسي  الإستحبابي ينعدم بعروض الوجوب ثانيا مع انه يصح الاتيان بجميع الطهارات بقصد الامر النفسي المتعلق بذيها من دون التفاوت إلى الامر النفسي المتعلق بها ثالثا فليس حالها حال صلاة الظهر والصوم بالإضافة إلى صلاة العصر والاعتكاف المتوفقين على تحققهما في الخارج مع انهما امر بهما لأنفسهما ولذا لا اشكال في فساد هما لو لم يقصد امرهما بل قصد الامر النفسي المتعلق بما يتوقف عليهما اعني صلاة العصر والاعتكاف وهذا بخلاف الطهارات الثلاث فانه لا اشكال في صحتها فيما لو اتى بها بقصد الامر النفسي المتعلق بما يتوقف عليها ولو كان ذلك مع عدم الالتفات إلى محبوبيتها ومطلوبيتها في حد ذواتها ومنه ظهران ما اجاب به صاحب الكفاية (قدس سره) عن الاكتفاء بالأمر الغيرى في الصحة من ان الامر الغيرى لا يدعو الا إلى ما هو المقدمة فيتحقق قصد الامر النفسي ايضا ضمنا فاسد فان قصد الامر النفسي على الفرض مقوم للمقدمة فكيف يصح قصد الامر الغيرى بدونه والا فلا بدمن الالتزام بصحة صلاة الظهر والصوم في فرض قصد امر العصر والاعتكاف مثلا وهو واضح البطلان.

(والتحقيق) في الجواب عن الاشكال ان يقال انه لا وجه لحصر منشأ عبادية الطهارات الثلاث في الامر الغيرى وفى الامر النفسي المتعلق بذواتها بل هناك امر ثالث وهو الموجب لكونها عبادة (بيان ذلك) ان الامر النفسي المتعلق بالصلاة مثلا كما ان له تعلقا بأجزائها وهو موجب لكونها عبادة لا يسقط امرها الا بقصد التقرب فكذلك (11) له تعلق بالشرائط المأخوذة فيها فلها ايضا حصة من الامر النفسي وهو الموجب لعباديتها فالموجب للعبادية في الاجزاء والشرائط على نحو واحد فان قلت ما الفرق بين الطهارات الثلاث وبقية الشروط في ان الامر النفسي اوجب عباديتها دون غيرها مع ان تعلق الامر النفسي بجميعها على نحو واحد.

(قلت) الفارق هو ان الغرض في خصوص الطهارات الثلاث اعني به رفع الحدث لا يكاد يحصل الا إذا اتى بها عبادة دون بقية الشرائط ولا مانع من اختلاف الشرائط في هذه الجهة بل لا مانع من اختلاف الاجزاء ايضا بالعبادية وعد مها في مرحلة الثبوت وان لم يتفق ذلك في مرحلة الاثبات (فتحصل) ان توقف الامر الغير في الطهارات الثلاث على عباديتها مسلم الا أن توقف عباديتها على الامر الغيرى أو على الامر النفسي  الإستحبابي المتعلق بأنفسها ممنوع بل العبادية متوقفة على الامر النفسي المتعلق بالمشروط بها فلا اشكال ولعمري دفع الاشكال بما ذكرنا واضح ومن العجب ان العلامة الأنصاري (قدس سره) اعتنى بالإشكال غاية الاعتناء ولم يأت بجواب صحيح كما يظهر لمن راجع كتاب الطهارة والتقريرات.

(تنبيه) لا اشكال في صحة الوضوء والغسل بداعي محبوبيتهما وامتثال الامر النفسي المتعلق بأنفسهما قبل دخول وقت الواجب المشروط بهما كما انه لا اشكال في صحة الاتيان بهما قبل الوقت بداعي امتثال الامر النفسي  الإستحبابي المتعلق بالمشروط بهما صحة أو كمالا واما بعد دخول وقت الواجب النفسي المشروط بالطهارة فان اتى بهما بداعي الامر النفسي المتعلق بذلك الواجب النفسي المشروط بالطهارة فلا اشكال في الصحة ايضا كما عرفت وان اتى بهما لا بداع التوصل إلى ذلك الواجب بل بداع آخر ولم يكن له داع إليه فعلا فالحق صحتهما ايضا لان الامر النفسي  الإستحبابي المتعلق بهما وان كان مندكا (12) في ضمن الامر النفسي المتعلق بهما في ضمن الامر بالمقيد بالطهارة الا ان المعدوم هي المرتبة الاستحبابية واما ذات الطلب فهى باقية عند الاشتداد والتبد ل إلى مرتبة اكيدة ايضا فيصح الاتيان بهما بداعي ذات الطلب الموجود في تلك المرتبة الاستحبابية وان كانت تلك المرتبة زائله ومتبدلة إلى مرتبة اخرى اكيدة (هذا) حال الامر  الإستحبابي مع الامر الوجوبي النفسي الضمني واما مع الامر الوجوبي الغيرى فلا تبدل اصلا بل كلاهما موجودان بالفعل ولا تنافى بينهما (توضيح ذلك) ان في الوضوء والغسل بعد فعلية وجوب ما يتوقف عليهما ثلاث جهات:

(الاولى) كونهما مطلوبين بالطلب  الإستحبابي النفسي (الثانية) كونهما (13) مطلوبين بالطلب النفسي الوجوبي الضمني (الثالثة) كونهما مطلوبين بالطلب الغيرى الوجوبي وعند اجتماع الجهات تندك الجهة الاولى في الثانية دون الثالثة (والضابط) ان الامر الوجوبي ان كان متعلقا بعين ما تعلق به الامر  الإستحبابي فلابد وان يندك احدهما في الاخر فيتحصل منهما طلب واحد اكيد لامتناع اجتماع المثلين في موضوع واحد (واما) إذا كان احدهما في طول الاخر ومتعلقا بالفعل المأتى به بداعي الامر الاول بان يكون المأمور به في الامر الثاني هو الفعل المقيد بكون الداعي له هو الامر الاول فيتعدد الموضوع فلا اشكال, (مثال الاول) تعلق النذر بفعل مستحب في حد ذاته كصلاة الليل مثلا فان الصلاة لرجحانها ذاتا وتعلق النذر بها تكون واجبة لا محالة ويندك الامر  الإستحبابي في الوجوب ويكتسب الامر  الإستحبابي ما كان فاقده وهو تأكد الطلب كما ان الامر الوجوبي الناشئ من قبل النذر يكتسب من الامر  الإستحبابي ما هو فاقده وهى تعبدية الامر فتكون نتيجة امتزاج احد الامرين بالأخر وجوبا واحد نفسيا تعبديا (ومثال الثاني) الاجارة على صلاة الليل عن ميت أو عن حي بناء على الجواز فان الامر  الإستحبابي متعلق بإتيان العمل عن الغير بدلا عنه وبداعي امتثال الامر المتعلق به (14) فهو متعلق بذات العمل بخلاف الامر الوجوبي الناشئ من الاجارة فانه متعلق بإتيان الصلاة بداعي امتثال امرها الاول فقد اخذ الامر الاول في موضوع الامر الثاني فلا يعقل تبدل احد هما بالأخر لكونه في طوله كما هو الحال في الامر الوجوبي المقدمي الناشئ من قبل الامر بصلاة العصر المتعلق بإتيان الظهر بداعي امرها ولذا لا اشكال في فساد صلاة الظهر لو اتى بها بداعي امتثال الامر بالعصر في فساد العبادة الاستيجارية إذا اتى بها بداعي امتثال الامر الناشئ من قبل الاجارة ففيما فيه حيث ان الامر النفسي الضمني متعلق بنفس ما تعلق به الامر  الإستحبابي فلا مناص عن اتحادهما بخلاف الامر الغيرى المترشح من الامر بذي المقدمة فانه في طوله متعلقة هو العمل المأتى به بداعي الامر الاول هو توصلي محض فلا اتحاد له مع الامر النفسي  الإستحبابي العبادي اصلا والعجب من العلامة الأنصاري (قدس سره) انه خلط الوجوب الغيرى بالوجوب الضمني فحكم في المقام باتحاد الامر النفسي  الإستحبابي مع الامر الغيرى المترشح واندكا كه فيه مع انهما طوليان فتدبر في اطراف ما ذكرناه فانه دقيق وبه حقيق (فتحصل) من جميع ما ذكرناه امران:

(الاول) ان الاوامر الغيرية المتعلقة بالطهارات الثلاث لا توجب عباديتها وترتب الثواب عليها الا إذا كان الاتيان بها بقصد التوصل إلى غاياتها فان الامر الغيرى حيث انه في هوية ذاته متقوم بالغير فلا محركية له بنفسه بل محركيته بعين محركية الامر النفسي المتعلق بالغاية  ففي فرض عدم قصد التوصل لا يكون الامر النفسي محركا فلا يكون الغيرى محركا ايضا ولعل ما ذكرناه ارتكازي في نفوس العقلاء بداهة ان المولى إذا امر عبده بتحصيل الدراهم لاشتراء اللحم فحصلها لاشتراء شيء آخر فلا يعد هذا العبد ممتثلا لأمر وعاصيا لأخر واما الاستدلال بذلك لأصل المطلب كما عن العلامة الأنصاري (قدس سره) ففي غير محله (15) فان فهم العرف انما يكون حجة في مباحث الالفاظ والمسألة المبحوث عنها في المقام عقلية نعم يكون فهم العرف مؤيدا للبرهان وكاشفا عن ارتكازيته كما ذكرنا.

(الثاني) انه يكفى في عبادية الطهارات الثلاث قصد المحبوبية الذاتية والمطلوبية الاستحبابية ولو كان ذلك بعد اتصافها بالوجوب المقدمي بد خول وقت الواجب النفسي وذلك لما مر من ان ذات الطلب  الإستحبابي لا ينعدم بعروض الوجوب النفسي غاية الامران حد المرتبة الاستحبابية يزول بعروض الوجوب في مورده وما ذكرناه جار في مقام مراتب الاشتداد وغير مختص بمقام مخصوص واما ما افاده المحقق السيد الطباطبائي (قدس سره) في العروة من انه لا مانع من بقاء الاستحباب بعد عروض الوجوب لإمكان اجتماع الحكمين من جهتين على ما قواه (قدس سره) من جواز اجتماع الامر و النهي فغير سديد فان محل الكلام في مبحث اجتماع الامر  النهي هو ما إذا كانت تقييدية لا تعليلية والمقام من قبيل الثاني.

(والضابط الفارق) بينهما ان الجهات إذا كانت بحث يمكن تعلق الارادة التكوينية بكل منها مستقلا كما في الصلاة والغصب فالجهات تقييدية والا فهي تعليلية وجهات الحسن والقبح التي تترتب على الافعال الخارجية وتكون داعية إلى جعل الحكم على طبقها من القسم الثاني فإذا فرضنا ان في الفعل الواحد مصلحة من جهة ومفسدة من جهة اخرى فلا اشكال في عدم جواز اجتماع الامر و النهي فيه بالجهتين لا وله إلى اجتماع الضدين بالبداهة.

(بالجملة) المراد من الجهات في بحث اجتماع الامر و النهي هي  التي بها تتعدد المتعلقات ويكون متعلق كل حكم امرا مغاير المتعلق الآخر واما تعدد الجهات  التي هي من قبيل الدواعي مع وحدة المتعلق فهو اجنبي عن ما هو محل البحث في تلك المسألة بالكلية فالوضوء مثلا بما نه فعل واحد لا يمكن اتصافه بحكمين ولو بداعيين هذا مع ان الجهة التعليلية في المقام ايضا واحدة (16) ضرورة ان الداعي إلى طلبه هو رفع الحدث واحد لا تعدد فيه فما نحن فيه اجنبي عن باب تعدد الدواعي ايضا.

(بقى في المقام شيء) هو ان المكلف إذا اتى بالطهارات الثلاث بداعي التوصل بها إلى غاياتها ولكنه بداله بعد ايجادها عن الاتيان بغاياتها فهل عدم الاتيان بها خارجا يمنع عن حصول الاطاعة بها وامتثال أو امرها اولا اما على القول بالمقدمة الموصلة فلا اشكال في ان عدم الايصال الخارجي يكشف (17) عن عدم تعلق الوجوب بها من اول الامر تعلق الامر بها تخيلا من الفاعل واما بناء على عدم اعتبار الايصال في الاتصاف بالوجوب كما هو الاقوى فيظهر من بعض اعتباره في العبادية وترتب الثواب على المقدمة ولكنه خلاف التحقيق لما عرفت من ان المحرك في فرض قصد التوصل هو الامر النفسي وبما ان الاتيان بها في هذا الفرض انما كان بتحريك الامر النفسي وبداعي اطاعته ولا يعتبر في العبادة ازيد من كونها بداعي الامر وبتحريكه فلا مناص عن الحكم بالصحة في مفروض الكلام فان الشيء لا ينقلب عما وقع عليه والبداء بعد العمل لا يغير ما وقع عبادة عما هو عليه.

________________

1 - لا يخفى ان فعل الواجب بالقياس إلى الغرض الاقصى المترتب عليه وان كان من قبيل العلل المعدة الغرض خارجا عن تحت اختيار المكلف وقدرته الا انه بالقياس إلى ما يترتب عليه بلا تخلف وهى جهة الاعداد لحصول ذلك الغرض من قبيل الاسباب إلى مسبباتها مثلا الغرض الاقصى الداعي إلى الامر بزرع الحب وهو تحصيل النتاج وان كان خارجا عن اختيار المكلف الا ان الغرض المترتب على الزرع من غير تخلف وهو اعداد المحل للإنتاج مقدور للمكلف بالقدرة على سببه لا محالة وبما ان المفروض في تعريف الواجب الغيرى قد بقى على حاله والتحقيق في الجواب ان يقال انه إذا بنينا على خروج الاسباب عن حريم النزاع في بحث مقدمة الواجب بدعوى ان الوجوب النفسي المتعلق بالمسبب يتعلق بعينه بالسبب فالأشكال مرتفع من اصله فانه بناء عليه يكون فعل الواجب متعلقا للوجوب النفسي لا محالة واما بناء على عدم تعلق الوجوب النفسي الثابت للمسبب بسببه فالوجه في عدم كون وجوب الواجبات بأجمعها غيريا هو امن الاغراض المترتبة على الواجبات وان كانت لزومية ومقدورة للمكلف بالقدرة على اسبابها الا انها غير قابلة لتعلق التكليف بها لما عرفت من ان متعلق التكليف لابد وان يكون امرا عرفيا قابلا لان يقع في حيز الخطاب حسب انظار عرف العامة ومن الواضح ان الاغراض المترتبة على الواجبات ليست كذلك فلا مناص عن تعلق الوجوب النفسي بنفس الافعال دون الاغراض المترتبة عليها فيصدق انها واجبة لا لوجوب امر آخر فلا اشكال

 2 - مضافا إلى كون جميع الواجبات الشرعية حسنة في ذواتها مع قطع النظر عما يترتب عليها من المصالح ليكون وجوبها ناشئا من حسنها الذاتي مما يقطع بعدمه فلا مجال لما اختاره صاحب الكفاية قدس سره اصلا

 3 - تقدم الكلام في تحقيق معنى الانشاء وفى ان المعاني الحرفية قابلة لورد الاطلاق والتقييد عليها فراجع .

4 - لا يخفى ان اجراء البراءة عن تقييد الصلاة بالوضوء في مفروض المثال معارض بجريان البراءة عن الوجوب النفسي المحتمل ثبوته للوضوء فان القدر المعلوم ثبوته انما هو اصل تعلق الوجوب بالوضوء واما خصوص كونه نفسيا أو غيريا فهو مجهول لكن العلم الاجمالي بثبوت احدى الخصوصيتين يمنع من جريان اصالة البراءة في كل منهما فاللازم هو الاحتياط والاتيان بالصلاة مع الطهارة في مفروض المثال فيكون النتيجة نتيجة الوجوب الغيرى لا النفي

 5 - إذا كان الوجوب النفسي المحتمل ثبوته للوضوء في مفروض المثال مقيدا بإيقاعه قبل الوقت ليدور الامر بين لزوم الاتيان به قبل الوقت ولزوم الاتيان به بعد الوقت من جهة دوران الامر بين الوجوب النفسي والغيري فلا ينبغى الريب في عدم جواز الرجوع إلى البراءة في شيء منهما على ما هو المختار من كون العلم الاجمالي منجزا للتكليف في التدريجيات ايضا واما إذا كان الوجوب النفسي على تقدير ثبوته متعلقا به غير مقيد بإيقاعه قبل الوقت فلا معنى للرجوع إلى اصالة البراءة عن وجوبه قبل الوقت اصلا وحينئذ إذا لم يتوضأ المكلف حتى دخل وقت الصلاة فلابد له ان يتوضأ ويوقع الصلاة بعده لأنه مقتضى العلم الاجمالي الموجب لاحتياط كما عرفت واما إذا توضأ قبله فلا يجب عليه اعادة الوضوء بعد دخوله لان تقييد الوضوء موقوعه فيما بعد الوقت ولو على تقدير كون وجوبه غيريا مجهول فيرجع معه إلى البراءة ومما ذكرناه يظهر الخلل فيما افاده شيخنا الاستاد قدس سره في المقام فلا تغفل

 6 - لا يخفى ان ما افاده في الكفاية من الرجوع إلى البراءة انما هو في غير هذه الصورة فان مورد كلامه هو ما إذا علم وجوب شيء في الشريعة اجمالا لكن تردد امره بين ان يكون واجبا نفسيا وان يكون مقدمة لواجب غير فعلى كما إذا علمت الحائض غير المكلفة بالصلاة بوجوب الوضوء المردد بين ان يكون نفسيا وان يكون غيريا ولاريب ان المرجع في هذه الصورة هي اصالة البراءة للشك في الوجوب الفعلي .

7 - الاوامر المتعلقة بالأجزاء وان كان امرها دائرا بين ان تكون اوامر ارشادية وان تكون اوامر نفسية مفصلة للأمر الواحد المتعلق بالمركب وذلك لما تقدم من استحالة اتصافها بالوجوب الغيرى الا ان الاوامر المتعلقة بالشرائط ليست كذلك فانها قابلة لان تكون اوامر غيرية وبما ان المفروض تعلق الامر الغيرى بالشرائط اصليا فدعوى كونه ارشاديا أو قطعة من الامر النفسي بالمقيد خلاف المفروض بل قد عرفت فيما مر ان الامر المتعلق بالمقيد يستحيل ان يتعلق بقيده ابدا لكن الصحيح مع ذلك هو ما افيد في المتن من ان استحقاق الثواب يتوقف على قصد امتثال الامر النفسي فان امتثال الامر الغيرى بما هو كذلك ولو فرض كونه اصليا لا يتحقق في الخارج الا مع قصد التوصل إلى الواجب النفسي وبدونه لا يكون الاتيان بالمقدمة امتثالا له كما هو ظاهر

 8 - إذا كان ما يسمى بالمسبب من قبيل العناوين التوليدية التي يكون وجودها في الخارج بعين وجود منشأ انتزاعها كالتعظيم المنتزع عن القيام الخارجي فالحق فيه ان الوجوب المتعلق  بالمسبب يتعلق بسببه الذى هو المنشأ لانتزاعه واما إذا كان من قبيل المعاليل المترتبة على عللها المغايرة لها في الوجود كإلقاء النار المترتب عليه الاحراق مع تغايرهما في الخارج لمغايرة مبدئيهما فبه فلا مجال فيه لد عوى خروجه عن محل البحث في وجوب مقدمة الواجب وانصافه بالوجوب النفسي المتعلق بمسببه فان ملاك البحث المزبور مشترك فيه بينه وبين سائر المقدمات كما هو ظاهر

 9 - الظاهر ان الاتيان بالمقدمة بداعي التوصل إلى الواجب نفسي يوجب استحقاق الثواب عليه غير الثواب المترتب على اتيان الواجب النفسي وذلك لان الاتيان المزبور بنفسه ومع قطع النظر عن رتب الواجب النفسي عليه مصداق لتعظيم المولى وجرى من العبد على طبق عبودية نعم ترك المقدمة لا يزيد على الهتك المتحقق بترك الواجب النفسي فلا يترتب العقاب على ترك المقدمات زائدا على العقاب المترتب على ترك الواجب المتوقف عليها ولا فرق فيما ذكرناه بين القول بوجوب المقدمة والقول بعدمه .

10 - لا يبعد استفادة استحباب التيمم في نفسه لفاقد الماء من قوله ع التيمم احد الطهورين بضميمة الاطلاقات الدالة على استحباب الطهر في نفسه.

 11 - قد عرفت فيما تقدم ان الامر المتعلق بالمقيد لا يكون له تعلق بنفس القيد اصلا والا لم يبق فرق بين الاجزاء والشرائط ولزم استحالة اتصاف الشرائط بالوجوب كاستحالة اتصاف الاجزاء به فالتحقيق في الجواب ان يقال ان الواجب المشروط بالطهارات الثلاث بما انه يتوقف عليها بما هي عبادة فالأمر الغيرى المتعلق بها وان كان يتوقف على كونها عبادة الا ان كونها عبادة لا يتوقف على تعلق الامر الغيرى بها بل هو متوقف على احد امرين على سبيل منع الخلو احد هما قصد الامر النفسي المتعلق بها مع قطع النظر عن مقدميتها للواجب وهذا يتوقف على وجود الامر النفسي هو ثابت في الغسل بلا اشكال وفى الوضوء ايضا على المختار بل لا يبعد ثبوته في التيمم ايضا كما مرو ثانيهما قصد التوصل بها إلى الواجب فانه ايضا كما عرفت موجب لوقوع المقدمة عبادة ولو لم نقل بوجوبها شرعا قال اتى بالطهارات بقصد التوصل بها إلى الواجب قد اوجد المقدمة في الخارج وان لم يكن ملتفتا إلى الامر النفسي المتعلق بها وقاصدا لامتثال كما ان الاتي بها بقصد امرها النفسي موجد للمقدمة ايضا ولم يلتفت إلى المقدمية فان الامر الاستحبابي ولو فرض تبدله بالأمر الوجوبي لزوال حد الاستحباب بعروض الوجوب الغيرى الا ان ذات الطلب الاستحبابي موجود في ضمن الطلب الفعلي لا محالة كما هو الحال في جميع موارد الاشتداد وتبدل الضعيف بالقوى فتحصل ان لزوم الاتيان بالطهارات الثلاث عبادة لم ينشأ من ناحية امرها الغيرى بل من جهة كون المقدمة عبادة ولو لم نقل بوجوبها الغيرى اصلا و ان شئت قلت ان الواجب المشروط بالطهارة يتوقف حصوله في الخارج على تحقق الافعال الخارجية وقصد التقرب بها من المولى فالمقدمة منحله إلى ذات الفعل وقصد التقرب بها فإذا اتى بالأفعال في الخارج ولم يقصد به التقرب بها من المولى فلم توجد المقدمة في الخارج فلا تصح العبادة المشروطة بها واما إذا قصد بها التقرب سواء كان ذلك من جهة قصد امتثال الامر النفسي المتعلق بها أو من جهة تقصد التوصل بها إلى العبادة المشروطة بها فالمقدمة قد وجدت في الخارج وتصح معه العبادة المشروطة بها ولا يفرق في ذلك بين القول بوجوب المقدمة والقول بعدمه .

12- اندكاك الامر الاستحبابي في الامر الوجوبي عند عروض الوجوب على ما كان مستحبا في نفسه مبنى على ان يكون التمايز بينهما في الاختلاف في المرتبة بعد اشتراكهما في جامع الطلب واما بناء على ما تقدم من كون التمايز ناشئا من الاختلاف في الملاك المستلزم للترخيص في الترك تارة ولعدم الترخيص فيه اخرى من دون ان يكون الطلب في احدهما اضعف من الاخر فلا تبدل في المرتبة ايضا ليندك احد هما في الاخر نعم عنه عند عروض الوجوب لحدوث الملاك الملزم بعد ما لم يكن يتبدل الترخيص في الترك بعدم الترخيص فيه لكنه اجنبي عن التبدل في نفس الحكم واندكاك الاستحباب في ضمن الوجوب .

13 - قد عرفت ان الامر بالمشروط لا يتعلق بنفس الشرط ليتكلم في ان الامر الاستحبابي المتعلق بالشرط كالطهارات في محل الكلام هل يندك في ضمن الامر الوجوبي المتعلق بالواجب المشروط بها اولا.

14 - لا يخفى ان الامر المتعلق بكل مكلف انما يمكن امتثاله في الخارج من ذلك المكلف ولا معنى لامتثال غير المكلف التكليف المتوجه إلى شخص آخر خصوصا فيما إذا فرض سقوط ذلك التكليف بموت أو بغيره فلا وجه لدعوى ان النائب لابد له ان يقصد امتثال الامر المتعلق بالمنوب عنه بل اللازم على النائب ان يقصد في عمله امتثال الامر المتوجه إليه المتعلق بإتيان العمل عن الغير سواء كان ذلك الامر وجوبيا أو كان استحبابيا ثم ان الامر الاستحبابي المتعلق بالنيابة في العبادات بما انه عبادي فهو متعلق بذات العمل الصادر نيابة عن الغير وبصدوره عن داع قربى وبما ان المفروض تعلق الامر الناشئ من قبل الاجارة بذلك ايضا فمتعلق احدهما عين متعلق الاخر فيكون الحال في موارد الاستيجار كالحال في موارد تعلق النذر بعبادة مستحبة في نفسها ويترتب على ذلك صحة العبادة الاستيجارية إذا اتى بها بداعي امتثال الناشئ من قبل الاجارة ايضا ولو كان الاتي بها غافلا عن تعلق الامر الاستحبابي بالنيابة في نفسها ومما ذكرناه يظهر الحال في المقام وفى ما إذا كان واجب نفسي مقدمة الواجب نفسي آخر

 15 - الاستدلال المزبور انما هو من جهة الحكم العقل وادراكه الإرتكازي الذى لا يختص بمقام دون مقام وليس مبنيا على الفهم العرفي المختص حجيته بمباحث الالفاظ ليورد عليه بما افيد في المتن .

16 - ارتفاع الحدث المترتب على الوضوء وان كان امرا واحدا الا ان الداعي إلى طلبه امران احد هما كونه محبوبا في ذاته الثاني توقف الواجب الفعلي عليه فلا وجه لما افيد في المتن من كون الجهة التعليلية واحدة .

17 - عدم ترتب الواجب النفسي على الطهارات وان كان يكشف عن عدم انطباق الواجب الغيرى عليها بناء على ما هو الصحيح من اختصاص الوجوب الغيرى بالمقدمة الموصلة الا انه لا يكشف عن فسادها بعد فرض كونها محبوبة من غير جهة توقف الواجب النفسي عليها ايضا وحصول التقرب بها خارجا .




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.