أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-8-2016
961
التاريخ: 10-8-2019
1405
التاريخ: 18-4-2022
1238
التاريخ: 2024-08-28
265
|
في طليعة المبادئ الخلقيّة التي فرضتها الشريعة وأكّدَت عليها صلة الأرحام ، وهُم ( المتّحدون في النسب ) وإنْ تباعدَت أواصر القُربى بينهم وذلك بالتودّد إليهم والعطف عليهم وإسداء العون المادّي لهم ودفع المكاره والشرور عنهم ومواساتهم في الأفراح والأحزان .
وإليك طرَفاً مِن نصوص أهل البيت ( عليهم السلام ) في صلة الأرحام ورعايتهم :
عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : ( قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) : أُوصي الشاهد مِن أُمّتي والغائب منهم ، ومَن في أصلاب الرجال وأرحام النساء إلى يوم القيامة . أنْ يصِل الرحم وإنْ كان منه على مَسيرةِ سنة فإنّ ذلك مِن الدين ) (1) .
وعن عليّ بن الحسين ( عليه السلام ) قال : ( قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) : مَن سرّه أنْ يمُدّ اللّه في عمره ، وأنْ يبسط في رزقه ، فليَصِل رحِمَه ، فإنّ الرحم لها لسان ـ يوم القيامة ـ ذلق ، تقول : يا ربِّ ، صِل مَن وصَلَني واقطَع مَن قطعني ) (2) .
وعن الرضا عن آبائه ( عليهم السلام ) قال : ( قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) : من ضمِن لي واحدة ضمِنت له أربعة : يصِل رحِمه ، فيحبّه اللّه تعالى ويوسّع عليه رِزقه ، ويزيدُ في عمُره ، ويدخله الجنّة التي وعده ) (3) .
وقال أبو عبد اللّه ( عليه السلام ) : ( ما نعلم شيئاً يزيد في العمر إلا صلة الرحم ، حتّى أنّ الرجل يكون أجله ثلاث سنين ، فيكون وَصُولاً للرَّحِم ، فيزيد اللّه في عمُره ثلاثين سنة فيجعلها ثلاثاً وثلاثين سنة فيكون قاطعاً للرحم فينقصه اللّه تعالى ثلاثين سنة ، ويجعل أجله إلى ثلاث سنين ) (4) .
وقال ( عليه السلام ) : ( إنّ صِلةَ الرحم والبِرَّ ليُهوّنان الحساب ، ويَعصِمان مِن الذنوب فصلوا أرحامكم ، وبرّوا بإخوانكم ولو بحُسنِ السلام وردّ الجواب ) (5) .
وقال أبو جعفر ( عليه السلام ) : ( صلة الأرحام تُزكّي الأعمال ، وتُنمّي الأموال ، وتدفع البلوى ، وتيسّر الحساب ، وتنسئ في الأجل ) (6) .
وعن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) : ( إنّ رجُلاً أتى النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) فقال : يا رسول اللّه ، أهل بيتي أبَوا إلاّ توثّباً عليّ ، وقطيعةً لي وشتيمةً ، فأرفضهم ؟
قال ( صلّى اللّه عليه وآله ) : إذاً يرفضكم اللّه جميعاً .
قال : فكيف اصنع ؟.
قال ( صلّى اللّه عليه وآله ) : تصِل مَن قطَعك ، وتُعطِي مَن حرَمك ، وتعفو عمّن ظلَمك ، فإنّك إذا فعلت ذلك كان لك مِن اللّه عليهم ظهيراً ) (7)
وقد أحسن بعض الشعراء المتقدّمين حيثُ قال :
وإنّ الـذي بـيني وبـين بني iiأبي وبـين بـني عـمّي لمختلف iiجدّا
فـإنْ أكـلوا لحمي وفّرت لحومهم وإنْ هـدَموا مجدي بنَيتُ لهم iiمَجدا
وإنْ ضـيّعوا غَيبي حفِظتُ غيوبَهم وإنْ هُم هَوَوا عنّي هوَيت لهم رُشدا
لـهم جُـلّ مالي إنْ تَتَابع لي iiغِنىً وإنْ قـلّ مـالي لـم أُكـلّفهم iiرفدا.
خصائص صلة الرحم :
ولا غرابة أنْ نلمس في هذه النصوص قوّة التركيز والتأكيد على صِلة الرحم ، وذلك لِما تنطوي عليه مِن جليل الخصائص والمنافع .
فالأُسرة الرحمية تضمّ عناصرَ وأفراداً متفاوتين حالاً وأَقداراً ، فيهم الغنيُّ والفقير ، والقويُّ والضعيف ، والوجيهُ والخامل ، وهي بأسرها فرداً وجماعةً لا تستطيع أنْ تنال أماني العزّة والمنَعة والرخاء ، وتُجابه مشاكل الحياة ومناوأة الأعداء بجلَدٍ وثبات ، إلاّ بالتضامن والتعاطف اللذين يشُدّان أزرها ويجعلانها جبهةً متراصّةً لا تُزعزعها أعاصير المشاكل والأحداث ، ولا يستطيع مكابدتها الأعداء والحسّاد .
وقد جسّد أكثم بن صيفي هذا الواقع في حكمته الشهيرة حيث : ( دعى أبناءه عند موته فاستدعى إضمامةً مِن السهام ، فتقدّم إلى كلّ واحد منهم أنْ يكسرها فلم يقدر أحدٌ على كسرها .
ثمّ بدّدها فتقدّم إليهم أنْ يكسروها فاستسهلوا كسرها ، فقال :
كونوا مجتمعين ليعجز مِن ناوأكم عن كسرِكم كعجزِكم عن كسرها مجتمعة ، فإنّكم إنْ تفرقتم سهل كسركم وأنشد :
كونوا جميعاً يا بني إذا اعترى خـطب ولا تـتفرّقوا iiآحـادا
تأبى القداح إذا اجتمعن iiتكسّراً وإذا افـترقن تـكسّرت أفرادا
هذا إلى ما في صِلة الرحم مِن جليل الخصائص والآثار التي أوضحتها النصوص السالفة .
فهي :
مدعاة لحبّ الأقرباء وعطفهم وإيثارهم وموجبةً لطيلة العمُر ، ووفرة المال ، وزكاة الأعمال الصالحة ونحوها في الرصيد الأُخروي ، ومنجاة من صروف الأقدار والبلايا .
قطيعة الرحم :
وهي : فعل ما يسخط الرحم ويؤذيه قولاً أو فعلاً ، كسبه واغتيابه وهجره وقطع الصلات الماديّة وحرمانه مِن مشاعر العطف والحنان .
وتعتبر الشريعة الإسلاميّة قطيعة الرحم جرماً كبيراً وإثماً ماحقّاً توعد عليها الكتاب والسنّة .
قال تعالى : {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} [محمد : 22] .
وقال سُبحانه : {الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [البقرة : 27] .
وقال رسول اللّه ( صلّى الله عليه وآله ) : ( أربعةٌ أسرع شيءٍ عقوبة : رجلٌ أحسنت إليه فكافأك بالإحسان إساءة ، ورجلٌ لا تبغي عليه وهو يبغي عليك ، ورجلٌ عاهدتّه على أمرٍ فوفّيت له وغدَر بك ، ورجلٌ وصل قرابته فقطعوه ) (8) .
وعن أبي جعفر (عليه السلام ) قال : ( في كتابِ عليّ ( عليه السلام ) ثلاثُ خِصال لا يموت صاحبهنّ أبداً ، حتّى يرى وبالهُنّ : البغي ، وقطيعة الرحم ، واليمين الكاذبة يُبارز اللّه بها .
وإنْ أعجل الطاعات ثواباً لصِلة الرحم ، وإنّ القوم ليكونون فجّاراً فيتواصلون فتنمو أموالهم ويَثرون ، وإنّ اليمين الكاذبة وقطيعة الرحم لتَذَران الديار بلاقع مِن أهلها ، وتثقل الرحم ، وإنْ ثقل الرحم انقطاع النسل )(9) .
وعن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه الصادق ( عليه السلام ) قال : قُلت له : ( إنّ إخوتي وبني عمّي قد ضيّقوا عليّ الدار والجأوني منها إلى بيت ، ولو تكلّمت أخذت ما في أيديهم ) .
قال : فقال لي : ( اصبر فإنّ اللّه سيجعل لك فرجاً ) .
قال : فانصرفت ، ووقَع الوباء سنة ( 131 هجري ) فماتوا واللّه كلّهم فما بقيَ منهم احد .
قال : فخرجت فلمّا دخلت عليه قال : ( ما حال أهل بيتك ؟).
قال : قلت : قد ماتوا واللّه كلّهم ، فما بقيَ منهم أحد .
فقال : ( هو بما صنعوا بك ، وبعقوقهم إيّاك وقطع رحمهم بُتروا ، أتحبُّ أنّهم بقوا وأنّهم ضيقوا عليك ).
قال : قلت أي واللّه (10) .
وفي خبَر شُعيب العقرقوفي في دخول يعقوب المغزَلي على موسى بن جعفر ( عليه السلام ) وقوله ( عليه السلام ) له : ( يا يعقوب ، قدِمت أمس ووقَع بينك وبين أخيك شرٌّ في موضع كذا وكذا حتّى شتَم بعضكم بعضاً ، وليس هذا ديني ولا دين آبائي ، ولا نأمر بهذا أحداً مِن الناس فاتّق اللّه وحده لا شريك له ، فإنّكما ستفترقان بموت ، أما إنّ أخاك سيموت في سفَرِه قبل أنْ يصل إلى أهله ، وستندم أنت على ما كان منك ، وذلك أنّكما تقاطعتما فبَتَر اللّه أعماركما ) .
فقال له الرجل : فأنا ـ جُعلت فداك ـ متى أجلي ؟.
فقال ( عليه السلام ) : ( أما إنّ أجلَك قد حضَر ، حتّى وصَلْت عمّتك بما وصلْتها به في منزل كذا وكذا فزيد في أجلَك عشرون ) .
قال شعيب : فأخبرني الرجل ولقيته حاجّاً ، أنّ أخاه لم يصِل إلى أهله حتّى دفنه في الطريق) (11) .
مساوئ قطيعة الرحم :
ونستنتج مِن هذه النصوص أنّ لقطيعة الرحم مغبّةً سيّئةً وآثاراً خطيرة تنذر القاطع وتعاجله بالفناء ، وقصف الأعمار ، ومحق الديار ، والخسران المبين في دينه ودنياه .
_____________________
1- الوافي : ج 3 , ص 93 , عن الكافي .
2- البحار ، كتاب العشرة ، ص 27 عن عيون أخبار الرضا وصحيفة الرضا ( عليه السلام )
3- الوافي : ج 3 , ص 94 , عن الكافي .
4- الوافي : ج 3 , ص 94 , عن الكافي .
5- الوافي : ج 3 , ص 94 , عن الكافي .
6- الوافي : ج 3 , ص 94 , عن الكافي .
7- الوافي : ج 3 , ص 94 , عن الكافي .
8- الوافي : ج 14 , ص 47 , من وصيّة النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) لعليّ (عليه السلام) .
9- الوافي : ج 3 , ص 156 , عن الكافي .
10- سفينة البحار : ج 1 , ص 516 , عن الكافي .
11- سفينة البحار :ج 1 , ص 516 عن الكافي .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|