أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-7-2020
2089
التاريخ: 5-9-2016
1171
التاريخ: 18-8-2016
990
التاريخ: 6-9-2016
1076
|
...الإجماعات المركّبة كالبسيطة تختلف مراتبها في الاطّلاع على تحقّقها.
فمنها يقينيّ الحصول ، إمّا للنصّ من جماعة يفيد قولهم العلم بتحقّقه ، أو لفحص تامّ انضمّ إليه القرائن المفيدة.
ومنها ظنّيّ الحصول ، إمّا بتصريح بعض لا يفيد قولهم إلاّ الظنّ ، أو بتتبّع ناقص لا يحصل منه سواه.
ولكلّ من العلم والظنّ مراتب ، ويختلف ذلك بالنسبة إلى الأشخاص ، فربّ إجماع مركّب كان قطعيّا عند شخص ، ظنّيّا عند آخر.
وما تقدّم(1) من عدم العبرة بمخالفة المعروف مطلقا (2)،والمجهول إذا علم دخول قول المعصوم ، يأتي هنا أيضا. وعلى هذا يمكن القول بتحقّق الإجماع المركّب في مسألة القصر والإتمام ، وعدم الاعتبار بمخالفة ابن أبي عقيل (3).
ثمّ الإجماع المركّب إن كان قطعيّا لا يجوز مخالفته ، وكذلك إن كان ظنّيّا ولم يوجد له معارض، وإلاّ فيجب الرجوع إليهما وإلى القواعد الترجيحيّة والعمل بما تقتضيه ، فربّما وجب العمل بالمعارض إذا كان الظنّ الحاصل منه أقوى من الظنّ الحاصل منه ، بل ربّما حصل من المعارض ظنّ ولم يحصل منه شيء أصلا ؛ إذ لا يبعد أن يكون على حكم أدلّة متنافية واحد منها قويّ والبواقي ضعيفة فاطّلع أهل عصر ـ كلاّ أو بعضا ـ على الضعيفة منها دون القويّ ، فعمل بعضهم ببعضها والآخرون بالآخر ، فإذا جاء المتأخّر عنهم ووجد القويّ منها ، يجوز له العمل به وترك الضعيفة ، والأقوال المحدثة من الفقهاء من هذا القبيل. هذا كلّه ما يقتضيه اصولنا (4).
وأمّا العامّة فأكثرهم على عدم جواز الفصل مطلقا (5) ، وبعضهم على جوازه (6) كذلك. [ و ] (7) فصّل الحاجبي بأنّه إن رفع مجمعا عليه فممنوع ، وإلاّ فلا (8). والأوّل كمسألة البكر ؛ للإجماع على أنّها لا تردّ مجّانا. والثاني كمسألة الامّ ، ومسألة فسخ النكاح بالعيوب الخمسة ، قيل : يفسخ بها كلّها (9)، وقيل : لا يفسخ بشيء منها (10). فالقول بالفسخ في البعض دون البعض إحداث قول ثالث ، إلاّ أنّه يجوز ؛ لأنّ القائل به وافق في كلّ مسألة مذهبا فلم يخالف الإجماع.
وما يوضحه : أنّه لو قال بعضهم : لا يقتل مسلم بذمّيّ ، ولا يصحّ بيع الغائب ، وقال الآخرون: يقتل ، ويصحّ ، فجاء ثالث وقال : يقتل ، ولا يصحّ ، أو لا يقتل ، ويصحّ لم يخالف الإجماع ؛ لأنّهما مسألتان خالف في إحداهما بعضا ، وفي الاخرى بعضا ، والممنوع مخالفة الجميع فيما أجمعوا عليه.
والضابط في معرفة ذلك : أنّ كلّ مسألة اشتملت على موضوع كلّي ، فالحكم فيها إمّا بالإيجاب الكلّي أو السلب الكلّي ، أو الإيجاب والسلب الجزئيّين. فإن اختلف أهل العصر على الاحتمالين الأوّلين بأن يقول بعضهم بالإيجاب الكلّي والباقون بالسلب الكلّي يجوز إحداث القول بالتفصيل ، لأنّ القائل به وافق في كلّ قسم منه مذهبا. وإن اختلفوا على غيرهما بأن يقول بعضهم بالإيجاب الكلّي أو السلب الكلّي ، والباقون بالتفصيل ؛ أو يقول بعضهم بتفصيل خاصّ والباقون بتفصيل آخر ، فلا يجوز إحداث قول ثالث ؛ لأنّه يرفع حكما مجمعا عليه.
وغير خفيّ أنّ القول بالتفصيل (11) في صورة اختلاف الامّة على الاحتمالين الأوّلين يرفع المجمع عليه ؛ لأنّ كلاّ من الإيجاب والسلب الكلّيين في قوّة المنع عن نقيضه ، أي السلب والإيجاب الجزئيّين ؛ ضرورة أنّ من يقطع بثبوت شيء يقطع ببطلان نقيضه ، فالموجب للفسخ بالعيوب الخمسة يمنع عدم الفسخ ببعضها ، والقائل بعدم الفسخ بها يمنع الفسخ ببعضها ، فاتّفق الكلّ على بطلان القول بالتفصيل ، أي الإيجاب في البعض والسلب في البعض.
وبهذا ظهر ضعف ما قيل : إنّ المفصّل خالف الموجب في قوله بالإيجاب الكلّي ، والنافي في قوله له بالسلب الكلّي ، وكلّ منهما خالف الآخر في قوله ، فهو لم يخالف المجمع عليه (12). وإنّ القول بالتفصيل ليس حكما واحدا مخالفا لما اتّفق عليه الكلّ ، بل في الحقيقة حكمان مختلفان خالف القائل به في كلّ منهما جماعة. وإنّ عدم القول بالتفصيل ليس قولا بعدمه ، وإنّما يمتنع القول بما قالوا بنفيه لا بما لم يقولوا بثبوته.
لما عرفت أنّ نفي التفصيل حكم واحد مجمع عليه بين الكلّ ، كيف لا؟ وكلّيّة الحكم ـ سواء كان إيجابا أو سلبا ـ كانت ممّا اتّفق عليه الكلّ وهي مسألة واحدة ، والقول بالتفصيل يخالفها ؛ والقياس على مسألتي الذمّيّ والغائب باطل ؛ لأنّ عدم جواز إحداث القول الثالث مخصوص بقولين تعلّقا بمسألة واحدة حقيقة ، كمسألة البكر ، أو حكما كمسألة الفسخ بالعيوب الخمسة ؛ لتحقّق قدر مشترك بينهما حينئذ ، وكونه مسألة واحدة ، وكون الثالث تفصيلا لها (13) ، ومسألتا الذمّيّ والغائب متغايرتان حقيقة وحكما ، ولا يخطر بالبال قدر مشترك بينهما ، واعتباره تفصيلا (14) ، وجعله مسألة واحدة تعسّف.
هذا ، ولقائل أن يقول : ما ذهب إليه الحاجبي إحداث المذهب الثالث ؛ لأنّ الامّة اختلفوا على قولين : جواز إحداث المذهب الثالث مطلقا ، ومنعه مطلقا ، فالقول بجوازه في البعض والمنع في البعض إحداث مذهب ثالث ، فتأمّل.
هذا ، واحتجّ المجوّز مطلقا بوجوه ضعيفة (15) أعرضنا عن ذكرها ؛ لظهور فسادها ، فثبت أنّ الحقّ على اصول العامّة أيضا عدم القول بالفصل ، كما ذهب إليه أكثرهم.
والفروع له كثيرة وقد تقدّم بعضها (16).
ومنها : اجتماع الجدّ مع الأخ. قيل : يرث المال كلّه ويحجب الأخ (17). وقيل : يقاسم الأخ (18). فالقول بحرمانه (19) قول ثالث (20).
ومنها : اشتراط النيّة في الطهارات ، قيل به في كلّها (21). وقيل به في بعضها (22).
والقول بعدمه في الكلّ قول ثالث (23).
وهذان الفرعان ممّا فرّعهما عليه العامّة (24).
ومنها : انفعال الماء القليل بالنجاسة ، فقيل بانفعاله من جميع النجاسات (25).
وقيل بعدم انفعاله من شيء منها (26). فالقول بانفعاله من البعض دون البعض قول ثالث. وهذا ممّا فرّع عليه أصحابنا.
____________
(1) في ص 365.
(2) أي ولو كان المخالف ألفا.
(3) حكاه العلاّمة عنه في مختلف الشيعة 2 : 539 ، المسألة 395.
(4) راجع الذريعة إلى أصول الشريعة 2 : 154.
(5) للمزيد راجع : المحصول 4 : 127 ، ونهاية السؤل 3 : 269.
(6) المصدر ، ونهاية السؤل 3 : 269.
(7) اضيف للضرورة.
(8) منتهى الوصول لابن الحاجب : 61.
(9 و 10) راجع المغني لابن قدامة 7 : 579 ـ 581 ، المسألة 5498 و 5499.
(11) قاله ابن الحاجب في منتهى الوصول : 61.
(12) فصّله الآمدي في الإحكام في أصول الأحكام 1 : 332.
(13) في « أ » : « نقيضا » والصحيح ما أثبتناه.
(14) قاله ابن الحاجب في منتهى الوصول : 61.
(15) راجع الإحكام في أصول الأحكام 1 : 333 و 334.
(16) تقدّم في ص 368 و 369.
(17 و 18) راجع : بداية المجتهد 2 : 377 ، والمغني لابن قدامة 7 : 64.
(19) أي الجدّ.
(20) راجع : بداية المجتهد 2 : 377 ، والمغني لابن قدامة 7 : 64.
(21 ـ 23) راجع : الخلاف 1 : 71 و 72 ، المسألة 18 ، وبداية المجتهد 1 : 8 و 9.
(24) راجع : المحصول 4 : 128 ، والإحكام في أصول الأحكام 1 : 333 ، ونهاية السؤل 3 : 270.
(25) مختلف الشيعة 1 : 13 ، المسألة 1 ، والخلاف 1 : 194 ، المسألة 149.
(26) حكاه العلاّمة عن ابن أبي عقيل في مختلف الشيعة 1 : 13 ، المسألة 1.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|