المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

العقائد الاسلامية
عدد المواضيع في هذا القسم 4878 موضوعاً
التوحيد
العدل
النبوة
الامامة
المعاد
فرق و أديان
شبهات و ردود
أسئلة وأجوبة عقائدية
الحوار العقائدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
من هم المحسنين؟
2024-11-23
ما هي المغفرة؟
2024-11-23
{ليس لك من الامر شيء}
2024-11-23
سبب غزوة أحد
2024-11-23
خير أئمة
2024-11-23
يجوز ان يشترك في الاضحية اكثر من واحد
2024-11-23



اثبات العلم بوجوده  
  
1248   12:48 صباحاً   التاريخ: 23-10-2014
المؤلف : ابن ميثم البحراني
الكتاب أو المصدر : قواعد المرام في علم الكلام
الجزء والصفحة : ص 63
القسم : العقائد الاسلامية / التوحيد / اثبات وجود الله تعالى و وحدانيته /

...ﺇﻣﺎ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺑﺎﻹﻣﻜﺎﻥ ﺃﻭ ﺑﺎﻟﺤﺪﻭﺙ، ﻓﻬﻬﻨﺎ ﻃﺮﻳﻘﺎﻥ:

ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻷﻭﻝ: ﺍﻻﺳﺘﺪﻻﻝ ﺑﺎﻹﻣﻜﺎﻥ ﻭﺗﻘﺮﻳﺮه:

ﺇﻥ ﺻﺎﻧﻊ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻭﺍﺟﺒﺎ ﻟﺬﺍﺗﻪ ﻓﻬﻮ ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺏ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﻤﻜﻨﺎ ﻟﺬﺍﺗﻪ ﺍﻓﺘﻘﺮ ﺇﻟﻰ ﻣﺆﺛﺮ، ﻓﻤﺆﺛﺮﻩ ﺇﻣﺎ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﻫﻮ ﺑﺎﻃﻞ ﻟﻮﺟﻮﺏ ﺗﻘﺪﻡ ﺍﻟﻤﺆﺛﺮ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭ ﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﺛﺮﻩ ﺑﺎﻟﻀﺮﻭﺭﺓ، ﻭﺍﻣﺘﻨﺎﻉ ﺗﻘﺪﻡ ﺍﻟﺸﺊ ﺑﻮﺟﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﺃﻭ ﻏﻴﺮﻩ، ﻓﺈﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﺪﻭﺭ ﻭﻫﻮ ﺑﺎﻃﻞ ﻭﺟﻮﺏ ﺗﻘﺪﻡ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﺛﺮﻩ، ﻓﻴﻠﺰﻡ ﺗﻘﺪﻣﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﺃﻭ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﺘﺴﻠﺴﻞ ﻭﻫﻮ ﺃﻳﻀﺎ ﺑﺎﻃﻞ، ﻷﻥ ﻣﺠﻤﻮﻉ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺍﻟﻤﻤﻜﻨﺔ ﻳﻤﻜﻦ ﻻﻓﺘﻘﺎﺭﻩ ﺇﻟﻰ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺃﺟﺰﺍﺋﻪ ﺍﻟﻤﻤﻜﻨﺔ، ﻓﻴﻔﺘﻘﺮ ﺇﺫﻥ ﺇﻟﻰ ﻣﺆﺛﺮ، ﻓﻤﺆﺛﺮﻩ ﺍﻟﺘﺎﻡ ﺇﻣﺎ ﻧﻔﺴﻪ ﺃﻭ ﺃﻣﺮ ﺩﺍﺧﻞ ﻓﻴﻪ ﺃﻭ ﺃﻣﺮ ﺧﺎﺭﺝ ﻋﻨﻪ ﺃﻭ ﻣﺎ ﻳﺘﺮﻛﺐ ﻋﻦ ﺍﻷﺧﻴﺮﻳﻦ، ﻭﺍﻷﻭﻝ ﻻ ﻣﺪﺧﻞ ﻟﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺄﺛﻴﺮ ﻓﻴﻪ ﻟﻮﺟﻮﺏ ﺗﻘﺪﻡ ﺍﻟﻌﻠﺔ ﺃﻭ ﺟﺰﺋﻬﺎ ﺑﻮﺟﻪ ﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻝ ﻭﺍﻣﺘﻨﺎﻉ ﺗﻘﺪﻡ ﺍﻟﺸﺊ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ.

ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﺑﺎﻃﻞ ﻷﻥ ﺍﻟﻤﺆﺛﺮ ﺍﻟﺘﺎﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﻤﻮﻉ ﻻ ﺑﺪ ﻭﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺆﺛﺮﺍ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺁﺣﺎﺩﻩ ﻭﺇﻻ ﻟﻜﺎﻥ ﻣﺆﺛﺮﺍ ﺇﻣﺎ ﻓﻲ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻓﻘﻂ ﻓﻼ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺆﺛﺮﺍ ﺗﺎﻣﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﻤﻮﻉ ﻭﻗﺪ ﻓﺮﺽ ﻛﺬﻟﻚ ﻫﺬﺍ ﺧﻠﻒ، ﺃﻭ ﻻ ﻓﻲ ﺷﺊ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻼ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﻓﻴﻪ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﺃﺻﻼ.

ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻛﺬﻟﻚ ﻓﻠﻮ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﺆﺛﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﻤﻮﻉ ﺃﻣﺮﺍ ﺩﺍﺧﻼ ﻓﻴﻪ ﻟﺰﻡ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﺆﺛﺮ ﻋﻠﺔ ﻟﻨﻔﺴﻪ، ﻭﻫﻮ ﺑﺎﻃﻞ ...

ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻭﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﻳﺴﺘﻠﺰﻣﺎﻥ ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺏ، ﻷﻥ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ﻋﻦ ﻛﻞ ﺍﻟﻤﻤﻜﻨﺎﺕ ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻥ ﺗﻤﺎﻡ ﺍﻟﻤﺆﺛﺮ ﻹﻳﺠﺎﺩ ﻣﺠﻤﻮﻋﻬﺎ ﺃﻭ ﺟﺰﺀ ﺍﻟﻤﺆﺛﺮ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﻻ ﻭﺍﺟﺐ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﻟﺬﺍﺗﻪ، ﻓﻬﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﻘﺪﻳﺮ ﺍﻟﺘﺎﻡ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ. ﻭﺍﻋﻠﻢ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺠﺔ ﻣﻊ ﺗﻠﺨﻴﺼﻨﺎ ﻟﻬﺎ ﻻ ﺗﺘﻢ، ﻭﺫﻟﻚ ﺃﻧﺎ ﻻ ﻧﺴﻠﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻠﺔ ﻟﻠﻤﺮﻛﺐ ﻻ ﺑﺪ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﻠﺔ ﺃﻭﻻ ﻷﺟﺰﺍﺋﻪ، ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻌﻠﺔ ﺍﻟﻨﺎﻗﺼﺔ ﻓﻈﺎﻫﺮ ﺃﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﺴﺘﻠﺰﻡ ﺍﻟﻤﺮﻛﺐ ﻓﻀﻼ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﻠﺔ ﻷﺟﺰﺍﺋﻪ، ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻌﻠﺔ ﺍﻟﺘﺎﻣﺔ ﻟﻪ ﻓﻼ ﻧﺴﻠﻢ ﺃﻧﻬﺎ ﻋﻠﺔ ﺗﺎﻣﺔ ﻷﺟﺰﺍﺋﻪ. ﻗﻮﻟﻪ " ﻷﻧﻬﺎ ﺇﻥ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﺆﺛﺮﺓ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ ﺃﺟﺰﺍﺋﻪ ﺑﻞ ﻓﻲ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺆﺛﺮﺍ ﺗﺎﻣﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﻤﻮﻉ " ﻗﻠﻨﺎ: ﻻ ﻧﺴﻠﻢ، ﻓﺈﻥ ﺫﻟﻚ ﻣﺒﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﻛﻮﻥ ﺍﻟﻤﺆﺛﺮ ﺍﻟﺘﺎﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﻤﻮﻉ ﻣﺆﺛﺮﺍ ﺗﺎﻣﺎ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺃﺟﺰﺍﺋﻪ، ﻭﻫﻮ ﺃﻭﻝ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ. ﺳﻠﻤﻨﺎﻩ، ﻟﻜﻦ ﻗﻮﻟﻪ " ﺇﺫﺍ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﺆﺛﺮﺍ ﻓﻲ ﺷﺊ ﻣﻦ ﺃﺟﺰﺍﺀ ﺍﻟﻤﺠﻤﻮﻉ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﻓﻴﻪ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﺃﺻﻼ ".

 ﻗﻠﻨﺎ ﻻ ﻧﺴﻠﻢ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻳﻠﺰﻡ ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﺠﻤﻮﻉ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺁﺣﺎﺩﻩ، ﻭﻫﻮ ﻇﺎﻫﺮ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ، ﺑﻞ ﻧﻘﻮﻝ ﻣﻦ ﺭﺃﺱ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﻌﻠﺔ ﺍﻟﺘﺎﻣﺔ ﻟﻠﻤﺠﻤﻮﻉ ﻋﻠﺔ ﺗﺎﻣﺔ ﻟﺸﺊ ﻣﻦ ﺃﺟﺰﺍﺋﻪ، ﻭﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻠﺔ ﺍﻟﺘﺎﻣﺔ ﻟﻠﺸﺊ ﻫﻲ ﺟﻤﻠﺔ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺘﻮﻗﻒ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺗﺤﻘﻖ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﺊ، ﻭﻣﻦ ﺟﻤﻠﺔ ﻣﺎ ﻳﺘﻮﻗﻒ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺸﺊ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺃﺟﺰﺍﺋﻪ، ﻓﻜﺎﻥ ﺗﺤﻘﻖ ﻋﻠﺘﻪ ﺍﻟﺘﺎﻣﺔ ﻣﻮﻗﻮﻓﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻘﻖ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺃﺟﺰﺍﺋﻪ، ﻭﻻ ﺷﺊ ﻣﻦ ﻋﻠﻞ ﺃﺟﺰﺍﺋﻪ ﺑﻤﺘﻮﻗﻒ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺃﺟﺰﺍﺋﻪ ﻭﺇﻻ ﻟﺘﻮﻗﻒ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻠﻮﻟﻬﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺃﺣﺪ ﺃﺟﺰﺍﺋﻪ ﻟﻜﻨﻪ ﻣﺘﻮﻗﻒ ﻋﻠﻴﻬﺎ، ﻓﻴﻠﺰﻡ ﺍﻟﺪﻭﺭ.

 ﻓﻘﺪ ﻇﻬﺮ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺘﻘﺮﻳﺮ ﻓﺴﺎﺩ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻘﺪﻣﺔ، ﻭﻫﻲ ﺃﻥ ﻋﻠﺔ ﺍﻟﻤﺮﻛﺐ ﻻ ﺑﺪ ﻭﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﻠﺔ ﺃﻭﻻ ﻷﺟﺰﺍﺋﻪ ﻣﻊ ﻛﻮﻧﻬﺎ ﻣﺸﻬﻮﺭﺓ ﺑﻴﻦ ﺟﻤﻬﻮﺭ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ، ﻭﺍﻟﺒﺮﻫﺎﻥ ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭ ﻋﻠﻰ ﻓﺴﺎﺩﻫﺎ ﻣﻤﺎ ﺧﻄﺮ ﻟﻠﻀﻌﻴﻒ ﻣﺆﻟﻒ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺮ. ﻭﺍﻟﻤﻌﺘﻤﺪ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻣﺎ ﺭﺗﺒﻪ ﺃﻳﻀﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺮﻫﺎﻥ ﻓﻘﺎﻝ:

ﻟﻮ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﻭﺍﺟﺐ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﻟﺬﺍﺗﻪ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﺑﻪ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﺍﻟﻤﻤﻜﻨﺎﺕ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺓ ﻟﻜﺎﻧﺖ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺍﺕ ﺑﺂﺣﺎﺩﻫﺎ ﻭﻣﺠﻤﻮﻋﻬﺎ ﻣﻤﻜﻨﺎ، ﻟﻜﻦ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ ﺑﺎﻃﻞ ﻓﺎﻟﻤﻘﺪﻡ ﻛﺬﻟﻚ ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻤﻼﺯﻣﺔ ﻓﻈﺎﻫﺮﺓ، ﻭﺃﻣﺎ ﺑﻄﻼﻥ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﻸﻧﻪ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻛﺬﻟﻚ ﻟﻜﺎﻥ ﻟﻤﺠﻤﻮﻋﻬﺎ ﻋﻠﺔ ﺗﺎﻣﺔ، ﻭﻛﻞ ﻋﻠﺔ ﺗﺎﻣﺔ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻓﻲ ﺗﺤﻘﻘﻬﺎ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺍﻟﻤﻌﺘﺒﺮﺓ ﻓﻲ ﺗﺤﻘﻖ ﻣﺎﻫﻴﺔ ﻣﻌﻠﻮﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ﻣﺠﻤﻮﻉ ﺍﻟﻤﻤﻜﻨﺎﺕ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺓ ﺃﺟﺰﺍﺀ ﻣﻦ ﻋﻠﺘﻪ ﺍﻟﺘﺎﻣﺔ ﺃﻭ ﺷﺮﺍﺋﻂ ﻓﻲ ﻭﺟﻮﺩﻫﺎ. ﻟﻜﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻌﻠﺔ ﻣﻤﻜﻨﺔ ﻟﺘﺮﻛﺒﻬﺎ ﻭﻣﻮﺟﻮﺩﺓ، ﻓﻠﻬﺎ ﻋﻠﺔ ﺗﺎﻣﺔ ﻣﻮﺟﻮﺩﺓ ﺷﺄﻧﻬﺎ ﻛﺬﻟﻚ، ﻟﻜﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﺤﺎﻝ ﻷﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻌﻠﺔ ﻟﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻤﻜﻨﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ ﺟﻤﻠﺔ ﺁﺣﺎﺩ ﺍﻟﻤﻤﻜﻨﺎﺕ، ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻣﻌﺘﺒﺮﺓ ﻓﻲ ﺗﺤﻘﻖ ﻣﻌﻠﻮﻟﻬﺎ - ﺃﻋﻨﻲ ﺍﻟﻌﻠﺔ ﺍﻟﺘﺎﻣﺔ ﻟﻤﺠﻤﻮﻉ ﺍﻟﻤﻤﻜﻨﺎﺕ.

ﻭﻗﺪ ﺑﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺃﺟﺰﺍﺀ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻝ ﻣﻌﺘﺒﺮ ﻓﻲ ﺗﺤﻘﻖ ﻋﻠﺘﻪ ﺍﻟﺘﺎﻣﺔ، ﻓﻴﻠﺰﻡ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﻟﺘﺎﻣﺔ ﻣﻌﺘﺒﺮﺓ ﻓﻲ ﺗﺤﻘﻖ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻟﻜﻮﻧﻬﺎ ﺟﺰﺀﺍ ﻣﻦ ﻣﻌﻠﻮﻟﻬﺎ، ﻓﻴﻜﻮﻥ ﺇﻣﺎ ﺟﺰﺀﺍ ﻟﻨﻔﺴﻬﺎ ﻭﺃﻧﻪ ﻣﺤﺎﻝ. ﻭﺍﻋﺘﺮﺽ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻧﺠﻢ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﻘﺰﻭﻳﻨﻲ ﺃﺩﺍﻡ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﻌﺎﺩﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺮﻫﺎﻥ، ﻓﻘﺎﻝ:

ﺃﻣﺎ ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺠﺪﻝ ﻓﻨﻘﻮﻝ: ﻟﻮ ﺻﺢ ﻣﺎ ﺫﻛﺮﺗﻢ ﻟﺰﻡ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﻟﺬﺍﺗﻪ ﻣﻮﺟﻮﺩﺍ، ﻭﺇﻻ ﻟﻜﺎﻥ ﺍﻟﻤﺠﻤﻮﻉ ﺍﻟﺤﺎﺻﻞ ﻣﻨﻪ ﻭﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﻤﻜﻨﺎﺕ ﻣﻤﻜﻨﺎ ﻻﻓﺘﻘﺎﺭﻩ ﺇﻟﻰ ﺃﺟﺰﺍﺋﻪ، ﻓﻠﻪ ﻋﻠﺔ ﺗﺎﻣﺔ ﻣﻮﺟﻮﺩﺓ ﻣﺮﻛﺒﺔ ﺇﻟﻰ ﺁﺧﺮ ﻣﺎ ﺫﻛﺮﺗﻢ.

ﻭﺃﻣﺎ ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺤﻞ ﻓﻨﻘﻮﻝ: ﻻ ﻧﺴﻠﻢ ﺃﻥ ﻛﻞ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﺃﺟﺰﺍﺀ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻝ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﻋﻠﺘﻪ ﺍﻟﺘﺎﻣﺔ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻳﻠﺰﻡ ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﻟﻮ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺠﺰﺀ ﻫﻮ ﺍﻟﺠﺰﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﺇﻧﻤﺎ ﺻﺎﺭﺕ ﺍﻟﻌﻠﺔ ﻋﻠﺔ ﺗﺎﻣﺔ ﻟﻠﻤﻌﻠﻮﻝ ﻟﻜﻮﻧﻬﺎ ﻋﻠﺔ ﻟﺬﻟﻚ ﻓﻘﻂ ، ﻭﺃﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺠﺰﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﺷﺄﻧﻪ ﺫﻟﻚ ﻓﻼ، ﻭﺇﺫﺍ ﺟﺎﺯ ﺫﻟﻚ ﻓﻴﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﻌﻠﺔ ﺍﻟﺘﺎﻣﺔ ﻟﻤﺠﻤﻮﻉ ﺍﻟﻤﻤﻜﻨﺎﺕ ﻋﻠﺔ ﻟﻠﻬﻴﺌﺔ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻓﻘﻂ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺍﻟﺠﺰﺀ ﺍﻟﺼﻮﺭﻱ. ﻓﺘﻠﻚ ﺍﻟﻬﻴﺌﺔ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﺘﺄﺧﺮﺓ ﻋﻦ ﺗﺤﻘﻖ ﺍﻟﻌﻠﺔ ﺍﻟﺘﺎﻣﺔ ﻟﻠﻤﺠﻤﻮﻉ ﺗﺄﺧﺮ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻝ ﻋﻦ ﻋﻠﺘﻪ ﺍﻟﺘﺎﻣﺔ، ﻭﺍﺳﺘﺤﺎﻝ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺟﺰﺀﺍ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﺇﻻ ﻟﺘﻘﺪﻣﺖ ﻋﻠﺘﻬﺎ ﻭﺗﺄﺧﺮﺕ ﻋﻨﻬﺎ ﻣﻌﺎ، ﻭﺃﻧﻪ ﻣﺤﺎﻝ ﺑﺎﻟﻀﺮﻭﺭﺓ.

ﺃﺟﺎﺏ ﻣﻠﺨﺺ ﺍﻟﺒﺮﻫﺎﻥ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺿﺔ: ﺑﺄﻧﺎ ﻻ ﻧﺴﻠﻢ ﺍﻟﻤﻼﺯﻣﺔ، ﻓﺈﻥ ﺣﺎﺻﻞ ﻣﺎ ﺫﻛﺮﺗﻤﻮﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺘﺼﻠﺔ ﺃﻧﻪ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻭﺍﺟﺐ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﻣﻮﺟﻮﺩﺍ ﻟﻜﺎﻥ ﺍﻟﻤﺠﻤﻮﻉ ﺍﻟﺤﺎﺻﻞ ﻣﻨﻪ ﻭﻣﻦ ﻏﻴﺮﻩ ﻣﻤﻜﻨﺎ. ﻭﻣﻌﻠﻮﻡ ﺃﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﺫﻟﻚ ﺍﻹﻣﻜﺎﻥ ﻭﻻ ﺍﻟﻤﺠﻤﻮﻉ ﺍﻟﻤﻠﺰﻭﻡ ﻟﻪ ﺑﻼﺯﻡ ﻟﻮﺟﻮﺩ ﻭﺍﺟﺐ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ، ﻭﺍﻻ ﻟﺰﻡ ﻣﻦ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﺠﺰﺀ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﻜﻞ ، ﺃﻭ ﻛﻮﻥ ﻭﺍﺟﺐ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﻣﻤﻜﻨﺎ، ﻭﻛﻼﻫﻤﺎ ﻣﺤﺎﻝ، ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺨﻼﻑ ﻣﺎ ﺫﻛﺮﻧﺎﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺘﺼﻠﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺮﻫﺎﻥ، ﻓﺈﻥ ﺣﺎﺻﻠﻬﺎ ﻳﻌﻮﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﺳﺘﻠﺰﺍﻡ ﻋﺪﻡ ﻭﺍﺟﺐ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ، ﻟﻜﻮﻥ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺍﺕ ﺑﺄﺳﺮﻫﺎ ﻣﻤﻜﻨﺔ ﻭﻫﻮ ﺿﺮﻭﺭﻱ ﻭﻇﻬﺮ ﺍﻟﻔﺮﻕ.

ﻭﻋﻦ ﺍﻟﻤﺪﻋﻲ ﺣﻼ ﺃﻥ ﻧﻘﻮﻝ: ﻗﻮﻟﻪ " ﻻ ﻧﺴﻠﻢ ﺃﻥ ﻛﻞ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﺃﺟﺰﺍﺀ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻝ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﻋﻠﺘﻪ ﺍﻟﺘﺎﻣﺔ " ﻗﻠﻨﺎ: ﻗﺪ ﺩﻟﻠﻨﺎ ﻋﻠﻴﻪ. ﻗﻮﻟﻪ " ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻳﻠﺰﻡ ﺫﻟﻚ " ﺇﻟﻰ ﺁﺧﺮﻩ. ﻗﻠﻨﺎ: ﻫﺬﺍ ﻣﺒﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻠﺔ ﺍﻟﺘﺎﻣﺔ ﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﻟﻤﺮﻛﺐ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻋﻠﺔ ﺗﺎﻣﺔ ﻟﻮﺟﻮﺩ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﺃﺟﺰﺍﺋﻪ، ﻭﻗﺪ ﺑﺮﻫﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺫﻟﻚ، ﻓﻠﻴﺲ ﺇﻧﻤﺎ ﺗﺼﻴﺮ ﺍﻟﻌﻠﺔ ﻋﻠﺔ ﺗﺎﻣﺔ ﻟﻪ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﺔ ﺗﺎﻣﺔ ﻟﺒﻌﺾ ﺃﺟﺰﺍﺋﻪ، ﺑﻞ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﻠﺔ ﺗﺎﻣﺔ ﻟﺒﻌﺾ ﺃﺟﺰﺍﺋﻪ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻫﻲ ﻋﻠﺔ ﺗﺎﻣﺔ ﻟﻮﺟﻮﺩﻩ ﻛﻤﺎ ﺑﻴﻨﺎ. ﻭﺑﺎﻟﻠﻪ ﺍﻟﺘﻮﻓﻴﻖ.

ﻭﺍﻋﻠﻢ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻟﻤﺎ ﻭﻗﻒ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻳﻦ ﺍﻟﺠﻮﺍﺑﻴﻦ ﺍﻋﺘﺮﻑ ﺑﺼﺤﺘﻬﻤﺎ ﻭﺳﻘﻮﻁ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﺽ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺮﻫﺎﻥ ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭ.

ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ: ﺍﻻﺳﺘﺪﻻﻝ ﺑﺤﺪﻭﺙ ﺍﻟﺬﻭﺍﺕ ﻭﺗﻘﺮﻳﺮﻩ:

ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﺤﺪﺙ، ﻭﻛﻞ ﻣﺤﺪﺙ ﻓﻠﻪ ﻣﺤﺪﺙ.

ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻤﻘﺪﻣﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻓﻘﺪ ﺗﻘﺪﻡ ﺑﻴﺎﻧﻬﺎ، ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻓﻸﻥ ﻛﻞ ﻣﺤﺪﺙ ﻣﻤﻜﻦ ﻭﻛﻞ ﻣﻤﻜﻦ ﻓﻠﻪ ﻣﺆﺛﺮ. ﺑﻴﺎﻥ ﺍﻷﻭﻟﻰ: ﺇﻥ ﺍﻟﻤﺤﺪﺙ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺟﺪ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻌﺪﻡ، ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻣﺎﻫﻴﺘﻪ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﻮﺟﻮﺩ ﻭﺍﻟﻌﺪﻡ، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﺑﺎﻟﻤﻤﻜﻦ.

ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻓﻘﺪ ﺳﻴﻖ ﺗﻘﺮﻳﺮﻫﺎ، ﻭﺃﻣﺎ ﺑﻴﺎﻥ ﺃﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﺆﺛﺮ ﺍﻟﻤﺤﺪﺙ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻭﺍﺟﺐ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﻟﺬﺍﺗﻪ ﻓﻴﻌﻮﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻷﻭﻝ. ﻭﺯﻋﻢ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﺘﻜﻠﻤﻴﻦ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻘﺪﻣﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ - ﻭﻫﻲ ﻗﻮﻟﻨﺎ ﻛﻞ ﻣﺤﺪﺙ ﻣﻔﺘﻘﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺆﺛﺮ - ﺑﺪﻳﻬﻴﺔ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﻧﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﻛﻮﻥ ﺍﻟﻤﺤﺪﺙ ﻣﻤﻜﻨﺎ. ﻭﻫﻮ ﺑﺎﻃﻞ، ﻷﻧﻪ ﺑﻨﺎﺀ ﻣﻨﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻛﻮﻥ ﺍﻟﺤﺪﻭﺙ ﻫﻮ ﺍﻟﻌﻠﺔ ﺍﻟﻤﺤﻮﺟﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺆﺛﺮ، ﻭﻗﺪ ﺳﺒﻖ ﻣﻨﺎ ﺑﻴﺎﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﺪﻭﺙ ﻻ ﻳﺼﻠﺢ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻠﺔ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ ﻭﻻ ﺟﺰﺀ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﻻ ﺷﺮﻃﺎ ﻟﻬﺎ، ﻓﺈﺫﻥ ﺇﻧﻤﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﺑﺪﻳﻬﻴﺔ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻹﻣﻜﺎﻥ ﻟﻠﺤﺎﺩﺙ. ﻭﺑﺎﻟﻠﻪ ﺍﻟﺘﻮﻓﻴﻖ.

 




مقام الهي وليس مقاماً بشرياً، اي من صنع البشر، هي كالنبوة في هذه الحقيقة ولا تختلف عنها، الا ان هنالك فوارق دقيقة، وفق هذا المفهوم لا يحق للبشر ان ينتخبوا ويعينوا لهم اماماً للمقام الديني، وهذا المصطلح يعرف عند المسلمين وهم فيه على طوائف تختصر بطائفتين: طائفة عموم المسلمين التي تقول بالإمامة بانها فرع من فروع الديني والناس تختار الامام الذي يقودها، وطائفة تقول نقيض ذلك فترى الحق واضح وصريح من خلال ادلة الاسلام وهي تختلف اشد الاختلاف في مفهوم الامامة عن بقية الطوائف الاخرى، فالشيعة الامامية يعتقدون بان الامامة منصب الهي مستدلين بقوله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) وبهذا الدليل تثبت ان الامامة مقام الهي وليس من شأن البشر تحديدها، وفي السنة الشريفة احاديث متواترة ومستفيضة في هذا الشأن، فقد روى المسلمون جميعاً احاديث تؤكد على حصر الامامة بأشخاص محددين ، وقد عين النبي الاكرم(صلى الله عليه واله) خليفته قد قبل فاخرج احمد في مسنده عن البراء بن عازب قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا بغدير خم فنودي فينا الصلاة جامعة وكسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين فصلى الظهر وأخذ بيد علي رضى الله تعالى عنه فقال ألستم تعلمون اني أولى بالمؤمنين من أنفسهم قالوا بلى قال ألستم تعلمون انى أولى بكل مؤمن من نفسه قالوا بلى قال فأخذ بيد علي فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه قال فلقيه عمر بعد ذلك فقال له هنيئا يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة


مصطلح اسلامي مفاده ان الله تعالى لا يظلم أحداً، فهو من كتب على نفسه ذلك وليس استحقاق البشر ان يعاملهم كذلك، ولم تختلف الفرق الدينية بهذه النظرة الاولية وهذا المعنى فهو صريح القران والآيات الكريمة، ( فلا يظن بمسلم ان ينسب لله عز وجل ظلم العباد، ولو وسوست له نفسه بذلك لأمرين:
1ـ تأكيد الكتاب المجيد والسنة الشريفة على تنزيه الله سبحانه عن الظلم في آيات كثيرة واحاديث مستفيضة.
2ـ ما ارتكز في العقول وجبلت عليه النفوس من كمال الله عز وجل المطلق وحكمته واستغنائه عن الظلم وكونه منزهاً عنه وعن كل رذيلة).
وانما وقع الخلاف بين المسلمين بمسألتين خطرتين، يصل النقاش حولها الى الوقوع في مسألة العدل الالهي ، حتى تكون من اعقد المسائل الاسلامية، والنقاش حول هذين المسألتين أمر مشكل وعويص، الاولى مسالة التحسين والتقبيح العقليين والثانية الجبر والاختيار، والتي من خلالهما يقع القائل بهما بنحو الالتزام بنفي العدالة الالهية، وقد صرح الكتاب المجيد بان الله تعالى لا يظلم الانسان ابداً، كما في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا * فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا).

مصطلح عقائدي، تجده واضحاً في المؤلفات الكلامية التي تختص بدراسة العقائد الاسلامية، ويعني الاعتقاد باليوم الاخر المسمى بيوم الحساب ويوم القيامة، كما نص بذلك القران الحكيم، وتفصيلاً هو الاعتقاد بان هنالك حياة أخرى يعيشها الانسان هي امتداد لحياة الانسان المطلقة، وليست اياماً خاصة يموت الانسان وينتهي كل شيء، وتعدّت الآيات في ذكر المعاد ويوم القيامة الالف اية، ما يعني ان هذه العقيدة في غاية الاهمية لما لها الاثر الواضح في حياة الانسان، وجاء ذكر المعاد بعناوين مختلفة كلها تشير بوضوح الى حقيقته منها: قوله تعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ) ،وهنالك آيات كثيرة اعطت ليوم القيامة اسماء أخرى كيوم القيامة ويوم البعث ويوم النشور ويوم الحساب ، وكل هذه الاشياء جزء من الاعتقاد وليس كل الاعتقاد فالمعاد اسم يشمل كل هذه الاسماء وكذلك الجنة والنار ايضاً، فالإيمان بالآخرة ضرورة لا يُترك الاعتقاد بها مجملاً، فهي الحقيقة التي تبعث في النفوس الخوف من الله تعالى، والتي تعتبر عاملاً مهماً من عوامل التربية الاصلاحية التي تقوي الجانب السلوكي والانضباطي لدى الانسان المؤمن.