المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
من هم المحسنين؟
2024-11-23
ما هي المغفرة؟
2024-11-23
{ليس لك من الامر شيء}
2024-11-23
سبب غزوة أحد
2024-11-23
خير أئمة
2024-11-23
يجوز ان يشترك في الاضحية اكثر من واحد
2024-11-23



شعراء المدائح النبوية  
  
10155   12:07 مساءاً   التاريخ: 4-7-2016
المؤلف : شوقي ضيف
الكتاب أو المصدر : عصر الدول و الإمارات ،الأندلس
الجزء والصفحة : ص370--372
القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / الشعر / العصر الاندلسي /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-01-07 797
التاريخ: 5-4-2022 2390
التاريخ: 2024-01-07 639
التاريخ: 26-4-2022 2570

طبيعي أن يتغنى شعراء الأندلس بمدائح الرسول صلى اللّه عليه[و آله] و سلم، مثلهم في ذلك مثل الشعراء في جميع البلدان العربية الإسلامية، إذ هو المثل الكامل لكل مسلم في تقواه و نسكه و ورعه و امتثاله لأوامر ربه. و قد أخذت هذه المدائح تتكاثر في الأندلس منذ عصر أمراء الطوائف الذى أصبحت فيه الأندلس دولا و إمارات كثيرة، مما جعل نصارى الشمال ينشطون لاسترداد الأندلس، و استردوا طليطلة و بعض حصون و قلاع، و فرضوا على أمراء الطوائف المتنابذين إتاوات كانوا يؤدونها لهم خانعين. و هو ما جعل غير شاعر أندلسي يفزع إلى مديح الرسول الكريم آملا أن تستمد الأندلس منه الأيد و القوة في نضال أعدائها و أعداء الدين الحنيف. و اتسع ذلك منذ القرن السادس الهجري حتى أصبح المديح النبوي غرضا كبيرا من أغراض الشعر الأندلسي، و نحن نجده في هذا القرن على لسان ابن السيد البطليوسي المتوفى سنة 5٢١ و له في مخاطبة مكة مهبط الوحى النبوي و رسولها الكريم شعر (1)طريف، و بالمثل نجده على لسان أبى عبد اللّه بن أبى الخصال كاتب يوسف بن تاشفين أمير المرابطين، و له مع مديح الرسول مرثيتان في مقتل الحسين بكربلاء. و يسوق المقري في الجزء الأخير من كتابه نفح الطيب لابن العريف الصوفي أشعارا نبوية يذكر أنه نقلها عن كتابه: «مطالع الأنوار و منابع الأسرار» و من قوله في إحداها: (2)

و حقّك يا محمّد إنّ قلبي      يحبّك قربة نحو الإله
جرت أمواه حبّك في فؤادي    فهام القلب في طيب المياه
فهو محب واله للرسول عليه السلام، و يستمر قائلا إنه نال به في دنياه فرحة و سرورا، و سينال به في أخراه جاها و نعيما إذ يحب محبوب الإله و صفيّه، و يتذلل له في بعض مدحه قائلا إنه عبد مسترق له و يطلب منه العتق و الرضا و أن يكون له ملاذا و ملجئا. و يختم  المقري اختياراته من كتابه بقصيدة له تفتتح جميع أبياتها بصلاة اللّه على النبي الهادي العظيم على هذا النمط:

صلّى الإله على النبي الهادي     ما لاذت الأرواح بالأجساد
صلّى عليه اللّه ما اسودّ الدّجى    فكسا محيّا الأفق برد حداد
صلّى عليه اللّه ما انبلج السّنا     فابيضّ وجه الأرض بعد سواد

     و يظل يدعو اللّه أن يصلى على رسوله ما هطلت السحب بالغيث و تغنى الطير على الأغصان، إذ خصّه بالنور و الإرشاد و ختم النبوة كتابه الهادي. و لا تتضح عند ابن العريف فيما ساقه له المقري من مديح نبوي فكرة الحقيقة المحمدية التي وجدت منذ الأزل و دارت حولها الأفلاك و دار الوجود، مما ردده بعض المتصوفة و بعض مداح الرسول في المشرق، مما يؤكد ما قلناه من أن ابن العريف كان صوفيّا سنّيّا. و نلتقي بأبي الحسن بن لبّال و تشوقه (3)الحار إلى الروضة المقدسة الطاهرة لزيارة سيد ولد آدم، و اشتهر صفوان بن إدريس بقصره (4)أمداحه على آل البيت و إكثاره من تأبين الحسين، و لابن المناصف محمد بن عيسى المتوفى سنة 6٢٠ أرجوزة (5) في مئات من الأبيات في مديح الرسول. و نلتقى بمعاصره أبي زيد الفازازيّ و سنخصه بكلمة.

و حين اشتد الضعف بدولة الموحدين و أخذت المدن الأندلسية الكبيرة تسقط مدينة وراء مدينة في حجر النصارى الإسبان الشماليين تكاثر المديح النبوي إذ اتخذه الشعراء الأندلسيون أداة للاستغاثة و الاستنجاد بالرسول الكريم لإنقاذهم من محنتهم، و كانوا لا يكتفون بنظم الأشعار النبوية إذ كانوا يرفقونها برسائل إلى القبر النبوي الشريف واصفين ما يعانيه وطنهم من محن خطيرة، و سنلم بطرف من هذه الرسائل في الفصل التالي مع الترجمة لابن الجنان المتوفى في عشر الخمسين و ستمائة، و قد أنشد له المقري في الجزء السابع من نفح الطيب طائفة رائعة من مدائحه النبوية، و يستهلها بمخمس (6)، بديع جعل شطره الخامس: «صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً» و فيه عرض عرضا رائعا سيرته المنيرة و معجزاته الباهرة. و كان يعاصره إبراهيم (7)بن سهل الإشبيلى، و كان يهوديّا ، و نشأ يقرأ و يدرس مع الشباب الإشبيلي المسلم و يختلط به، و شرح اللّه صدره للإسلام فأعلن في بواكير شبابه إسلامه، و كان شاعرا ماهرا، و له ديوان طبع مرارا، و به قصيدة عينية تحمل تشوقا إلى يثرب و الحجاز، و أنشد له المقري منظومة (8)نبوية بديعة لعله استلهم فيها مخمس ابن الجنان إذ جعل شطرها الخامس الذي تدور عليه نفس شطر ابن الجنان السالف و قد ختمها بقوله:

يا شوقي الحامي إلى ذاك الحمى
فمتى أقضّيه غراما مغرما
و متى أعانقه صعيدا مكرما
بضمير كل موحّد ملثوما صلّوا عليه و سلموا تسليما
و لأبى الحسن الرّعيني الإشبيلي المتوفى سنة 666 قصيدتان حجازيتان و أخريان ربّانيتان(9). و لحازم القرطاجني المترجم له بين أصحاب الشعر التعليمي مدحتان (10)نبويتان بنى أولهما على شطر له ثان من معلقة امرئ القيس و بنى الثانية بنفس النظام:

شطر له و شطر من لامية امرئ القيس: «ألا عم صباحا أيها الطلل البالي» . و يلقانا في كتاب الكتيبة الكامنة في شعراء المائة الثامنة مدائح نبوية (11)لغير شاعر مثل ابن الصائغ و أبى جعفر بن جزىّ، و له مدحة على غرار مدحة حازم القرطاجني الثانية.

و كان قد أصبح تقليدا في غرناطة أن يحتفل بالمولد النبوي احتفالا رسميا كل عام و أن تلقى فيه مدائح نبوية. و تسمى مولدية، و للسان الدين بن الخطيب طائفة من تلك المولديات، و هي مسجلة في ديوانه و الجزء الأول من أزهار الرياض و الجزء الأخير من نفح الطيب، و دائما يبدؤها بالحنين إلى الحجاز، ثم يتغنّى بفضائل الرسول و معجزاته الباهرة، و ينهى المولدية غالبا بمديح السلطان الذي أقيم الاحتفال النبوي في عهده، و من تصويره لحنينه الملتاع إلى الاكتحال برؤية القبر الطاهر قوله:

إذا أنت شافهت الديار بطيبة و جئت بها القبر المقدّس و الّلحدا
فنب عن بعيد الدار في ذلك الحمى و أذر به دمعا و عفّر به خدّا

و كان يعاصره ابن جابر الأندلسي و سنخصه بكلمة، و عاصرهما ابن خاتمة و في ديوانه مدائح نبوية بديعة، و أنشد المقري لابن زمرك مولديات له في الجزء الثاني من أزهار الرياض، و من قوله في إحداها مخاطبا الرسول صلى اللّه عليه[وآله] و سلم:

و أنت حبيب اللّه خاتم رسله و أكرم مخصوص بزلفى و رضوان
و أنت لهذا الكون علة كونه و لولاك ما امتاز الوجود بأكوان
و لولاك للأفلاك لم تجل نيّرا و لا قلّدت لبّاتهنّ بشهبان
و واضح أنه يقتبس من البوصيري و أمثاله فكرة الحقيقة المحمدية و أن اللّه اصطفاه قبل نشأة الكون و أنه علة الوجود و مطلع النور في الأفلاك، و لولاه ما سطعت في لبّاتها و مواضع القلائد من جيدها شهبانه و شعله النيرة، و حرى أن نتوقف قليلا بإزاء أبى زيد الفازازى و ابن جابر الوادى آشى.

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١) أزهار الرياض ٣/١4٧ و ما بعدها.

2) انظر في هذه القصيدة و تاليتها نفح الطيب ٧/4٩٧.

3) المطرب ص ٩٠.

4) المغرب ٢/٢6٠.

5) سماها الدرة السّنية في المعالم السّنية. انظر التكملة ص ٣٢5.

6) نفح الطيب 7/432.

7) انظر في ابن سهل مصادره في ص ٣٠6 و مقدمة ديوانه لإحسان عباس طبع دار صادر ببيروت.

8) النفح ٧/445.

9) الذيل و التكملة للمراكشي القسم الأول من الجزء الخامس ص ٣64.

10) أزهار الرياض 3/178 و ما بعدها.

11) راجع الكتيبة الكامنة ص ٨٨،١٣4،١٣٩، ٢5١،٣٠٣.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.