ولا حل غيره يجدي، فبالرغم من الجهود المضنية في سبيل التنمية وإنعاش الاقتصاد المصري في كل قطاعاته منذ ان زاحت الغمة بانتصار أكتوبر 1973، فإن النمو السكاني المطرد يلتهم كل تقدم في الانتاج، أضف الى ذلك ما يخبئه القدر بين الحين والحين من سلبيات لم تكن في الحسبان، كالهزة العنيفة التي أصابت صناعة السياحة منذ عام 1996، وما زالت تئن من آثارها (2001)، وكالهبوط الكاسح في أسعار البترول، وتأثيراته المباشرة وغير المباشرة على الاقتصاد المصري، سواء بالنسبة لبترول مصر، وأيضاً للعمالة المصرية في أقطار العرب البترولية، وحتى المحاصيل الزراعية لم تسلم من آفات تصيبها، كما حدث لمحصول القطن في موسم 1998.

والحل الجذري لمشكلة السكان يتمثل في تنظيم الأسرة أو في ضبط النسل أو تنظيمه، أو تحديد السكان وذلك لإبطال سرعة النمو، وتقليص حجم الزيادة، وتخفيف حدة المشكلة، وكل الآمال معقودة على إنقاص الزيادة المطردة، إن ضبط النسل هو النظرية الصحيحة بل الوحيدة لحل مشكلة سكان مصر، إن كل طفل يولد الآن لا شك- يخفض مستوى المعيشة للفرد، ويكفي أن نرى أرقى دول العالم وأكثرها تقدماً حضارياً وتكنولوجياً هي الآخذة بتنظيم الأسرة، وتحديد النسل، لقد صدق المرحوم جمال حمدان حينما قال: (ليس سليماً ولا منطقياً أن نمارس ضبط النيل، ولا نمارس ضبط النسل، فما هذا إلا الوجه الآخر لذاك في الحقيقة، والمكافئ الموضوعي له).

ورغم هذا فينبغي أن نعرف أن مصر لم تستنفد مواردها الطبيعية بعد، فهي حقاً تتوسع الآن في كل شيء: في استصلاح الأراضي، في التوسع الأفقي والرأسي في الزراعة، في التعدين، في الصناعة، وفي الانتاج عموماً، وذلك بمجهودات ضخمة، وتكاليف باهظة، ونأمل أن تكون العائدات بحجم الجهد المبذول، لكن ينبغي أن لا نسمح للزحف السكاني أن يهزم التنمية الاقتصادية القائمة الآن على قدم وساق، فخطط التنمية رغم ما حققته من نتائج إيجابية، فإن دخل الفرد انخفض من 760 دولاراً في عام 1988، الى 660 دولاراً في عام 1993، إضافة الى ازدياد معدلات التضخم التي قللت من قيمة دخول الأفراد.

وعلى أي حال فإن التنمية الاقتصادية وحدها ليست الإجابة النهائية على زحف السكان، فهناك أيضاً ضوابط النسل الاجتماعية التي تتمثل في التعليم، ورفع مستوى المعيشة، والتطور الاجتماعي والحضاري، وغيرها من العوامل غير المباشرة، ومن ذلك تعليم الإناث، فهناك انخفاض نسبي في الخصوبة للمرأة المصرية.