المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9142 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



مؤتمر السّقيفة وحكومة أبي بكر  
  
3895   11:17 صباحاً   التاريخ: 12-4-2016
المؤلف : باقر شريف القرشي
الكتاب أو المصدر : موسوعة أمير المؤمنين علي بن ابي طالب
الجزء والصفحة : ج2 ، ص100-105
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن أبي طالب / حياة الامام علي (عليه السّلام) و أحواله / حياته في عهد الخلفاء الثلاثة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-4-2022 1832
التاريخ: 12-4-2016 3573
التاريخ: 12-4-2016 3249
التاريخ: 28-4-2022 1837

ليس في دنيا الإسلام كارثة مدمّرة امتحن بها المسلمون امتحانا عسيرا كحادثة السقيفة فقد أولدت الأحقاد وأجّجت نار الفتن بين المسلمين وفتحت أبواب الطمع والتهالك على السلطة بين الزعماء.

إنّ جميع ما عاناه السادة المعظّمون من أهل البيت : يستند أوّلا وبالذات إلى مؤتمر السقيفة التي تعمّد أعضاؤها على الغضّ من شأنهم ومعاملتهم معاملة عادية تتّسم بالكراهة والحقد عليهم متناسين ما ألزمه الله تعالى بمودّتهم { قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى } [الشورى: 23] وما حثّ عليه النبيّ (صلى الله عليه واله) في لزوم مودّتهم وتعظيم شأنهم فلم يرعوا لاهتمام النبي بهم فأقصوهم عن مركز الحكم وعن جميع ما يتعلّق بالدولة الإسلامية التي أنشأها جدّهم الرسول وقامت على أكتاف أخيه وباب مدينة علمه لقد آلت الخلافة الإسلامية مع الأسى والأسف إلى بني أميّة فأمعنوا في ظلم العترة الطاهرة وإبادتها وما كارثة كربلاء الخالدة في دنيا الأحزان إلاّ من تبعات السقيفة ورحم الله الإمام كاشف الغطاء إذ يقول :

تالله ما كربلاء لو لا سقيفتهم    ومثل هذا الفرع ذاك الأصل أنتجه

 إنّ الأحداث الجسام التي فزع منها المسلمون كإباحة مدينة النبيّ (صلى الله عليه واله) وحرق الكعبة وتسلّط الأشرار المارقين عن الدين على رقاب المسلمين أمثال بسر بن أرطاة والمغيرة بن شعبة وزياد بن أبيه وعبيد الله بن زياد وأمثالهم من الخونة المجرمين الذين أمعنوا في ظلم المسلمين وأغرقوهم في المآسي والخطوب كلّها قد نجمت من السقيفة وما يرتبط بها من أحداث.

ولسنا في البحث عن السقيفة خاضعين للمؤثّرات المذهبية نعوذ بالله أن نخضع لغير الحقّ وأن نكتب ما تمليه علينا العواطف التقليدية وإنّما نكتب هذه البحوث على ضوء الدراسة العلمية التي اقتبسناها من الوثائق التاريخية وحلّلنا أبعادها بأمانة وإخلاص وفيما اعتقد أنّ كلّ من يتأمّل في أحداث السقيفة يؤمن بأنّها غير طبيعة وأنّها دبّرت لصرف الخلافة عن أهل البيت ؛ وعلى أي حال فلا بدّ لنا من وقفة قصيرة للبحث عن هذا الحادث المروع الذي ابتلي فيه المسلمون كأشدّ وأقسى ما يكون الابتلاء ؛ وعقد الأنصار في اليوم الذي توفّي فيه رسول الله (صلى الله عليه واله) مؤتمرا في سقيفة بني ساعدة ضمّ الجناحين منهم الأوس والخزرج تداولوا فيه شئون الخلافة وأن لا تخرج من حوزتهم ولا يكونوا تبعا لزعامة المهاجرين من قريش وتحت نفوذهم.

والشيء الذي يدعو إلى التساؤل لما ذا سارعوا إلى عقد مؤتمرهم بهذه السرعة الخاطفة والرسول لم يغيبه عن عيون القوم مثواه وأكبر الظنّ أنّ أسباب ذلك تتلخّص بما يلي :

أوّلا : إنّ الأنصار قد استبان لهم بصورة مكشوفة لا خفاء فيها على تصميم المهاجرين من قريش للاستيلاء على الحكم بعد النبيّ (صلى الله عليه واله) وصرفه عن الإمام أمير المؤمنين ويدعم ذلك :

1 ـ إنّ المهاجرين من قريش أعلنوا رفضهم الكامل لبيعة الإمام يوم غدير خمّ فقد قالوا : لقد حسب محمّد أنّ هذا الأمر قد تمّ لابن عمّه وهيهات أن يتمّ وتناقلت حديثهم معظم الأوساط في يثرب .

2 ـ امتناع قادة المهاجرين من الالتحاق بجيش اسامة خوفا أن يتمّ الأمر للإمام بعد وفاة النبيّ (صلى الله عليه واله) ويفلت الزمام منهم ولم يكن يخفى على الأنصار ذلك .

3 ـ قيام بعض المهاجرين بالحيلولة بين النبيّ وبين ما رآه من الكتابة التي تضمن لامّته السعادة في جميع الأحقاب والآباد على حدّ تعبيره فقد رموه بالهجر وهو طعن مؤسف في شخصية الرسول (صلى الله عليه واله) فامتنع بأبي وأمّي من الكتابة التي تهدف إلى النصّ الصريح على خلافة الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) .

ثانيا : إنّ الأنصار كانوا على يقين لا يخامره شكّ أنّ المهاجرين من قريش كانوا حاقدين على الإمام ؛ لأنّه قد وترهم وحصد رءوس أعلامهم وقد أعلن ذلك عثمان بن عفّان فقد قال للإمام : ما أصنع إن كانت قريش لا تحبّكم وقد قتلتم منهم يوم بدر سبعين رجلا كأنّ وجوههم شنوف الذهب تصرع آنافهم قبل شفاههم .

أرأيتم كيف صوّر عثمان لوعة القرشيّين على فتيانهم وفرسانهم الذين أبادهم الإمام في يوم بدر وأبادتهم القوّات المسلّحة في الجيش الإسلامي , وكانت قريش ترى أنّ الإمام (عليه السلام) هو الذي وترها فهي تطالبه بذحلها , ويقول الكناني من شعراء قريش محرّضا لها على الوقيعة بالإمام :

في كلّ مجمع غاية أخزاكم       جذع أبرّ على المذاكي القرّح

لله درّكم ألما تذكروا            قد يذكر الحرّ الكريم ويستحي

هذا ابن فاطمة الذي أفناكم       ذبحا بقتلة بعضه لم يذبح

أين الكهول وأين كلّ دعامة      في المعضلات وأين زين الأبطح ؟

 وروى ابن طاوس عن أبيه أنّه قال للإمام زين العابدين : ما بال قريش لا تحبّ عليّا؟

فأجابهم الإمام : لأنّه أورد أوّلهم النار وألزم آخرهم العار .

لقد كان بغض القرشيّين للإمام (عليه السلام) مكشوفا وغير خفي على أحد وخاف الأنصار من استيلاء المهاجرين على دست الحكم فينزلون بهم الضربات القاصمة لولائهم للإمام (عليه السلام) ومودّتهم له.

ثالثا : إنّ الأنصار كانوا العمود الفقري للقوّات الإسلامية وقد أشاعوا الحزن والحداد في بيوت القرشيّين ومن المؤكّد أنّ القرشيّين كانوا يحقدون أشدّ الحقد على الأنصار وأنّهم لا يألون جهدا في الانتقام منهم فلذا سارعوا في عقد مؤتمرهم خشية من المهاجرين يقول الحبّاب بن المنذر وهو من مفكّري الأنصار : لكنّنا نخاف أن يليها بعدكم من قتلنا أبناءهم وآباءهم واخوانهم .

وتحقّق ما تنبأ به الحبّاب فإنّه لم يكد ينتهى حكم الخلفاء القصير الأمد حتى آل الحكم إلى الأمويّين فسعوا جاهدين في إذلالهم والتنكيل بهم ؛ وقد أمعن معاوية في قهرهم وظلمهم ولمّا ولي الأمر بعده يزيد جهد على الوقيعة بهم فأباح دماءهم وأموالهم وأعراضهم في واقعة الحرّة المحزنة التي لم يشاهد التاريخ لها نظيرا في فظاعتها وقسوتها.

رابعا : إنّ النبيّ (صلى الله عليه واله) استشفّ من وراء الغيب ما تعانيه الأنصار من بعده من جهد وبلاء فقال لهم : ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتّى تلقوني على الحوض فخافوا كأشدّ ما يكون الخوف فلذا بادروا إلى عقد مؤتمرهم ليكونوا بمأمن من الاثرة والجهد .

وفيما أحسب أنّ هذه العوامل بعض الأسباب التي أدّت إلى عقد الأنصار مؤتمرهم في سقيفة بني ساعدة .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.