المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9117 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تـشكيـل اتـجاهات المـستـهلك والعوامـل المؤثـرة عليـها
2024-11-27
النـماذج النـظريـة لاتـجاهـات المـستـهلـك
2024-11-27
{اصبروا وصابروا ورابطوا }
2024-11-27
الله لا يضيع اجر عامل
2024-11-27
ذكر الله
2024-11-27
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27



خطاب الامام الحسن بعد الاصطلاح  
  
3460   04:09 مساءاً   التاريخ: 7-4-2016
المؤلف : باقر شريف القرشي
الكتاب أو المصدر : حياة الامام الحسن دراسة وتحليل
الجزء والصفحة : ج2 ، ص259-262
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام الحسن بن علي المجتبى / صلح الامام الحسن (عليه السّلام) /

طلب معاوية من الإمام أن يعتلي منصة الخطابة ليبين للناس تنازله عن الأمر ؛ وقيل ان ابن العاص أشار عليه بذلك ليظهر للناس عي الإمام وعدم مقدرته على الخطاب وقد أخطأ في ذلك فان الإمام قد خطب الناس غير مرة في حياة أبيه وبعد وفاته ولم يعرف عنه العي والحصر لأنه من أهل بيت كانوا معدن الفصاحة والبلاغة وفصل الخطاب وانبرى الإمام الى أعواد المنبر والناس كلهم أذن صاغية وهم ما بين راغب وراغم فخطبهم خطبة طويلة كانت فى منتهى الروعة والبلاغة وعظ فيها الناس ودعاهم الى الالفة والمحبة وصوّر فيها الأحداث الرهيبة التي جرت على أهل البيت بعد وفاة النبيّ (صلى الله عليه واله) وعزى ما جرى عليهم من المحن والخطوب الى الصدر الأول الذين نزعوا الخلافة منهم وردّ في آخر خطابه على معاوية وهذا نص خطابه : الحمد لله كلما حمده حامد وأشهد أن لا إله إلا الله كلما شهد له شاهد وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى وائتمنه على الوحي (صلى الله عليه واله).

أما بعد : فو الله إني لأرجو أن أكون قد أصبحت بحمد الله ومنّه وأنا أنصح خلق الله لخلقه وما أصبحت محتملا على مسلم ضغينة ولا مريدا له سوءا ولا غائلة , ألا وإن ما تكرهون في الجماعة خير لكم مما تحبون في الفرقة ألا وإني ناظر لكم خير من نظركم لأنفسكم فلا تخالفوا أمري ولا تردوا عليّ رأي غفر الله لي ولكم وأرشدني وإياكم لما فيه المحبة والرضا ؛ ثم التفت الى الجماهير فقال لها : أيها الناس إن أكيس الكيس التقى وأحمق الحمق الفجور والله لو طلبتم ما بين جابلق وجابرس رجلا جده رسول الله (صلى الله عليه واله) ما وجدتموه غيري وغير أخي الحسين وقد علمتم أن الله هداكم بجدي محمد (صلى الله عليه واله) فأنقذكم به من الضلالة ورفعكم به من الجهالة وأعزكم به بعد الذلة وكثركم به بعد القلة إن معاوية نازعني حقا هو لي دونه فنظرت لصلاح الأمّة وقطع الفتنة وقد كنتم بايعتموني على أن تسالمون من سالمت وتحاربون من حاربت فرأيت أن أسالم معاوية واضع الحرب بيني وبينه وقد بايعته وقد رأيت أن حقن الدماء خير من سفكها ولم أرد بذلك إلا صلاحكم وبقاءكم وإن أدرى لعله فتنة لكم ومتاع الى حين ؛ وأخذ (عليه السلام) يبين ظلامة أهل البيت فقال :  وإن معاوية زعم لكم أني رأيته للخلافة أهلا ولم أر نفسي لها أهلا فكذب معاوية. نحن أولى الناس بالناس في كتاب الله عز وجل وعلى لسان نبيه ولم نزل ـ أهل البيت ـ مظلومين منذ قبض الله نبيه فالله بيننا وبين من ظلمنا وتوثب على رقابنا وحمل الناس علينا ومنعنا سهمنا من الفيء ومنع أمّنا ما جعل لها رسول الله واقسم بالله لو أن الناس بايعوا أبي حين فارقهم رسول الله لأعطتهم السماء قطرها والأرض بركتها ولما طمعت فيها يا معاوية فلما خرجت من معدنها تنازعتها قريش بينها فطمع فيها الطلقاء وأبناء الطلقاء أنت وأصحابك ؛ وقد قال رسول الله : ما ولت أمّة أمرها رجلا وفيهم من هو أعلم منه إلا لم يزل أمرهم يذهب سفالا حتى يرجعوا الى ما تركوا ؛ فقد ترك بنو اسرائيل هارون وهم يعلمون أنه خليفة موسى فيهم واتبعوا السامري وتركت هذه الأمّة أبي وبايعوا غيره وقد سمعوا رسول الله يقول له : أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا النبوة وقد رأوا رسول الله نصب أبي يوم غدير خم وأمرهم أن يبلغ أمره الشاهد الغائب وهرب رسول الله من قومه وهو يدعوهم الى الله حتى دخل الغار ولو انه وجد أعوانا لما هرب كفّ أبي يده حين ناشدهم واستغاث فلم يغث ؛ فجعل الله هارون في سعة حين استضعفوه وكادوا يقتلونه وجعل الله النبي في سعة حين دخل الغار ولم يجد أعوانا ؛ وكذلك أبي وأنا في سعة من الله حين خذلتنا هذه الأمّة ؛ وإنما هي السنن والأمثال يتبع بعضها بعضا ؛ والتفت الى حضار الحفل فقال لهم : فو الذي بعث محمدا بالحق لا ينقص من حقنا أهل البيت أحد إلا نقصه الله من عمله ولا تكون علينا دولة إلا وتكون لنا العاقبة ولتعلمن نبأه بعد حين ؛ والتفت (عليه السلام) الى معاوية فردّ عليه سبه لأبيه فقال له : أيها الذاكر عليا أنا الحسن وأبي علي وأنت معاوية وأبوك صخر وأمي فاطمة وأمك هند وجدي رسول الله وجدك عتبة بن ربيعة وجدتي خديجة وجدتك فتيلة فلعن الله أخملنا ذكرا وألأمنا حسبا وشرنا قديما وحديثا وأقدمنا كفرا ونفاقا!! ؛ وارتفعت الأصوات من جميع جنبات الحفل بقول : آمين آمين ؛ وما سمع أحد هذا الخطاب إلا شاركهم بقول : آمين ونحن نقول : آمين آمين.

وهذه الخطبة أبلغ خطبة عرفها التأريخ فقد وضع الإمام فيها النقاط على الحروف وصوّر الموقف الدقيق الذي هو فيه وربط بين الأحداث التي واجهها وبين الأحداث التي جرت على أبيه وانها جميعا تستند الى من تقمص الخلافة بعد وفاة النبي (صلى الله عليه واله) فلولاهم لما طمع معاوية في الخلافة ونازعه فيها.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.