أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-4-2016
11403
التاريخ: 15-6-2018
8048
التاريخ: 2023-10-09
1017
التاريخ: 3-7-2022
3892
|
سنتناول في هذا الموضوع تطبيقات أسلوب الانتخاب بوصفه اسلوباً من أساليب تولية الوظائف العامة في كل من مصر وفرنسا والولايات المتحدة وتطبيق هذا الأسلوب في الشريعة الإسلامية. وإجراء المقارنة بين هذه الدول وامكانية تطبيق هذا الأسلوب في العراق على ضوء التغييرات الشاملة التي يمر بها القطر وصولاً إلى تحقيق المساواة بين المتقدمين في تولي الوظائف العامة . على أساس من الجدارة والصلاحية وخدمة للمصلحة العامة. وان كانت الدول المختلفة تجمع في الكثير الغالب بين اكثر من صورة أو أسلوب في تولي الوظائف العامة على أساس الانتخاب ولكن هذا الأسلوب يتبع في أضيق الحدود تبعاً لما تمليه الاعتبارات المفضية إلى ذلك. ولا يمتد إلى مجالات واسعة وتختلف هذه المجالات من دولة إلى أخرى .
تولي الوظائف العامة بأسلوب الانتخاب يطبق في مصر بصورتيه المفتوحة والمغلقة وسنتناول كلاً منهما فيما يأتي:
أولا: الوظائف التي يتم الاختيار فيها بالانتخابات المفتوحة:
أخذت جمهورية مصر العربية بصورة الانتخابات المفتوحة في اختيار من يشغلون وظائف العمد ثم من يشغلون وظائف مشايخ البلاد. فهذا النظام المتبع في جمهورية مصر العربية استند في بادئ الأمر إلى الأمر العالي الصادر في 17 مارس سنة 1895 في عهد الاحتلال. ثم ظهرت عدة اتجاهات لإصلاح هذا النظام بعد رفع الحماية عن مصر إلا أنها فشلت في ذلك إلى ان صدر القانون المرقم 141 لسنة 1947 المعدل بالقانون المرقم 328 لسنة 1953 و 334 لسنة 1954. فقد تناول هذا القانون بعض جوانب الإصلاح ولكنه ترك كثيراً من الأسس القديمة كما هي وبالتالي بقي ما تولد عنها من نتائج ضارة(1). وبذلك لم يحقق هذا القانون آنذاك الإصلاح المنشود(2). وفي عام 1957 صدر القانون المرقم 106 متناولاً تنظيم هاتين الوظيفتين في كافة جوانبهما. وعدل كذلك بالقانون المرقم 150 لعام 1959 . ثم صدر القانون المرقم 959 لعام 1964 ليحل محل القانون السابق وتعدل بالقانون المرقم 45 لعام 1972(3). وأخيراً صدر القانون المرقم 58 لعام 1978 النافذ حالياً الذي حدد كيفية اختيار العمد والمشايخ من حيث الشروط الواجب توافرها من حيث كونه أحد أبناء القرية أو المقيمين فيها وان يكون حائزاً لأرض زراعية ولم يشترط ان يكون مالكاً لها إعمالاً لمبدأ تكافؤ الفرص وان يكون متمتعاً بالجنسية المصرية(4). وادخل القانون نظام تأقيت الوظيفة للعمر وحددها بعشر سنوات قابلة للتجديد ولمرة واحدة بقرار من وزير الداخلية ويجوز إعادة انتخابه وحدد مدة خمس سنوات قابلة للتجديد بالنسبة لوظيفة مشايخ البلاد. وهذا التأقيت له ما يبرره حتى يعمل كل منهما على كسب ثقة الناخبين من أبناء القرية والعمل على حماية مصالحهم ورعاية الأمن في القرية بجدية وفاعلية والعمل على كل ما من شأنه توفيق المصالح الخاصة بالأفراد في العيش الكريم الآمن السليم(5).
ثانياً : الوظائف التي يتم الاختيار فيها بالانتخابات المغلقة اختيار عمداء الكليات : وهو ما يطلق عليه انتخابات النظراء وتسمى بالانتخابات الأكاديمية لكونها مقصورة على فئة معينة تتوافر فيهم كفاءة وإمكانيات علمية كبيرة تجعل من الانتخابات مقصورة عليهم فقط دون بقية الموظفين في الكلية أو المعهد على اعتبار ان زملاءهم اقدر من غيرهم على تقدير كفايته العلمية وتقرير صلاحيته للوظيفة لأنهم بحكم تكوينهم العلمي ووعيهم العام اقدر من غيرهم على التثبت من صلاحيته للوظيفة(6). فقد كانت القوانين المنظمة للجامعات في مصر في الفترة من 2 أغسطس 1951 إلى 1954 تقضي بان يكون تعيين العمداء بأمر من وزير المعارف العمومية من بين ثلاثة من الأساتذة ذوي الكراسي يرشحهم مجلس الكلية. ويكون تعيينهم لمدة ثلاث سنوات ، وقبل هذا التاريخ كان يجري تعيين العمداء من قبل الوزير من بين اقدم الأساتذة الخمسة المصريين ذوي الكراسي ولمدة ثلاث سنوات . ثم عدل هذا الأسلوب في التعيين بمقتضى أحكام القانون 508 لسنة 1954 فاصبح وزير التربية والتعليم يعين العميد والوكيل من بين رؤساء الأقسام بالكلية ويكون تعيين العميد بناءً على ترشيح مدير الجامعة(7). ثم أعيد العمل بنظام الانتخابات لاختيار عمداء الكليات الجامعية بواسطة أساتذتها من بين الثلاثة الحاصلين على أعلى نسبة من الأصوات الانتخابية بالكلية التي يوجد بها اكثر من عشرة أساتذة وهو ما يسمى بالانتخاب بواسطة النظراء(8).
في فرنسا يجري أسلوب تولية الوظائف العامة على أساس الانتخاب في أضيق الحدود وفي صورة الانتخاب عن طريق النظراء. فقد حاول رجال الثورة الفرنسية ابتداءً تطبيق هذه الوسيلة في انتخاب أعضاء السلطة القضائية باعتبارها إحدى الوظائف العامة وإحدى سلطات الدولة الثلاث . مستندين إلى كون ان الشعب هو مصدر السلطات وفقاً للسيادة الشعبية. فكما ان أعضاء السلطة التشريعية يختارون بطريق الانتخاب تعبيراً عن هذا المبدأ وتعبيراً لمبدأ المساواة في تولي المناصب التشريعية كذلك ويجب ان يكون الأمر كذلك بالنسبة للسلطة القضائية. وكان الفيلسوف مونتسيكيو قد أعلن في كتابه روح القوانين . ان الشعب يجب ان يعين قضاته. أو على الأقل يجب ان يعهد بذلك إلى الذين يملكون ممارسة هذه السلطة باعتبار ان ذلك يحقق انسجاماً واتفاقاً مع المبدأ الديمقراطي ذاته(9). ولم تستمر طويلاً لعدم نجاح هذه الطريقة في التطبيق الفعلي وانتقده بشدة على اعتبار ان ممثلي الشعب لا يمثلون الأمة إلا إذا اجتمعوا في مكان واحد وناقشوا مسألة تهم الدولة في مجموعها و لم يكتب لهذا النظام النجاح في اختيار أعضاء السلطة القضائية ، ولكن اثبت نجاحه في قطاع محدود. واستمر العمل به حتى اليوم وذلك في انتخاب أعضاء في المحاكم التجارية باعتبارهم جزءاً مهماً يساعد القضاة في أعمالهم ويقوم التجار بانتخابهم من بينهم. وقد فسر النجاح الذي تحقق في هذا القطاع في السلطة القضائية بأنه لا مجال فيه للصراعات السياسية لان نجاح التاجر في انتخابه بالمحاكم التجارية لا يعدو ان يكون شرفاً إضافياً حيث يظل هذا الشخص محتفظاً بصفته الأصلية كتاجر(10). فهذه الصورة من الانتخابات تعتبر تجسيداً للانتخابات المغلقة التي تقتصر على فئة محدودة أو طائفة بعينها. وكذلك ما يقضي به قانون الوظيفه العامه الفرنسي لسنة 1959 المعدل حيث جاء فيه " بان يرأس رئيس الوزراء المجلس الأعلى للخدمة المدنية ويضم أعدادا متساوية ممثلين عن الإدارة وممثلين عن اتحادات الخدمة المدنية حيث ينشأ في كل إدارة أو قسم لجنة أو عدة لجان إدارية مشتركة يختار أعضاؤها من الموظفين بطريق الانتخاب ولجنة أو عدة لجان فنية مشتركة "(11). وأعضاء اللجان الإدارية سواء الذين يمثلون منهم الإدارة أو الذين يمثلون الموظفين تظل مدة عضويتهم في هذه اللجان لمدة ثلاث سنوات والانتخاب في هذه الحالة يجري بالطريق السري(12). واما أعضاء اللجان الفنية فهم يمثلون أيضا الإدارة والموظفين ولكنهه لا ينتخبون عن طريق اتحادات الخدمة المدنية وإنما يعينون عن طريق التنظيمات النقابية وتظل عضويتهم في هذه اللجان مدة سنتين إلى ثلاث سنوات(13). ولكل موظف الحق في التقدم لترشيح نفسه لاختياره لشغل مثل هذه المناصب ، طالما قد توافرت فيه الشروط المطلوبة للانتخاب. ويجري مجلس الدولة الفرنسي على انه من استوفى شروط الاشتراك في الانتخاب يجوز له الطعن في القرارات الصادرة بالمخالفة التي رسمها القانون في هذا الشأن متى اشترك فيها فعلاً. أما من استوفى الشروط ولم يشترك في الانتخاب فليس له حق الطعن باعتبار انه ليس له مصلحة في ذلك(14).وكذلك من قبيل الانتخابات المغلقة في فرنسا قيام أعضاء المجالس البلديـة بانتخاب العمد ومساعديهم من بينهم في أول جلسة يعقدها المجلس ويختلف عدد هؤلاء حسب كل بلد وفقاً للأهمية وعدد السكان. ويتراوح العدد عادة بين مساعد واحد إلى اثني عشر مساعداً ويمكن زيادة عددهم تبعاً لما يحتاجه العمل في البلد الذي يقيمون فيه ويعملون فيه(15). ومما لاشك فيه ان ترك مهمة الاختيار في مثل هذه الوظائف للانتخابات هو بقصد إبعاد تأثير الإدارة وتأثيرها في عملية اختيار هذه الوظائف تحقيقاً لمبدأ المساواة في الترشيح لها. وبعيداً عن عوامل الوساطة والمحسوبية والمجاملة التي كلما ابتعدنا عنها اقتربنا من تحقيق المساواة في تولي الوظائف العامة. فالحد الأدنى الذي يقف عنده نظام الانتخاب في تولي الوظائف العامة في الدول التي تأخذ به هو استخدام هذا الأسلوب في المجال الأكاديمي دون ان يمتد إلى ما وراء هذا النطاق. وتعتبر إنكلترا من اقل الدول استخداماً لهذا الأسلوب من بين الدول المتقدمة.
أما في الولايات المتحدة الأمريكية فالأمر عكس ذلك فيتسع نطاق استخدام أسلوب الانتخاب في تولي الوظائف العامة وخصوصاً في كيفية اختيار وتعيين القضاة فيتم اختيار القضاة عن طريق الانتخاب المفتوح أو الانتخاب المباشر من الشعب وذلك بان ينتخب كل قاضٍ من الإقليم الذي توجد به المحكمة التي يتولى القضاء فيها ، ويكون الانتخاب فيها لمدة تتراوح بين ست سنوات واثنتي عشرة سنة يعاد في نهايتها فتح باب الترشيح ثم يجري الانتخاب من جديد بين المرشحين ولكن الأصل العام ان اختيار القضاة عن طريق الحاكم لمدة عشر سنوات قابلة للتجديد ، واستثناءً من الأصل العام يختار عن طريق الانتخاب قاضٍي محكمة البلدية في مدينة ولنجون بهذه الولاية و يختص بالمخالفات وبعض الجنح التي ترتكب في هذه المدينة . وفي بعض الولايات يتم اختيار القضاة عن طريق الانتخاب كما في ولاية نيويورك كأصل عام . واستثناءً يتم اختيار القاضِي في محكمة المطالبات من قبل حاكم الولاية لمدة معينة(16). وكذلك ما كان يأخذ به دستور الاتحاد السوفيتي السابق لسنة 1977 بموجب نص المادة 152 من الدستور السوفيتي فانه " تتشكل جميع المحاكم في الاتحاد السوفيتي على أساس انتخاب القضاة والمحلفين الشعبيين ينتخب القضاة الشعبيون للمحاكم الشعبية في النواحي والأحياء (المدن) من قبل مواطني الناحية أو الحي (المدينة) على أساس حق الانتخاب العام المتساوي المباشر بالاقتراع السري لمدة خمس سنوات "(17).
__________________________
1- د. سليمان الطماوي / مبادئ القانون الإداري ، دراسة مقارنة ، ط6 ، دار الفكر العربي لسنة 1964 ، مصر ، ص151.
2- د. محمد فؤاد مهنا / القانون الإداري العربي في ظل النظام الاشتراكي الديمقراطي ، مجلد ثاني ، 1963/1964 ، ص907.
3- د. محمد السيد الدماصي / مصدر سابق ، ص 260-263.
4- للاطلاع على هذه الشروط يراجع د. الدماصي / مصدر سابق ،ص263.
5- د. السيد الدماصي / مصدر سابق ، ص263.
6- د. محمد حسين عبدالعال / الوظيفة العامة ، ط1 ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1974 ، ص56.
7- د. الدماصي / مصدر سابق ، ص250-251.
8- المادة 43 من القانون 49 لسنة 1979 بشأن تنظيم الجامعات في مصر التي تنص على ان " … يختار كل أستاذ من أساتذة الكلية أو المعهد التابع للجامعة وكل من الأساتذة المساعدين والمدرسين أعضاء مجلس الكلية ثلاثة من أساتذة الكلية أو المعهد لمنصب العميد. ويتم الاختيار عن طريق الاقتراع السري ، ويعين وزير التعليم العالي العميد بناءً على ترشيح رئيس الجامعة من بين الأساتذة الثلاثة الحاصلين على اكثر الأصوات وذلك لمدة 3 سنوات قابلة للتجديد… " ذكره د. نواف كنعان / مصدر سابق ، ص61.
9- Robert charvin: justice et politique 1968,p.185-186.
10- د. محمد عصفور / استقلال السلطة القضائية ، مصر للطباعة ، بلا سنة ، ص117.
11- المادة 15 من قانون الموظفين المدنيين الفرنسي لسنة 1959.
12- Andre De Laubadere: Traite de droit administratif,1963,3 edition, p.138.
13- المصدر السابق نفسه ،ص45.
14- د. سليمان الطماوي / القضاء الإداري ورقابته لاعمال الإدارة ، ط3 ، دار الفكر العربي ، 1961 ، ص411.
15-Andre De Laubadrer: Traite elementaire de droit administratif troisleme editition 1963 , p.58.
16- د. الدماصي / مصدر سابق ، ص241.
17- د. إحسان المفرجي ود. كطران زغير نعمة ود. رعد ناجي الجدة / النظرية العامة في القانون الدستوري والنظام الدستوري في العراق ، 1990 ، ص76 .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|