أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-3-2016
3388
التاريخ: 6-4-2016
5106
التاريخ: 2024-08-23
324
التاريخ: 2024-08-24
329
|
أرسل الوليد في منتصف الليل عبد الله بن عمرو بن عثمان وهو غلام حدث خلف الحُسين وابن الزّبير وإنّما بعثه في هذا الوقت لعلّه يحصل على الوفاق من الحُسين ولو سرّاً على البيعة ليزيد وهو يعلم أنّه إذا أعطاه ذلك فلن يخيس بعهده ولن يتخلّف عن قوله , ومضى الفتى يدعو الحُسين وابن الزّبير للحضور عند الوليد فوجدهما في مسجد النّبي (صلّى الله عليه وآله) فدعاهما إلى ذلك فاستجابا له وأمراه بالانصراف وذعر ابن الزّبير فقال للإمام : ما تراه بعث إلينا في هذه الساعة التي لم يكن يجلس فيها؟
ـ أظنّ أنّ طاغيتهم ـ يعني معاوية ـ قد هلك فبعث إلينا بالبيعة قبل أنْ يفشو بالناس الخبر.
ـ وأنا ما أظن غيره فما تريد أنْ تصنع؟
ـ أجمع فتياني السّاعة ثم أسير إليه وأجلسهم على الباب.
ـ إنّي أخاف عليك إذا دخلت.
ـ لا آتيه إلاّ وأنا قادر على الامتناع .
وانصرف أبيّ الضيم إلى منزله فاغتسل وصلّى ودعا الله وأمر أهل بيته بلبس السّلاح والخروج معه فخفّوا محدقين به فأمرهم بالجلوس على باب الدار وقال لهم : إنّي داخل فإذا دعوتكم أو سمعتم صوتي قد علا فادخلوا عليّ بأجمعكم , ودخل الإمام على الوليد فرأى مروان عنده وكانت بينهما قطيعة فأمرهما الإمام بالتقارب والإصلاح وترك الأحقاد وكانت سجية الإمام (عليه السّلام) التي طُبِعَ عليها الإصلاح حتّى مع أعدائه وخصومه.
فقال (عليه السّلام) لهما : الصلة خير من القطيعة والصلح خير مِن الفساد وقد آن لكما أنْ تجتمعا أصلح الله ذات بينكما , ولمْ يجيباه بشيء فقد علاهما صمت رهيب والتفت الإمام إلى الوليد فقال له : هل أتاك مِنْ معاوية خبر فإنّه كان عليلاً وقد طالت علّته فكيف حاله الآن؟.
فقال الوليد بصوت خافت حزين النّبرات : آجرك الله في معاوية فقد كان لك عمّ صدوق وقد ذاق الموت وهذا كتاب أمير المؤمنين يزيد ؛ فاسترجع الحُسين (عليه السّلام) وقال له : لماذا دعوتني؟
- دعوتك للبيعة ؛ فقال (عليه السّلام) : إنّ مثلي لا يبايع سرّاً ولا يُجتزئ بها منّي سرّاً فإذا خرجت إلى الناس ودعوتهم للبيعة دعوتنا معهم وكان الأمر واحداً.
لقد طلب الإمام تأجيل الأمر إلى الصباح ؛ حتّى يعقد اجتماعاً جماهيرياً فيدلي برأيه في شجب البيعة ليزيد ويستنهض همم المسلمين على الثورة والإطاحة بحكمه وكان الوليد يحبّ العافية ويكره الفتنة فشكر الإمام على مقالته وسمح له بالانصراف إلى داره.
وانبرى الوغد الخبيث مروان بن الحكم وهو مغيظ محنق فصاح بالوليد : لئن فارقك السّاعة ولمْ يبايع لا قدرت منه على مثلها أبداً حتّى تكثر القتلى بينكم وبينه احبسه فإنْ بايع وإلاّ ضربت عنقه , ووثب أبيّ الضيم إلى الوزغ بن الوزغ فقال له : يابن الزرقاء أأنت تقتلني أمْ هو؟ كذبت والله ولؤمت .
وأقبل على الوليد فأخبره عن عزمه وتصميمه على رفض البيعة ليزيد قائلاً : أيّها الأمير إنّا أهل بيت النّبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة ومحل الرّحمة بنا فتح الله وبنا يختم ويزيد رجل فاسق شارب الخمر قاتل النفس المحرّمة معلن بالفسق ومثلي لا يبايع مثله ولكن نصبح وتصبحون وننظر وتنظرون أينا أحقّ بالخلافة والبيعة؟ .
وكان هذا أوّل إعلان له على الصعيد الرسمي بعد هلاك معاوية في رفض البيعة ليزيد وقد أعلن ذلك في بيت الإمارة ورواق السلطة بدون مبالاة ولا خوف ولا ذعر.
لقد جاء تصريحه بالرفض لبيعة يزيد معبّراً عن تصميمه وتوطين نفسه حتّى النّهاية على التضحية عن سموّ مبدئه وشرف عقيدته فهو بحكم مواريثه الروحية وبحكم بيئته التي كانت ملتقى لجميع الكمالات الإنسانية , كيف يبايع يزيد الذي هو مِنْ عناصر الفسق والفجور؟ ولو أقرّه إماماً على المسلمين لساق الحياة الإسلاميّة إلى الانهيار والدمار وعصف بالعقيدة الدينية في متاهات سحيقة مِن مجاهل هذه الحياة , وكانت كلمة الحقّ الصارخة التي أعلنها أبو الأحرار قد أحدثت استياءً في نفس مروان فاندفع يعنّف الوليد ويلومه على إطلاق سراحه قائلاً : عصيتني! لا والله لا يمكّنك مثلها من نفسه أبداً , وتأثّر الوليد مِنْ منطق الإمام وتيقّظ ضميره فاندفع يردّ أباطيل مروان قائلاً : ويحك! إنّك أشرت عليّ بذهاب ديني ودنياي , والله ما أحبّ أنْ أملك الدنيا بأسرها وإنّي قتلت حُسيناً , سُبحان الله! أأقتل حُسيناً إنْ قال لا أُبايع؟! والله ما أظنّ أحداً يلقى الله بدم الحُسين إلاّ وهو خفيف الميزان لا ينظر الله إليه يوم القيامة ولا يزكّيه وله عذاب أليم.
وسخر منه مروان وطفق يقول : إذا كان هذا رأيك فقد أصبت , وعزم الحُسين على مغادرة يثرب والتوجّه إلى مكّة ؛ ليلوذ بالبيت الحرام ويكون بمأمن مِنْ شرور الاُمويِّين واعتدائهم.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|