المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19



علاقة الانسان بالمخلوقات في الكون  
  
3526   09:10 صباحاً   التاريخ: 21-1-2016
المؤلف : الشيخ خليل رزق
الكتاب أو المصدر : الاسلام والبيئة
الجزء والصفحة : ص92-95
القسم : الاسرة و المجتمع / المجتمع و قضاياه / البيئة /

يغطي الدين الاسلامي جميع نواحي الحياة، فهو ينظم العلاقة بين الله والانسان والطبيعة. وهو يقوم على اساس الاعتراف بوحدانية الله الخالق وخضوع البشر لمشيئته. ويعتقد المسلمون ان كل شيء اوجده الاله الواحد الاحد وان كل انسان مسؤول امام الخالق.

وينظر الاسلام إلى البشر على اساس انهم مستخلفون وشهود وان دورنا ومسؤوليتنا هما التأكد من ان جميع الموارد الطبيعية تستخدم وتستعمل بطريقة منطقية وعادلة ومستدامة.

والاسلام الذي سخر ما في السموات وما في الارض من موارد ومخلوقات لخدمة الانسان لم يطلق يده او يعطيه الحرية المطلقة للتصرف فيها بشكل يؤذيها او يسبب ضياعها او ان يعتدي عليها، بل انه وضع له القوانين والأنظمة التي تكفل له الاستفادة من كل شيء ولكن على قاعدة المحافظة والامانة وتحمل المسؤولية الكبرى امام الله تعالى تجاه كل المقدرات المسخرة له.

ونمط الحياة كما يراه الاسلام يتكون من مجموعة من الواجبات والحقوق ، وبتعبير اشمل، ان سنن الاسلام تفرض على كل انسان اربعة انواع من الحقوق والواجبات :

اولا : حقوق الله عليه.

ثانيا : حقوقه الخاصة تجاه نفسه.

ثالثا : حقوق الناس عليه.

رابعا : حقوق المخلوقات الاخرى التي سخرها الله لخدمة البشر والتركيز هنا هو على الحق الرابع أي حقوق المخلوقات التي تشمل كل ما في الكون من مخلوقات او كائنات حية وغير حية، وعناصر حية وغير حية. وكذلك الموارد الطبيعية من مياه واشجار ونباتات وحيوانات و...

ففي المعتقد الاسلامي ان الله سبحانه وتعالى كرم البشر بإعطائهم سلطانا على الاشياء التي خلقها والتي لا تعد ولا تحصى. وقد سخر الله كل شيء لنا ومنحنا سلطة تسخير الاشياء لخدمة اهدافنا. وهذا الموقع المميز يعطي البشر سلطانا على كل شيء في هذا الكون، ولكن هذا السلطان يجب ان يخضع لحس المسؤولية والمساءلة تجاه الكائنات الحية وتجاه الطبيعة.

وتبدو هذه النظرية في اقامة العلاقة الصحيحة والسليمة بين الانسان وغيره من المخلوقات واضحة وجلية في التشريعات الاسلامية التي دعت الانسان إلى المحافظة عليها واحترامها وتقديسها والشعور بالمسؤولية تجاهها، وهذا ما يمكن تسميته بالتشريعات البيئية في الاسلام والتي هي رائدة وسباقة في هذا الميدان على غيرها من التشريعات الاخرى.

والانسان في النظرية الاسلامية موجود ذو طابع مميز، وله خصوصياته التي تفرّد فيها عن سائر المخلوقات الحية في هذا الكون، فهو الذي فطره الله على الخير، وكذلك المحيط او البيئة التي يعيش فيها فهي مفطورة على الخير ومسخرة بأرادة الله تعالى له، ليتنعم بخيراتها ويلتذ بما فيها من وسائل تعينه على الحياة فيها بالسعادة والهناء، ولعل ذلك ما نلمسه في سطوع الشمس وضياء القمر وسائر الكواكب وفي مياه البحار والانهار وفي عالم الحيوان والطير والنبات والجماد، فهذه كلها وجدت بقدرة الله ووحده الانسان الذي يأخذ منها ولا يعطيها ويستفيد من وجودها دون العكس.

وفي التعبير القرآني دلالة صريحة وواضحة على ميزة الانسان وتكريمه وتفضيله على كل المخلوقات مع انه يشاركها في كونه واحدا من المخلوقات.

والسبب في هذا التكريم والتفضيل كما في النص القرآني هو امتناع السماوات والارض والجبال عن تحمل الامانة، ووحده الانسان اختار ان يتحمل تلك الامانة الالهية، أي خلافة الله في الارض التي تستوجب منه عمارتها واصلاحها.

{إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا}[الأحزاب: 72] .

والمتأمل في الضوابط التي شرعها الاسلام والتكاليف المنوط بها المسلمون يدرك ان هذا الدين ما ترك من امور الدين والدنيا الا واوجد له حلا، فمن الطبيعي ان يشمل ذلك التعامل كل مخلوقات الله في الكون لان منهج الاسلام يجعل من الانسان والكون وحدة واحدة لا انفصال بينهما فهو لا يماثل النظريات الوضعية التي تجعل الانسان بمعزل عن حقيقة الكون وخالقه وينفلق على المادة في رؤية ضيقة لا تجاوز موضع الاقدام. اما منهج الاسلام فيرتفع بالإنسان ليكون على صلة وثيقة برب السماء وخالق الاكوان الذي لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات والارض لذلك نرى ان التشريع الاسلامي في المعاملات لم يقتصر على سلوكيات المسلم مع غيره من بين الانسان بصفة عامة والمسلمين بصفة خاصة لكنه جاوز ذلك فشمل التعامل مع كل ما يحيط به من عالم الكائنات والموجودات.

والسنة الشريفة قد استوعبت ذلك كله فيما هو ثابت بالأحاديث الصحيحة، ويعجب الانسان كل العجب عندما يراجع هذه الاحاديث ويجد انها لم تترك شيئا ولم تغفل امرا الا وقد ضربت فيه بسهم وافر من الايضاح والتبيان حتى لا يحار المسلم امام امر من امور الدنيا او الاخرة، وقد فطن اليهود إلى ذلك عندما قالوا للمسلمين ما ترك لكم نبيكم امرا في هذا الدين الا بينه حتى (الخراءة) أي ما يتعلق بأمور الطهارة من الخبث وآداب دخول بيوتها (1).

فالإسلام هو الدين الذي لم يترك شيئا من امور هذه الدنيا الا وجعل له منهاجا وشريعة، واستوعب شؤون الحياة، فكان الدين الشامل والكامل والتام الذي لا نقص فيه ابدا.

___________________

1ـ عبد المولى. محمود – التلوث البيئي- ص : 91، 92 – مؤسسة شباب الجامعة – الاسكندرية – 2003م.




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.