x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية والجنسية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

لمحات من مسيرة التربية البيئية وتطورها

المؤلف:  د. صبحي عزيز البيات

المصدر:  التربية البيئية

الجزء والصفحة:  ص 123 ــ 127

2024-04-09

199

تعكس الأدبيات المتوفرة التي تتناول مسيرة التربية البيئية وجهتي نظر تختلفان قليلا،

وهما:

وجهة النظر الأولى، ويتبناها العديد من الباحثين، ومنهم الأساتذة رشيد الحمد وحمد صباريني وعصام الحناوي، وغيرهم، وتؤكد بان (التربية البيئية) ليست حديثة العهد، وانما لها أصولها القديمة، لكنها إكتسبت أهمية أكبر في الآونة الأخيرة نتيجة لانبثاق الوعي بالمشكلات البيئية الكبرى.. كالمشكلة السكانية، ومشكلة الطاقة، ومشكلة الغذاء، ومشكلة التلوث، ومشكلة إستنزاف الموارد.. الخ.

ووفقاً لوجهة النظر هذه، ظل مفهوم التربية البيئية وثيق الصلة في تطوره بمفهوم البيئة ذاتها وبالطريقة التي كان ينظر بها اليها. وقد إنتقل من نظرة الاقتصار، بصفة اساسية، على تناول البيئة من جوانبها البايولوجية والفيزيائية، الى مفهوم اوسع مدى، يتضمن جوانبها الأقتصادية والاجتماعية والثقافية. وقد برز ما يوحد بين هذه العوامل المختلفة من ترابط.. بيد ان التربية كانت دائماً ترتبط بالبيئة على نحو ما، ذلك لأن الإنسان كان يعد لمواجهة الحياة في المجتمعات القديمة، وحتى اليوم، في قطاعات كبيرة من سكان الريف، من خلال تجارب وثيقة الصلة بالطبيعة. وما برحت النظم التربوية الحديثة تتخذ لمناهجه، الى حد ما، أهدافاً ومضامين لها علاقة بالبيئة، حتى وان كانت تنظر اليها من جوانبها البايولوجية والفيزيائية بصفة اساسية.

وكان ذلك هو واقع الحال، بوجه خاص، بالنسبة للمواد الدراسية المتصلة بعلوم الحياة، التي كان كل منها يُعالج، علاوة على ذلك، بصورة منفصلة ودون تنسيق. وفي هذا الأطار التقليدي كان ينتظر من الدارس ان يؤلف بن المهارات المكتسبة بنفسه، ويستخلص منها نظرة شاملة عن الواقع البيئي، ويدرك كنه العلاقات القائمة بين عناصره المتباينة. وقد كان هذا (التعلم) يتسم في الغالب بالتجريد والانفصال عن الواقع البيئي الذي من المفروض ان يكون هدفاً للدراسة. كما كان يسرف في اقتصاره عن تقديم بعض المعارف عن الطبيعة، متجاهلا في كثير من الأحيان دوره في إحياء وتطوير سلوكه، والإحساس بالمسؤولية إزاء الطبيعة. ولم يكن مفهوم البيئة ذاته، وقد أختزل الى جوانبه الطبيعية وحدها، كافياً لتقدير الدور الذي يمكن للعلوم الاجتماعية ان تنهض به من أجل فهم البيئة البشرية وتحسينها.

وجهة النظر الثانية يجسدها إعتقاد سائد لدى الكثيرين، وفحواه ان المشكلات والقضايا البيئية هي مشكلات وقضايا عرفناها حديثاً - منذ منتصف القرن الماضي. الخبير البيئي الدولي، د. عصام الحناوي لا يتفق مع هذا الاعتقاد، مؤكداً بأن الدراسات العلمية المتعمقة توضح بان المشكلات البيئية لازمت الحياة على سطح الأرض منذ بدايتها.. وقد أوضح العلماء تغير الظروف البيئية الطبيعية، خلال العصور الجيولوجية المختلفة، تغيراً كبيرا، أدى الى إنقراض أنواع كثيرة من أنواع الحياة النباتية والحيوانية، وظهور أنواع جديدة، فيما أسماه داروين بعملية الاختيار الطبيعي. وكانت بعض التغيرات البيئية قوية، بحيث أدت الى فناء كامل للديناصورات، مثلاً، منذ 65 مليون سنة، فيما عرف بانه أضخم فناء حدث لنوع من أنواع الحياة في التأريخ. في كل هذا كانت العوامل البيئية الطبيعية هي المتحكمة في بقاء أو إنقراض أنواع الحياة.

ومع بداية الإنسان الأول بدأت مرحلة التفاعل بينه وبين البيئة الطبيعية المحيطة به. فقد عاش الإنسان الأول على صيد الحيوانات، وجمع النباتات ليأكل، واستخدم في ذلك أدوات حجرية مختلفة، وسكن الكهوف، واكتشف كيف يوقد النار وكان دائم التجوال بحثاً عن المأكل. وعندما بدأ الإنسان الأول يشعر ان نشاطاته أدت الى نقص شديد في أعداد الحيوانات، التي كان يقوم بإصطيادها، وفي مساحة النباتات التي كان يجمعها، شرع في تغير أنماط حياته، واتجه الى الإستقرار في مستوطنات بشرية بدائية، وتعلم إستئناس وتربية الحيوانات، وزراعة النباتات منذ أكبر من 10 آلاف سنة.

وهكذا استبدل الإنسان الأول حياة التجوال والصيد والجمع، المرهقة والمحفوفة بالمخاطر، بحياة الإستقرار الأكثر أماناً لتلبية حاجاته الأساسية، وتعلم مهارات مختلفة، مثل صنع الأواني من الفخار، وبناء المأوى، ثم صناعة الأدوات الحديدية والنحاسية وغيرها - كما هو معروف من الحضارات القديمة في مصر ووادي الرافدين وإيران وتايلند منذ نحو 7 الاف سنة.

وخلال تلك الأزمنة القديمة أدت أنشطة الإنسان الى بعض المشكلات البيئية، خاصة في النظم الطبيعية لإنتاج الغذاء، مثل تدهور التربة، بسبب الرعي الجائر، وإزالة الأشجار، وغيرها. ولقد كان هذا التدهور شديداً في بعض المناطق، حتى أنه أدى الى اندثار حضارات بأكملها، مما دفع الإنسان الى تعلم صون الطبيعة.. فتم صون بعض الحيوانات طبقاً لمعتقدات دينية، وحرمت بعض المعتقدات قطع الأشجار والنباتات، وبدأت جماعات كثيرة تتعلم كيف تؤقلم حياتها وتسد حاجاتها بالتنسيق مع الظروف البيئية المحيطة بها. فالبداوة التقليدية، مثلاً، تمثل صورة حية للهجرة الموسمية التي تتحكم فيها ظروف البيئة الطبيعية (وفرة الماء، وبالتالي عشب المراعي)، كما تمثل التفاعل الحساس والمتوازن بين الإنسان البدوي وبيئته الصحراوية، وكيف أنه استطاع لقرون طويلة الحفاظ على التوازن بين متطلباته وقدرة البيئة الصحراوية على التحمل وإعادة التأهل. وهناك أمثلة كثيرة توضح لنا كيف ان البدو في مناطق الصين الوسطى، ودول شمال أفريقيا، وغيرها، كانوا يعرفون أين، ومتى يحطون الرحال، ومتى، والى أين يرحلون مرة أخرى..

منذ نحو 2500 سنة، كتب علماء الإغريق عن العلاقة بين الإنسان والبيئة المحيطة به، وكيف ان الإنسان بسلوكه وأفعاله يمكن ان يؤثر بالإيجاب او السلب في هذه البيئة. ففي حدود عام 350 قبل الميلاد أعلن أفلاطون مخاطباً عشيرته: (ان معظم العلل الإجتماعية والبيئية التي تعانون منها هي تحت سيطرتكم، على ان تكون لديكم العزيمة والشجاعة لكي تغيروها). وكان أفلاطون أول من نادى بأن الذي يحدث تدهورا في البيئة، عليه ان يتحمل نفقات إعادة تأهيلها. فذكر في كتاب (القوانين): (إن الماء يمكن تلويثه بسهولة، ولذا فانه يتطلب حماية القانون. ومن يقوم بتلويث الماء بقصد، عليه ان ينظف البئر او الجدول، بالإضافة الى تعويض المتضررين من هذا التلوث).

وتجدر الإشارة هنا الى ان هذا المبدأ هو أساس ما يعرف اليوم بمبدأ (من يلوث عليه ان

يتحمل نفقات إزالة التلوث!)..

والواقع، تتوفر أدلة قوية على أن التربية البيئية ليست حديثة العهد، بل لها جذورها القديمة في ثقافات الشعوب وثمة رأي يرجع نشأة التربية البيئية الى القرن التاسع عشر، من خلال ربط التربية بالطبيعة، وتلقي الأديان السماوية على عاتق الإنسان مسؤولية إستثمار الطبيعة والعناية بها، معتبرة ان سوء إدارة الطبيعة إثم كببر شأنه في ذلك شأن الخطايا الأخلاقية، وأن الإهتمام بالطبيعة ورعايتها هو فضيلة أخلاقية أساسية، داعية الإنسان على نحو واضح وصريح الى التعاطف مع الطبيعة، وعدم إساءة إستخدامها، الى جانب تحبيب الطبيعة الى الإنسان وتقربه منها، وجعل ما بين الإنسان والطبيعة إنسجاماً وألفة ومودة..

بيد أن التربية البيئية، كفكر وممارسة وتطبيق، إكتسبت محتواها العلمي، كجزء متمم للعلوم البيئية، وتطورت على نحو كبير، في العقود الثلاثة الأخيرة من القرن العشرين، بفضل الحركة المتنامية والمتصاعدة لأنصار البيئة وحماتها، وتحت تأثير الأنشطة، وخاصة المؤتمرات العلمية الدولية التي كرست للبيئة ومشكلاتها..

المحطات الرئيسية لتطور مسيرة التربية البيئية وتأثيرات المؤتمرات الدولية في هذه المسيرة، أدناه أبرز المؤتمرات البيئية الدولية، التي عقدت خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن العشرين، وأهم نتائجها باختصار:

1ـ مؤتمر ستوكهولم 1972- إعترف بدور التربية البيئية في حماية البيئة.

2ـ ميثاق بلغراد 1975- وضع إطاراً شاملاً للتربية البيئية، وحدد أسس العمل في مجالها.

3ـ مؤتمر تبليسي 1977- وضع مبادئ وتوجهات للتربية البيئية.

4ـ مؤتمر موسكو 1987- وضع إستراتيجية عالمية للتربية البيئية.

5ـ مؤتمر ريو دي جانيرو 1992- أكد على إعادة تكييف التربية البيئية ناحية التنمية المستدامة، وزيادة الوعي البيئي العالم، وتعزيز برامج التدريب البيئي.