الخواص المغناطيسية للموصلات الفائقة

لقد كان اختبار حلقة التيار الذي ابتكره أونيس لمعرفة ما إذا كانت مقاومة الموصل الرصاصي الفائق صفراً او لا كالتالي: وضعت حلقة الرصاص في مجال مغناطيسي ثم خفضت درجة حرارتها حتى 4.2 K وهي درجة الهليوم السائل (T_c للرصاص هي 7.2 K) ثم أبعدت الحلقة فائقة الموصلية عن المجال المغناطيسي مع استثارة تيار يميل إلى المحافظة على الفيض المغناطيسي الأصلي خلال الحلقة. وبمجرد خروج الحلقة من المجال المغناطيسي فإنه لا يمكن لأية ق. د. ك أن تستحث في الحلقة ومن ثم لابد للتيار من الاضمحلال أسيا بثابت زمني مقداره T_L = L/R وعند رصد المجال المغناطيسي الناشئ عن تيار الحلقة المستحث، فإن المراقب لابد أن يلحظ  اضمحلال التيار حتى لو كان T_L كبيراً جداً ( R صغيرة جداً) لأن فترة الملاحظة يمكن أن تمتد لفترة طويلة. وكما ذكرنا في الفصل الثامن عشر فإن تيارات الحلقة قد دامت أي نقصان لسنوات عديدة، مشيرة بذلك إلى أن R هي صفر في الواقع.

ثم اكتشف العالمان الألمان مايسنر و أوشنفيلد عام 1933، خاصية مغناطيسية جديدة ومدهشة للموصلات الفائقة، وأصبحت تعرف بتأثير مايسنر. لقد وضعا كرة من الرصاص في المجال مغناطيسي خارجي، ثم خفضنا درجة حرارتها إلى ما دون T_c، ومحتفظين بالكرة في المجال المغناطيسي. وبما أن هذه العملية لا ينشأ عنها أي تغير في الفيض المغناطيسي الخارجي، فإن قانون فاراداي يتنبأ بأنه لن تتكون تيارات مستحثة. ومن العجيب ــ مع هذا ــ أنه عندما صارت المادة فائقة التوصيل ، فإن التيارات التي على سطح الكرة ألغت تماماً وتلقائياً المجال الخارجي بداخل المادة.

وكان هذا دليلاً على أن الموصل الفائق يعتبر مادة ديامغناطيسية مثالية، ولها إنفاذية مغناطيسية نسبية K_m = 0 ومن الاهمية بمكان أن نكرر أن التيارات التي طردت المجال الخارجي في تأثير مايسنر ليست نتيجة للحث. والمجال المغناطيسي قادر على اختراق باطن موصل ما، حتى وإن كان موصلاً "كلاسيكياً تاماً". ويعد الاستبعاد التلقائي للمجال المغناطيسي الخارجي، ظاهرة نوعية وغير متوقعة لحالة التوصيل الفائق.

ثم اكتشف فيما بعد أن تأثير مايسنر لا يرصد إلا بالنسبة لمجالات خارجية أقل من قيمة حرجة معينة. وبعبارة أخرى، فإن المجالات المغناطيسية الخارجية القوية تستطيع تدمير حالة التوصيل الفائق والمجالات الخارجية الأقل من المجال الحرج تخفيض من قيمة T_c بالنسبة لمادة ما. وبالنسبة للفلزات النقية، فإن هذه المجالات صغيرة وتتراوح قيمها بين 5 إلى 200 mT. وقد حاول أونيس أن يمرر تيارات كبيرة في الموصلات الفائقة حتى يحصل على مجالات مغناطيسية ضخمة، إلا إنه ادرك بسرعة أن المجالات المغناطيسية الداخلية التي تنشؤها هذه التيارات هي التي تصبح معها الموصلية الفائقة مستحيلة. على أن بعض الباحثين قد اكتشف فيما بعد أن هناك سبائك يدخل النيوبيوم في تركيبها، يمكنها الاحتفاظ بخاصية التوصيل الفائق في مجالات تزيد عن 15 T. وتعرف هذه السبائك وغيرها من السبائك ذات المجال الحرج المرتفع بالنوع II من الموصلات الفائقة، وقد استخدمت في توليد والاحتفاظ بمجالات مغناطيسية تزيد بكثير عما يمكن توليده بأية طرق أخرى.