المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



من أسباب الكذب عند الأطفال  
  
2315   01:49 صباحاً   التاريخ: 13-1-2016
المؤلف : د. علي القائمي
الكتاب أو المصدر : تربية الأطفال واليافعين وإعادة تأهيلهم
الجزء والصفحة : ص269ـ273
القسم : الاسرة و المجتمع / الحياة الاسرية / مشاكل و حلول /

يعد الكذب نوعاً من التمرد والاضطراب ولا بد من إصلاح هذه الحالة، علماً أن الإصلاح وتأهيل الطفل يستلزم أولاً معرفة الأسباب..

علينا أن نعرف لماذا يكذب الطفل؟ هل يكذب بسبب الخوف ام لعدم ثقته بوالديه والمربين؟ هل يلجأ إليه لاستقطاب نظر الآخرين واهتمامهم ام لأنه يريد إظهار انه اكبر مما هو عليه؟..

الدراسات التي أجراها ذوو الاختصاص خرجت بالنتائج التالية:

1ـ التخيّل: إن كثيراً من الأمور التي يتفوه بها الطفل ويصفها كحقائق ليست إلا عبارة عن تخيلات.. فقدرة التخيل لدى الأطفال قوية جداً حتى انه غالباً ما يهول الأمور في ذهنه ثم يتحدث عنها بصورة مهيبة وكأنه يرى المشهد الخيالي امامه.

من هذا المنطلق فإن ما يقوله الطفل بكل ثقة وإن كان كاذباً في ظاهره لكنه صحيح حسب ما سطره ذهنه بل هو عين الواقع. النموذج المذكور يعاني من نقص من حيث انه لم يفرق بين عالم الحقيقة وبين عالم الظن والخيال وكل ما يتخيله في ذهنه يتفوه به امام الآخرين.

2ـ التمني والحلم: ينمي الطفل أحياناً امنيته في نفسه، ولأنه يرغب جداً في بلوغها فإنه يبحث عن ضالته في الظن..

إن الطفل ليعرف في اللحظات والأيام الأولى ان هذا الموضوع ليس له مصداق على صعيد الواقع لكن قوة الأماني وحبه في تحققها يدفعه الى التصديق بها كحقائق يجربها على لسانه، وهي ذاتها التي نصنفها في صف الكذب.

وقد ينظر للموضوع من جانب آخر؛ فبالرغم من ان ذلك يعد كذباً إلا انه يرضيه ويشبع غريزته حيث يردد تلك الأمنية على لسانه الى حين بلوغها أو الى ان يمل منها على هذا الأساس كان مثل هذا الكذب نوعاً من أماني الطفل ولا بد في معرض تأهيل الطفل من تحقيق امنيته أو إصلاحها.

3ـ إنعدام الثقة بالطفل: يفقد الطفل أحياناً ثقته بوالديه أو لا تجمعه مع مربيه علاقة جيدة، فيظن انهم يعملون على فضح أسراره أمام الناس وإراقة ماء وجهه أو يفكر بانه لن يبلغ ما يريد إذا ما قال الحقيقة أو انه يكون ذليلاً وحقيراً امام الآخرين وغير ذلك مما يضطره للكذب.

يسر الطفل أمه بسر ويطلب منها ان لا تبوح به لأبيه لكنها تفعل ذلك نظراً لمصالح عائلية فيقوم الأب بكل سذاجة بالتحدث فيه وتأنيب الطفل ممهداً بذلك لفقدان الطفل ثقته بأهله وبالتالي يرى نفسه مضطراً لترك الحقيقة واللجوء الى الكذب، اما معالجة الأمر فليس هناك أفضل من جذب ثقة الطفل في مثل هذه المواقف.

4ـ الخوف: يكذب الطفل أحياناً خوفاً من قول الصدق وعواقبه؛ يخاف ان يتعرض للضرب أو اللوم والإهانة إن هو نطق بالحقيقة..

فمثلاً يكون مستاء من اخته أو اخيه الصغير أو لا يرغب بأكلة ما لكنه يتخوف من الإفصاح عما في داخله فيصبح منبوذاً أو ان يفقد حب العائلة.

عندما يرتكب الطفل خطأ ما كأن يسقط قدحاً من يده فينكسر يعرف ان والديه لن يسامحاه على خطئه وسيؤنبانه فيلجأ الى الإنكار خوفاً من التأنيب أو يتهم أخيه الصغير كذباً أو ان الهرة

أوقعته فانكسر.

في مثل هذه الحالات يجدر بالمربي إفهام الطفل ان هكذا اخطاء يمكن الصفح عنها ولا حاجة للكذب، ومثلما ان هذه الاخطاء يمكن الصفح عنها إذا صدرت من الأب والأم فهي مما يمكن الصفح عنه إذا صدرت منه أيضاً.

5ـ إختبار الوالدين: يستخدم الطفل الكذب أحياناً لاختبار الوالدين أو المربين؛ إذ يريد ان يعرف ما هي ردود فعلهم إزاء عمله.. يريد ان يعرف ماذا سيفعل الأب والأم إن هو ارتكب العمل الفلاني ولذا تراه ينسب لنفسه العمل الذي لم يقم به وبطبيعة الحال هو سيبلغ مراده إن لم يقل الأبوان شيئاً حيث سيأتي به مستقبلاً بكل اطمئنان اما إذا اظهرا سخطهما عند سماعهما بالأمر فإنه سيبتسم فوراً ويقول بأنه كان يمزح وانه لم يقم به وبالتالي سينقذ نفسه من المحاسبة.

ومن الطبيعي ان مثل هذه الاختبارات تعرف الوالدين والمربين جيداً وتوقفهم على طريقة تفكير الوالدين حيال العمل الفلاني ومدى فهمهم وكذلك سخطهم ومحاسبتهم على الأعمال التي يقوم بها الطفل وماذا عليه أن يفعل بعد الآن.

6ـ لفت الأنظار: يطوي النسيان أحياناً الطفل خلال لقاء العوائل وأثناء التزاور فالكل منشغل بالكلام والترحيب أو اللعب دون الالتفات الى ان إلى جانبهم صغيراً ينبض قلبه وينتظر ان يشترك معهم في الحوار.

ولكي يلفت نظرهم ويدخل معهم الساحة يجعل أداته الكذب؛ ويفاجئ الجالسين بخبر محزن أو يتحدث بشيء ما بحيث يلتفت إليه الآخرون بتعجب ودهشة تاركين محادثاتهم وانشغالاتهم.

غير ان الأطفال لا ينجحون دوماً بعملهم هذا فيتراجعون بمجرد ان يوجه الحاضرون الأسئلة إليهم ويظهرون انهم كانوا كاذبين ويتغير لونهم ويبدو عليهم الخجل والتلعثم في الكلام.

ومن أجل تأهيل الطفل في مثل هذه الحالات ينبغي السعي لإشراك الطفل في المجموعة ومنحه دورا والسماح له اثناء حواراتهم لأن يخلي ما في جعبته.

7ـ التعليم السيئ: إن الطفل لا يعرف الكذب بل يتعلمه من الآخرين.. وواضح انه يتعلمه أولا من الوالدين وممن يصاحبهم وهؤلاء مهدوا له هذا الفعل ودفعوه لارتكابه. فمثلاً يوقف الطفل أمام مجموعة ويطلب منه أن يصرح بحب أخيه الأصغر في الوقت الذي ينفر هو منه لأنه حسب اعتقاده قد سلب منه محبة والديه.

أو ان الطفل يحب أحياناً وسائل لعبه أو اكلة معينة أو يحتاج الى قبلة ومحبة ويتوقعها من والديه فيضعون شرطاً لتحقيق ذلك كأن يفرض على الطفل ان يقول "انا احب اختي الصغيرة"  ومن أجل ان يتحقق هدفه يلجأ الى الكذب في الوقت الذي هناك سبيل آخر لجعله يحب اخته الصغيرة. 

حينما يتحدث الأب أو الأم امام الآخرين عن موضوع يعرف الطفل تماماً انه كذب أو يخبرون عن مسألة يعرف الطفل سقمها من صحتها. ومن الطبيعي ان أي رأي يطرح بخلاف الحقيقة له تبعات سيئة إذ سيفهم ان بإمكانه التفوه بخلاف الحقيقة في بعض الأحيان.




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.