أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-12-2015
2310
التاريخ: 2-1-2016
3030
التاريخ: 2024-08-28
370
التاريخ: 2024-11-19
144
|
يقسم سطح اليابس على أساس الأمطار إلى عدة نطاقات كبرى يشمل كل منها عددا من الأقاليم الموزعة في القارات المختلفة, ويتميز كل نطاق من هذه النطاقات ببعض الصفات العامة المتعلقة بنظام سقوط الأمطار وكميتها، والعوامل التي تسببها وتتحكم في توزيعها، وكثيرا ما يحدث مع أن تختلف الأقاليم التي يضمها النطاق الواحد بعضها عن بعض، على حسب الظروف المحلية الخاصة بكل منها وفيما يلي وصف مختصر للظروف السائدة في نطاقات المطر الرئيسية في العالم وهي:
أولا- النطاق الاستوائي:
ثانيا- نطاق الرياح التجارية.
ثالثا- نطاق الرياح الموسمية "المدارية".
رابعا- نطاق الرياح الغربية ويشمل:
أ- غرب القارات المعتدل الدافئ، كما يمثله حوض البحر المتوسط.
ب– غرب القارات المعتدل البارد، كما يمثله غرب أوروبا.
ج– الأقاليم القارية المعتدلة في داخل اليابس.
د– الأقاليم المعتدلة في شرق القارات.
أولا- النطاق الاستوائي:
يشمل هذا النطاق الأقاليم الواقعة حول خط الاستواء حيث توجد مناطق الركود الاستوائي، ويتميز بغزارة أمطاره التي يبلغ معدلها السنوي حوالي 150 سنتيمترا أو أكثر، وهي غالبا من نوع أمطار التصعيد، وتتبع في سقوطها نظاما يوميا مألوفا، فهي تسقط كل يوم تقريبا بعد الظهر ويكون سقوطها بغزار ة شديدة بسبب ارتفاع درجة حرارة الهواء ومقدرته على حمل كميات عظيمة من بخار الماء، وكثيرا ما تصاحبها عواصف رعد شديدة.
وهذا النظام اليومي للأمطار ليس إلا نتيجة للنظام اليومي لدرجة الحرارة فقبل شروق الشمس مباشرة يظهر الضباب الذي يتكون بسبب برودة سطح الأرض نسبيا في أثناء الليل، إلا أن هذا الضباب لا يلبث أن ينقشع بعد شروق الشمس بقليل، وتأخذ درجة الحرارة في الارتفاع بسرعة ويتبع ذلك نشاط مستمر في التيارات الهوائية الصاعدة، وحوالي الظهر يكون هذا النشاط قد بلغ أشده، فتحتجب السماء بكتل عظيمة السمك من سحب المزن الركامي، ويظهر البرق والرعد وتتدفق الأمطار بغزارة شديدة، وتستمر على ذلك حتى قرب غروب الشمس ثم يصفو الجو من جديد ويستمر على ذلك حتى الصباح التالي، وهكذا.
إلا أن النظام قد يتغير في بعض المناطق تبعا لظروف محلية خاصة، ففي غرب إفريقية ووسطها مثلا تظهر بعض الأعاصير المدارية التي يطلق عليها هنا اسم التورنادو(1) وهي تنشأ عند التقاء رياح الهارماتان الجافة التي تهب من الصحراء الكبرى بالرياح الجنوبية الغربية الرطبة، التي كانت في الأصل رياحا تجارية جنوبية شرقية ثم انحرفت نحو الشرق بعد عبورها خط الاستواء، ويمكن أن تظهر هذه الأعاصير في أي ساعة من ساعات اليوم سواء في أثناء الليل أو في أثناء النهار ويؤدي ظهورها إلى تدفق الأمطار بغزارة متناهية، ولكنها لا تدوم غالبا إلا لفترة قصيرة قد لا تزيد على ربع ساعة.
ويتميز كل إقليم من الأقاليم التي تدخل في النطاق الاستوائي بظروف خاصة يختلف بها عن غيره من الأقاليم, وتلعب التضاريس ونظام هبوب الرياح دورا مهما في توزيع الأمطار، فيه تكثر بصفة خاصة على منحدرات الجبال وعلى السواحل التي تواجه الرياح مباشرة، ففي إفريقية مثلا يزيد معدل ما يسقط سنويا فوق المنحدرات الغربية لجبال الكاميرون على عشرة أمتار، وذلك لأن الرياح الجنوبية الغربية المحملة بالرطوبة تهب عمودية عليها طول السنة تقريبا، أما حوض الكونغو فلا يزيد المعدل السنوي للمطر في معظم أجزائه على 150 سنتيمترا، وذلك بسبب انخفاضه بالنسبة للأقاليم المرتفعة التي تحيط به من جميع الجهات تقريبا؛ إذ إن هذه الأقاليم تحول دون وصول الرياح الممطرة إليه.
وأمطار هذا الحوض موزعة بانتطام على جميع أشهر السنة ولكنها تزداد نوعا ما في فصلي تعامد الشمس؛ لأنها كلها تقريبا من أمطار التصعيد التي تزداد بازدياد درجة الحرارة.
ومما يستلفت النظر أيضا، أننا نجد في نفس هذا النطاق منطقة شبه صحراوية تشغل معظم الصومال في شرق القارة، ففي أغلب أجزاء هذه المنطقة لا يزيد معدل المطر السنوي على 75 سنتيمترا، ويرجع ذلك إلى عدة عوامل أهمها:
1- أن الرياح التجارية الشمالية الشرقية التي تهب عليها شتاء تكون جافة بصفة عامة لأنها تأتي من آسيا.
2- أن الرياح الجنوبية الغربية التي تهب عليها في فصل الصيف يكون أغلبها موازيا للساحل.
3- انخفاض سطح المنطقة وشدة حرارتها مما يؤدي إلى انخفاض الرطوبة النسبية للهواء الذي يصل إليها.
4- وقوعها في منطقة ظل المطر بالنسبة لهضبة البحيرات التي تقف في طريق أي رياح ممطرة قد تصل إليها من ناحية الغرب. وفي داخل نفس هذا النطاق توجد هضبة البحيرات، وهي على الرغم من كونها أكثر مطرا من الصومال فإن مطرها يقل بنحو 50 سم عن مطر حوض الكونغو حيث يبلغ معدله حوالي 100 سم. وسبب ذلك هو أن ارتفاعها يؤدي إلى انخفاض درجة حرارتها وضعف تياراتها الصاعدة بالنسبة لهما في حوض الكونغو.
وإذا انتقلنا إلى أمريكا الجنوبية نستطيع أن نميز في المنطقة الاستوائية أربعة أقسام:
القسم الاول:
الساحل الممتد من جنوب مصب الأمزون نحو الشمال حتى مصب الأورينوكو، وهنا تهب الرياح التجارية الشمالية الشرقية عمودية على الساحل طول السنة تقريبا، مما يؤدي إلى غزارة الأمطار، التي يتراوح معدلها السنوي ما بين 200 و250سم.
القسم الثاني :
منحدرات جبال الإنديز المشرفة على حوض الأمزون، من ناحية الغرب، ويزيد معدل أمطارها على 250 سنتيمترا؛ لأن الرياح التجارية التي تهب من الشرق كل أمطارها عندما تصادفها.
القسم الثالث:
سهول الأمزون بين القسمين السابقين، ومعدل أمطارها أقل نسبيا منهما ويتراوح معدلها السنوي بين 150 و200 سم.
القسم الرابع:
الهضاب المحصورة بين سلاسل الإنديز، وهذه رغم أن ارتفاعها يصل إلى 2800 متر أو أكثر في بعض المواضع فإن أمطارها قليلة نسبيا؛ لأن الجبال التي تحيط بها من جميع الجهات تحول دون وصول الرياح الممطرة إليها، سواء من الشرق أو من الغرب، ويتراوح المعدل السنوي هنا ما بين 100 و125 سنتيمترا.
وتعتبر جزر إندونيسيا من أهم الأقاليم التي يضمها هذا النطاق، ولكن نظرا لوقوعها بين آسيا في الشمال وأستراليا في الجنوب، فإنها تتأثر بالرياح الموسمية الصيفية والشتوية على حد سواء، وتكون كل منهما سببا في سقوط أمطار غزيرة لأنها تمر على مساحات واسعة من المياه الدافئة، ويزيد معدل ما يسقط من الأمطار في هذه الجزر بصفة عامة على 250 سنتيمترا في السنة.
إلا أن الفصل الذي يبلغ فيه قمتها يختلف باختلاف الموقع بالنسبة لاتجاه الرياح الممطرة، ففي جاكارتا "بتافيا" مثلا وهي على الساحل الشمالي لجزيرة جاوة تبلغ الأمطار قمتها في يناير وفبراير عندما يشتد هبوب الرياح الموسمية الشمالية الغربية، أما على الساحل الجنوبي للجزيرة فتبلغ الأمطار قمتها في يونيو ويوليو، عندما يشتد هبوب الرياح التجارية الشرقية.
ثانيا- نطاق الرياح التجارية:
نظرا لأن الأقاليم التي تنتقل إليها الرياح التجارية تكون على وجه الإجمال أشد حرارة من الأقاليم التي تهب منها فإنها تبدو منخفضة الرطوبة نسبيا، على الرغم من أنها تكون أحيانا محملة بكميات عظمية من بخار الماء، ومع ذلك فإنها إذا صادفت أرضا جبلية مرتفعة فإن هذا البخار يتكثف ويسقط على شكل مطر يكون شديد الغزارة في كثير من الأحيان، ويظهر ذلك حتى في المناطق الصحراوية التي توجد بها سلاسل جبلية أو هضاب مرتفعة تعترض طريق الرياح، فقد تسقط في هذه الحالة كمية من المطر تكفي لتكوين مجار نهرية صغيرة أو كبيرة على حسب الكمية الساقطة، ومثال ذلك المجاري التي توجد حول مرتفعات تيسبتي في الصحراء الكبرى حيث إن الرياح التجارية تسقط على هذه الجبال بعض الأمطار التي كانت سببا في قيام بعض الواحات حولها.
وعند دارسة الأمطار في نطاق الرياح التجارية "باستثناء الأقاليم التي لها نظام موسمي" يجب أن نميز بين السواحل الشرقية والسواحل الغربية للقارات، ثم بين كل من هذه السواحل والمناطق التي تقع في الداخل بعيدا عن البحر، فالسواحل الشرقية تكون غالبا أكثر مطرا من السواحل الغربية أو المناطق الداخلية، وذلك لأن الرياح التجارية تهب عليها بعد مرورها على مساحات واسعة من المياه الدافئة ولذلك فإنها تكون سببا في سقوط أمطار غزيرة طول السنة تقريبا، ولكنها تزداد بصفة خاصة في فصل الصيف لأن اليابس يكون في هذا الفصل مركزا لضغط منخفض تندفع نحوه الرياح التجارية بقوة، وتكون لها صفات الرياح الموسمية، أما في فصل الشتاء فيحدث العكس حيث تتكون على اليابس مناطق من الضغط المرتفع فلا تستطيع الرياح التجارية أن تتوغل في داخله، وتكون غالبا أقل أمطارا منها في فصل الصيف، وكلما اتجهنا نحو الغرب أخذت كمية الأمطار في التناقص حتى نصل في النهاية إلى مناطق صحراوية جافة، وهذا هو السبب في أغلب الصحاري المدارية في العالم تقع في غرب القارات من أشهرها الصحراء الكبرى في شمال إفريقية وامتدادها في غرب آسيا وصحراء كلهاري ونامبيا في جنوب غرب إفريقية وصحراء أتكاما في شيلي، وصحاري وسط أستراليا وغربها.
ففي جنوب إفريقية مثلا نلاحظ أن الرياح التجارية الجنوبية الشرقية تهب طول السنة على سواحلها الشرقية الممتدة إلى الجنوب من خط الاستواء حتى شمال نلتلل تقريبا، ونظرا لأن هذه الرياح تمر قبل وصولها إلى الساحل على مساحات واسعة من الماء وبالأخص على مياه تيار موزمبيق الحار فإنها تكون محملة بكميات كبيرة من بخار الماء، وتكون سببا في سقوط أمطار غزيرة على الساحل الشرقي وعلى المنحدرات المواجهة له من الهضبة، أما الساحل الغربي والأراضي المتاخمة له فإنها تكون واقعة في منطق ظل المطر، ولهذا السبب ظهرت صحراء كلهاري ونامبيا في غرب القارة، أما الأمطار التي تسقط إلى الشمال من هذه الصحاري فكلها تقريبا من نوع أمطار التصعيد التي تكثر في النطاق الاستوائي.
ويلاحظ أن الرياح التجارية لا تسقط أمطارا تذكر على المحيطات إلا إذا صادفت جزرا سطحها جبلي، ومن الطبيعي أن تكون الأمطار على المنحدرات المواجهة لهبوب الرياح أغزر بكثير منها على المنحدرات الأخرى، فجزيرة جاميكا مثلا تخترقها سلسلة جبلية تمتد من الشرق إلى الغرب، ويصل ارتفاعها إلى أكثر من 2000 متر، ولهذا فبينما يبلغ المعدل السنوي للمطر في بورت انتونيو "port Antonio" الواقعة على الساحل الشمالي المواجه لهبوب الرياح التجارية الشمالية الشرقية 350 سنتيمترا فإنه يبلغ 100 سنتيمتر في كنجستون "Kingston" على الساحل الجنوبي.
أما الجزر السهلية فتكون عادة أقل مطرا من الجزر ذات السطح الجبلي، ففي جزر بهاما مثلا لا يزيد معدل المطر السنوي عن 125 سنتيمترا، وقد ينخفض أحيانا إلى أقل من 75 سنتيمترا، وهذه حقيقة لها أهميتها لأن الجزر السهلية، على الرغم من أنها من أصلح الجزر للزراعة، إلا أن قلة أمطارها تعتبر أحيانا من المشكلات التي تعترض زراعة كثير من الغلات.
ثالثا- نطاق الرياح الموسمية "المدارية":
الرياح الموسمية الصيفية والرياح الموسمية الشتوية، أن الأولى دافئة رطبة أما الثانية فباردة جافة، ولذلك فإن الأمطار الموسمية تسقط في جملتها في فصل الصيف، ففي بمباي مثلا نجد أن معدل ما يسقط من المطر في الأربعة أشهر التي أولها يونيو وآخرها سبتمبر هو 172 سنتيمترا وذلك من المعدل السنوي وقدره 183 سنتيمترا وقد يختلف نظام الرياح الموسمية وتوزيعها اختلافا كبيرا من منطقة إلى أخرى على حسب الظروف المحلية الخاصة بالمواقع ونظام التضاريس، ففي جزيرة سيلان مثلا لا يقتصر سقوط الأمطار على فصل الصيف عند هبوب الرياح الموسمية الجنوبية الغربية؛ إذ إنها تسقط كذلك في فصل الشتاء؛ لأن الرياح الموسمية التي تهب على الجزيرة في هذا الفصل من الشمال الشرقي تمر قبل وصولها إليها على خليج بنغال فتحمل مقادير كبيرة نسبيا من بخار الماء، وتكون سببا في سقوط بعض الأمطار على الأجزاء الشرقية منها، خصوصا على منحدرات الجبال التي تواجهها مباشرة، ومثل هذا يقال أيضا على جزر اليابان، وساحل أنام في الهند الصينية، وجزر الفلبين، وجزيرة فورموزا؛ إذ إن الرياح الموسمية الشتوية الخارجة من القارة لا تصل إلى هذه المناطق إلا بعد مرورها على بحر اليابان أو بحر الصين، ولهذا فإن الأمطار في كل هذه المناطق تسقط طول العام تقريبا، ولكنها تكون غزيرة بصفة خاصة على السواحل والمنحدرات الغربية في فصل الشتاء، وعلى السواحل والمنحدرات الشرقية في فصل الصيف تبعا لاختلاف اتجاه الرياح، ويلاحظ كذلك أن بعض الأقاليم الموسمية تتعرض في فصل الشتاء لمرور كثير من المنخفضات الجوية التي يترتب عليها سقوط الأمطار في هذا الفصل، وتعتبر الصين من أحسن الأمثلة لهذا النوع من الأقاليم.
وتتميز الأقاليم الموسمية عموما بأنها من أكثر أقاليم العالم تعرضا لحدوث تغيرات واضحة في كمية الأمطار، بل وفي طول الفصل الممطر من سنة إلى أخرى، فقد يحدث أن تؤدي قلة الأمطار في بعض السنين إلى هبوط شديد في المحصولات الزراعية، فيسود الجدب والقحط كما يحدث كثيرا في الهند والصين، وفي سنين أخرى تشتد غزارة الأمطار بدرجة يترتب عليها حدوث فيضانات غاية في الخطورة كما حدوث مثلا في الصين في سنة 1931، عندما فاض نهراليانجسنتي وغرق بسببه ما لا يقل عن أربعة ملايين من المساكن ومئات الألوف من السكان، وانتشرت بسببه المجاعات وتفشت الأوبئة، وتشتهر بنجلاديش بالذات بكثرة تعرضها لمثل هذه الفيضانات الخطيرة، وأقربها إلى الذهن هو فيضان أغسطس سنة 1974 الذي قتل بسببه أكثر من ألفي شخص.
ويدخل في هذا النطاق الموسمي كذلك القسم الجنوبي الشرقي من الولايات المتحدة، وتسقط الأمطار هنا طول السنة، فهي تسقط في فصل الصيف نتيجة للرياح الموسمية، وتبلغ قمتها في شهري يوليو وأغسطس أما في فصل الشتاء فإنها تسقط بسبب المنخفضات الجوية، وتعتبر الأعاصير المدارية كذلك، وهي تشتهر في الولايات المتحدة باسم الهاريكين "Hurricane" من العوامل التي تساعد على كثرة الأمطار في أواخر فصل الصيف، وهو الموسم الذي تكثر فيه هذه الأعاصير.
رابعا- نطاق الرياح الغربية:
تختلف الرياح الغربية عن الرياح التجارية في أنها تنتقل إلى مناطق أقل حرارة من المناطق التي تأتي منها، ولذلك فإن الرطوبة النسبية بها تبدو مرتفعة بصفة عامة، ويشتهر نطاق الرياح الغربية بكثرة حدوث المنخفضات الجوية، التي تتكون نتيجة لالتقاء الكتل الهوائية الحارة التي تأتي من ناحية المدارين بالكتل الهوائية الباردة التي تأتي من ناحية القطبين، وقد ترتب على عظم اتساع اليابس في نصف الكرة الشمالي في هذا النطاق أن ظهرت فوارق كبيرة بين المناطق الواقعة في شرق القارات والمناطق الواقعة في غربها، ثم يبن كل من هذه المناطق والأجزاء الداخلية الواقعة في قلب اليابس، أما المناطق الواقعة في شرق القارات فيدخل معظمها في النطاق الموسمي الذي سبق الكلام عليه، ولن نحاول التعرض لها هنا مرة أخرى.
أ- غرب القارات المعتدل الدافئ "البحر المتوسط":
يضم هذا الإقليم جميع الأراضي المحيطة بالبحر المتوسط في العالم القديم، وكذلك بعض الجهات التي تشابهها في القارات الأخرى، ومن أهمها كاليفورنيا ووسط شيلي وجنوب غرب ولاية الكاب بإفريقية، ثم الركن الجنوبي الغربي لأستراليا، وتسقط أمطار هذا الإقليم في فصل الشتاء بسبب الرياح الغربية والمنخفضات الجوية التي تكثر في نطاقها، أما في فصل الصيف فإن هذه الإقليم يدخل في نطاق الرياح التجارية بسبب تزحزح مناطق الضغط والرياح العامة نحو الشمال. ونظرا لأن هذه الرياح تمر على مساحات واسعة من اليابس قبل وصولها إلى السواحل الغربية فإنها تكون غالبا عديمة الأمطار.
ويلعب الموقع ونظام التضاريس دورا مهما في توزيع الأمطار على الأجزاء المختلفة من حوض البحر المتوسط، فهي تكثر بصفة خاصة على المنحدرات الغربية للجبال، كما هي الحال على منحدرات جبال الألب الدينارية المطلة على البحر الإدرياتي، حيث يزيد المعدل السنوي للأمطار على 250 سنتيمترا.
وتزداد أمطار حوض البحر المتوسط كما يزداد طول الفصل المطير بصفة عامة كلما اتجهنا غربا، وهذا أمر طبيعي لأن الرياح الممطرة والمنخفضات الجوية تأتي عادة من ناحية الغرب، فبينما يبلغ المعدل السنوي للأمطار في جبل طارق حوالي 90 سنتمترا نجد أنه حوالي 40 سنتيمترا فقط في أثينا؛ وتقل الأمطار كذلك كلما اتجهنا نحو خط الاستواء لأننا نقترب في هذه الحالة من الصحاري المدارية الحارة، فبينما يبلغ المعدل السنوي في روما حوالي 83 سنتيمترا، نجد أنه في الإسكندرية 20 سنتيمترا فقط.
ب- غرب القارات المعتدل البارد "غرب أوروبا":
تتميز هذه المناطق عموما بغزارة أمطارها التي تسقط طول السنة، وأكثر المناطق مطرا هي السواحل التي تمتد على طولها سلاسل جبلية مرتفعة، كما هي الحال في شمال غرب أوروبا وفي جهات أخرى كثيرة، مثل الساحل الغربي للولايات المتحدة إلى الشمال من كاليفورنيا، وفي جنوب شيلي، والجزيرة الجنوبية من جزر نيوزيلندة، وقد يزيد معدل المطر السنوي في هذه الجهات على 250 سنتيمترا. ويتوقف البعد الذي تصل إليه الأمطار داخل اليابس على نظام التضاريس، ففي أوروبا مثلا لا يوجد نطاق جبلي متصل على طول الساحل فيما بين شمال إسبانيا وجنوب النرويج، وذلك فإن الرياح والأعاصير تستطيع التوغل في القارة إلى مسافات بعيدة نحو الشرق، ويختلف الحال عن ذلك في الأمريكتين، حيث تمتد سلاسل جبال روكي وجبال الإنديز المرتفعة على طول السواحل الغربية للقارتين، ولهذا فإن الأمطار التي تحملها الرياح أو المنخفضات الجوية من ناحية الغرب لا تستطيع أن تتوغل في اليابس إلا إلى مسافات قصيرة جدا، فخط المطر السنوي50 سنتيمترا مثلا يقع على بعد 300 كيلو متر فقط من الساحل، في حين أنه يمتد في أوروبا حتى يصل إلى موسكو وكييف وبوخارست في الداخل، أي إلى مسافة تزيد على 1600 كيلو متر من المحيط الأطلسي.
ويسقط على هذه السواحل نوعان من الأمطار، الأول هو أمطار التضاريس التي تسقط طول العام على منحدرات الجبال بسبب الرياح الغربية التي تكون محملة ببخار الماء بسبب مرورها فوق مياه التيارات البحرية الدافئة، التي من أشهرها تيار الخليج من المحيط الأطلسي الشمالي وتيار كوروسيفو في المحيط الهادي الشمالي، والثاني هو الأمطار الإعصارية، التي تسقط بسبب المنخفضات الجوية التي تكثر بصفة خاصة في فصلي الشتاء والخريف، وهذا هو السبب في زيادة الأمطار في هذين الفصلين عنها في الفصلين الآخرين من السنة.
ج- الأقاليم القارية المعتدلة داخل اليابس:
كلما ابتعدنا عن السواحل الغربية نحو الشرق يأخذ النظام القاري في الظهور، وفيه تسقط معظم الأمطار أو كلها في نصف السنة الصيفي، ويكون الانتقال من النظام البحري على السواحل الغربية إلى النظام القاري سريعا أو تدريجيا على حسب التضاريس السائدة، ففي إنجلترا مثلا رغم صغرها نلاحظ أن النظام القاري يظهر في سهولها الجنوبية الشرقية؛ لأن معظم الأمطار التي تأتي من ناحية الغرب تسقط على مرتفعات ويلز. وكذلك على القارة الأوروبية نفسها تأخذ كمية الأمطار كما يأخذ طول الفصل الممطر في التناقص كلما اتجهنا شرقا، حتى نصل إلى مناطق لا تسقط فيها إلا كميات قليلة من الأمطار في فصل الصيف، كما هي الحال في شرق أوروبا وغرب آسيا إلى الشمال والشرق من البحر الأسود، وأخيرا نصل إلى الأقاليم الصحراوية التي تشغل مساحات واسعة في وسط آسيا.
وتختلف أمطار المناطق القارية عن أمطار السواحل الغربية في أنها تسقط غالبا في نصف السنة الصيفي، أما فصل الشتاء فيكون قليل الأمطار أو جافا تماما، والسبب في ذلك هو أن اليابس يكون في فصل الشتاء مركزا لضغط مرتفع مما يحول دون توغل الرياح الغربية والمنخفضات الجوية كثيرا نحو الشرق، أما في فصل الصيف فيكون الضغط الجوي منخفضا على اليابس ولهذا فإن الرياح والمنخفضات الجوية تستطيع التوغل لمسافات بعيدة نحو الشرق.
وثمة فرق آخر بين أمطار السواحل الغربية وأمطار المناطق القارية، هو أن الأولى كلها تقريبا من نوع أمطار التضاريس وأمطار الجبهات. أما الثانية فإن نسبة كبيرة منها تكون من نوع أمطار التيارات الصاعدة، وذلك لأن هذه التيارات تنشط في فصل الصيف بسبب اشتداد حرارة سطح الأرض والهواء الملاصق له.
ويظهر النظام القاري للأمطار في معظم سهول أوروبا الوسطى والشرقية والسهول الوسطى لكندا والولايات المتحدة بسبب ضيق اليابس، ومن أمثلة ذلك سهول أستراليا الوسطى وهضبة بتاجونيا في أمريكا الجنوبية وبعض الأجزاء الداخلية من جنوب هضبة إفريقية الجنوبية.
د- الأقاليم المعتدلة في شرق القارات:
تعتبر هذه الأقاليم من أكثر أقاليم العالم مطرا بسبب موقعها المشرف على المحيطات الكبرى ومرور تيارات مائية دافئة بجوار شواطئ معظمها، وهي تقع في نفس العروض التي تقع فيها أقاليم البحر المتوسط وغرب أوروبا. ولكن بينما تسقط أمطار البحر المتوسط وغرب أوروبا بسبب الرياح الغربية والمنخفضات الجوية التي تظهر في نطاقها، فإن الأمطار الصيفية تسقط في الأقاليم الشرقية بسبب الرياح الموسمية في شرق آسيا وشرق الولايات المتحدة وبسبب الرياح التجارية في الأرجنتين والطرف الجنوبي الشرقي لإفريقيا والطرف الجنوبي الشرقي لأستراليا، أما الأمطار الشتوية فيسقط أغلبها في هذه الأقاليم بسبب المنخفضات الجوية التي تتقدم نحوها من الغرب.
وإلى جانب ذلك تسقط على بعض السواحل والجزر مثل جزر اليابان بعض الأمطار الشتوية بسبب الرياح الموسمية الشتوية التي تصلها بعد مرورها على مسطحات مائية.
وعلى الرغم من أن هذه الأقاليم تشترك في أن أمطارها تسقط طول السنة، إلا أن لكل منها ظروفه المحلية الخاصة التي تتدخل في كمية المطر وتوزيعه على الأشهر، وتعتبر اليابان من أكثر هذه الأقاليم مطرا في الصيف والشتاء بسبب امتدادها بين الشمال والجنوب وسطحها الجبلي ووجود بحر اليابان في غربها ومرور تيار اليابان بسواحلها، ولهذا فإن معدل المطر السنوي يزيد في معظم أجزائها على 150 سم "ناجاساكي 196سم"
وفصل الصيف هو أكثر الفصول مطرا أما أقلها فهو فصل الشتاء. أما في المناطق الأخرى في شمال الصين وكوريا ومنشوريا، فالأمطار أقل منها في اليابان كما أن الفرق بين أمطار الصيف وأمطار الشتاء أكبر منه في اليابان، وينطبق نفس الشيء تقريبا على شرق الولايات المتحدة.
ويلاحظ عموما أن الأقاليم المعتدلة الموسمية في شرق آسيا وشرق الولايات المتحدة أكثر أمطارا من الأقاليم المعتدلة الأخرى في جنوب شرقي أمريكا الجنوبية وإفريقيا وأستراليا، وهي الأقاليم التي يسقط مطرها الصيفي بسبب الرياح التجارية؛ لأن اندفاع هذه الرياح نحو اليابس لا يكون قويا بسبب ضيق هذا اليابس وعدم اشتداد عمق الضغط المنخفض عليه بالنسبة للضغط المرتفع على المحيطات بخلاف الحال في الأقاليم الموسمية في القارات الشمالية. يبلغ معدل المطر السنوي في بوينس أيريس "الأرجنتين" 103 سم وفي بورت اليزابيث "جنوب إفريقيا" 95 سم وفي سيدني 56 سم.
___________________
(1)هذا الترنادو يختلف عن الترنادو الذي يظهر في الأقاليم المعتدلة الذي سبق وصفه.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|