ظهرت عدة تفسيرات لنشوء المنخفض شبه المداري وجميعا تؤكد على اهمية وجود المسطح المائي لتكون هذا المنخفض فهذه المنخفضات لا تتطور على اليابسة لأن نطاقات الغيوم فيها ذات الشكل الحلزوني تتطلب كميات وفيرة من بخار الماء لتتكون بهذا الشكل واول تفسير لتطور المنخفض شبه المداري هو ان هذه المنخفضات تتكون عندما يتحرك هواء بارد كتلة قطبية فوق سطح بحري دافئ مما يؤدي الى عدم استقرار الطبقات السفلى من الكتلة القطبية والتي تمثل النواة لنشوء المنخفض شبه المداري. وطبعا فأن هذا التفسيرغيركافي لتكون مثل هكذا منخفضات فاذا كان هذا هو السبب فلماذا لا تتكون هذه المنخفضات كلما انتقل الهواء القطبي فوق المياه الدافئة. لذلك ادت الدراسات المستفيضة لهذه المنخفضات الى ظهور عدة تفسيرات لتكون المنخفضات شبه المدارية ومن هذه التفسيرات ما قدمه الباحث Simpson الذي اكتشف ان هناك اليتان لتكون المنخفض شبه المداري الآلية الاولى تحدث عندما تتعرض المنخفضات الجبهوية الى مرحلة التلاشي فعند ذلك ينشئ المخفض شبه المداري على بقايا المنخفض المتلاشي واطلق عليها اسم آلية المنخفض الممتلئ وهذا الآلية مسئولة عن تكوين الغالبية العظمى من المنخفضات شبه المدارية، اما الآلية الثانية لنشوء المنخفض شبه المداري فانها تحدث بصورة مختلفة أي ان المنخفض يتكون بصورة مستقلة بحيث انه لا ينشأ على بقايا منخفض من نوع اخر وانما بنشا بتأثير طبقات الجو العليا وأطلق عليها اسم منطقة نشوء المنخفضات وهي كالاتي:

1. المنخفض الممتلئ (Occluded-Cyclone)

ذكر أن المنخفض شبه المداري يتكون من خلال المراحل الأخيرة للمنخفض الجوي الممتلئ فخلال فصل الشتاء وعندما يسود مؤشر الدورة الواطئ فأن المرتفعات الجوية المرتجلة (Migratory Anticyclone) يمكن إن تتحرك بسرعة نحو الجنوب الشرقي قادمة من الاراضي الاسيوية نحو المناطق المدارية والتي تعمل على تكوين جبهات هوائية باردة.

وتحدث هذه الحالة عندما يتقدم مرتفع جوي بارد قادم من شمال آسيا المرتفع السيبيري والمؤلف من كتلة هوائية قطبية باتجاه الجزء الشرقي من المحيط الهادي فانه سيلتقي مع المرتفعات شبه الدائمية ( Semi-permanent Anticyclone) مثل المرتفع شبه المداري (مرتفع هاواي) والتي تحمل كتلة هوائية مدارية نحو الشمال، وضمن نطاق الالتقاء بين المرتفعين الجويين تتكون جبهة هوائية والتي يمكن ان تصل الى دائرة عرض 15 شمالا والتي سرعان ما تتحول الى جبهة هوائية غير مستقرة ثم تتطور الى جبهة هوائية ممتلئة، وخلال تقدم المرتفع السيبيري لمحو الشرق بصورة كبيرة فانه سيندمج مع المرتفع شبه المداري وهذه الحالة ستعمل على تعويق (Trap) المنخفض الممتلئ ويقطع عنه مصدر الهواء البارد، الا ان الهواء المداري البحري القادم من المرتفع شبه المداري سيستمر في الدوران بصورة كاملة حول المنخفض الممتلئ مما يؤدي الى تلاشي الجبهة الممتلئة (Frontolysis) ثم يتطور المنخفض بشكل دائري، وهذا يعني انه عند وصول المنخفض الجبهوي الى مرحلة التلاشي فان ذلك يكون ايذانا بولادة المنخفض شبه المداري.

أما في طبقات الجو العليا فان الاخاديد العليا ضمن المستوى الضغطي (700) مليبار تساهم ايضا في تكون هذه المنخفضات السطحية، فعندما تتطور الاخاديد القطبية (Trough) وتتحول الى دوامات هائلة او ما تسمى بمنخفضات القطع (Cut-Off Low) فأن ذلك سيعمل على تقوية المنخفض السطحي وهذا يعني ان المنخفض شبه المداري السطحي الذي يتألف من كتلة هوائية بحرية دافئة سيلتقي في طبقات الجو العليا مع كتلة هوائية باردة تعمل على زيادة تكاثف بخار الماء السطحي وتكوين نطاق هائل من غيوم ذات شكل قريب الى الاعصار المداري. 

2 مصادر نشوء المنخفض (Cyclogenesis-Source)

أشار (Simpson) أن منخفضات القطع العليا التي تتكون ضمن المستوى الضغطي (500) ملليبار تلعب دورا كبيرا في تكوين المنخفضات شبه المدارية، كما مر بنا في الفقرة الاولى، ولكن هناك حالات تتكون فيها المنخفضات شبه المدارية بتأثير رئيسي لمنخفضات القطع العليا.

وتحدث هذه الحالة عندما يمتد الاخدود القطبي ضمن المستوى الضغطي (500) ملليبار بصورة كبيرة نحو الجنوب بحيث يصل الى نطاق الرياح التجارية (الشرقيات) حيث يتكون المنخفض شبه المداري نتيجة لتواجد هواء بارد علوي فوق الهواء المداري الدافئ وما ان يتكون المنخفض حتى ينتقل شمالا ليدخل ضمن نطاق الرياح الغربية.

وفي دراسة حديثة للمنخفض شبه المداري اجراها كل من Jason And Jonathan في عام 2004م حيث اكتشفا وجود ثلاثة حالات يظهر فيها المنخفض شبه المداري وهذه الحالات تحدث نتيجة اقتحام اضطراب في طبقات الجو العليا (التيار) النفاث) ضمن العروض فوق المدارية نحو العروض شبه المدارية ولاحظوا ان التيار النفاث يتميز برياح ضعيفة اثناء تكوينه للحالات الثلاث للمنخفض شبه المداري. وهذه الحالات هي كالاتي:

1. المنخفض شبه المداري المتكون من جبهة هوائية باردة

يتكون المنخفض شبه المداري في هذه الحالة عندما يتواجد فوقه تيار نفاث ضيق ويكون اخدود التيار محاطا بصورة قوية بالغربيات العليا، امـا علـى السطح فأن المنخفض شبه المداري يكون محاطا من الغرب والشمال الشرقي بمراكز للضغوط العالية ذات قيم ضغطية أكبر من 1020 ملليبار، وان اقل قيمة ضغطية للضغط الجوي السطحي تتواجد أسفل اخدود التيار النفاث ووجدوا ان هذه المنخفضات تتكون ضمن نطاق بارو كليني قوي ومترافقة مع جبهة هوائية. باردة ممتدة نحو عروض شبه مدارية ويمكن ان ينخفض الضغط الجوي فيها الى 997 ملليبار.

2 ـ المنخفض شبه المداري المتكون من جبهة هوائية باردة في نطاق الرياح التجارية (الشرقيات):

التيار النفاث في هذه الحالة يكون على شكل اخدود متوسط العرض اما على السطح فأن القيم الضغطية للمنخفض شبه المداري تصل الى 1003 ملليبار ويكون المنخفض متواجدا جنوب الحد الخارجي للمرتفعات شبه المدارية اذ تقع مراكز هذه المرتفعات في شمال غربي وشمال شرقي المنخفض شبه المداري. كما ان المنخفض يكون متواجدا جنوب نطاق الرياح الغربية السطحية ويكون الرياح شديدة في الحد الشمالي للمنخفض الجوي كما أن هذه المنخفضات تضعف تدريجيا بدلا من ان تتحد مع الاخاديد السطحية.

3 ـ المنخفض شبه المداري المتكون في نطاق الرياح التجارية (الشرقيات) على عكس النوعين السابقين فأن المنخفض شبه المداري في هذه الحالة سيترافق مع تيار نفاث ذو اخدود عريض جدا ويكون اتجاه محوره نحو الجنوب الشرقي، اما المنخفض السطحي فيكون في بداية تشكله على شكل اخدود ضعف 1010 ملليبار ويكون موقعه جنوب الحد الخارجي للمرتفعات شبه المدارية وبشكل مشابهة للنوع الثاني فأن المرتفعات شبه المدارية المتواجدة شمال المنخفض شبه المداري ستعمل على دفع المنخفض جنوبا ضمن نطاق الرياح الشرقية.

واشارت العديد من الدراسات ان الباروكلينية غير المستقرة تعد العامل الرئيسي في تكوين المنخفضات شبه المدارية وإشارت دراسات اخرى الى دور التفاعل بين الهواء وسطح الماء من اجل تقوية هذه المنخفضات بالاظافة الى دور الطاقة الحقيقة الإضافية الكامنة في المحيط في قيادة هذه المنخفضات.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

R. H. Simpson: Evolution of the Kona Storm: A Subtropical Cyclone, op. cit., p.25-26.

1 Ibid, p.24-35.

Jason A. Otkin And Jonathan E. Martin, A Synoptic Climatology Of The Subtropical Kona Storm, Monthly Weather Review, American Meteorological Society, Volume 132, June 2004, P.1502-1517.