الوثائق التي خلفها الملك (تهرقا) في المعبد الذي أقامه في (الكوة) |
![]() ![]() |
أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-03-15
![]()
التاريخ: 2023-07-03
![]()
التاريخ: 2024-08-07
![]()
التاريخ: 2024-02-01
![]() |
لقد كان من حسن حظ التاريخ الكوشي أن يترك لنا الملك «تهرقا» مجموعة من اللوحات الأثرية في معبده الذي أقامه في جمأتون «الكوة» الحالية، وقد بقيت هذه اللوحات سليمة إلى أن كشف عنها معول الحفار، وعلى الرغم من أن معظمها خاص بالمعبد وتأسيسه والقيام على خدمته فإنها مع ذلك تكشف لنا عن نواحي عدة من تاريخ البلاد النوبية وما كانت عليه في تلك الفترة من رخاء وسؤدد وعزة، وسنتناول كل لوحة بالشرح والترجمة ثم التعليق، وفي النهاية نستخلص نتيجة عامة عما جاء فيها.
اللوحة رقم 3: لوحة الملك «تهرقا» الخاصة بالقربان من السنة الثانية من حكمه حتى الثامنة
وجدت هذه اللوحة في المعبد T مرتكزة على النصف الشمالي من الجدار الغربي للردهة الأولى من المعبد، وهذه اللوحة محفوظة الآن بمتحف مدينة كوبنهاجن.
وتبلغ مساحة هذه اللوحة 1٫30 × 0٫71 × 0٫29 مترًا، وهي مصنوعة من الجرانيت الرمادي ونقشت من وجه واحد، وتحتوي على خمسة عشر سطرًا، وعلى الرغم من بعض التهشيم الذي أصابها فإنها في مجموعها تعد سليمة بالنسبة لغيرها، والجزء الأعلى من هذه اللوحة مستدير ومحدد بالعلامة التي يرمز بها للسماء، وأسفل من ذلك تشاهد صورة الشمس المجنحة التي ينتهي كل من طرفيها بسطر معناه «صاحب بحدت» (أي حور رب إدفو) وقد مثلت في أسفل قرص الشمس من الجهة اليسرى الإلهة «عنقت» (أنوكيس) صاحبة سهيل «أي جزيرة سهيل بأسوان» وبإحدى يديها علامة الحياة، وتقدم بالأخرى علامة حياة أخرى للصقر الملكي الذي يلبس التاج المزدوج ويجثم على رموز الاسم الحوري للفرعون «تهرقا» وهو: «قا-خعو»، ونشاهد في نفس الاتجاه الإلهة «وازيت» سيدة الوجه البحري تقدم الدائرة الدالة على الأبدية لاسم ملك الوجه البحري «خو رع نفر تم» محبوب التاسوع ورب الأرضين «تهرقا» معطي الحياة والثبات والسلطان مثل رع أبديًّا، وتقرأ أسفل صورة الإلهة «وازيت» العبارة التالية: «إنها تعطي الحياة والسلطان».
وعلى الجهة اليمنى من أعلى اللوحة نشاهد نفس الترتيب الذي على الجهة اليسرى في اتجاه مضاد، ولكن نجد هنا بدلًا من الإلهة «عنقت» الإله آمون رع صاحب جمأتون ممثلًا برأس كبش، وبدلًا من الإلهة وازيت تشاهد الإلهة نخبيت سيدة الوجه القبلي.
وأسفل هذا المنظر يأتي المتن الرئيسي ويتألف من خمسة وعشرين سطرًا، وهو سجل الهدايا التي قدمها الملك «تهرقا» لمعبد «جمأتون» الذي أقامه هو، ويشمل ما وهبه هذا الفرعون لهذا المعبد من السنة الثانية من حكمه حتى السنة الثامنة، ومما يلفت النظر هنا بصفة خاصة أن كل عمود في كل قسم لسنة قد ميز بالعلامة المصرية القديمة الدالة على لفظ سنة، وهي ممتدة إلى أسفل وتشير إلى عدد السنين، ومن ثم كانت الأعمدة من واحد إلى أربعة تشير إلى ما تم في السنة الثانية، والعمودان الخامس والسادس يشيران إلى ما تم في السنة الثالثة، والعمودان السابع والثامن يشيران إلى ما تم في السنة الرابعة، والعمود التاسع يشير إلى ما تم في السنة الخامسة، والعمود العاشر يشير إلى ما تم في السنة السادسة، والأعمدة من أحد عشر إلى أربعة عشر تشير إلى ما تم في السنة السابعة، والأعمدة من خمسة عشر إلى واحد وعشرين تشير إلى ما تم في السنة الثامنة، أما بقية الأعمدة فيمكن أن تشير إلى أي سنين أو إلى السنين كلها.
وهاك ترجمة النص حرفيًّا:
السنة «الثانية» حور المسمى «قا-خعو»، السيدتان المسمى «قا-خعو»، حور الذهبي المسمى «خو-تاوي»، ملك الوجه القبلي والوجه البحري المسمى «خو-رع-نفر-تم» (رع حافظ نفر-تم) ابن «رع» (المسمى «تهرقا») ليته يعيش سرمديًّا، لقد عمله بمثابة أثره لوالده «آمون رع» رب «جمأتون»:
العدد |
الوزن بالدبن |
القدت |
||
---|---|---|---|---|
|
1 |
مائدة قربان من الفضة وزنها (2) |
22 |
|
|
1 |
مبخرة من الذهب وزنها |
10 |
|
|
1 |
آنية نمست من الذهب وزنها |
10 |
5 |
|
1 |
آنية «ونح» من الذهب وزنها |
1 |
2 |
|
7 |
أواني «شام» من البرنز |
|
|
|
50 |
لفة كتان باقت |
|
|
|
38 |
(لفة) كتان شنزت |
|
|
(3) |
12 |
لفة من نسيج روز |
|
|
|
20 |
لفة نسيج منخت |
|
|
|
120 |
المجموع |
|
|
|
1 |
صورة الإلهة ماعت من اللازورد |
|
|
|
1200 |
حبة من السرو «عونت» |
|
|
|
1 |
شجرة بخو «كندر» |
|
|
|
2 |
طبلة |
|
|
(4) |
1 |
عود |
|
|
لأجل أن يمنح كل الحياة وكل الصحة وكل الثبات وكل السعادة وأحفال ملايين السنين للأعياد الثلاثينية العديدة جدًّا، فقد ظهر بوصفه ملك الوجه القبلي والوجه البحري على عرش حور مثل رع أبديًّا.
(5) السنة الثالثة: ملك الوجه القبلي والوجه البحري «تهرقا» ليته يعيش أبديًّا لقد عمل بمثابة أثره لوالده «آمون رع» سيد «جمأتون» ما يأتي:
العدد |
||
---|---|---|
|
1 |
إناء خاوت واحد من الفضة* |
|
1 |
غطاء إناء خاوت |
|
50 |
آنية نمست بوجه كبش |
|
20 |
آنية شو من البرنز |
|
20 |
آنية خاوت |
(6) |
30 |
آنية دنيت من البرنز |
|
14 |
آنية «بشني» من البرنز «نوع من الأواني لم يعرف بعد» |
|
3 |
قواعد من البرنز |
|
1 |
آنية دنيت من البرنز … (؟) |
|
1 |
برنز … (؟) |
|
1 |
«آنية» عات من البرنز … (؟) |
|
50 |
دبنا من الشمع |
|
20 |
دبنا من القطران |
|
7 |
أرغفة من البخور |
|
5 |
أرغفة من اللادن «بالمصرية لدنو» |
|
4 |
كهنة الساعة «منجمون» |
|
2 |
آلتان للرصد |
* يلحظ هنا أن نوع من الأواني في هذا المتن وغيره من هذا العصر لم يعرف بعد بوجه الدقة، وبعضها جديد لم يذكر في قاموس اللغة، ولذلك فقد كتبت أسماؤها بالمصرية وحسب، وكذلك كتبت أسماء الأشياء الأخرى التي لم يعرف معناها بالمصرية وحسب.
(7) السنة الرابعة: ملك الوجه القبلي والوجه البحري «تهرقا» ليته يعيش سرمديًّا، لقد عمل بمثاية أثره لوالده آمون رع سيد «جمأتون»:
العدد |
دبن |
قدت |
|
---|---|---|---|
100 |
مائة دبن من الذهب |
|
|
5 |
خمس أوانٍ نمست من الفضة بوجه كبش قيمته |
8 |
|
1 |
إناء نمست من الفضة |
15 |
|
1 |
إناء حست من الذهب بوجه كبس قيمته |
7 |
|
1 |
إناء نمست بوجه كبش قيمته |
3 |
5 |
7 |
قاعدة من البرنز |
|
|
3 |
ثلاث زهرات بشنين من البرنز لأجل أواني خاوت |
|
|
3 |
حلقات «قواعد» من البرنز قيمتها |
9 دبنات |
5 قدات |
3 |
مصابيح |
|
|
وذلك لأجل أن يمنح «الملك» كل الحياة والثبات والسلطان وكل الصحة وكل السعادة أبديًّا.
(9) السنة الخامسة: ملك الوجه القبلي والوجه البحري «تهرقا» ليته يعيش أبديًّا، عمل بمثابة أثره لوالده آمون رع سيد جمأتون:
العدد |
|||
---|---|---|---|
40 |
المجموع «أربعون» |
|
|
1 |
قلادة ببت قيمتها |
21 دبنا |
6 قدات |
15 |
دبنات من اللازورد وقدت واحد* |
|
|
56 |
دبنا من الصفيح الأصلي |
|
|
61 |
دبنا من الفيروز |
|
|
10 |
لفات من الكتان |
|
|
5 |
«لفات» من كتان شنزت |
|
|
5 |
«لفات» من نسيج روز |
|
|
20 |
«لفة» من نسيج هرت (؟) |
|
|
* راجع عن تصحيح بعض الأخطاء التي جاءت في هذا الكشف والتي في اللوحة رقم 6 I, clere, Bibliotheca Orientalis Jaargang VIII No. 5 P. 1951 P. 174ff.
(10) السنة السادسة: ملك الوجه القبلي والوجه البحري «تهرقا» ليته يعيش سرمديًّا، لقد عمل بمثابة أثره لوالده آمون رع رب جمأتون.
1 |
غطاء من الذهب بصورة الملك مرسومة عليه قيمته 5 دبنات وقدت واحد. |
1 |
خاتم من الفضة والذهب للختم به «أو ليلبس في الأصبع». |
وذلك لأجل أن يمنح كل الحياة والثبات والفلاح وكل الصحة وكل السعادة مثل رع أبديًّا.
(11) السنة السابعة: ملك الوجه القبلي والوجه البحري «تهرقا» ليته يعيش أبديًّا لقد عمل بمثابة أثره لوالده آمون رع سيد جمأتون.
|
1 |
مبخرة من الذهب في هيئة مقدمة سبع. |
|
1 |
صقر من الذهب مع صورة ملك أمامه وهما معًا على جريدة نخل. |
|
1 |
تمثال بولهول بوجه كبش ومعه صورة نسر وهما يقفان على (12) علامة السنة. |
|
1 |
تمثال صغير من الذهب يمثل الإله خنسو محمولًا على علامة السنة. |
|
1 |
صورة من الذهب لآمون رع رب جمأتون ومعه شجرتا لبخ على نهايتها وصورة الملك أمامها. |
(13) |
1 |
طبق «مسوت» من الذهب «سوت نوع من القمح ومن الجائز أن هذا الطبق كان يوضع فيه هذا النوع من القمح». |
|
3 |
رءوس كباش من الذهب على نخلة «أي كل واحد منها على نخلة». |
1 |
تمثال صغير من الذهب لآمون رع سيد جمأتون على شجرة نخيل. |
|
|
1 |
صورة «إزيس» من الذهب قيمتها (14) 11 دبنا وقدات. |
|
2 |
شريطان من الكتان (؟) |
|
|
وهي «أي الأشياء السابقة» التي أهداها ابن رع «تهرقا» لوالده «آمون رع» سيد جمأتون ليمنح كل الحياة وكل الفلاح وكل السعادة مثل رع سرمديًّا. |
(15) السنة الثامنة: ملك الوجه القبلي والوجه البحري «تهرقا»، ليته يعيش سرمديًّا لقد عمل بمثابة أثره لوالده آمون رع سيد «جمأتون»:
|
1 |
تمثال من البرنز للملك وهو يضرب ممالك أجنبية وملابسها الستة. |
(16) |
8 |
ثماني جرار من الذهب والفضة للعطور. |
* معدات المعبد الجديد الذي بناه جلالته.
|
1 |
مكنسة من الذهب. |
|
1 |
إناء حست من الذهب. |
|
1 |
إناء نمست من الذهب. |
|
2 |
آنيتان عبش من الذهب «عبش = إبريق للنبيذ». |
|
1 |
بوق (17) من الذهب «هذا البوق غريب في شكله». |
|
1 |
مكيال بخور من الذهب. |
|
1 |
إناء؟ شفد من الذهب = ملعقة من الذهب للبخور. |
|
1 |
مائدة مستديرة من الفضة. |
|
1 |
تمثال الملك بوجه من الذهب «تمثال من الذهب للملك «الذي» عليها؛ أي على المائدة السالفة الذكر». |
|
1 |
تمثال من الذهب لإله الفيضان الذي عليها «أي المائدة». |
(18) |
10 |
المجموع 10 أدوات من الذهب يبلغ وزنها 51 دبنا و4 قدات. |
|
1 |
مائدة قربان من الفضة. |
|
15 |
آنية خاوت من الفضة. |
|
1 |
آنية خاوت مستديرة من الفضة. |
|
1 |
مبخرة من الفضة. |
|
1 |
آنية حست من الفضة. |
|
1 |
مكيال بخور من الفضة. |
|
1 |
إناء شفد (19) من الفضة (= ملعقة). |
|
1 |
بوق من الفضة. |
|
1 |
إناء مسوت من الفضة. |
|
1 |
إناء عبش من الفضة. |
|
1 |
إناء قبي من الفضة. |
|
2 |
إناءان همت من الفضة «كلمة جديدة». |
|
4 |
أوانٍ «وشم» من الفضة. |
|
1 |
قدح من الفضة (؟). |
|
1 |
إناء بشني من الفضة (؟). |
|
1 |
إناء ودح من الفضة «أو مائدة قربان». |
|
1 |
صندوق من الفضة خاص بشعيرة فتح الفم ومحتوياته هي: |
|
4 |
أواني دشرت «حمراء» من الفضة. |
|
2 |
مشعلان من الفضة. |
|
2 |
إناءان «عرف» من الفضة «لا بد أن يكون هذان الإناءان من الأكياس التي كان يوضع فيها الكحل ولكنها حُولت هنا إلى أوانٍ من الفضة». |
|
4 |
أوعية ررم من الفضة «أوانٍ يوضع فيها بخور المر». |
|
4 |
صولجانات «أمس» «يحملها الملك غالبًا في يده». |
(20) |
17 |
أداة (وهذا المجموع يحتوي الصندوق نفسه). |
1 |
مقصورة حز يبلغ وزنها 1891 دبنا 1 قدت. |
|
|
35 |
ورقة من الذهب الرفيع للحفر (؟). |
|
|
وكل نوع من خشب السنط والأرز واللبخ. |
* الإشارة هنا بطبيعة الحال للمعبد الذي يرمز له بحرف T.
وقد ثبت دخل الإله (22) ومدت موائده ومون مستودعه بالرجال والخادمات وحتى أولاد زعماء «الأسرى» من التحنو «أي اللوبيين» (23)، وقد أمد هذا المعبد الذي بناه له من جديد وحشد بمغنيات عديدات وبأيديهن صناجات ليلعبن بها أمام وجهه الجميل «أي آمون» (24) وذلك ليعوضه عن ذلك بمكافأته بكل الحياة من نفسه، وكل الثبات من نفسه، وكل الفلاح من نفسه، وكل الصحة من نفسه، وكل (25) السعادة من نفسه، وليحتفل آلاف آلاف المرات بالأعياد الثلاثينية كثيرًا جدًّا، وهو مشرف على عرش حور الأحياء، وليكون سعيدًا مع روحه مثل رع أبد الآبدين.
التعليق: تعدد لنا هذه اللوحة الهدايا التي قدمها الملك «تهرقا» من السنة الثانية حتى السنة الثامنة لتجهيز المعبد الجديد الذي أقامه خصيصًا لوالده «آمون رع» في مدينة جمأتون، فقد جهزه بأدوات إقامة الشعائر والمواد اللازمة لتزيين هذا الأثر وتنظيم الموظفين وما يحتاج إليه القربان من خدمات.
ونستخلص من المتون التي وجدت في هذا المعبد أنه في السنة الأولى من حكم «تهرقا» قبل تتويجه ملكًا على البلاد قد لاحظ أن المعبد كان خربًا؛ ولذلك أرسل العمال فيما بعد من منف إلى «الكوة» ليبدؤوا أعمال الإصلاح وإقامة المعبد الجديد، وبحلول السنة السادسة من حكمه كان قد فرغ من إتمام المعبد الجديد والحدائق التابعة له، ثم حمل الإله إلى مقره الجديد، ويلحظ أن هذه الهدايا والمعدات التي ذكرت في هذه اللوحة وهي الخاصة بالمعبد الجديد كانت على أية حال حتى المتن الذي نحن بصدده في السنة الثامنة، في حين أن الافتتاح الرسمي لهذا المبنى لم يحدث حتى السنة العاشرة، وهذا دليل على أن البيانات التي ذكرت هنا كانت سابقة لأوانها أو أنها كانت استعدادات لافتتاح المعبد، وسنرى بعد أنه بعد هذا العهد بمدة طويلة وجد أحد الملوك الذين أتوا بعد «تهرقا» وهو الملك «أمان-نتي-يريكي» أنه من الضروري تنظيف مدخل هذا المعبد من الرمال (Kawa IX P. 70). هذا؛ ولما كان السجل الحالي الخاص بالهبات التي قدمها «تهرقا» يقف عند السنة الثامنة حيث يبتدئ السجل الثاني (Kawa VI) فإن السنة الثامنة تكون هي السنة التي أقيمت فيها هذه اللوحة، ويدل ذلك دلالة واضحة على أن الملك «تهرقا» كان يقوم بأعمال البناء والتأثيث في آن واحد.
وإذا نظرنا نظرة عامة في قائمة الهدايا هذه التي قدمها الفرعون «تهرقا» لهذا المعبد، وكذلك في القائمة الأخرى التي أهداها بعد ذلك كما سنرى بعد نجد أن ما وهبه لهذا المعبد قد زاد في معلوماتنا الفنية في الصناعات المصرية في ذلك العهد، فهي تؤكد بصورة واضحة وجود نماذج معدنية ذات أشكال نباتية كالقطع الزخرفية أو المندورة مثل أزهار البشنين المصنوعة من البرنز، وأزهار البشنين من الذهب أو الفضة (Kawa VI, 933) ومكنسة من الذهب، وآلات الرصد المصنوعة من الفضة على هيئة جريد النخل K. VI, 9 وكذلك يلفت النظر الأكياس والأواني الحمراء المصنوعة من المعدن الثمين، يضاف إلى ذلك أن مجموعة الأوعية قد أصبحت غنية بزيادة أسماء جديدة لم تكن شائعة بعد، ويلفت النظر من بين هذه الأواني تلك التي لها رأس كبش وذلك يتفق مع متاع الإله آمون، وهي أشياء قد عرفت من قبل في آثار أكثر قدمًا من هذه.
ولا يفوتنا كذلك التماثيل الإلهية أو الملكية وبخاصة تمثالًا من البرنز للملك يضرب الممالك الهمجية بملابسها الستة، وكذلك الآلات الموسيقية العديدة مثل الطبول والأبواق والصناجات، وكل هذه كانت تستخدم في الأحفال التي كانت تقام في هذا المعبد، وقد رأيناها على جدرانه كما نشاهدها كذلك في معبد «صنم» (راجع A.A.A, 9 Pl. 29) الذي أقامه بعد هذا المعبد بمدة قصيرة.
ولسنا في حاجة إلى القول بأن متن هذه اللوحة يكاد يكون من المتون الفريدة في بابها؛ فهو فضلًا عن أنه يعدد لنا أولًا الهدايا والأدوات التي قدمها الفرعون «تهرقا» العظيم إلى معبده الجديد الذي أقامه خصيصًا في «جمأتون» لعبادة «آمون» معبود الدولة الأعظم فإنه يدل على ما كانت تتمتع به البلاد من ثروة طائلة، فالأواني التي قدمت للمعبد كان معظمها من الذهب، وهذا برهان على استغلال مناجم الذهب في تلك الفترة من تاريخ البلاد، هذا فضلًا عن أن الأدوات الكثيرة المصنوعة من الفضة وكذلك من الصفيح قد دل على ارتباطها تجاريًّا مع جاراتها، وكذلك مع بلاد آشور نفسها وبخاصة في جلب الصفيح منها، هذا ويدل تعدد أنواع الأنسجة والكتان على تقدم صناعة الغزل في البلاد، ولكن أهم من كل ذلك من الوجهة الدينية أنه فضلًا عما نشاهده في هذا المتن من ذكر الأدوات والآلات المختلفة التي كانت تستعمل في إقامة الشعائر الدينية فإنه يضع أمامنا فضلًا عن أسماء الأشياء الجديدة التي وردت فيه، صورة جديدة عملية عن هذه الأدوات، فقد شاهدنا معظم بل كل ما جاء من معدات في هذه القائمة مصورًا أمامنا في أحفال المعبد وأعياده ومتعلقاته، ولا نزاع في أن هذه المعدات والتماثيل والتعاويذ الفنية الدقيقة توحي إلينا بأنها لم تخرج إلا من أيدي مفتنين على جانب عظيم من المهارة وحسن الذوق، وهذا برهان آخر على ازدهار الفنون في تلك الفترة من تاريخ وادي النيل.
وقد ذكر لنا «تهرقا» نفسه أنه كان يستعين على إنجاز بناء المعبد بمهندسين مصريين، وكذلك بمفتنين وأصحاب حرف من «منف»، وفي هذا دليل قاطع على ما كان بين القطرين من ارتباطات فنية عظيمة، وأن مصر كان لها قصب السبق في ذلك والمكانة الأولى.
ويحدثنا «تهرقا» فوق ذلك أنه بعد إتمام بناء المعبد وتجهيزه بكل ما يلزم من معدات أمده كذلك بخدام وخادمات، وكان من بين هؤلاء نفر من أبناء الرؤساء اللوبيين، كما خصص له مغنيات وكاهنات يقمن بأداء الشعائر اليومية وشعائر الأعياد التي كانت تؤدى للإله والملك، ويلحظ أن العنصر النسوي كان سائدًا في هذه الأحفال.
ولا غرابة في ذلك؛ فإن الكاهنات كن يعملن في معبد «آمون» في كل عصور مجده، وقد بلغ العنصر النسائي في معابده أن انتهت إليه السيادة العظمى وأصبحت الكهانة العظمى في يد الجنس اللطيف لفترة طويلة من الزمن بدلًا من الكاهن الأكبر كما لاحظنا ذلك من قبل.
وخلاصة القول إنه على الرغم من أن هذه اللوحة في ظاهرها لم تقدم لنا إلا قائمة جافة من أسماء الأدوات والمواد والموظفين اللازمين لشعائر المعبد وخدمته؛ فإنها في الواقع تحتوي بين سطورها على مقدار ما كان للملك «تهرقا» في هذه الفترة من تاريخ وادي النيل وبخاصة من الوجهة السياسية من نفوذ وسلطان؛ إذ نفهم من بين ثنايا هذا المتن أن تجارة مصر كانت متصلة مع البلاد المجاورة، كما أن حالة البلاد الاقتصادية كانت على جانب عظيم من الرخاء والفلاح، وأنه كان هو المسيطر على الموقف في شطري الوادي في أول حكمه، ويرجع السبب في ذلك إلى اتخاذه سياسة حازمة في جمع شمل البلاد تحت لواء الإله «آمون رع» الذي كان يعد المعبود المحبب في القطرين، هذا بالإضافة إلى أنه راعى شعور الكوشيين بتمجيد الإلهة «عنقت» (أنوكيس) بصفة خاصة، وصورها جنبًا لجنب مع الإله «آمون»، وقدم لها القربان. وسياسة «تهرقا» هذه في أول حكمه تذكرنا بسياسة الفاتح العظيم «تحتمس الثالث» مؤسس أول إمبراطورية مصرية.
|
|
هدر الطعام في رمضان.. أرقام وخسائر صادمة
|
|
|
|
|
كالكوبرا الباصقة.. اكتشاف عقرب نادر يرش السم لمسافات بعيدة
|
|
|
|
|
المجمع العلمي يقيم عددًا من المجالس الرمضانية بمحافظة نينوى
|
|
|