الانسلاخ وأهميته في الحشرات

يكون النمو في بعض الحيوانات مستمراً بمعنى أن الزيادة في حجم الحيوان تكون تدريجية . ومثال ذلك كل الحيوانات الفقارية ، وفى الحشرات حيث يكون هيكلها الخارجي غير قابل للتمدد والاتساع ولكي تنمو الحشرة لابد من التخلص من هذا الهيكل بعملية استبدال للجليد القديم بجليد جديد أرحب وأوسع من الأول ، وهذه العملية يطلق عليها الانسلاخ كما يطلق عليها كل هذه المسميات Shedding ، Ecdysis ، Moulting وإذا كانت هذه العملية واضحة جداً في مفصليات الأرجل فقد تمارسها حيوانات فقارية كالثعابين وحيوانات أخرى لافقارية وليست مفصلية الأرجل كالديدان الاسطوانية (النيماتودا).

مصطلحات هامة متعلقة بعملية الانسلاخ :-

1 - يطلق على المدة التي تنقضي من عمر الحشرة بين كل إنسلاخين متتالين اسم فترة Stadium . فالفترة الثالثة Third Larval Period في تاريخ حياة يرقة ما هي الفترة بين الانسلاخ الثاني والثالث.

2 - يعرف طور الحشرة - وليست المدة – بين كل إنسلاخين متتاليين باسم الدور أو العمر Instar فاليرقة بين الانسلاخين الثاني والثالث تكون في عمرها أو دورها الثالث Third Larval Instar.

3 - يطلق على الجليد المنزوع ( القديم ) جلد الانسلاخ " Exuvia " .

4 - تطلق كلمة طور Stage على الأطوار المختلفة للحشرات مثل طور اليرقة او طور الحورية أو طور العذراء .... وهكذا وعلى ذلك قد يكون للطور اليرقي في بعض الحشرات خمسة أو ستة أعمار حسب عدد الانسلاخات التي تمر الحشرة وهي في هذا الطور.

وعلى ذلك تكون اليرقة أو الحورية بعد الفقس مباشرة وقبل الانسلاخ الأول في عمرها الأول First Instar من حياتها .

واذا ما قورن وزن اليرقة عند أقصى نمو لها بالوزن ابان الفقس فسوف نجده أضعاف أضعاف وزنها بعد الفقس مباشرة .. فيرقة دودة الحرير المسماة Telea Polyphemus تزن (4140) مرة قدر الوزن عند الفقس وفي بعض أنواع النحل يقدر هذا الرقم (1020) .. كما يتراوح وزن أقصى نمو في دودة القز Bombyx Mori المعروفة ما بين ( 9100 الى 10500 ) مرة قدر وزنها عند الفقس، وهذا يعطى أهمية بالغة للانسلاخ وللنمو في الحشرات عموماً . على أن أقصى نمو لكثير من الحيوانات لا يزيد عن ( 80 الى 90 ) مرة فقط .. قدر الوزن ابان الولادة أو الفقس.

ويجب ملاحظة أن النمو في الحشرات يختلف من عمر إلى آخر أثناء نمو اليرقة وأن طبقة البشرة الداخلية الخلوية هي المسؤولة عن تكوين الجليد الجديد وعن تجديد أي تلف يحدث في جليد الحشرة . وفي أثناء عملية الانسلاخ لا يتجدد الجليد بطبقاته الثلاث في الهيكل فقط إنما ينسلخ مع الجليد الخارجي كل البطانات الجليدية في جسم الحشرة كبطانة القصبات الهوائية والجزء الأمامي والخلفي للقناة الهضمية. كما تتجدد الزوائد والحراشيف والشعيرات انظر (خطوات الانسلاخ شكل ( 1 ) ( 2 )).

وهي تتلخص في :-

(1) تنشط خلاي طبقة البشرة الداخلية وتنتفخ ، ونتيجة لذلك تتفكك الروابط التي تربطها مع الجليد أعلاها بطبقاته الثلاث ، وتنفصل ويتعرج سطحها كثيرا وبذلك يتكون جليد بين الطبقة الخلوية وبين الجليد القديم يملؤها سائل الانسلاخ Moulting Fluid.

(2) تبدأ خلايا طبقة البشرة الداخلية في افراز أولى طبقات الجليد الجديد وهى غطاء الجليد السطحي التي تكون ناعمة ومتعرجة ، متمشية مع تعرجات الطبقة الخلوية أسفلها وهذا مما يؤهلها أن تكون أكثر سعة من نظيرتها القديمة .

(3) تفرز الطبقة الخلوية بعد ذلك طبقة الجليد الخارجية ( اذا كانت هذه الطبقة من مكونات الجليد الجديد ، ومعنى ذلك أن هذه الطبقة تفرزها الطبقة الخلوية وفقاً لحاجة الحشرة ، فقد تتكون كلياً أو جزئياً أو في مناطق دون الأخرى أو تغيب كلية). كما في حالة خط الانسلاخ.

(4) وأخيراً تفرز الطبقة الخلوية طبقة الجليد الداخلية .

وفى أثناء هذا التجديد الشامل ، تمتلئ المسافة بين الجليد القديم والجليد الجديد بسائل الانسلاخ ، الذي تفرزه خلايا الطبقة الخلوية، والتي ان اعتبرت في كثير من الأحيان مصدره الوحيد ، فان هناك في معظم الحشرات غدداً خاصة في هذه الطبقة لا تنشط الا وقت الانسلاخ فقط . وقد يعزى اليها وحدها – دون بقية الخلايا - افراز هذا السائل ومع هذا فقد يكون هناك مصدر ثالث لسائل الانسلاخ هو أنابيب ملبيجي ( في بعض الحشرات ) ففي حالة دودة الحرير يحتوى سائل الانسلاخ على بلورات من اكسالات ويوريات مصدرها لا شك هذه الأنابيب . وقد سلكت هذه المركبات طريقها بين الجليد المنزوع في المستقيم وبين الجليد الجديد لتصل إلى سائل الانسلاخ في سطح الجسم.

وظيفة سائل الانسلاخ وخصائصه : -

1) أنه يوجد بين غطاء الجليد الجديد وطبقة الجليد الداخلية في الجليد المنزوع (الجليد القديم)

2) أنه قادر على (هضم) اذابة مادتي الشيتين والبروتين ، ولكن مادة الجليدين لا تتأثر به .

3) أن مادة " الجليدين " هذه توجد في طبقتي غطاء الجليد وطبقة الجليد الخارجية فقط.

4) أنه يوجد بسائل الانسلاخ انزيمان: أحدهما يتأثر به (الشيتين) ويسمى (شيتيناز Chitinase) والآخر يتأثر به (البروتين) ويسمى (بروتياز Proteasa ) .

* وعلى هذا الأساس ، ونظراً لتعادل الانسلاخ واحتوائه على الانزيمين السابقين، فإنه يستطيع أن يهضم كل ما يمكن هضمه ( اذابته ) في الجليد القديم ، بينما تقف طبقة غطاء الجليد ومن ورائها طبقة الجليد الخارجية حائلتين دون تأثير على الجليد الجديد لاحتوائهما على مادة " الجليدين " التي لا تتأثر به .

ومصدر إنزيمي سائل الانسلاخ هو غدد جليدية خاصة بالانسلاخ ويوجد ما يعرف بخط الانسلاخ على شكل حرف (T) عند المنطقة الوسيطة الظهرية للرأس والصدر في الحشرات ، ويبدو هذا باهتاً وعنده تتلاقي طبقة غطاء الجليد الرهيفة مع طبقة الجليد الداخلية ، ولا وجود لطبقة الجليد الخارجية في هذا الموضع، وعلى هذا الأساس فعند هضم طبقة الجليد الداخلية في الجليد القديم تصبح منطقة هذا الخط - خط الانسلاخ - موضع ضعف حقيقي ينهزم أمام أقل ضغط تحدثه الحشرة ونظراً لهذا الضعف ينشق الجليد أثناء الانسلاخ وتخرج الحشرة بسهولة من جليدها القديم وراءها جلد " الانسلاخ Exuvia " .

وطريقة خروج الحشرة من جليدها القديم تاركه تتلخص في أنها تقبض بطنها في تتابع مستمر، ثم تدفع بمعظم سوائل جسمها شطر الرأس والصدر منها ويساعدها عادة في هذه العملية ابتلاع مقدار من الهواء أو الماء في الحشرات المائية وحصيلة ذلك جميعه هو حدوث ضغط من الداخل ينشق أمامه الجليد على طول خط الانسلاخ في الرأس والصدر، ثم تسحب الحشرة نفسها للخارج، وقد تساعدها في ذلك الجاذبية الأرضية اذا كانت مدلاة . كما في بعض الحشرات - كما تساعد في عملية الانسلاخ أحيان أعضاء مساعدة أخرى تختلف باختلاف الحشرات وباختلاف الأطوار.

وبعد خروج الحشرة من جليدها القديم يكون جليدها الجديد لازال هش مرن غض الاهاب ، وعندئذ تبتلع الحشرة الهواء ( أو الماء ) بشدة ، حتى يبلغ ضغط الدم أعلى مداه وهذا يساعد على نشر الأجنحة إن وجدت وتسوية . الانثناءات على كل سطح الجسم قبل تمام جفاف الجليد الجديد ، وجدير بالذكر أنه لو ثقبت الأجنحة أو القناة الهضمية في مثل هذه الأوقات الحاسمة من تاريخ حياة الحشرة . لما تمكنت الحشرة من نشر جسمها على الوجه الأكمل ، وتعذر عليها بسط أجنحتها ، بل قد يؤدى ذلك إلى دمارها ، وبالتالي إلى فشلها في مواصلة حياتها . الجليد الجديد يكون بادئ ذي بدء أبيض اللون لامعاً قليلاً أو كثيراً ثم يتحول الى اللون الداكن تدريجياً ويتصلب بعد ذلك ويأخذ لون الحشرة الطبيعي . يختلف عدد الانسلاخات باختلاف الحشرات فقد يحدث مرة واحدة في الحشرات البدائية التي تنتمى إلى (جنس Campodea) أو ( جنس Japyx ) ( لأن نموها مباشر) وقد يرتفع إلى ثلاثة وعشرين انسلاخا في حشرات ذباب مايو من (جنس Chloeon) ومعظم الحشرات والكثير منها ينسلخ عادة نحو 5 الى 6 انسلاخات وتنسلخ بعض رتيبات الحشرات ذات الجناحين وهي Cyclorrhapha انسلاخين فحسب ..وهناك عوامل أخرى بجانب العوامل الفسيولوجية الخاصة بنوع الحشرة هي العوامل الخارجية ( البيئية ) وهي تؤثر على الانسلاخ وعدده في الحشرات . بعض الحشرات تمارس هذه العملية عقب الخروج من البيض مباشرة . وفى الأطوار الغير كاملة ولكن في حشرات ذات الذنب القافز Collembola نجدها لا تمارس هذه الظاهرة إلا بعد بلوغها الجنسي وبعضها يمارسها بعد أن تتكون لديه أجنحة كاملة . ولقد ثبت نشاط بعض الغدد الصماء في جسم الحشرة أثناء عملية الانسلاخ مثل غدتي الجسم (الآلاتي Coppora Alata ) وهما جسمان صغيران يقعان خلف المخ مباشرة.

وهناك أعضاء أخرى تساعد في عملية الانسلاخ مثل غدد فرسون Verson's Glands وبعض الخلايا في الدم المعروفة باسم الخلايا الكروية Oenocytes وغيرها من الأعضاء.