المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8862 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
الضوء
2025-04-10
البلازما والفضاء
2025-04-10
الكون المتحرك
2025-04-10
الفيزياء والكون .. البلازما
2025-04-10
الفيزياء والكون.. الذرة
2025-04-10
D-dimer (Fragment D-dimer, Fibrin degradation product [FDP], Fibrin split products)
2025-04-10



الاذان والاقامة  
  
286   11:29 صباحاً   التاريخ: 2025-02-18
المؤلف : ابن ادريس الحلي
الكتاب أو المصدر : السرائر
الجزء والصفحة : ج 1 ص 208
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / المسائل الفقهية / الصلاة / افعال الصلاة (مسائل فقهية) / الاذان والاقامة (مسائل فقهية) /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-10-23 684
التاريخ: 2024-12-09 559
التاريخ: 29-9-2016 1254
التاريخ: 2025-01-08 404

اختلف قول أصحابنا في الأذان والإقامة ، فقال قوم : إنّ الأذان والإقامة ، من السنن المؤكدة في جميع الصلوات الخمس ، وليسا بواجبين ، وإن كانا في صلاة الجماعة ، وفي صلاة الفجر ، والمغرب ، وصلاة الجمعة ، أشد تأكيدا وهذا الذي أختاره وأعتمد عليه.

وذهب بعض أصحابنا إلى وجوبهما ، على الرجال في كل صلاة جماعة ، في سفر أو حضر ، ويجبان عليهم جماعة وفرادى ، في سفر أو حضر في الفجر والمغرب وصلاة الجمعة ، والإقامة دون الأذان ، تجب عليهم في باقي الصلوات المكتوبات ، وهذا الذي ذهب إليه السيد المرتضى رحمه‌ الله في مصباحه (1).

وبالأول يقول الشيخ أبو جعفر الطوسي رحمه‌ الله في مبسوطة (2) ومسائل خلافه (3).

ويذهب في نهايته (4) وجمله وعقوده (5) إلى أنّهما واجبان على الرجال في صلاة الجماعة.

والدلالة على صحة ما اخترناه ، انّ الأصل نفي الوجوب ، فمن ادّعاه فعليه الدلالة الموجبة للعلم ، ولانّه لا خلاف في أنّ الأذان والإقامة ، مشروعان مسنونان ، وفيهما فضل كثير ، وانما الخلاف في الوجوب ، والوجوب زائد على الحكم المجمع عليه فيهما ، فمن ادعاه فعليه الدليل لا محالة.

وبعد فإنّ الأذان والإقامة ممّا يعم البلوى به ، ويتكرر فعله في اليوم والليلة ، فلو كان واجبا حتما ، لورد وجوبه ، وورد مثله ، فيما يوجب العلم ، ويرفع الشك.

ويدل أيضا على ذلك ما روي عن النبيّ صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله ، من قوله (الأئمة ضمناء ، والمؤذّنون أمناء) (6)

فالأمين متطوع بالأمانة ، وليس بواجب عليه.

ومن ترك الأذان والإقامة متعمدا ، ودخل في الصلاة ، فلينصرف ، وليؤذّن وليقم ، أو ليقم ما لم يركع ، ثم يستأنف الصلاة.

وإن تركهما ناسيا ، حتى دخل في الصلاة ثم ذكر ، مضى في صلاته ، ولا يستحب له الإعادة ، كالاستحباب في الأول ، بل هاهنا لا يجوز له الرجوع عن صلاته.

ومن أقام ودخل في الصلاة ثم أحدث ما يجب عليه إعادة الصلاة ، فليس عليه إعادة الإقامة ، إلا أن يكون قد تكلّم فإنّه يستحب له إعادة الإقامة أيضا.

ومن فاتته صلاة ، وأراد قضاءها ، قضاها كما فاتته بأذان واقامة ، أو بإقامة على ما روي (7).

وليس على النساء أذان ولا اقامة ، بل يتشهدن الشهادتين ، بدلا من ذلك ، فإن أذّنّ وأقمن ، كان أفضل ، إلا أنهنّ لا يرفعن أصواتهن أكثر من إسماع أنفسهن ، ولا يسمعن الرجال.

ويستحب أن يكون المؤذن عدلا أمينا عارفا بالمواقيت ، مضطلعا بها ، معناه قيّما بها. قال لقيط الأيادي:

وقلدوا أمركم لله درّكم                                 رحب الذراع بأمر الحرب مضطلعا

ويستحب أن يكون عالي الصوت ، جهوريا ، ليكثر الانتفاع بصوته ، حسن الصوت ، مرتّلا مبيّنا للحروف ، مفصحا بها ، مع بيان ألفاظها.

ويكره أن يكون أعمى.

ولا يؤذّن ولا يقيم إلا من يوثق بدينه ، فإن كان الذي يؤذّن ، غير موثوق بدينه ، أذّنت لنفسك ، وأقمت ، هذا في الجماعات المنعقدات.

وكذلك إن صلّيت خلف من لا تقتدي به ، أذنت لنفسك وأقمت.

وإذا صليت خلف من تقتدي به ، فليس عليك أذان ولا اقامة ، وإن لحقت بعض الصلاة ، فإن فاتتك الصلاة معه ، أذنت لنفسك وأقمت.

ولا بأس أن يؤذّن الصبي الذي لم يبلغ الحلم ، ويقيم ، وإن تولّى ذلك الرجال كان أفضل.

والأذان هو الإعلان في لسان العرب ، وهو في الشريعة كذلك ، إلا انّه تخصّص باعلام دخول وقت صلاة الخمس ، دون سائر الصلوات ، فعلى هذا لا يجوز الأذان قبل دخول الوقت ، فمن أذّن قبل دخوله أعاد بعد دخوله.

وقد روي (8) جواز تقديم الأذان في صلاة الغداة خاصة ، إلا انّه يستحب إعادته بعد دخول الفجر ودخول وقته ، والأصل ما قدّمناه ، لأنّ الأذان دعاء إلى الصلاة ، وعلم على حضورها ، ولا يجوز قبل دخول وقتها ، لأنّه وضع الشي‌ء في غير موضعه.

وروى عاص بن عامر عن بلال أنّ رسول الله صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله قال له : لا تؤذّن حتى يستبين لك الفجر كذا ، ومدّ يده عرضا (9)

وليس لأحد أن يحمل اسم الأذان هاهنا على الإقامة ، ويستشهد بما روي عنه صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله من قوله : بين كل أذانين صلاة (10) ، يعنى الأذان والإقامة.

وذلك أنّ إطلاق اسم الأذان لا يتناول الإقامة فلا يجوز حمله عليها إلا بدلالة.

والأفضل أن لا يؤذّن الإنسان إلا وهو على طهر ، فإن أذن وهو على غير طهارة أجزأه ولا يقيم إلا وهو على طهر.

والأفضل أن لا يؤذّن الإنسان وهو راكب ، أو ماش ، ويتأكد ذلك في الإقامة ، وكذلك الأفضل أن لا يؤذّن الإنسان ووجهه إلى غير القبلة ، ويتأكد ذلك في الشهادتين ، وكذلك في الإقامة.

ويكره الكلام في حال الأذان ، ويتأكد ذلك في حال الإقامة ، فإن تكلّم بين فصول الأذان فلا تستحب له إعادته ، وإن تكلّم بين فصول الإقامة ، فالمستحب له إعادتها ، وإذا قال : قد قامت الصلاة ، فقد حرم الكلام على الحاضرين ، ومعنى يحرم يكره الكلام على الحاضرين كراهية شديدة ، لا أنّه محظور حرام ، لأنّ الحظر يحتاج إلى دليل قاطع للعذر وانّما إذا كان الشي‌ء شديد الكراهة أتوا به على لفظ الحظر والحرام ، وكذلك إذا كان الشي‌ء على جهة الاستحباب المؤكّد ، أتوا به على جهة الوجوب ، إلا بما يتعلّق بالصلاة من تقديم إمام ، أو تسوية صف.

والترتيب واجب في الأذان والإقامة ، فمن قدّم حرفا منه على حرف ، رجع فقدّم المؤخر ، وأخّر المقدّم منه.

فإن قيل : عندكم أنّ الأذان والإقامة مندوبان ، ومع ذلك فالترتيب فيهما واجب؟

قلنا : غرضنا بما قلنا من وجوب الترتيب مع كون الأذان مندوبا إليه ، أنّ من أتى بهما غير مرتبين يستحق به الإثم ، غير انّا نقول استحقاقه الإثم ليس هو بسبب أنّه أخلّ بواجب عليه فعله ، وانّما هو بسبب ارتكابه بدعة وشيئا غير مشروع ، باعتبار انّه لو ترك الأذان والإقامة وجميع صفاتهما ، فإنّه لا يستحق بذلك إثما ، فانكشف بذلك انّ استحقاق الإثم فيهما إذا فعلا غير مرتّبين ، انّما هو بارتكاب البدعة ، لا بالإخلال بالواجب.

ولا يجوز التثويب في الأذان ، اختلف أصحابنا في التثويب ما هو ، فقال قوم منهم : هو تكرار الشهادتين دفعتين ، وهذا هو الأظهر ، لأنّ التثويب مشتق من ثاب الشي‌ء إذا رجع ، وأنشد المبرّد لمّا سئل عن التأكيد فقال:

لو رأينا التأكيد خطة عجز                                ما شفعنا الأذان بالتثويب

وقال قوم منهم : التثويب هو قول : الصلاة خير من النوم ، وعلى القولين لا يجوز فعل ذلك ، فمن فعله لغير تقية كان مبدعا مأثوما.

وكذلك اختلف الفقهاء في تفسيره.

والدليل على أنّ فعله لا يجوز ، إجماع طائفتنا بغير خلاف بينهم. وأيضا لو كان التثويب مشروعا لوجب أن يقوم دليل شرعي يقطع العذر على ذلك ، ولا دليل عليه.

وأيضا فلا خلاف في أنّ من ترك التثويب لا يلحقه ذم ، ولا عقاب ، لأنّه امّا أن يكون مسنونا على قول بعض الفقهاء ، أو غير مسنون على قول البعض الآخر ، وفي كلا الأمرين لا ذمّ في تركه ، ويخشى من فعله أن يكون بدعة ومعصية ، يستحق بها الذم ، فتركه أولى وأحوط في الشريعة.

والإقامة مثنى مثنى ، وهو مذهب أصحابنا كلهم.

ولا يجوز الأذان لشي‌ء من صلاة النوافل ولا الفرائض سوى الخمس.

والأذان والإقامة خمسة وثلاثون فصلا. الأذان ثمانية عشر فصلا ، والإقامة سبعة عشر فصلا.

والأذان : الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ـ أشهد ان لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله ـ أشهد أنّ محمّدا رسول الله ، أشهد أنّ محمّدا رسول الله ( صلى‌ الله‌ عليه ‌وآله ) ـ حيّ على الصّلاة ، حيّ على الصّلاة ـ حيّ على الفلاح ، حيّ على الفلاح ـ حيّ على خير العمل ، حيّ على خير العمل ـ الله أكبر ، الله أكبر ـ لا إله إلا الله ، لا إله إلا الله.

والإقامة سبعة عشر فصلا على ما قدّمناه ، لأنّ فيها نقصان ثلاثة فصول من الأذان ، وزيادة فصلين ، فالنقصان تكبيرتان من الأربع الاولى ، وإسقاط التكرير من لفظ لا إله إلا الله في آخره ، والاقتصار على دفعة واحدة ، والزيادة أن يقول بعد حيّ على خير العمل ـ قد قامت الصّلاة ، قد قامت الصّلاة.

ولا يعرب أواخر الكلم ، بل تكون موقوفة بغير إعراب.

والمستحب أن يرتل الأذان ، ويحدر الإقامة ، والترتيل هو التبيين في تثبت وترسل ، والحدر هو الإرسال والاستعجال ، ثم يقف فيها دون زمان الوقف والتثبت في الأذان.

ومن أذّن فالمستحب له أن يرفع صوته ، فإذا لم يستطع ، فإلى الحد الذي يسمع معه نفسه.

ومن صلّى منفردا فالمستحب له أن يفصل بين الأذان والإقامة ، بسجدة أو جلسة أو خطوة ، والسجدة أفضل ، إلا في الأذان للمغرب خاصة ، فإنّ الجلسة أو الخطوة السريعة فيها أفضل.

وإذا صلّى في جماعة فمن السنّة أن يفصل بين الأذان والإقامة بشي‌ء من نوافله ، ليجمع الناس في زمان تشاغله بها ، إلا صلاة المغرب فإنّه لا يجوز ذلك فيها.

ويستحب لمن سمع المؤذّن أن يقول مثل قوله ، وقد يوجد في بعض كتب أصحابنا.

وينبغي أن يفصح فيهما بالحروف وبالهاء في الشهادتين ، والمراد بالهاء هاء إله ، لا هاء أشهد ، ولا هاء الله ، لأنّ الهاء في أشهد ، مبيّنة ، مفصّح بها ، لا لبس فيها ، وهاء الله ، موقوفة مبيّنة أيضا لا لبس فيها ، وانّما المراد هاء إله ، لأنّ بعض الناس ربما أدغم الهاء في لا إله إلا الله.

ذكر شيخنا أبو جعفر في مسائل خلافه (11) انّ الأذان لا يختص بمن كان من نسل مخصوص ، كأبي محذورة وسعد القرظ وقال الشافعي : أحب أن يكون من ولد من جعل النبيّ صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله فيهما الأذان ، مثل أبي محذورة وسعد القرظ.

قال محمّد بن إدريس رحمه‌ الله : ( أبو محذورة بالميم المفتوحة والحاء المسكنة غير المعجمة والذال المضمومة المعجمة والواو غير المعجمة والهاء واسمه سلمان ويقال سمرة الحمجيّ القرشي وكان مؤذن الرسول صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله ، ويقال أوس بن مغير وسعد القرظ بالقاف المفتوحة والراء المفتوحة غير المعجمة والظاي المعجمة ، وكان سعد القرظ مولى لعمار بن ياسر كان يؤذّن على عهد رسول الله صلى‌ الله‌ عليه ‌وآله وأبي بكر بقبا ، فلما ولي عمر ، أنزله المدينة ) أحببت أن أذكر هذين الاسمين ، لئلا يجري فيهما تصحيف ، فاني سمعت بعض أصحابنا يصحّفهما ، فيقول أبي محدورة بالدال غير المعجمة ، ويقول سعد القرط بالطاء غير المعجمة ، وبضم القاف وسكون الراء ، وهو تصحيف.

والدليل على ذلك ما ذكره شيخنا ، انّه من خصّ ذلك في نسب معين ، يحتاج إلى دليل ، والأخبار الواردة في الحث على الأذان ، عامة في كل أحد.

وأخذ الأجر على الأذان محظور ، ولا بأس بأخذ الرزق عليه من سلطان الإسلام ، ونوّابه.

ويستحب للإمام أن يلي الأذان والإقامة ، ليحصل له الفضل وثواب الجميع ، إلا أن يكون أمير جيش ، أو أمير سرية ، فالمستحب أن يلي الأذان والإقامة غيره ، ويلي الإمامة هو على ما اختاره شيخنا المفيد رحمه ‌الله في رسالته إلى ولده.

____________________

(1) لا يوجد الكتاب عندنا.

(2) المبسوط : في فصل الأذان والإقامة وأحكامهما.
(3)
كتاب الخلاف : كتاب الصلاة ، المسألة 28.
(4)
النهاية : كتاب الصلاة : في باب الأذان والإقامة وأحكامهما.

(5) الجمل والعقود : في فصل الأذان والإقامة وأحكامهما إلا أنّه قال بوجوبهما في الجماعة مطلقا لا على الرجال خاصة.
(6) المستدرك : الباب 3 من أبواب الأذان والإقامة ، ح 1 .

(7) الوسائل : الباب 37 من أبواب الأذان والإقامة. والباب 1 و 8 من أبواب قضاء الصلوات.

(8) الوسائل : الباب 8 ، ح 6 و 8. والباب 39 من أبواب الأذان والإقامة.

(9) المستدرك الباب 7 من أبواب الأذان والإقامة ح 4 .
(10)
لم نجد الحديث بعينه فيما بأيدينا من كتب الأحاديث الا أنه في الوسائل : في كتاب الصلاة ، في الباب 11 من أبواب الأذان والإقامة ، ح 7 ، عن أبي عبد الله عليه ‌السلام قال : بين كل أذانين قعدة الحديث.

(11) كتاب الخلاف : كتاب الصلاة ، المسألة 34.




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.