أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-10-2014
6551
التاريخ: 6-05-2015
7645
التاريخ: 2024-11-07
209
التاريخ: 26-09-2014
45322
|
إنّ مسألة الولاية على التشريع ، أو بتعبير أبسط ، حق التشريع بالنسبة للرسول صلى الله عليه و آله والأئمّة المعصومين عليهم السلام من المسائل المعقدة جدّاً ، إذ تناولت الأحاديث الإسلامية هذه المسألة مراراً وتكراراً.
فهل يمتلك الرسول الأكرم صلى الله عليه و آله الحق في أن يضع ما يراه من المصلحة على شكل قانون للمسلمين حتى مع عدم نزول الوحي الإلهي بشأن تلك المسألة ؟
لا شك في أنّ هذا الأمر ليس محالًا ، بشرط أن يمنحه اللَّه تعالى مثل هذا الحق (أي حق التشريع) ، ومفاد الكلام هنا هل وقع مثل هذا الأمر ، وهل تشهد الأدلّة النقلية على ذلك أم لا ؟
لدينا الكثير من الروايات (بعضها صحيحة السند والبعض الآخر ضعيفة) إذ تقول : إنّ اللَّه تبارك وتعالى قد «فوض الأمر» إلى الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله والأوصياء من بعده (والمراد من مسألة «تفويض الأمر» هنا حق التشريع).
وقد جمع المرحوم الكليني الروايات المتعلقة بموضوع «التفويض» في الجزء الأول من أصول الكافي ، وصنّفها في باب واحد ، إذ ينقل في هذا الباب عشرة أحاديث في هذا المجال ، ومن جملة هذه الأحاديث نقرأ في حديثٍ عن الإمام الباقر والإمام الصادق عليهما السلام حيث قالا : «إنّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعالى فَوَّضَ إلى نَبيّهِ أَمرَ خَلْقهِ لِيَنظُر كَيفَ طاعَتُهم ، ثمَّ تَلى هذِهِ الآية : وما آتاكُمُ الرَّسولُ فَخُذُوهُ وَما نهاكُمْ عنه فانتهوا» (1).
ونقرأ في حديث آخر عن الإمام الصّادق عليه السلام :
(إنّ اللَّهَ عَزَّوَجَلّ أدَّبَ نَبيَّه عَلى مَحَبتهِ فقال : وإنَّك لَعَلى خُلُقٍ عَظيمٍ ، ثمَّ فَوّضَ إليه فقالَ عَزَّوَجَل : وَما آتاكُم الرَّسولُ فَخذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنهُ فانْتهوا ، وَقَالَ عَزَّوَجَلْ : مَنْ يُطعِ الرُّسولَ فَقَدْ أطاعَ اللَّهَ ...» (2). فإذن ، القرائن الموجودة في العبارات الواردة في هذا الحديث توضّح بشكل جلي ما المراد من التفويض.
وقد جاء في بعض هذه الروايات أنّه بعد هذا التفويض الإلهي ، مارس الرسول صلى الله عليه و آله أمر التشريع وشرع بعض القوانين ، منها : أن اللَّه تبارك وتعالى جعل الصلاة ركعتين وأضاف الرسول صلى الله عليه و آله ركعتين أخريين عليهما (في صلوات الظهر والعصر والعشاء) ، وركعة واحدة في المغرب ، وتشريع الرسول صلى الله عليه و آله هذا ملازم للفريضة الإلهيّة والعمل به واجب ، كما أضاف صلى الله عليه و آله على ذلك (34 ركعة أخرى (أي ضعف الفرائض) بعنوان صلاة النوافل ، وأوجب اللَّه تعالى صيام شهر رمضان المبارك ، وقال الرسول صلى الله عليه و آله باستحباب صيام شهر شعبان وثلاثة أيام من كل شهر ... (3).
ويلاحظ في أحاديث أخرى واردة في أمر تفويض التشريع إلى الرّسول صلى الله عليه و آله ، نماذج أخرى من تشريعات الرسول صلى الله عليه و آله (4).
وفيما يتعلق بالمراد من «تفويض الأمر» هناك عدة احتمالات بخصوص هذه المسألة ، منها :
1- تفويض أمر التشريع للرسول الأكرم صلى الله عليه و آله كلياً.
2- تشريع جزئي في الموارد المحدودة ، وفيها أنّ الرسول الأكرم صلى الله عليه و آله قام بتشريع بعض الأحكام قبل نزول الأحكام الإلهيّة أو بعدها ، وأمضاها اللَّه تعالى.
3- تفويض أمر الحكومة والتدبير والسياسة وتربية النفوس والمحافظة على النظام.
4- تفويض أمر العطاء والمنع (فيعطي من بيت المال لمن يرى فيه الصلاح ، ويمنع من لا يرى فيه الصلاح).
5- التفويض في بيان حقائق أسرار الأحكام ، أي يبيّن للناس كل ما يرى فيه المصلحة من الأسرار والأحكام ، ولا يفصح عمّا لا يرى فيه المصلحة.
والمعنى الثاني هو المستفاد من مجموع الروايات الواردة في باب التفويض ، وهو أنّ الرسول الأعظم صلى الله عليه و آله قام بالتشريع في موارد محدودة بإذن اللَّه تعالى (ولعلها لم تتجاوز حدود العشرة موارد) ، وأنّ اللَّه تعالى قد أمضى هذا الأمر ، وبعبارة أخرى ، أنّ اللَّه تعالى قد أعطاه هذه الصلاحية في قيامه بالتشريع في بعض الموارد ، ومن ثم أمضاها اللَّه تعالى.
ويستفاد أيضاً من هذه الروايات وبشكل جيد ، أنّ اللَّه تبارك وتعالى ، قد أعطاه هذا المقام لعدّة أسباب :
أولًا : لكي يبيّن عظمة مقامه ومنزلته وبأن تشريعاته من سنخ تشريعات اللَّه تعالى.
والثاني : لكي يمتحن الناس ويرى مدى تسليمهم لأوامر النّبيّ صلى الله عليه و آله.
والثالث : إنّ اللَّه تعالى قد أيّده بروح القدس ، وأطلعه من خلال ذلك على أسرار الأحكام الإلهيّة.
ومن خلال ما ذكرنا ، تتضح لنا عدّة أمور :
1- يُستفاد من مجموع روايات التفويض ، أنّ اللَّه تبارك وتعالى أعطى رسول الإسلام صلى الله عليه و آله الولاية على التشريع إجمالًا ، لكي يمتحن طاعة الخلق من جهة ، ولتعظيم المقام الرفيع للرسول صلى الله عليه و آله وبيان منزلته عند اللَّه تعالى من جهة أخرى.
2- إنّ هذا التفويض لا يتمتع بصفة الكلية والشمول ، بل يتحقق في موارد محدودة ومعدودة ، ولهذا السبب كان الرسول صلى الله عليه و آله ينتظر نزول الوحي في الأمور المهمّة الّتي كان المسلمون يسألونه عنها غالباً ، وهذا دليل على عدم شمول التفويض ، وإلّا لما دعت الضرورة إلى أن ينتظر الرسول صلى الله عليه و آله نزول الوحي ، بل كان بمقدوره أن يشرّع أي قانون يراه ، (فتأمل).
3- هذا المقام الرفيع أُعطيَ له صلى الله عليه و آله بإذن اللَّه تعالى ، وإضافة لذلك فإنّ بعض القوانين الّتي شرعها الرسول صلى الله عليه و آله ، أمضاها اللَّه سبحانه وأقرها ، وبناءً على ذلك فلا دليل على تعدد الشارع والمشرّع إطلاقاً ، بل إنّ تشريع النّبي صلى الله عليه و آله يُعدّ أيضاً فرعاً من تشريع اللَّه تعالى.
4- هذا المقام الرفيع والسامي تحقق للنّبيّ صلى الله عليه و آله بعد النّبوّة وبعد أن صار مؤيّداً بروح القدس ، وكان معصوماً ، ولم يطرأ على فعله أي خطأ أو زلل ، وبناءً على ذلك فالذين لا يتمتعون بهذه الشروط لن تتحقق لهم مثل هذه المنزلة الرفيعة.
5- بالرغم من أنّ الأئمّة المعصومين عليهم السلام كانوا مؤيدين بروح القدس ، ولم يصدر عنهم أي خطأ أو انحراف إطلاقاً ، إلّا أنّهم لم يصدروا تشريعاً جديداً ، لإنّه بعد إكمال الدين وإتمام النعمة الإلهية ، فإنّ جميع الأحكام الّتي تحتاجها الأمة إلى يوم القيامة وطبقاً للروايات الكثيرة الّتي قد تصل إلى حد التواتر ، قد تمَّ تشريعها ولم يبق مجال لأي تشريع جديد ، وبناءً على ذلك فإنّ واجب الأئمّة المعصومين عليهم السلام إقتصر على توضيح وتبيين الأحكام الّتي وصلت إليهم عن الرسول الأكرم صلى الله عليه و آله سواء بدون واسطة أو بالواسطة.
سؤال :
هل من الممكن أن يُقال أنّه يُستفاد من بعض الروايات ، أنّ أمير المؤمنين عليه السلام فرض الزكاة على الخيل فكان ذلك تشريعاً جديداً حيث وردت رواية بأنّ الإمامين الباقر والصّادق عليهما السلام قالا : «وَضَعَ أميرُ المؤمِنين عَلى الخَيل العِتاقِ الرّاعية في كُلِّ فَرسٍ في كلِّ عامٍ دِينارَيْن وَعَلى البَراذِين دِيناراً» (5).
وجاء أيضاً في رواية علي بن مهزيار أنّ الإمام الجواد عليه السلام عندما جاء إلى بغداد في عام 220 ه ، فرض خُمساً آخر غير الخُمس الواجب المتعارف عليه في قسم عظيم من الأموال ، ولمرّة واحدة فقط (6).
وكلا الحديثين معتبران من حيث السند ، وبناءً على ذلك لابدّ من القول : إنّ الأئمّة المعصومين عليهم السلام كانوا يمتلكون حق التشريع أيضاً.
الجواب :
إنّ الأحكام الكليّة في التشريع تختلف عن الأحكام التنفيذية للحاكم ، فالأحكام الكليّة هي نفس القوانين الثابتة والمستمرة التي تبقى قائمة في كل عصر ومكان إلى يوم القيامة ، إلّا أنّ الأحكام الصادرة عن الحاكم الشرعي هي الّتي تصدر بسبب الأمور الضرورية وأمثالها وبشكل مؤقت (مثل حكم تحريم التنباكو الذي صدر في فترة محدّدة لغرض محاربة الاستعمار الاقتصادي الإنجليزي من قبل مرجع كبير ثم رفع بعد انتهاء الخطر).
ويستفاد من القرائن الواردة في رواية الإمام الجواد عليه السلام وبشكل واضح ، أنّه عليه السلام لما جاء إلى بغداد كان الشيعة يعانون الفاقة والضنك ، وقد أقرّ الإمام تعدد الخمس في تلك السنة لغرض حل هذه المشكلة بشكل خاص ، والواقع أنّه عليه السلام طبّق أحكام العناوين الثانوية والضرورية على إحدى مصاديقها ، بدون أن يمثل ذلك تشريعاً جديداً.
ويمكن أن يكون حكم الزكاة الوارد في رواية الإمام أمير المؤمنين عليه السلام من هذا النوع أيضاً ، ولذا فإنّ هذا الحكم محدود بذلك الزمان فقط ، ولم ينظر إليه الفقهاء كتشريع عام ولم يصدروا فتاواهم طبقاً لتلك الفتوى ، (فتأمل).
6- ممّا ورد في البند الخامس يتضح لنا أنّ غير الأئمّة المعصومين عليهم السلام لا أحد يملك حق تشريع القوانين الكلية الإلهيّة بطريق أولى ، لأنّه باختتام النبوة وارتحال النّبيّ صلى الله عليه و آله وإكمال الدين وإتمام النعمة ، لم يبق مجال لتشريع الآخرين من جهة ، وأنّ جميع الأحكام الإلهيّة الكلية الّتي يحتاجها الإنسان إلى يوم القيامة تمّ تبيينها طبقاً للكثير من الآيات القرآنية والروايات الواردة بذلك الشأن ، ومن جهة أخرى فإنّ غيرهم من الناس ليسوا معصومين وغير مؤيدين بروح القدس لكي يثبت لهم مثل هذا الحق ، خاصة وقد اعتبرت الروايات السابقة هذا المعنى شرطاً للحاكمية على التشريع.
7- لابدّ من الإلتفات إلى أن البعض من روايات التفويض ، لم تنظر إلى مسألة تشريع الأحكام ، بل تناولت تسليمهم أمر الحكومة والولاية ، أو تسليمهم بيت المال.
8- تعتقد طائفة من علماء السنة بتفويض تشريع الأحكام إلى الفقهاء في ما لا نصّ فيه ، وتوضيح ذلك : يقسّم علماء السنّة المسائل إلى قسمين : ما فيه نص (في القرآن والسنة) وما لا نصّ فيه.
وفيما يتعلق بالقسم الأول يعتقدون جميعاً بوجوب العمل بالأوامر والنصوص ، وفي القسم الثاني يعتقد الكثير منهم بوجوب الذهاب إلى القياس أولًا ، بمعنى قياس تلك المسألة التي لم يرد فيها نص مع المسائل التي ورد فيها حكم معين ، والإفتاء بحكم شبيه بذلك الحكم لتلك المسألة ، وبغير ذلك فإنّ علماء الدين مكلفون بدراسة مصلحة ومفسدة ذلك الأمر ، ثم وضع حكم مناسب حسب ما هو أفضل وأقوى برأيهم ، ويجب على أتباعهم القبول بذلك الحكم ، والعمل به كحكم إلهي.
وهذا ما يصطلحون عليه أحياناً ب «الإجتهاد» (طبعاً الإجتهاد بمعناه الخاص ، وليس الإجتهاد بمعنى استنباط الأحكام من الأدلة الشرعيّة) ، وأحياناً يصطلحون عليه بكلمة «التصويب» ، ويقولون إنّ ما يضعه الفقيه في هذه الموارد على شكل قانون يحظى بتصويب اللَّه تعالى! ولو وضع فقهاء مختلفون أحكاماً متعددة ومختلفة ، فإنّها جميعاً تحظى بالقبول بعنوان حكم إلهي!
وبهذا الشكل فإنّهم يعطون للفقهاء حقّ في التشريع في الموارد التي لم يرد بشأنها نصّ أو دليل خاص.
إلّا أنّ فقهاء الشيعة السائرون على مذهب أهل البيت عليهم السلام يخالفون هذا الكلام جملةً وتفصيلًا ، ويقولون : إنّ جميع الأحكام التي يحتاجها الإنسان إلى يوم القيامة وردت في الشريعة الإسلامية ولم يبق شيء لم يُذكر له حكم لكي يقوم أحدٌ بتشريع قانونٍ ما ، ولكن البعض من هذه الأحكام وردت بشكل صريح في القرآن الكريم أو السنة النبوية الشريفة ، أو سنّة الأئمّة المعصومين عليهم السلام ، والبعض منها ورد بشكل القواعد الكلية والأصول العامّة ، أو بعبارة أخرى إنّ في «العمومات» و «الإطلاقات» أدلة أولية وثانوية ، بحيث إنّ لكل موضوع من المواضيع ، هناك حكم ثابت له ، سواء كان هذا الحكم حكماً واقعياً تارةً أو حكماً ظاهرياً تارةً أخرى.
وبناءً على ذلك لا وجود لشيء بإسم الإجتهاد (بالمعنى الخاص) أو القياس ، أو ما لا نص فيه ، فمسؤولية الفقهاء تقتصر على تطبيق الأحكام الكليّة على مصاديقها فقط.
ويتضح لنا ممّا تقدم ذكره أن «التشريع» في المجالس التشريعية لا يعني في عُرف مذهب أهل البيت عليهم السلام وضع أحكام جديدة بشأن المسائل التي يواجهها الإنسان ، بل المراد به تطبيق الأصول على الفروع أو تشخيص الموضوعات المختلفة بمعنى التشريع الموضوعي.
وخلاصة القول : إنّ مجالس التشريع في مذهب الشيعة ، ليست بمعنى وضع الأحكام الكليّة ازاء أحكام الإسلام ، أو بدل ما لا نصّ فيه ، والمسألة هي من قبيل تطبيق الأحكام ، أو التشريع الموضوعي ، ولهذا السبب وُضع «مجلس صيانة الدستور» إلى جانب المجلس التشريعي ، لكي يُشرف عليه جمعٌ من الفقهاء ويتأكدوا من أنّ القوانين الموضوعة غير مخالفة لأحكام الإسلام.
وحتى مجلس «تشخيص المصلحة» الذي أُقرّ مؤخراً في الدستور ، هو الآخر مسؤول عن تشخيص الموضوع أيضاً ، وليس جعل القانون.
وبعبارة أوضح : إنّ أحد العناوين الثانوية هو عنوان الأهم والمهم ، يعني متى ما تعارضت مسألتان شرعيتان مع بعضهما ، كما هو الحال مثلًا في المحافظة على أموال الناس وعدم التصرّف بها إلّا بإذن صاحبها مع مسألة الحاجة الملحّة لفتح شارع في المدينة أو طريق في الصحراء ، فمن جهة تعتبر مسألة المحافظة على النظام في المجتمع الإسلامي واجبة ، ولا يمكن أن يتحقق ذلك إلّا بشق الطرق الضروريّة ، ومن جهة أخرى فإنّ المحافظة على أموال النّاس أمرٌ واجب ، ففي هذه الحالات يجب تقديم الأهم على المهم ، وأن تُمنح الإجازة بفتح هذه الطرق ، مع دفع الأضرار والخسائر الناجمة عن ذلك إلى مالكي تلك الأراضي.
وكذلك الحال فيما يتعلق بمسألة وضع الأسعار على المواد المختلفة ، فالقانون الإسلامي أساساً ، يقول بحرية الأسعار والتسعيرة ، ولكن في الحالات التي تصبح فيها هذه الحرية سبباً لاستغلال الانتهازيين والجشعين الذين يجعلون المجتمع في وضع حرج بحيث تتوقف معها مسألة المحافظة على النظام الاقتصادي في المجتمع على تحديد الأسعار ، فممّا لا شك فيه أنّ مسألة المحافظة على النظام مرجحّة ، ومن الممكن هنا القيام بإصدار قانون لتحديد الأسعار ، وتكليف الحكومة الإسلامية بتنفيذه.
وعلى مجلس تشخيص المصلحة في هذه الموارد ، اختيار الأهم من خلال دراسته الدقيقة للأمر ، لكي تقوم الحكومة الإسلامية بتنفيذ القانون ، بالضبط كما هو معروف أنّ المحافظة على النّفس واجبة وأكل اللحم الحرام ممنوع ، ولكن في موارد خاصّة عندما ينحصر فيها حفظ النفس على الاستفادة من اللحم الحرام فقط ، نسمح بذلك ونعتبره أمراً مجازاً ، وذلك لأنّ أهميّة حفظ النسل أكبر وأهم من ذلك.
وبناءً على هذا المفهوم فإنّ (مجلس تشخيص المصلحة) يختلف كثيراً عن الإجتهاد والإستحسان والمصالح المرسلة الشائعة بين علماء السنّة ، إذ يدور الأمر هنا بين تعارض وتضاد حكمين ، فتصبح مسألة تشخيص المصلحة هي الأهم ، في حين أنّ الذي يحصل هناك عبارة عن وضع حكم معين لموضوعٍ يعتقد بعدم وجود حكم معيّن له ، (فتأمل).
ومن مجموع ما ذكرنا نستنتج أنّ المجلس التشريعي يعد أحد أركان الحكومة الإسلامية ، ذلك أنّه في كل زمان ومكان وفي كل مرحلة معينة تبرز مجموعة من المتطلبات والمسائل المستحدثة التي تستوجب تحديد القانون الخاص بها بشكل دقيق ، ولكن التشريع هنا يعني التخطيط وتطبيق الأصول على الفروع ، واستخراج الفروع من القوانين الكلية وتشخيص المواضيع بشكل دقيق.
_________________________
(1) أصول الكافي ، ج 1 ، ص 267 ، ح 5.
(2) أصول الكافي ، ج 1 ، ص 265 ، ح 1.
(3) المصدر السابق ، ص 266 ، ح 4.
(4) للمزيد من التوضيح ودراسة جميع روايات التفويض عليكم بمراجعة كتاب أنوار الفقاهة ، ج 1 ، ص 552.
(5) الخلاف ، ج 2 ، ص 55.
(6) وسائل الشيعة ، ج 6 ، أبواب ما يجب فيه الخمس ، الباب 8 ، ح 5.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|