أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-04-19
1846
التاريخ: 2024-11-05
435
التاريخ: 2023-08-06
2450
التاريخ: 2023-09-10
1587
|
قد يسأل البعض لماذا أمر الإِسلام بغسل كامل الجسم لدى حصول «الجنابة» في حين أن عضواً معيناً واحداً يتلوث أو يتسخ في هذه الحالة؟
فهل هناك فرق بين البول الخارج من ذلك العضو ، وبين «المني» الخارج منه أثناء الجنابة بحيث يجزي غسل العضو وحده في حالة التبول ، بينما يجب غسل الجسم كله بعد خروج المني من العضو؟
لهذا السّؤال جوابان ، مجمل ومفصل ، وهما كما يلي : فالجواب المجمل يتلخص في أن خروج المني من الإِنسان لا ينحصر أثره في العضو الذي يخرج منه ، أي أنّه ليس كالبول والفضلات الأخرى.
والدليل على هذا القول هو تأثر الجسم كله أثناء خروج المني من العضو بحيث تطرأ على خلايا الجسم كلها حالة من الإِسترخاء والخمول ، وهذه الحالة هي الدليل على تأثير الجنابة على أجزاء الجسم كلها ، وقد أظهرت بحوث العلماء المتخصصين ـ في هذا المجال ـ أن هناك سلسلتين عصبيتين نباتيتين في جسم الإِنسان ، هما السلسلة السمبثاوية (الأعصاب المحركة) والسلسلة شبه السمبثاوية (الاعصاب الكابحة) تمتدان في كافة أجزاء الجسم وأجهزته الداخلية ، وتتولى السلسلة السمبثاوية تحفيرأ أجهزة الجسم على العمل وتسريع عملها ، بينما السلسلة شبه السمبثاوية تعمل عكس الأُولى ، فتحدّ عمل أجهزة الجسم وتبطئها فالأُولى تلعب دور جهاز دفع البنزين في السيارة من أجل تحريكها والأُخرى يكون دورها دور الكابح فيها لإِيقافها عن الحركة ، وبالتوازن الحاصل في عمل هاتين السلسلتين العصبيتين تعمل جمع أجهزة جسم الإِنسان بصورة متوازنة أيضاً.
وقد تحدث في جسم الإِنسان ـ أحياناً ـ فعاليات تعيق استمرار هذا التوازن فيطغى عمل أحد السلسلتين العصبيتين على عمل الجملة الأُخرى ، ومن هذه الفعاليات وصول الإِنسان إِلى الذروة في اللذة الجنسية ، أي ما يسمى بحالة «الأُوركازم» التي تقترن بخروج المني من عضو الإِنسان ، وفي هذه الحالة يطغى عمل السلسلة العصبية شبه السمبثاوية الكابح على عمل السلسلة العصبية الأُخرى التي هي السمبثاوية الدافعة فيختل التوازن بصورة سلبية في جسم الإِنسان ، وقد ثبت بالتجربة أن الشيء الذي يمكنه إِعادة التوازن بين عمل تلك السلسلتين العصبيتين ، هو وصول الماء إِلى جسم الإِنسان ، ولما كانت حالة «الأوركازم» التي يصل إِليها الإِنسان لدى «الجنابة» تؤثر بصورة محسوسة عل أجهزة جسم الإِنسان وتخل بتوازن السلسلتين العصبيتين المذكورتين ، لذلك أمر الإِسلام بأن يباشر الإِنسان غسل كل جسمه بعد كل مقاربة جنسية ، أو لدى خروج «المني» منه ، حيث يعود بهذا الغسل التوازن بين عمل السلسلتين العصبيتين السمبثاوية وشبه السمبثاوية في كل أجزاء الجسم ، فتعود لها حالتها الطبيعية في الحركة والحياة (1). وبديهي أنّ فائدة الغسل لا تنحصر في الذي تحدثنا عنه قبل قليل ، بل أنّ الغسل يعتبر أيضاً نوعاً من العبادة التي لها آثار أخلاقية لا تنكره ، ولهذا السبب يبطل الغسل إن لم يكن مقترناً بنيّة الطاعة والتقرب إِلى الله سبحانه ، لأنّ الحقيقة هي أنّ الجسم والروح كليهما يتأثران أثناء خروج «المني» من الإِنسان أو لدى حصول المقاربة الجنسية ـ فالروح تجر بذلك وراء الشهوات المادية ويدفع الجسم إِلى حالة الخمول والركود.
وغسل الجنابة يعتبر غسلا للجسم بما يشمله من عملية إِيصال الماء إِلى جميع أجزائه ، ويعتبر غسلا للروح بما يحتويه من نية الطاعة والتقرب إِلى الله ، أي أنّ لهذا الغسل أثرين مادي وروحي ، يدفع الأثر المادي منه الجسم إِلى استعادة حالة النشاط والفعالية ، ويدفع الأثر الروحي الإِنسان للتوجه إِلى الله وإِلى المعنويات.
أضف إِلى ذلك كلّه أنّ وجوب غسل الجنابة في الإِسلام هو أيضاً من أجل إِبقاء جسم الإِنسان المسلم طاهراً ، كما هو رعاية للجانب الصحي في حياة الإِنسان ، وقد يوجد الكثير من الناس ممن لا يعتنون بنظافة أجسامهم لكن هذا الأمر والواجب الإِسلامي يجبرهم على غسل أجسامهم بين فترة وأُخرى ولا يقتصر التهاون في غسل الجسم على إِنسان العهود القديمة ، بل حتى في عصرنا الحاضر هناك الكثير ممن لا يعتنون بغسل أجسامهم ، بل يتهاونون في هذا الأمر الحياتي المهم (وطبيعي أن حكم غسل الجنابة حكم عام ، وقانون كلي يشمل حتى الشخص الذي غسل جسمه قبل حصول الجنابة بقليل).
إِنّ الجوانب الثلاثة المذكورة فيما سبق ـ توضح بمجموعها سبب وجوب الغسل لدى خروج المني من الإِنسان سواء كان في أثناء النوم أو اليقظة وكذلك بعد المقاربة الجنسية (حتى لو لم تؤد إِلى خروج المني).
وقد أوضحت الآية ـ في آخرها ـ أنّ الأوامر الإِلهية ليس فيها ما يحرج الإِنسان أو يوجد العسر له ، بل إِنها أوامر شرعت لتحقق فوائد ومنافع معينة للناس ، فقالت الآية (ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلّكم تشكرون).
وتؤكد هذه العبارات القرآنية الأخيرة أنّ جميع الأحكام والأوامر الشرعية الإِلهية والضوابط الإِسلامية هي في الحقيقة لمصلحة الناس ولحماية منافعهم ، وليس فيها أي هدف آخر ، وإِنّ الله يريد بالأحكام الأخيرة الواردة في الآية ـ موضوع البحث ـ أن يحقق للإِنسان طهارته الجسمانية والروحية معاً.
ويجب هنا الإِنتباه إِلى أن جملة (ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج) مع أنّها وردت في أواخر الآيات التي اشتملت على أحكام الغسل والوضوء والتيمم ، إِلاّ أنّها تبيّن قانوناً عامّاً معناه أنّ أحكام الله ليست تكاليف شاقّة أبداً ، ولو كان في أي حكم شرعي العسر والحرج لأي فرد لسقط التكليف عن هذا الفرد بناء على الإِستثناء الوارد في الجملة القرآنية الأخيرة من الآية موضوع البحث ، ولهذا لو كان الصوم يشكل مشقة وعناء على أي فرد بسبب مرض أو شيخونة أمّا ما شابه ذلك ، لسقط أداؤه عن هذا الفرد وارتفع التكليف عنه ، بناء على هذا الدليل نفسه.
ولا يخفي ـ أيضاً ـ أنّ هناك من الأحكام الإِلهية ما يظهر فيها الصعوبة والمشقة بذاتها مثل حكم الجهاد ، إِلاّ أنّه ولدى مقارنة المصالح التي تتحقق بالجهاد مع الصعوبات والمشاق التي فيه ، تترجح كفة المصالح وأهميتها فلا تكون المشاق أمامها شيئاً يذكر ، وقد سمي القانون الذي أثبتته الجملة القرآنية الأخيرة بقانون «لا حرج» وهو مبدأ أساسي يستخدمه الفقهاء في أبواب مختلفة ويستنبطون منه أحكاماً كثيرة.
__________________________
1. ونقرا في رواية عن الامام الثامن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) قوله : (ان الجنابة خارجة من كل جسده فلذلك وجب عليه تطهير جسده كله)) وفي هذه الرواية اشارة للبحث الذي تناولناه أعلاه . من وسائل الشيعة , ج1. ص466.
|
|
لصحة القلب والأمعاء.. 8 أطعمة لا غنى عنها
|
|
|
|
|
حل سحري لخلايا البيروفسكايت الشمسية.. يرفع كفاءتها إلى 26%
|
|
|
|
|
قسم الحزام الأخضر الجنوبي ينظّم حفلاً بذكرى ولادة الإمام علي (عليه السلام)
|
|
|