أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-07-19
1215
التاريخ: 2024-05-24
947
التاريخ: 2024-04-13
963
التاريخ: 2024-10-21
664
|
وقبل أن نبدأ الكلام بالتفصيل عن محتويات هذا القبر يجدر بنا أولًا أن نلقي نظرة عابرة على مباني الجبانة الملكية في «تانيس».
تحتوي الجبانة الملكية في «تانيس» على أربع مقابر مميزة، وتقع مباشرة بجوار الزاوية الجنوبية الغربية للمعبد الكبير (انظر التصميم صورة 1)، وتقع جوانبها الثلاثة الكبيرة في الجهة الشرقية والغربية، وتقع الجوانب الكبيرة للمقبرتين الأخريين في الجهة الشمالية الجنوبية، وفي نفس القطاع توجد أسس قبر لم يكن قد تم بناؤه (رقم 6) (انظر صورة 2). ويمكن تقسيم هذه المقابر ثلاثة أنواع مختلفة:
(1) المقابر التي من طراز بسيط (مقابر 4 و6)، وهي عبارة عن غلاف من المباني يحمي التابوت، ويتألف من أربعة جدران لها زوايا، وأرضيتها مبلطة، وسقفها مؤلف من قطع من الحجر.
(2) والطراز الثاني (ويشمل المقبرتين رقم 2 و5)، ويحتوي على حجرة يوجد فيها التابوت، وبئر توصل إلى تلك الحجرة، والكلُّ يؤلِّفُ بناءً مستطيلَ الشكل.
(3) والطراز الثالث هو مقابر يتألف كل منها من عدة حجرات (1 و3)، وتتميز بشكلها الذي على هيئة زاوية قائمة L، وكذلك باستعمال الجرانيت في بناء الحجرة المخصصة للتابوت الملكي.
ولا بد من أن نشير هنا في الحال إلى أنه وُجد في الغرب من المقبرة (رقم 3) عدة هياكل عظمية عُثر عليها مدفونة في الرمل، وفي ثلاثة أحوال منها كانت هياكل تحت طبقة من اللبنات سُمكها ثلاث لبنات وضعت الواحدة فوق الأخرى.
المقبرة رقم 1
تصميم المقبرة
وهذه المقبرة تتألف من جزءين مميزين؛ أولًا: يوجد في الشرق مبنى من الحجر الجيري الأبيض يحتوي على ثلاث حجرات كانت تستعمل إحداها في الأصل ممرًّا للدخول، والاثنتان الأخريان كانتا للأثاث الجنازي، والحاجز الذي يقسم الحجرة الأولى قسمين مؤرخ بالزمن الذي وضع فيه التابوت المصنوع من الجرانيت، وفي الغرب توجد حجرة الملك «أوسركون» الجنازية، ولها منفذ من جهة الممر.
وأُسُسُ هذا المبنى في أجزائها المنخفضة جدًّا موضوعة على الرمل الذي يبلغ عمقه حوالي 6٫60 مترًا من أسفل مستوى بلاط البوابة العظمى للمعبد الكبير، وتوجد آلات على مسافة نصف متر تحت مستوى طبقة الماء، وفي العهد الذي بنيت فيه المقبرة كان ينبغي أن يكون مستوى الماء على مسافة ثلاثة أمتار أسفل من مستواه في أيامنا الحالية.
وعلى ذلك لم يكن في الإمكان الكشف عن كل الأسس خوفًا من تصدُّع البنيان كله. ويتألف البناء في الجزء الشرقي من جدران مبنية بالحجر الجيري المهذب المحكم بالملاط، وهذه الأحجار مأخوذة من مباني «رعمسيس الثاني»، والجزء الغربي يحتوي على حجرة الفرعون «أوسركون الثاني» الجنازية. ولما كانت هذه الحجرة مخصصة للتابوت الضخم فقد غطيت جدرانها كلها بأحجار من الجرانيت الوردي.
وهذه الحجرة قد سُقِفَتْ من جهة الغرب فيما بعد؛ وذلك لإمكان وضع تابوت ثانٍ لم يكن في الحسبان وضعه هنا حسب التصميم الأول، أما قطعتا الجرانيت اللتان كانتا تغطيان الواجهة الغربية من الحجرة فقد استُعملتا في تسقيف الجزء الذي زِيدَ.
وهذا التغير في المبنى كان سببه وفاة الأمير والكاهن الأكبر «حورنخت»، وقد عُمل بسرعة كما يظهر جليًّا في المبنى، وأُدخل تابوت هذا الكاهن الأكبر من جهة الغرب قبل إعادة بناء الجدار.
وتدل الأحوال على أن التابوت الكبير الخاص «بأوسركون الثاني» كان قد وُضع في مكانه قبل بناء الجدار الجانبي.
أما مدخل الحجرة الرابعة فكان من فتحة عُملت في الجدار الشرقي توصل إلى الحجرة الأولى، وقد أغلقت هذه الفتحة بسدادة من الجرانيت على هيئة جذع هرم غير أنها لم تكن محكمة؛ ولذلك اضطر القائمون بهذا العمل لوضع بعض قطع صغيرة من الحجر لإحكامها وتمكينها بالمونة.
كسوة المبنى من الداخل
يدل الملاط الذي وُضع على جدران المقبرة من الداخل على أنه لم يُعمَل على نمط واحد بل كان تنفيذه غير متناسق؛ إذ نجد في بعض الأجزاء أنها لم تتم، وبخاصة في الجدار الشرقي من الحجرة الثالثة، هذا إلى أن مباني الجدران من الداخل لم تكن متقنة، من أجل ذلك استُعمل الملاط بكثرة لتغطية العيوب التي فيها، أما الملاط الذي استعمل في الحجرة المقامة من الجرانيت لتغطية العيوب فكان ملوَّنًا باللون الأحمر ليتمشى مع لون الجرانيت، ونجد بعض هذا اللون لا يزال عالقًا على الجرانيت نفسه.
الواجهة الخارجية للمقبرة
لما كانت الواجهات الشمالية والشرقية والغربية لم يكن مقصودًا إظهارها للعيان؛ فإنها لم تُكْسَ وبقيت خشنةً على أصلها.
باب الدخول من الحجرة الأولى
كان المدخل العمومي للمقبرة غير ظاهر؛ وذلك بسبب الأحجار التي كانت تسده، ومن المحتمل أن هذا الباب كان قبل إدخال تابوت الملك «تاكيلوت» وتابوت شخص مجهول كان مسدودًا ببناية عليها نقوش، وعَتَبُ هذا الباب مؤلف من حجر واحد من الجرانيت الوردي.
الجدار المشترك بين المقبرة رقم 1 والمقبرة رقم 2
هذا الجدار في الواقع تابع لمباني المقبرة رقم واحد؛ إذ لا يوجد أي اتصال بين المبنيين.
أما اتجاه المقبرة العام فهو الجهة الشمالية (65٫5 درجة بالبوصلة شمالًا)، والنقش الذي داخل المقبرة يرجع إلى عهد الملك «أوسركون الثاني»، وتدل الأحوال على أن هذا الملك لم يَمْحُ من أية جهة من جدران المقبرة طغراء أي فرعون آخر ممن سبقوه ليضع طغراءه بدلًا منه، ومن ثم يمكننا أن نحكم أن «أوسركون الثاني» هو باني هذه المقبرة. والواقع أن هذه ليست الحقيقة؛ إذ دل الفحص على أنه كان يوجد في هذه البقعة مقبرة يرجع تاريخها إلى ما قبل عصر «أوسركون»؛ بل وقبل عهد «بسيوسنس»، والأسباب التي دعت إلى هذا الزعم نستخلصها من مقبرة «بسوسنس» ومن مقبرة «أوسركون» نفسه.
ولأجل أن نفهم ذلك يجب أن نلقي أولًا نظرة على المقبرة (رقم 3) المجاورة لمقبرة «أوسركون الثاني»، وهي المقبرة التي أقامها «بسوسنس» لنفسه؛ فنجد أن مباني الحجرتين: الثالثة والرابعة لهذه المقبرة قد اضْطَرَّتِ البنَّاءَ عند إقامتهما إلى أن يَجْعَلَ بابَ الحجرة الثانية منحرفًا؛ وذلك لأنه لم يكن في مقدوره وقت إقامة المقبرة أن يمد الجناح الذي فيه هاتان الحجرتان نحو الجنوب، وهذه الاستحالة المادية لا يمكن أن تحدث إلا لوجود مبانٍ في هذه الجهة كان من الواجب احترامها والمحافظة عليها، هذا إلى أن باني المقبرة (رقم 3) كان مجبرًا أن يقطع الجدار الشمالي للمقبرة.
الواجهة الشرقية
يلاحَظ أن المدماكين النهائيين خارجان بنحو من 1٫40 مترًا إلى 1٫80 مترًا عن الواجهة الأصلية.
ومن هذه الملاحظات يمكن أن نستنبط ما يأتي: كان يوجد قبر في هذا المكان قبل إقامة قبر «بسوسنس»، وفي الإمكان أن نفرض أن هذا القبر كان موجودًا قبل أن يتخذه «أوسركون الثاني» لنفسه، وأنه لم يكن محلًّى بأية نقوش أو زينة كالمقبرة (رقم 2)، وأن «أوسركون» جهز جدرانه وأعدها بدقة لتُحلَّى بالنقوش والمتون الجديدة، هذا إلى أن هذه المقبرة كانت على ما يظهر مخربة بعض الشيء، وأن «أوسركون» أصلح كل الأجزاء التي أصابها التخريب والعطب.
بقية النقوش التي على الحجارة التي استُعملت ثانية في بناء الجدار الخارجي للمقبرة
عثر على نقوش عدة على الجدران الخارجية لهذه المقبرة تدل على أن كل الأحجار أخذت من مباني «رعمسيس الثاني»؛ إذ وُجد طغراؤه عليها، هذا إلى بعض مناظر دينية ذُكرت عليها الإلهة «عشتارت» والإله «بتاح» وغيرهما من الآلهة التي كان يتعبد إليها الفرعون «رعمسيس الثاني»، وبخاصة الإله «ست».
الضريح المقام بأحجار من الجرانيت
كانت قطعة الحجر التي وُجدت فوق تابوت الكاهن الأكبر «حورنخت» قد قُطعت من قاعدة تمثال، وقد بقي من نقوشها الألفاظ التالية: «محبوب الإله … ملك الوجه القبلي والوجه البحري، سيد الأرضين ورب السيف.» وكذلك نجد أن الحجر الأول من أحجار السقف كان مقطوعًا من تمثال من تماثيل الدولة القديمة أو الدولة الوسطى، ثم حوَّله «رعمسيس الثاني» إلى خارجةِ بابٍ قبل أنِ استَعْمَلَه «أوسركون». هذا، ودل الفحص على أن كل أحجار السقف الأخرى كانت موجودة من مباني «رعمسيس الثاني»؛ فقد وُجد منقوشًا عليها اسم «رعمسيس الثاني» وألقابه، يضاف إلى ذلك مناظر تمثل الفرعون ومعه آلهة تتبادل معه الهدايا، وبخاصة الإله «بتاح» والإله «ست» الذي كانت عبادته شائعة منتشرة في ذلك الوقت؛ فقد لُقِّبَ بالإله العظيم الذي يعطي الحياة والبقاء والثبات.
وقد وُجد عند تنظيف حافتي باب القبر قطعة كبيرة من ساق تمثال من الحجر الرملي عليها اسم «رعمسيس» الحوري، ولا بد أن ارتفاع هذا التمثال وهو سليم كان على أقل تقدير نحو خمسة عشر مترًا، ومن الجائز أن هذا هو التمثال الذي أشير إليه في لوحة السنة الثامنة من عهد «رعمسيس الثاني» الذي قطع من محجر «هليوبوليس»، وهو الذي كَشَفَ العُمَّالُ عن قِطْعَةِ الحجر التي قُطِعَ منها في أثناء زيارة قام بها الفرعون «رعمسيس الثاني» لهذا المحجر، وقد قيل عنه: إنه أطول من مسلة (راجع مصر القديمة الجزء السادس).
وخلاصة القول أنه قد اتضح لنا أن كل الأحجار التي استعملت في بناء مقبرة «أوسركون الثاني» أو تزيينها مأخوذة من آثار الدولة القديمة أو الدولة الوسطى، وبوجه خاص من آثار «رعمسيس الثاني» من الدولة الحديثة، هذا إلى أنه إذا كان حقًّا ما يقوله المهندس الذي فحص مباني مقبرة هذا الفرعون من أن مقبرته قد بُنيت قبل عهد «بسوسنس الأول»؛ فإنه ينبغي علينا أن نؤرخ هذه المقبرة بالعصر الذي يقع بين حرب «الأنجاس» — الذي أدى إلى تخريب «تانيس» — وعصر «بسوسنس»؛ أي عهد «سمندس» مؤسس الأسرة الواحدة والعشرين، وعلى ذلك يمكننا القول بأن «أوسركون الثاني» لم يكلف مبانيَه شيئًا؛ فقد اغتصب المقبرة التي دفن فيها وأخذ ما لزم له من أحجار لإصلاحها من مباني «رعمسيس الثاني».
شكل رقم 1
شكل رقم 2
|
|
يجب مراقبتها بحذر.. علامة في القدم تشير إلى مشاكل خطيرة
|
|
|
|
|
العلماء يحلون لغز بركان أدى إلى تجمد الأرض قبل 200 عام
|
|
|
|
|
في الذكرى الـ(104) لتأسيس الجيش العراقي… تعرف كيف كانت المرجعية الدينية العليا تخاطبهم
|
|
|