بعد اعدام الملك، أعلن البرلمان، ذو العدد البسيط من الأعضاء، ان الامة هي صاحبة السيادة، والغي النظام الملكي، وأعلن الجمهورية. والغي كذلك مجلس اللوردات واصبحت الحكومة تتكون من مجلس العموم، ومن مجلس الدولة، الذي يشتمل على اربعين عضوا، ينتخبهم مجلس العموم، ولهم السلطة التنفيذية. وأصبح كرومويل عضوا في مجلس الدول. وظل هذا النظام مدة اربعة سنوات، وتم في عهده ارسال حملة الي ايرلندا، والقيام بحرب ضد الأسكتلنديين، كما صدر قانون الملاحة، وكذلك الحرب ضد هولندا.

اما الحملة ضد ايرلندا فقد استندت الي نشوب الثورة هناك سنة 1641. وقام كرومويل بقيادة هذه الحملة واشتد في القسوة في معاملة الكاثوليك هناك، بشكل لم يعرف ولا من بعد: فكانت المذابح عامة. واسرت النساء والبنات بالمئات وباعوهن كرقيق لأمريكا. ونزعت ملكية الاراضي من الأيرلنديين في صالح المعمرين الانجليز، الذين جاءوا لاحتلالها، ولم يترك سوي سدس مساحة الاراضي، ودفعوا بهم الي مستنقعات الغرب، وتحول الكثير منهم الي عمال زراعيين للسادة الانجليز، وعلى ارضهم نفسها.

واما حرب الأسكتلنديين فأنها كانت تهدف طرد شارل الثاني، ابن شارل الاول من هناك، واجبار الأسكتلنديين على انشاء جمهورية تحدد مع جمهورية وانجلترا. وتمكنت قوات كرومويل من احتلال أدنبرة، واضطر الأسكتلنديين الي قبول الاتحاد مع انجلترا سنة 1651.

وبعد هذه الانتصارات، وافق البرلمان على قانون الملاحة، وهو الذي نص على انه لا يمكن للسفن الاوربية التي تأتي الي انجلترا ان تحمل الا منتجات بلادها، اما سلع اسيا وافريقية وامريكا فلا تصل الا على سفن انجليزية وترتب على هذا القانون، الذي ظل معمولا به حتى منتصف القرن التاسع عشر، ان اضطر الانجليز الي ان يذهبوا بأنفسهم لإحضار المنتجات اللازمة لهم، الامر الذي ادى الي انشاء الاسطول واستمرار نموه، مما ادي الي ظهور القوة البحرية الإنجليزية.

ولقد تسبب هذا القانون في نشوب الحرب مع هولندا، خاصة وان الهولنديين كانوا يعملون في النقل البحري واستمرت الحرب لمدة عامين (1652 - 1654)، ولم يتمكن الهولنديون من الانتصار، فتم عقد الصلح بين الدولتين.

وفي ذلك الوقت، نشا خلاف جديد بين مجلس العموم وبين الجيش، وحاول المجلس حل الجيش ولكن كرومويل قرر حل البرلمان، وفي اليوم الذي كان سيعرض فيه قانون حل الجيش. وقام كرومويل، بمساعدة عدد من رجال الجيش، بطرد اعضاء المجلس بالقوة، واقفل بابه بالمفتاح وكتب الجنود عليه (للإيجار، وبدون فرش).

واصبحت وانجلترا في ايدي الجيش، وأصبح لقب كرومويل هو حامي الجمهورية، في سنة 1653. ومارس وكرومويل لمدة خمس سنوات وحتى وفاته سنة 1658 سلطات دكتاتورية فعلية، وأصبح نتيجة لاستناده الي الجيش، ذا سلطة مطلقة، وأكثر مما كان عليه شارل الاول. ولم تكن هناك اية معارضة امامه، وحل أربعة برلمانات بمجرد شعوره ببعض الاتجاهات الاستقلالية فيها. ولم تتحرك وانجلترا، اذ انها اصبحت خاضعة لحكومة عسكرية. وفي سنة 1657، عرض عليه البرلمان لقب ملك، ولكنه رفضه، ثم عاد واختار ابنه خليفة له من، بعده فأصبح ملكا وراثيا بالفعل، ان لم يكن بالشرع.

واتبع كرومويل سياسة خارجية نشطة، ارضت الانجليز، تحالفه مع وجعلتهم يتحملون نظامه الدكتاتوري. وكان اهم جزء فيها هو تحالفه مع فرنسا ضد اسبانيا، وهو التحالف الذي سمح لفرنسا بالانتصار على الاسبانيين، واعطي انجلترا دنكرك، وجمايكا في جزر الانتيل راد كرومويل يرغب في ان تصبح انجلترا من جديد، وكما كانت في عهد اليزابيث، حامية المذهب البروتستانتي. وطلب اهالي اقليم الفود، في سويسرا تدخله، وكفي توجيه انذار منه لدوق سافوا لكي يوقف عملياته ضدهم. واخذت وانجلترا تظهر هيبتها في البحر المتوسط، امام تونس، وامام الجزائر. وحين توفي كرومويل سنة 1658، واصبح ابنه، ريتشارد كرومويل، حاميا للجمهورية من بعده ولكنه استقال بعد ثمانية اشهر من الحكم في شهر مايو سنة 1659، مما ادي الي عودة حكم اسرة ستيوارت.