أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-06-25
1047
التاريخ: 2024-08-09
471
التاريخ: 11-7-2016
2241
التاريخ: 13-11-2020
1445
|
من الأفكار الرئيسية في بروتوكول قياس تمدد الزمن أننا نستطيع التوصل إلى مقدار الوقت المنقضي في الإطار المرجعي في أثناء رحلة الساعة المتحركة، وذلك عن طريق مقارنة قراءة الوقت على ساعتي عند بداية رحلة الطيران بالوقت على ساعة صديقي عند انتهاء رحلة الطيران. وسينطبق الأمر نفسه إذا كنا مهتمين بقياس سرعة الساعة (أو أي جسم متحرك آخر)؛ فالفرق بين قراءة الوقت على ساعتي والوقت على ساعة صديقي هو زمن الرحلة، والسرعة هي المسافة بيننا مقسومة على زمن الرحلة.
تقتضي هذه الاستراتيجية مزامنة ساعتينا، بحيث يكون الوقت على الساعتين موحدًا. إذا كانت ساعتي متأخرةً بمقدار خمس دقائق، فلن يمكننا الاعتماد على بروتوكول القياس. فكيف يمكننا أن نفعل ذلك إذن؟ أمامنا خياران طبيعيان:
(1) أتأكد أنا وصديقي من مزامنة ساعتينا عندما نتقابل وجهًا لوجه، ونتفق على البروتوكول، وقبل أن يتَّجه كلٌّ منا إلى الموقع المتفق عليه.
(2) بعد أن يصل صديقي إلى مكانه أتصل به ونجري مزامنة لساعتينا عبر الهاتف.
في الظروف العادية، يمكن استخدام أي من الطريقتين. (الطريقة الأولى هي ما يتبعه المجرمون وجنود القوات الخاصة – على الأقل في الأفلام – قبل ارتكاب جريمة السرقة أو إنقاذ الرهائن، والطريقة الثانية هي المتّبعة لتحديث إعدادات الوقت عبر الإنترنت في الهاتف أو جهاز الكمبيوتر). غير أنَّ الطريقتين كلتيهما تمثلان إشكالية في النسبية. ففي الطريقة الأولى، سيعني تمدد الزمن أنَّ الساعات المتحركة تتباطأ؛ ولهذا حتى إذا أجرينا مزامنة لساعتينا حين نلتقي فربما لا تبقى متزامنة. وفي الطريقة الثانية، فإنَّ إشارات الهاتف (أو أي إشارة أخرى قد نجرّبها) تتحرك بسرعة محدودة؛ ومن ثم نحتاج إلى مراعاة زمن السفر المحدود الخاص بإشارات التزامن. لكننا لا نملك ذلك لأن هذا يتطلب منا معرفة سرعة الإشارة، ونحن نحتاج إلى مزامنة الساعات قبل أن نقيس سرعة الإشارة!
حين يواجه المرء هذه المشكلة في المرة الأولى، فربما تبدو مشكلة فنية أو حتى غير ضرورية. ألا يوجد حلٌّ بسيط؛ طريقة مباشرة لا جدال عليها لمزامنة الساعات؟ كلا، لا يوجد. (جرب بنفسك.) المحصّلة هي أن قياس سرعة الأجسام المتحركة (أو قياس تمدد الزمن) يتطلب ثلاثة عناصر وهي قضبان قياس موثوقة، وساعات موثوقة توجد في عدة مواقع، و«قاعدة تزامن» لتحديد طريقة التنسيق بين الساعات؛ وهي ما يُطلق عليه الفيلسوف هارفي براون قاعدة «نشر الزمن عبر الفضاء». يمكن أن توجد أكثر من قاعدة، وسيؤدي تنوع القواعد إلى تنوع السرعات للجسم المتحرك. يجدر بك الآن أن تكون قلقًا بشأن أساس النسبية. ألم أقُل إنَّ النظرية تتأسس على (1) مبدأ النسبية، و(2) مُسلَّمة أنَّ سرعة الضوء لا تعتمد على سرعة مصدره؟ وإذا كانت سرعة الضوء تعتمد على اختيار قاعدة تزامن، فإنَّ هذه المسلمة تبدو غير واضحة. ثمة طريقة بارعة للتغلُّب على تلك المشكلة. إنَّ قياس الوقت الذي يستغرقه جسم ما للانتقال من النقطة «أ» إلى النقطة «ب» يستلزم وجود ساعتين (ساعة عند النقطة «أ» وساعة عند النقطة «ب») ومن ثمَّ يحتاج إلى قاعدة تزامن، لكن قياس الوقت الذي يستغرقه الجسم للانتقال من النقطة «أ» إلى النقطة «ب» ذهابًا وإيابًا؛ لا يستلزم سوى ساعة واحدة عند النقطة «أ» . لذا يمكنك قياس «سرعة الضوء الثنائية الاتجاه» بنفسك، وذلك باستخدام قضيب قياس وساعة توقف ومصباح يدوي ومرآة، وإليك الطريقة فيما يلي:
(1) قف عند أحد طرفي قضيب القياس، وضع المرآة عند الطرف الآخر.
(2) سلّط المصباح اليدوي على المرآة. أثر المصباح، وابدأ ساعة التوقف في اللحظة نفسها.
(3) حالما ترى ضوء المصباح في المرآة (مما يعني أن الضوء قد سافر إلى المرآة وعاد مرةً أخرى)، أوقف الساعة.
(4) أنت الآن تعرف مقدار الوقت الذي استغرقه الضوء كي يسير مسافة مترين، إلى المرآة ومنها. إذن السرعة الثنائية الاتجاه تساوي [مترين] مقسومة على [الوقت المنقضي على ساعة التوقف].
(تتطلب هذه التجربة ردود أفعال سريعة؛ فسوف تحتاج إلى إيقاف الساعة بعد حوالي ستة نانو ثانية من تشغيلها!)
يمكننا أن نصوغ المسلَّمة بالصيغة التالية: «سرعة الضوء «الثنائية الاتجاه» مستقلة عن سرعة مصدر الضوء، وعن الاتجاه الذي ينبعث فيه الضوء». وليست هذه الحقيقة بمثابة أساس للنسبية فحسب، بل تتيح لنا أيضًا أن نضع قاعدة تزامن طبيعية للغاية، «قاعدة التزامن لأينشتاين»، التي تنصُّ وهي على أنه يجب أن نزامن الساعات، بحيث تصبح سرعة الضوء الأحادية الاتجاه مستقلةً هي أيضًا عن سرعة المصدر وعن اتجاه انبعاث الضوء. يضمن هذا الاختيار توفير تعريف جيد بفضل الثبات المفترض للسرعة الثنائية الاتجاه.
سنوضّح الآن كيفية التطبيق العملي للقاعدة تبلغ سرعة الضوء الثنائية الاتجاه 300 ألف كيلومتر في الثانية؛ ومن ثم سنعرف «الثانية الضوئية» بأنها تساوي 300 ألف كيلومتر. لنفترض أنك تقف على مسافة ثلاثة ملايين كيلومتر مني؛ أي على مسافة 10 ثوان ضوئية. سأرسل إليك إشارةً بأنَّ الوقت على ساعتي هو: 12:00:00». حينئذ، ينبغي أن تضبط ساعتك على: 12:00:10، وبهذا فوفقًا لساعتينا، استغرق الضوء 10 ثوان لقطع مسافة 10 ثوان ضوئية، وسرعة الضوء الأحادية الاتجاه هي أيضًا تساوي 300 ألف كيلومتر في الثانية. يمكننا وصفُ تلك الطريقة نفسها بشكل آخر. لنفترض أني أرسلت إشارةً إليك وأنت رددتها علي فورًا. عندما تعود الإشارة إليَّ، سيكون الوقت على ساعتي 12:00:20 (بصرف النظر عن أي قاعدة تزامن. يجب أن تضبط ساعتك بحيث يكون الوقت لحظة ارتداد الإشارة في المنتصف بالضبط بين الوقت على ساعتي وقت انطلاق الإشارة (12:00:00) ووقت عودتها (12:00:20)؛ أي ينبغي أن تضبط الساعة على الوقت 12:00:10. يضمن اختيار المنتصف أن نسجل الضوء على أنه يتحرك بالسرعة نفسها، في طريق الانطلاق وطريق العودة.
تنفرد الفيزياء تقريبًا باستخدام قاعدة التزامن لأينشتاين؛ ومن ثُم تُفترض تلك القاعدة في معادلات تمدد الزمن (وفي تقلُّص الطول أيضًا في الواقع). وبناءً على هذا، ينبغي تخيل معظم قياسات تمدد الزمن التي تناولتها مسبقًا – الأشعة الكونية، والجسيمات في المسرعات، وغيرها – باعتبار أنها توضّح تمدد الزمن طبقًا لقاعدة أينشتاين. على الرغم من ذلك، ينبغي ألَّا تُتخيَّل جميع القياسات على هذا النحو. ففي تجربة مفارقة التوءم الفكرية وتجربة الساعة المنقولة على متن الطائرة، تنطلق ساعة وتعود ثم نجد أنها تقدمت ببطء مقارنةً بالساعة الأخرى. إننا لا نحتاج إذن إلى أي قاعدة تزامن لذكر هذه الفرضية أو اختبارها؛ يمكننا اعتبار الأمر بوصفه قياسًا لـ «تمدد الزمن الثنائي الاتجاه». تبدو قاعدة أينشتاين طبيعية، بل واضحة، لكنها تنطوي على استنتاج غير واضح؛ وهو أن الأحكام المتعلقة بوقوع حدثين في وقتٍ واحدٍ تعتمد على الإطار القصوري الذي تستخدمه. وكي نفهم هذا الاستنتاج لنفترض أنك تبعد عني بمقدار 10 ثوان ضوئية جهة الشرق، وأنه يوجد وميض ساطع في مكانٍ ما جهة الغرب منا. أرى الوميض في الساعة 12:00:00، وأنت تعكسه إليَّ مرةً أخرى باستخدام مرآة في الساعة 12:00:10. لذا إذا نظرت إلى ساعتي في الساعة 10: 12:00 ، حينها يكون الوميض الذي تعكسه إليَّ ونظري في الساعة متزامنين.
هذا التزامن من منظوري «أنا» بالطبع. لنفترض أن أليس وبوب يسيران جهة الشرق، بسرعة تساوي نصف سرعة الضوء، وهما يبتعدان عن مصدر الوميض مباشرةً. بينما أنظر في ساعتي، تمرُّ أليس بي، وبينما تتلقى أنت إشارتي، يمر بوب بجوارك بالسرعة نفسها. يمكن لبوب وأليس إذن استخدام وميض الضوء نفسه لمزامنة ساعتيهما (انظر الشكل 3-2).
شكل 3-2: نسبية التزامن.
وعلى الرغم من ذلك، رأيت الوميض في الساعة : 12:00:00، لكن أليس لم تكن قد وصلت إليَّ حينها. لا بد أنها رأت الوميض قبلي بينما مرَّ بها وهو في طريقه إليَّ. وحين تردُّ وميض الضوء مرة أخرى باتجاهنا، ستتلقى أليس إشارة الارتداد قبلي لأنها قطعت في الوقت الفاصل بعض المسافة إلى بوب. ولهذا فإن نقطة المنتصف بين إرسال أليس للإشارة وارتدادها عنها مرةً أخرى تقع قبل نقطة المنتصف بين إرسالي لإشارة وارتدادها عني مرةً أخرى. وهذا يعني أنني أختلف مع أليس بشأن الأوقات التي تزامنت مع وصول الإشارات إليك أنت وبوب.
إذن، وفقًا لقاعدة أينشتاين على الأقل، ففي مسألة الإطارين اللذين يتحرك كلٌّ منهما بالنسبة إلى الآخر، لا يختلف العلماء بشأن أطوال الأجسام أو معدل تدفق الزمن فحسب، بل يختلفون أيضًا بشأن أي الأحداث التي تزامنت معا. الحق أنَّ النتائج التي تنطوي عليها نسبية التزامن واسعة النطاق إلى حدٍّ كبير؛ ففي حالة وجود أي حدثين لا يمرُّ الضوء من بينهما، سيتوافر خيار إطار يتزامن فيه الحدثان، وخيار إطار يقع فيه الحدث الأول قبل الحدث الثاني، وخيار إطار يقع فيه الحدث الثاني قبل الحدث الأول.
(ويعد هذا بالتبعية إحدى الطرق التي تساعد على فهم السبب في أنَّ النسبية تشير بقوة إلى استحالة أن يتحرك أيُّ شيء بسرعة أكبر من سرعة الضوء؛ فأي إشارة أسرع من الضوء هي إشارة تعود بالزمن إلى الوراء بالنسبة إلى بعض الأطر المرجعية).
يؤدي هذا أخيرًا إلى حلٌّ التناقض في مفارقة الساعة. فعند الحكم على ساعتين متحركتين في أي إطار واحد، فإننا لن نجد أنهما تتقدمان ببطء فحسب، بل ستكونان متزامنتين على النحو الخاطئ أيضًا. فللانتقال من ساعتين ثابتتَين إلى ساعتين متحركتين ثم العودة مرةً أخرى، ينبغي أن نصحح الساعة مرتين؛ مرة من أجل التزامن ومرة أخرى من أجل تمدُّد الزمن؛ وعندما نفعل ذلك يتبيَّن في نهاية المطاف أنه لا يوجد تناقض في زعم أن كل زوج من الساعات يتقدم ببطء مقارنة بالزوج الآخر.
|
|
لمكافحة الاكتئاب.. عليك بالمشي يوميا هذه المسافة
|
|
|
|
|
تحذيرات من ثوران بركاني هائل قد يفاجئ العالم قريبا
|
|
|
|
|
العتبة العباسية تشارك في معرض النجف الأشرف الدولي للتسوق الشامل
|
|
|