منظر سفينة آمون المقدسة (وعيد الوادي) وصلتهما بعهد اشتراك (رعمسيس) في الحكم. |
452
03:01 مساءً
التاريخ: 2024-07-23
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-02-04
943
التاريخ: 2024-07-30
453
التاريخ: 2024-07-09
589
التاريخ: 2023-09-11
1212
|
ومن المناظر التي لها علاقة هامة جدًّا بموضوع اشتراك «رعمسيس» مع «سيتي الأول» منظران رُسما على الجانب الجنوبي لقاعة العمد العظيمة «بالكرنك»، وهما يمثلان سفينة «آمون» المقدسة، وقد صُور على محرابها صورة رمزية لكل من «سيتي الأول»، و«رعمسيس الثاني»، أحدهما بالنقش البارز المميز للطور الأول الذي حول إلى نقش غائر، والثانية بالنقش الغائر الخاص بالطور الثاني، وقد حافظ «رعمسيس الثاني» عندما غيَّر النقش في الصورة الأولى من بارز إلى غائر على لقب والده، وهذا يعُد برهانًا ساطعًا على رغبته في المحافظة على ذكرى اشتراكه في الملك معه، وتمثل إحدى هاتين الصورتين الاحتفال بعيد الوادي السنوي الذي تكلمنا عنه فيما سبق (راجع الجزء الثالث). وقد أخطأ الأستاذ «زيته» في تفسير منظر هذا العيد، وقال عنه: إنه الاحتفال بعيد «إبت»؛(1) أي عيد معبد «الأقصر» الذي ذُكر في كثير من نقوش «رعمسيس الثاني» الخاصة بالسنة الأولى من حكمه، وهذا المنظر في الواقع يمثل «رعمسيس الثاني» وهو يؤدي وظيفته المزدوجة بوصفه فرعونًا وبوصفه كاهنًا، أكبر في حين أن والده «سيتي الأول» قد مثل في نفس المنظر يسير في موكب السفينة المقدسة، إمَّا بشخصه، أو بنيابة تمثاله عنه، ويحتمل أن هذا المنظر يمثل الاحتفال بعيد عام بعد تتويجه؛ أي في بداية عهد الاشتراك في الملك قبل موت «سيتي» ببضع سنين. ويلاحظ هنا أن اسم «سيتي» لم يُنعت بعبارة «صادق القول» — أي المتوفى — في كل الأحوال؛ مما يدل في هذا النقش وغيره من نقوش الطور الأول والثاني على وجود عبادة لهذا الملك في «الكرنك» في أثناء عهد الاشتراك في الملك؛ ولذلك كان يظهر «سيتي» بشخصه في خلال إقامة الشعائر الدينية عندما يكون موجودًا في طيبة، وكان ينوب عنه تمثاله إذا غاب، وعلى ذلك يمكن أن نعطي أهمية لاستعمال عبارة «صادق القول» بعد اسمه إذا كانت تستعمل باعتبار ما سيكون من إقامة الأحفال لعبادته عندما يكون حضوره بنفسه أمرًا مستحيلًا. والواقع أن «سيتي الأول» كان مؤلهًا في معبده «بالعرابة» كما ذكرنا آنفًا، وأخيرًا يتساءل الإنسان في هذا البحث: لماذا نبذ «رعمسيس الثاني» في أوائل عهد اشتراكه في النقش البارز المميز لحكم «سيتي الأول» حبًّا في النقش الغائر الذي يميز الطور الثاني من أطوار حكمه، وهو في ذوقنا أقل جمالًا من سابقه؟ والجواب على هذا السؤال لا يخرج عن دائرة التخمين والحدس، فمن الأشياء التي تلفت النظر هو أن هذه الظاهرة توجد في كل المعابد التي أقامها «رعمسيس الثاني» التي استعرضناها حتى الآن (2)، وكذلك من الأمور التي لها أهمية، ما نلاحظه في كل المعابد التي له فيها أثر، وهو أن هذا التحول قد ظهر في عهد اشتراك الملكين في الحكم عندما كان «سيتي» لا يزال حيًّا، ومن ذلك يتضح لنا أن تغيير الطراز لم يحدد لنا موت «سيتي»، وكذلك لما كان «رعمسيس الثاني» قد حفر عددًا عظيمًا من النقوش البارزة في أوائل عهد اشتراكه في الملك، فإنه من الواضح أن اتخاذ طراز الحفر الغائر لا ينطبق مع اشتراكه مع والده في الملك. وإذا أردنا أن نبحث في المصادر المصرية لتفسير ذلك كان جديرًا بنا أن نولي وجهنا ثانية نحو ما ينطق به «رعمسيس» نفسه حين يقول: «لا يوجد أثر أُنجز لم يكن تحت سلطاني (حرفيًّا تحت سلطانك)»؛ وبذلك نجد «رعمسيس» يؤكد عن قصد تسلطه على عمليات البناء وقتئذ؛ مما يجعل الإنسان يميل إلى الاعتقاد بأنه كان صاحب اليد الطولى شخصيًّا في تصميم أمثال هذه المباني وإنجازها. ومن المحتمل أنه في عهد اشتراك الملكين كان «سيتي» في غالب الأحيان غائبًا عن مصر في حروبه المختلفة، في حين كان «رعمسيس» مقيمًا في البلاد يدير شئون الملك على وجه عام. ومن الجائز إذن أنه في مثل هذه الأحوال قد تأثر بمبادئ مدرسة جديدة للنحت كانت تعتقد أن طراز النحت البارز من بقايا عصر بائد، ولا بد من التجديد. وعلى أية حال، فإن «رعمسيس» الشاب لم يكن بعيدًا عن عصر «إخناتون» الذي كان قد بدأ يظهر فيه النقش الغائر بصفة واضحة، ومهما يكن تأثير العوامل الخارجية على فكره، فإنا نعلم أنه خضع لنفوذ هذا الطراز من النقش، ولا بد أنه قد اعتنق هذا التجديد عن عقيدة قوية كانت تزداد كل يوم؛ لأنه لم ينبذ النقش البارز حبًّا في النقش الغائر فحسب، بل إنه بعد مدة قصيرة ذهب في حبه لهذا الطراز إلى حد أنه — على الأقل في «العرابة»، و«الكرنك» — كشط كل نقوشه البارزة، ونقشها من جديد بالحفر الغائر، ومن الجائز أنه كان هناك دوافع أخرى قد شجعته على ذلك، منها أن النقش الغائر يمكن إنجازه بسرعة، وهو أبقى على الزمن من الحفر البارز. وعلى أية حال، فإنا نعجب بحماسه وغيرته في هذا الصدد أكثر مما نعجب بذوقه، ولن نحيد إذن عن الصواب إذا قلنا: إن «رعمسيس الثاني» قد وجد الطراز الجديد في عينه أكثر جمالًا من القديم، وأنه كان مقتنعًا بحكمة شبابه أكثر من أي ملك قديم محنك. هذا ملخص عام للآراء التي أوردها «كيث سيلي» في كتابه عن عهد اشتراك «رعمسيس الثاني» مع والده في الحكم، وهي بلا شك تُعد مقدمة لا بد منها لمن أراد أن يدرس تاريخ «رعمسيس الثاني» من الآثار، وعلى الرغم مما فيها من فروض — قد تصيب وقد تخطئ — فإنها في مجموعها تُعد أساسًا صالحًا لدرس حياة هذا الملك العظيم الذي ملأ الإمبراطورية المصرية بآثاره التي — كما هي الآن — يخطئها العد. والآن نبتدئ بعد درس الوثائق التي خلفها لنا هذا الفرعون عندما أخذ مقاليد الحكم في يده منفردًا بعد أن ألقينا نظرة عامة على ما قام به في عهد اشتراكه في الحكم مع والده، وأهم هذه الوثائق من الوجهة التاريخية والدينية والهندسية وثيقة الإهداء التي دونها على جدران الجزء الذي أضافه لمعبد والده «بالعرابة المدفونة»، وهي التي أرِّخت بالسنة الأولى من تربعه على عرش الملك بعد وفاة والده.
....................................
1- راجع: A. Z. LXII, p. 113.
2- ويجد الأستاذ «حمزة» بك الجواب عن دهشته عندما وجد «رعمسيس الثاني» يغير نقوشه من بارزة إلى غائرة في النقوش التي عثر عليها في «قنتير»، وربما كان ذلك من البراهين التي تدل على أن «بررعمسيس» قد بدأ العمل في إقامتها في عهد «سيتي الأول»، وهذا محتمل جدًّا، وبخاصة عندما نعلم أنه كان ﻟ «سيتي» قصر هناك، بل يحتمل أنها كانت قد تمت قبل وفاته، وأن «رعمسيس الثاني» قد اتخذها عاصمة الملك في الوجه البحري في أثناء اشتراكه مع والده، كما قد يدل على ذلك ما جاء في لوحة الإهداء التي نقشها في معبد «سيتي» «بالعرابة المدفونة«.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|