أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-2-2017
9741
التاريخ: 2024-11-04
182
التاريخ: 21-6-2016
3250
التاريخ: 2-3-2017
7800
|
سوف اتناول بحث هذه القاعدة في كل من الفقهين الاسلامي والقانوني.
اولا- الاصل في الصفات العارضة العدم في الفقه الاسلامي:
الصفات التي تتصف بها الاشياء تتنوع الى نوعين. النوع الاول. الصفات الاصلية. النوع الثاني. الصفات العارضة. ومن هذه الرؤيا الفقهية فانه في الامور الطارئة العارضة ان عدم وجودها هي الحالة الطبيعية الاصلية او الغالبة. فاذا ادعى شخص شرطا جائزا في عقد مبرم بينهما وانكر الاخر ذلك، فان الاصل في العقود خلوها من الشروط، والشرط امر طارئ يحتاج اثباته الى بينة.
فالصفات الاصلية: هي ما كانت موجودة مع الموصوف ابتداءً، كأن يعتبر الانسان البالغ راشدا. فصفة كمال الاهلية وبلوغ الرشد للبالغ صفة اصلية موجودة معه ابتداء في الاصل؛ ولهذا تعتبر صفة الصحة، والسلامة من العيوب، والبكارة صفات اصلية يحتاج من انكرها لبينة(1).
اما الصفات العارضة: فهي التي لا تكون موجودة ابتداء مع ذلك الشيء الموصوف ، كالسفه مثلا. فهذا العارض من عوارض الاهلية لا يفترض وجوده اصلا، بل يجب على من يدعي خلاف هذا الاصل ان يثبت ذلك. ومن امثلة ذلك الصفات العارضة والطارئة ايضا المرض، والربح، والعيب والجنون او هي: ما كان عدمها او عدم تحقق وجودها هو الحالة الطبيعية الاصلية او الغالبة(2)، فيكون العدم هو المتيقن؛ لأنه الحالة الاصلية الطبيعية، ويكون تغيره الى الوجود عارضاً مشكوك في صحة حصوله(3). ما يستخلص من معنى هذه القاعدة والتي وردت ايضا في كتاب الاشباه والنظائر لابن نجيم(4) هي ان الاصل في الصفات الاصلية المألوفة سلفا الوجود، وفي الصفات العارضة الطارئة الحدوث العدم، وبهذا جاءت مجلة الاحكام العدلية (الاصل في الصفات العارضة العدم). ومثل ذلك في حالة حصول اختلاف بين اعضاء شركة المضاربة بخصوص حصول الربح وعدمه، فالقول للمضارب، والبينة على رب المال لأثبات حصول الربح(5).
لقد بحث علماء الاصول في العوارض التي تصيب الاهلية، وقسموها الى عوارض سماوية فالجنون والعته مثلا، وعوارض مكتسبة كالجهل(6). فهذه ليس من العوارض الاصلية التي يفترض وجودها. فقياسا على قاعدة (الاصل في الصفات العارضة العدم ) يتطلب الامر اعتبار الاصل في الناس العقل، وفي مقابل ذلك يتطلب الامر من يدع بعكس العقل اثبات صفة الجنون او العته بالبينة(7).
والهدف من صياغة هذه القاعدة هو في حالة حصول تنازع حول وصف من الصفات التي تلحق بالشيء المتنازع عليه، فانه ينظر في حقيقة الشيء وقت النزاع، فان كان مدعيا بصفة من الصفات الاصلية، اما اذا كان الوصف في الصفات العارضة، فان مدعيه مطالب بالإثبات، لان الاصل في الصفات العارضة العدم، والوجود طارئ(8).
من الامثلة على ذلك: اذا اشترى شخص سيارة واستلمها وادعى بعد ذلك ان في السيارة عيبا قديما وادعى البائع سلامتها من العيوب فالقول للبائع مع اليمين لان الصحة من الصفات الاصلية والاصل فيها الوجود. وكذا لو دفع شخص لأخر عينا، ثم اختلفا، فقال الدافع دفعتها لك قرضا، وقال المستلم (الاخذ)، بل هي هبة بلا عوض، فالقول في هذه المسألة للشخص الدافع المقرض؛ لان مدعي الهبة يدعي الابراء عن القيمة، مع كون العين متقومة بنفسها(9). ويخرج عن هذه القاعدة مسائل منها (استثناء على القاعدة) ما لو قال الزوج بعد موت زوجته انه تصرف في مالها بأذن منها وعكس ورثتها ذلك بالقول بانه تصرف في مالها بلا اذن منها وهو ضامن فالقول للزوج مع ان الاذن يعتبر من الصفات العارضة، فكان الواجب ان يكون القول للورثة، وكذا اذا اراد واهب الشيء الرجوع عن هبته وادعى مستلم الشيء الموهوب تلف الهبة فالقول هنا للموهوب له بلا يمين(10)؛ لان الموهوب له منكر للرد وهو شبيه بالوديع الا ان الهلاك والتلف حالة عارضة طارئة؛ كان يجب القول للواهب.
ثانياً- الاصل في الصفات العارضة العدم في الفقه القانوني:
ليس هناك اختلاف بل توافق وتطابق في نظر الفقه الاسلامي والقانوني بخصوص اقرار هذه القاعدة في ميدان التطبيق القانوني القضائي(11)، ويتفرع عن هذه القاعدة في القانون عدة قواعد منها.
الاصل ان يكون مال كل انسان خالص له من دون غيره وليس من حق اي انسان ادعاء الاشتراك فيه، ومن يدعي ذلك يقع عليه عبء اثبات ذلك(12).
الاصل ان كل انسان له ولاية نفسه في ادارة امواله وعلى من يدعي الوكالة بخصوص ذلك يقع عليه عبء الاثبات(13).
الاصل في حصص الشركاء في رأس مال الشركة انها متساوية، وعلى.من يدعي خلاف ذلك من اعضاء الشركة عبء اثبات ما يدعيه(14).
الاصل في العقود ان تكون خالية من اي عيب، وعلى من يدعي وجود العيب ضرورة اثباته بالبينة.
بعد استعراض مفهوم هذه القاعدة في كل من الفقهين القانوني والاسلامي نجد الاتفاق واضح بينهما بخصوص الصفات التي لم تكن موجودة مع الشيء، ولكن حصل وجودها بعده، تعتبر غير موجودة، وعلى من يدعي وجودها يقع عبء اثبات ادعائه.
______________
1- (يقع على عاتق من يدعي شيوع الجنون او علم الطرف الاخر بها اثبات ذلك ولا يكفي لأثبات هذا الشيوع ما يقوله الطبيب عن حالة المريض لان اقواله تنصب على الحالة الصحية للعلاج وليس الحالة الواقعية للمريض)، قرار محكمة الاستئناف بور سودان في القضية 71/1987 في 17/8/1987، مجلة الفقه والقضاء، عدد (10) 1989، ص171؛ درر الحكام, شرح مجلة الاحكام العدلية, علي حيدر, مطبعة غزه, 1352هـ/1033م ، ج1، ص26؛ شرح مجلة الاقسام العدلية- سليم رستم باز, ط3, المطبعة الادبية, بيروت 1923، ج1، ص22؛ صبحي محمصاني, فلسفة التشريع في الاسلام, ط3, دار العلم للملايين, بيروت 1380هـ- 1961م ، ص295.
2- د. صبحي محمصاني، فلسفة التشريع في الاسلام، ص295؛ سليم رستم باز، شرح المجلة، ج1، ص22.
3- د. مصطفى احمد الزرقا, المدخل الفقهي العام, ط1, مطبعة الجامعة السورية, 1952م ، ص647. د. محمد فتح الله النشار, احكام و قواعد عبء الاثبات, دار الجامعة الجديدة للنشر, مصر, 2000 ، ص143.
4- الاشباه و النظائر: زين الدين بن ابراهيم بن نجيم (970هـ) مط الجمالية بالقاهرة 1328هـ/ 1910م ، ص25.
5- (ان عبء اثبات الخسارة في رأسمال الشركة يقع على عاتق الشريك الذي بيده راس المال استنادا الى دفاتره ويكون اقواله مصدقة بمينه) قرار محكمة تمييز العراق رقم 1530/9/1955 في 3/1/1956، العلام، المبادئ القضائية، ص227؛ صبحي محمصاني، فلسفة التشريع في الاسلام، ص296.
6- ابن نجيم، الاشباه والنظائر، ص128؛ د. صبحي محمصاني، فلسفة التشريع في الاسلام، ص296.
7- د. احمد مصطفى الزرقا، المصدر السابق، ص648.
8- د. محمد فتح الله النشار، المصدر السابق، ص143.
9- درر الحكام, شرح مجلة الاحكام العدلية, علي حيدر, مطبعة غزه, 1352هـ/1033م ، ج1، ص23.
10- شرح مجلة الاقسام العدلية- سليم رستم باز, ط3, المطبعة الادبية, بيروت 1923.
، ج1، ص23.، علي حيدر، شرح المجلة ، ج1، ص27؛ سليم رستم باز، ج1، ص23؛ شرح مجلة الاحكام العدلية, محمد سعيد المحاسني, كتاب القواعد والبيوع, مطبعة الالترقي، دمشق, 1927 ، ج1، ص39؛ م(1773) مجلة الاحكام العدلية.
11- د. رمضان ابو السعود، اصول الاثبات، ص327؛ سليمان مرقس, اصول الاثبات في المواد المدنية, ط2, المطبعة العالمية, مصر, 1953، ج1، ص94.
12- قرار محكمة تمييز العراق رقم 55/م1 منقول /2002ت 782 في /4/6/2002.
13- قرار محمة تمييز العراق رقم 100 /م1/1990 ت 571 في 11/8/1990.
14- قرار محكمة تمييز العراق رقم 106/ص/1955 في 17/1/1955، المبادئ القضائية، القسم المدني، لأحكام محكمة التمييز، عبد الرحمن العلام، مطبعة العاني، بغداد، 1957م ، ص16.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|