أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-10-14
276
التاريخ: 2024-03-25
778
التاريخ: 2024-08-23
341
التاريخ: 2024-02-18
964
|
ولا يزال هناك غشاء رقيق حول «أمنحتب الثالث» نفسه وكيفية انتهاء حكمه لا يجعلنا ننفذ إلى أعماق الحقيقة البحتة عن آخر أيامه؛ إذ دلَّتِ الكشوف الحديثة التي أُميط اللثام عنها في «تل العمارنة» أنه كان لا يزال على قيد الحياة حتى السنة التاسعة أو الثانية عشرة من حكم ابنه «إخناتون»، وعلى أية حال فإنه دفن في قبره الذي أُعِدَّ له في وادي الملوك، وهو الذي كَشف عنه «جولوه« Jollois و«دفلييه« Devilliers عام تسعة وتسعين وسبعمائة وألف من الميلاد. وقد نُقش على جدران دهاليزه وحُجَره صُوَر ملونة تمثل الفرعون يتحدث مع الآلهة المختلفة. ولم تكن جثته في القبر الخاص به الذي كان قد نُهب نهبًا تامًّا في العصور التي تَلَتْ دفنه، بل وُجدت في مقبرة حفيده «أمنحتب الثاني» كما ذكرنا من قبل. وهي محفوظة الآن في المتحف المصري. ومما سبق نعلم أن «أمنحتب الثالث» يُعَدُّ على ما يتضح أعظم ملك قام بأعمال البناء والتعمير في عهد الأسرة «الثامنة عشرة»، وكان النشاط والاهتمام اللذان بذلهما الملوك السابقون له في الحروب الطاحنة، قد استغلَّهما هو في تصميم المباني التي أراد أن يُزيِّن بها بلادَه، وفي زيادة ثراء معابد الآلهة في الوجهين القبلي والبحري، وبخاصة في «طيبة» وفي «السودان»، ومع أنه كان لدى هذا الفرعون عَبِيدٌ لا يُحصَى عددُهم رهن إشارته، فلم يكن في استطاعته أن يَبنِي «رومة» في يوم واحد، كما يقول المثل السائر. ولا نزاع في أن زهرة مباني الأسرة «الثامنة عشرة» التي أقامها كانتْ تحتاج إلى الجزء الأكبر من سِنِي حكمِه، غير أننا لا نعرف التواريخ التي تمَّتْ فيها مبانيه الضخمة. وعلى كلٍّ فإن الوثائق التي تركَهَا لنا منقوشة على هذه المباني تَنطِق بعِظَم ما قام به هذا الفرعون في هذه الناحية.
شكل 1: أمنحتب الثالث في أواخر أيامه.
والظاهر أن «أمنحتب» قد مات حوالي الخمسين من عمره ولم يبقَ ما يدلُّنا على شخصيته وخلقه إلا أثران، وهما موميته في متحف القاهرة، وهي التي قامتْ حولها الشكوك أولًا (راجع “Asiatic Review” Oct. 1927). ثم ثبت أنها له، ثم لوحته الصغيرة الشهيرة المحفوظة الآن في المتحف البريطاني، (انظر شكل رقم 1) وهي التي مثِّل عليها جالسًا مع ملكته «تي» وأمامهما مائدة محمَّلة بكل ما لذَّ وطاب. وفي هذه اللوحة نشاهد رجلًا طَغَتْ عليه الشيخوخة قبل أوانِها، فأصبح مترهِّلًا منحنِيَ العُود بعض الشيء، يجلس جِلْسة الزاهد في كل ملاذِّ الحياة ومُتَعِها، فأصبح وقد شبع منها لا تُغرِيه ولا تجد سبيلًا إلى نفسه، فقد ملَّها وانقطعت بينهما كل الأسباب. فتراه وقد وضع إحدى ذراعيه إلى جانبه وذراعه الأخرى معتمدة على ركبته مسندًا بها ثقلَيْ رأسه وكتفيه المكدودتين. أما وجهُه فوجهُ إنسان متألِّم قد اعتاد الأوجاع والمرض، وهذه الأوجاع نعرفها من موميته، على الرغم مما أصابها من العَطَب الذي تسبَّب عن سرقة قبرِه ونقْلِ جثته من مكان إلى آخَر. ولحسن الحظ وُجد رأسُه سليمًا. وقد أسفر الفحص الطبي الذي قام به «إليوت سمث» على أن هذا العاهل العظيم كان يشكو آلامًا قاسية بسبب (خراريج) في أسنانه كما هي الحال في مصر حتى الآن. والواقع أن البذخ والتَّرَف وعِيشة الاستهتار التي كانت تتميز بها حياة الفرعون وأفعاله، والتي تُنبِئ عنها بقايا قصره في مدينة «هابو» لأكبر دليل على ما أصابه في أواخر حياته من وَهن الصحة وترهُّل في الجسم على الرغم من صِغَر سِنِّه، وما كان ينتظر أن يتمَّ على يَدَيْه في مثل هذا الدور من حياته الذي يكون فيه الشخص قد نضج وتأهَّب لجليل الأعمال، ولا سيما أنه كان في أول حياته قد راضَ جسمَه وقوَّاه في الطِّراد الذي كان يَهوَاه، ولكن كل ذلك لا يُجْدِي نفعًا من رجل أرخَى لنفسه العنان في الملاذِّ والشهوات، على أن مومية الفرعون «رعمسيس الثاني» تحدثنا عن نفس القصة، ولكنها لم تكن في إسراف «أمنحتب»؛ إذ قد عاش «رعمسيس» نصف قرن أكثر منه، ومع ذلك فإن الحالة التي وُجدت عليها موميته من الوَهن تُنسَب جُلُّها للشيخوخة. ولا نكون مبالِغين إذا قلنا إنه لم يبقَ لنا من الماضي صورة حية تدلُّ على صاحبها في صِدْق تعبير مثل صورة «أمنحتب الثالث» هذه.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|