أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-02-22
843
التاريخ: 2024-04-09
680
التاريخ: 2024-06-27
720
التاريخ: 2023-07-02
1060
|
أما باكورة أعمال «حتشبسوت» هي ورجل ثقتها عند بداية هذا العهد الجديد من تاريخ حياتها، فتمتاز بالمنهاج الضخم لإقامة معبدٍ كان الغرض منه دعاية سياسية قبل كل شيء، فقد كان المعبد الذي وضع «سنموت» تصميمه، وأتمَّ بناءه يُعَدُّ أكبر دعاية وأخلد عمل على مرِّ الدهور كُتِب بالحجر وعلى الحجر لتبرر اغتصابها للعرش، وقد كان غرضها أن تنقل جثمان والدها من قبره الذي جهَّزَه له مديرُ المباني «إنني» كما أسلفنا، إلى قبر جديد في «وادي الملوك»، على أن يُوضَع فيه جثمانها بعد وفاتها مع جثمان والدها الذي خلفته على عرش الملك متجاورين في تابوتين منفصلين، وأن تقام لهما الشعائر الجنازية في المعبد الذي أخذت في إقامته في الوادي؛ يضاف إلى ذلك أنها اعتزمت تخصيصَ رواقٍ يُنقَش على جدرانه مناظر تلك الأقصوصة المدهشة، التي كان الغرض منها إظهار «حتشبسوت» بمنظر الملكة التي أنجبها الإله الأعظم من ظهره، وأن الإله «آمون» ووالدها «تحتمس» الأول اشتركَا معًا في تتويجها ملكة شرعية على عرش مصر في حياة الأخير. يضاف إلى ذلك أنه لما كان والدها «آمون» سيشاركها هو ووالدها «تحتمس» الأول في هذا المعبد، فقد خصَّصَتْ أروقةً أخرى فيه ليُنقَش عليها مناظر تظهر فيها تعبُّدها وإخلاصها البنوي للإله، وقد تمثَّلَ ذلك التقى والتعبُّد في صورة الحملة التي أرسلتها إلى بلاد «بنت» في العام التاسع من حكمها، ثم في نقل المسلات من أسوان في السنة السادسة عشرة من سني توليها العرش. وقد اختارت لإقامة هذا المعبد الجون العظيم الواقع في صخور صحراء لوبية عند الدير البحري، حيث أقام «منتوحتب» الثاني معبده منذ حوالي ستمائة سنة مضَتْ (راجع مصر القديمة ج3)، ولا بد من أن معبد «منتوحتب» كان قد تهدَّمَ في ذلك الوقت بعض الشيء، ولكنه على أية حال كان نموذجًا يمكن مهندس الملكة أن يهتدي به في إقامة معبدها، غير أنه قد تدركه الخيبة في تقليده إذا لم يراعِ الحدودَ التي تفرضها طبيعةُ المكان الذي سيقام عليه البناء عند إنشائه من حيث الذوق والتأثير. ومنذ أن كشف عن معبد «منتوحتب» وتصميم بنائه، صار من المعتاد أن ينكر المهندسون على واضِع تصميم معبد «حتشبسوت» أيَّ ابتكارٍ في إقامة هذا المعبد، فمثلًا يقول الدكتور «هول»: «إن معبد «حتشبسوت» كان تقليدًا محضًا لمعبد سلفها، وإليه يرجع الفضل في تصميمه لا إلى الملكة أو مهندسها «سنموت».» غير أن هذا الحكم مبالغ فيه، حقًّا قد يكون مهندس «حتشبسوت» قد أخذ فكرة المعبد المدرَّج من بناء المعبد القديم الذي كان يقام معبد الملكة بجواره، غير أن هذا كل ما أخذه «سنموت» عن تصميم المعبد القديم. نعم، قد يكون «سنموت» قد عظمت في عينه فكرةُ هذا البناء عندما رآه وأخذ الفكرة عنه، وهذا بلا شك دليلٌ على حُسْن ذوقه، ولكن القول بأنه لم يُظهِر أيَّ عبقرية في إقامة البناء العجيب الذي شيده للملكة، كمَن ينكر على شاعر أخذ فكرة عن شاعر آخَر، وصاغها في قالب شعري خلَّاب يفوق القالب الذي احتذاه صناعةً ولفظًا وتنسيقًا.
شكل 1: معبد الدير البحري.
والواقع أن «سنموت» بعد أن أخذ فكرةَ المعبد عن المهندس «ارتسن» سلفه (باني معبد منتوحتب الثاني)، عمل على تفخيمها وتنسيقها حتى أخرج للناس بناءً يمتاز عن سابقه في كل شيء إلا أعمال البناء نفسها، فعلى الرغم من أن المعبد الذي أقامه المهندس «ارتسن» على ما يقال يروق بهاؤه الناظرين إليه على حدة، فإنه عندما يقرن بمعبد «حتشبسوت» الذي يدل درجه المتتابع ومنحدراته الطويلة وأعمدته الأنيقة على حسن ذوق مهندسه، يظهر كأنه جذع شجرة بقي مغروسًا في الأرض إلى جانب شجرة نامية الأغصان وارفة الظلال، ومعبد «منتوحتب» كما هو يشتمل على منحدر واحد وطبقتين، ويشغل الجزء الجنوبي من جون للدير البحري العظيم، وقد تُرِك متسع عظيم في جهته الشمالية للمعبد الذي أقامته «حتشبسوت«.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|