أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-9-2016
2159
التاريخ: 26-9-2016
1116
التاريخ: 26-9-2016
1623
التاريخ: 26-9-2016
1152
|
فصلٌ في الذكر والدعاء:
وهما ممّا ينبغي إكثارهما للمؤمن، سيّما عقيب الصلوات المفروضة، والآيات والأخبار الدالة على فضلهما كثيرة غنيّة عن البيان، والنافع من الذكر ما كان دائماً أو غالباً حتّى يتمكّن في القلب مع حضوره وفراغ البال والإقبال إلى ذي الجلال حتّى يتجلّى له عظمته وجلالته فينشرح صدره بنوره، وهو غاية الغايات ونهاية ثمرة العبادات.
وأوّل الذكر يوجب الأنس والحبّ، وآخره يوجبانه، وهما المقصد الأصلي منه؛ لأنّ العبد في بدء الأمر متكلّف في صرف القلب واللسان عن الوسواس والوصول إلى ذكر الله، فإذا حصل الأنس حصل الصرف والانقطاع القلبي، فعند الموت الذي يحصل به الانقطاع الحسّي أيضاً يتمتّع بما كان آنساً به، ويتلذّذ من انقطاع ما كان منقطعاً عنه في حياته أيضاً، وإنّما كانت ملابسته لها من باب الضرورات الصادّة عن ذكر الله وبالموت انقطعت الضرورة أيضاً، فكأنّما خلّي بينه وبين محبوبه فخلص من سجن الحاجب والمانع، وهذا التلذّذ باقٍ له بعد الموت إلى أن ينزل في جوار الله ويترقّى من الذكر إلى اللقاء.
والأذكار كثيرة كالتهليل والتمجيد والتسبيح والتكبير والحولقة (1) والتسبيحات الأربع وأسماء الله الحسنى وغيرها.
وقد ورد في فضل كلّ منها أخبار لا تحصى.
والمداومة على كلّ منها توجب صفاء للنفس وانشراحاً للصدر، وكلّما كانت دلالته على جلاله وعظمته أكثر كان أفضل، ولذا صرّحوا بأنّ أفضل الأذكار التهليل لدلالته على التوحيد المشتمل على كلّ صفة كمال.
وقد تقدّم في بحث الوساوس أنّ للذكر مراتب أربعاً فانظر إليه.
وأمّا الدعاء فهو محلّ (2) العبادة، ولذا ورد في فضله ما ورد، والأدعية المأثورة عن الأئمّة الأطهار عليهم السلام كثيرة مذكورة في كتب الأدعية المشهورة، ولا يتصوّر شيء من مطالب الدنيا والآخرة الا وقد وردت منهم عليهم السلام فيه أدعية متكرّرة فليأخذها طالبها من مظانّها.
وله آداب وشروط كالترصّد للأوقات والأماكن المشرّفة، والتطهّر، واستقبال القبلة، ورفع اليدين بحيث يرى باطن الإبطين، وخفض الصوت بين الجهر والإخفات، وأن لا يتكلّف السجع في الدعاء، وأن يكون في غاية الخضوع والخشوع واليقين بإجابة الدعاء، وصدق الرجاء، والإلحاح فيه وتكريره ثلاثاً، وافتتاحه بالذكر والتمجيد، ولا يبتدئ بالسؤال، وأن يتوب ويردّ مظالم العباد، ويقبل إلى الله بكنه الهمّة، وهو السبب القريب للإجابة، وأن يكون طعمه ولبسه من الحلال، وهو أيضاً من عمدة الشرائط. ففي النبوي صلى الله عليه وآله: «أطب طعمتك تستجب دعواتك» (3).
وتسمية الحاجة والتعميم في الدعاء والبكاء وهو أيضاً سيّد الآداب، وأن يقدّمه على حصول الحاجة، وأن لا يعتمد في حوائجه على غيره تعالى.
قال الصادق عليهالسلام: «احفظ أدب الدعاء وانظر من تدعو؟ وكيف تدعو؟ ولماذا تدعو؟ وحقّق عظمة الله وكبرياءه وعاين بقلبك علمه بما في ضميرك واطّلاعه على سرّك [وما تكنّ فيه من الحقّ والباطل] (4) ... واعرف طريق نجاتك وهلاكك كيلا تدعو الله بشيء عسى فيه هلاكك وأنت تظنّ أنّ فيه نجاتك».
قال الله تعالى: {وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا} [الإسراء: 11].
وتفكّر ماذا تسأل؟ وكم تسأل؟ ولماذا تسأل؟ والدعاء استجابة للكلّ منك للحقّ، وتذويب المهجة في مشاهدة الربّ وترك الاختيار جميعاً وتسليم الأمور كلّها ظاهراً وباطناً إلى الله، فإن لم تأتِ بشرط الدعاء فلا تنتظر الإجابة، فإنّه يعلم السرّ وأخفى، فلعلّك تدعوه بشيء قد علم من نيّتك خلاف ذلك.
واعلم أنّه ولو لم يكن الله أمرنا بالدعاء لكنّا إذا أخلصنا الدعاء تفضّل علينا بالإجابة فكيف وقد ضمن ذلك لمن أتى بشرائط الدعاء؟
وسُئل رسول الله صلى الله عليه وآله عن اسم الله الأعظم، فقال صلى الله عليه وآله: «كلّ اسم من أسماء الله أعظم، ففرّغ قلبك عن كلّ ما سواه وادعه بأيّ اسم شئت» (5).
وقيل له عليهالسلام: ما لنا لا يستجاب لنا؟ قال: «لأنّكم تدعون مَن لا تعرفونه وتسألون مَن لا تفهمونه، فالاضطرار عين الدين، وكثرة الدعاء مع العمى عن الله من علامة الخذلان، من لم يعرف ذلّة نفسه وقلبه وسرّه تحت قدرة الله حكم على الله بالسؤال، وظنّ أنّ سؤاله دعاء، والحكم على الله من الجرأة على الله» (6).
__________________
(1) كذا، والصحيح: الحوقلة.
(2) كذا، والظاهر: «مخّ العبادة» كما في الخبر.
(3) المحجّة البيضاء: 3 / 204.
(4) ساقط من «ألف» و «ب».
(5) مصباح الشريعة: الباب 19، في الدعاء، مع اختلاف.
(6) جامع السعادات: 3 / 367.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|