أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-03-24
742
التاريخ: 12-1-2017
2096
التاريخ: 2024-06-27
750
التاريخ: 2024-07-20
503
|
وقد كان المصري يبذل همه في إلباس الحقائق المجردة ثوبًا من التنميق والزخرفة، فلم نجد في الوثائق المعاصرة التي في متناولنا شيئًا من حقائق التاريخ المجردة الخاصة بالاستيلاء على «أواريس»، وهي حادثة تاريخية من الأهمية بمكانٍ، اللهم إلا في ترجمة حياة ضابط حربي نقشها على جدران قبره في بلد ريفية بعيدة. ولقد ترك لنا «أحمس» آثارًا عامة لنفسه، ومن بينها لوحة كبيرة من الأهمية بمكان، جاء فيها أشياء عدة عن أعمال هذا الفرعون، وما كان لوالدته من المكانة في تاريخ البلاد، وقد أشار فيها إلى الأعمال الحربية التي قام بها في الكلمات التالية: إنه ملك جعله «رع» يحكم وعظم من شأنه «آمون»، فهما يعطيانه الأصقاع والممالك كلها دفعة واحدة، وحتى كل ما يشرف عليه «رع» وسكان الصحراء يقتربون منه خاضعين في موكب، ويقفون بأبوابه، ورهبته بين أهل النوبة، وزئيره في أراضي «الفنخو»، والخوف من جلالته في قلب هذه الأرض مثل الإله «مين» في عام حضوره، وهم يحضرون له الجزية الطيبة، محملين بالعطايا لهذا الملك،(1)فما أعظم الفرق بين هذا وبين الأسلوب التاريخي الذي نقرؤه في الوثائق البابلية، غير أنه إذا كان الأول كلامًا طنانًا وثرثرة خالية من المعنى، مما يجعل نفس الإنسان تثور حنقًا، فإن الثاني ممحل مجدب يقص الحوادث الجافة كأنها عظام نخرة لجسم هامد لا تدبُّ فيه الحياة. وعلى أية حال فإننا لا نجد في قصة «أحمس» نقيصةً ممَّا تتصف بها المتون المصرية في مثل هذا الموضوع، ويحتمل أنه هو الذي قد أملاها بنفسه، وإذا كان الأمر كذلك فيجب أن ننظر إليه من جانبنا على أنه كان محاربًا مسنًّا، يقصُّ قصته بصراحة دون أن يرخي للسانه العنان في تنميق الألفاظ والإسفاف مع الإسهاب في التعبير، والظاهر أن والده كان جنديًّا بسيطًا أو بحارًا وحسب، وتاريخ الأسرة هنا يكشف لنا عن كيفية ظهور طبقة جديدة موالية ملتفة حول الفرعون في أوائل الأسرة الثامنة عشرة؛ إذ بعد ذلك بنحو ثلاثمائة سنة نقرأ في عهد «رعمسيس» الثاني عن المنازعات القضائية لأسرةٍ قد كُوَّنت ثروتها مثل «أحمس» بن «أبانا» من هبة أرض قدَّمها «أحمس» الأول لفرد يُدعَى «نشي» كان ضابطًا أمينًا للسفن،(2) وفي بداية ترجمة حياته نجد «أحمس» يفتخر بأنه قد كُوفِئ بأراضٍ كثيرة جدًّا، ومن الجائز أن نواة هذه الثروة هي الهبة الصغرى من الأرض التي كافأه بها «أحمس» الأول، وهي التي تبلغ مساحتها في هذه المرة خمسة «أرورا»، أي نحو ثلاثة أفدنة ونصف فدان تقريبًا، وبعد ذلك بقليل أُعطِي مثلها. والظاهر على الرغم مما في المتن من تهشيم، أن أحد الملوك الذين أتوا بعد «أحمس» قد منحه فضلًا عما عنده ستين أرورا أخرى (أي نحو 41 فدانًا إنجليزيًّا)، وإذا أضفنا المنح الأخرى التي قد ضاع عددها في الثغرات التي نجدها في المتن، أمكننا أن نقدِّرَ ضيعته بنحو مائة أرورا عند موته، أو ما يقرب من سبعة وستين فدانًا إنجليزيًّا، وإذا قرنَّا هذا بالمائة والخمسين أرورا التي منحها تحتمس الأول أحد ضباطه، أمكننا أن نستنبط أن «أحمس» حتى في نهاية خدمته الحكومية لم يكن قد وصل إلى الوظيفة الرفيعة التي تسند إليه أحيانًا (أمير البحر). والواقع أنه رجل من عامة الشعب قد جَنَتْ له شجاعته ثروةً طائلة، ولكنه على وجه التأكيد لم يكن أميرًا بحريًّا للأسطول المصري كما يقال عنه، ومن المحتمل أنه كان له أقران في مدينته التي وُلِد فيها. والقائمة الخاصة بالأراضي التي منحها إياه «أحمس» تتبعها قائمة أخرى تنص على العبيد الذين أعطاهم إياه الفرعون. ومعظم أسماء هذه القائمة هي أسماء مصرية، ولا بد أن نستنبط على الأقل أن بعض الأجانب الذين ضموا إلى بيت «أحمس»، قد غيَّروا أسماءهم الأجنبية بأسماء مصرية، والاسم الوحيد الذي يمكن أن نعدَّه (بشيء من الصحة) اسمًا ساميًّا هو اسم الأَمَة «استارام»، وهو الذي قد رُكِّب على ما يظهر تركيبًا مزجيًّا مع اسم الإلهة «عشتارت»؛ ويقول «بورخارن» إنه يتركب من اعتشارامي؛ أي «عشتارت أمي»، وإنْ كان ذلك ليس محققًا، والاسم «تاموثو» وقد قرن بأسماء عبرية مثل «آموس»، غير أنه وجد أن مصرية من علية القوم تحمل هذا الاسم بعد ذلك العهد بقرن من الزمان.
....................................................
1- راجع : Sethe, “Urkunden, IV”, Pp. 17-18.
2- راجع: Gardiner, “Inscriptions of Mes”, p. 25
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|